عودة إيران امس الى مربع شعار "الموت لأميركا" الذي اعتبرته وكالة أنباء فارس ردا على تهديد أميركا لإيران بـ"الهجوم العسكري" يمثل أول معالم الطريق الذي ستسلكه الاحداث في المنطقة، بعدما كانت شعارات الترحيب بـ"الأنكل سام" شقت طريقها الى طهران إثر التوصل الى الاتفاق النووي مع واشنطن أيام الرئيس الاميركي السابق باراك اوباما. حتى ان الرئيس الايراني حسن روحاني المصنّف ضمن فريق الاصلاحيين في بلاده كان صاحب الصوت المرتفع في الاحتفالات بالذكرى الثامنة والثلاثين للجمهورية الاسلامية التي أسسها الامام الخميني. فقد توعّد روحاني الولايات المتحدة بأن الايرانيين سيجعلون واشنطن "تندم" على استخدام لغة التهديد ضد إيران.
لا جدال في ان المنطقة تسير نحو التشدد الذي هو اليوم على المستوى السياسي منذرا بتحوله عسكريا. واللافت أن النظام الايراني هو الوحيد الان على المستوى الاقليمي والدولي الذي اعتمد لغة التشدد ضد واشنطن دون سائر الانظمة التي نالها ما يكفي من هجوم إدارة الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب وفي طليعتها الصين وفي آخرها كوريا الشمالية. حتى ان رئيس النظام السوري بشار الاسد لم يشر الى ما يواجهه حليفه الايراني من تحديات، بل اعتبر في مقابلة مع موقع "ياهو نيوز" الالكتروني أن "التعاون في أي صراع حول العالم يحتاج الى تقارب بين الروس والاميركيين، وهذا جوهري جدا ليس فقط بالنسبة الى سوريا". لكن مجلة "الايكونوميست" البريطانية ترسم صورة قاتمة لسعي إدارة ترامب الى البحث عن "مقايضة كبرى" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تتضمن، في ما تتضمن، موافقة موسكو على عدم التعاون مع طهران. لكن المجلة تشكك في تجاوب بوتين مع هذا الطلب.
الثابت وسط هذه التحولات هو أن المنطقة تمر بما وصفه وزير خارجية إيران بـ"الايام الصعبة". وفي رأي أوساط مثقفين شيعة في لبنان أن أتباع هذا المذهب الواقع ضمن "الهلال" الممتد من بحر قزوين حتى شواطئ المتوسط، سواء أكانوا على توافق مع النظام الايراني أم لا، هم في دائرة دفع الاثمان بالتكافل والتضامن مع المرشد الايراني. وفي اللقاء الذي عقدته مجموعة من النخب الشيعية، كانت هناك مداخلات عدة تحذّر من نتائج اللطخة التي ألحقها النظام الايراني بشيعة لبنان من خلال زج "حزب الله" في حمّام الدم السوري، وهو أمر يستحق تأسيس تحرّك شيعي لبناني ضده من أجل حماية المستقبل الشيعي في المنطقة.
ماذا لو اتجهت الاحداث نحو صراع يؤدي الى هزيمة النظام الايراني؟ في ظل هذه الفرضية تعتبر هذه الاوساط ان تغييرا كبيرا سيطرأ على المشهد في الشرق الاوسط. ولن يكون في تداعيات هذا التغيير مكاسب فورية لخصوم هذا النظام من الشيعة الذين يصنفون بالجملة أتباع المرشد ما دام صوته هو الاعلى. وهنا تقع مسؤولية على مرجعية النجف وعلى غيرها من المرجعيات قبل أن يحلّ الطوفان.