يكثّف حزب الله حملات جمع التبرعات لصالح "المجهود الحربي" لمقاتليه، حيث أقامت "هيئة دعم المقاومة الإسلامية" سلسلة احتفالات، آخرها من يومين في منطقة الجنوب، أطلقت خلاله مشروع "تجهيز مجاهد".
وربطت وسائل إعلام لبنانية تلك الحملات بالضائقة الاقتصادية التي يكابدها حزب الله بفعل العقوبات المفروضة عليه، وتداعيات ذلك على السياسة المصرفية التي تطبق في لبنان بخصوص حسابات عدد كبير من المنتسبين لحزب الله والمؤسسات المرتبطة به.
يذكر أن حملات جمع التبرعات لصالح مقاتلي حزب الله برزت قبل عامين، حيث نشر الحزب في عام 2015 ملصقات ضمن مناطق نفوذه في الضاحية الجنوبيّة والجنوب والبقاع؛ يحث اللبنانيين فيها على التبرع بثمن "البندقية والذخيرة والحربة وجعبة السك واللباس العسكري والفيلد والمطرة والحذاء"، ضمن ما أُطلق عليه "مشروع تجهيز مجاهد".
وكان النظام التطبيقي الخاص بالقانون الأمريكي الذي صدر عن وزارة الخزانة الأمريكية، قد أدرج في 15 نيسان/ أبريل الماضي؛ نحو 100 اسم في لائحة العقوبات الأمريكية.
وسبق لتحقيقات اقتصادية أمريكية أن أكدت العام الفائت، أن إيران مولت حزب الله بما يقدر بـ100 مليون دولار في العام قبل سنة 2005، ليتضاعف التمويل بعد الانسحاب السوري من لبنان، حيث تعاظم دور الحزب داخل لبنان وخارجه. لكن مع انخفاض العائدات النفطية، والعقوبات على مختلف القطاعات الإيرانية، اضطرت القيادة في طهران إلى خفض تمويل الحزب بنسبة 40 في المئة.
لماذا التبرعات؟
وقال الكاتب والمحلل السياسي، نسيم خوري: "هناك حملات فعلية تجمع التبرعات لصالح مجهود حزب الله العسكري"، مضيفا: "لا يمكننا التكهن بحجم المردود وقياسه إلى الحملات السابقة، في ظل تصويب العين العالمية إلى الحزب وتحركاته، خاصة بعد فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية، والمعروف بمواقفه تجاه إيران وحزب الله، على إيقاع التحريض الإسرائيلي"، على حد تعبيره.
وقلّل خوري، في حديث لـ"عربي21"، من أهمية الحملة على حزب الله، وقال: "هناك توازن رعب موجود الآن بالمعنى العسكري، وهو شبيه بالتوازن الحاصل في الملف النووي الإيراني".
التوتر بين المصارف وحزب الله
وحول إمكانية عودة حمّى الخلافات بين القطاع المصرفي اللبناني وحزب الله، قال خوري: "الموضوع ليس جديدا، والكل يدرك أبعاد هذا الخلاف وانعكاساته على المشهد اللبناني"، مشيرا إلى أن "حاكم مصرف لبنان تمكن من كبح جماح الخلاف".
واعتبر خوري أن "محاولة إيقاظ هذا الخلاف ستصب في إطار جو عام ملبد أصلا، وليس بالضرورة أن يكون المقصود حزب الله"، كما قال.
وكان مصرف لبنان أكد مرارا مضيه في تطبيق العقوبات الدولية، وبأنه لا يمكن أن يفرط بما يعتبره إنجازا يحصّن الاقتصاد اللبناني والليرة اللبنانية؛ من هزّات عنيفة كانت ستصيب لبنان لو لم يستجب للاستراتيجية المالية العالمية.
من جهته، استبعد الخبير الاقتصادي، هاني وزنة، لـ"عربي21"، حصول "خلافات جديدة بين حزب الله والقطاع المصرفي، على اعتبار أن الحديث يدور الآن حول قانونية التمديد لهيئة القطاع المصرفي، الممثلة بحاكم مصرف لبنان من عدمها".
ونفى وزنة حصول سجالات جديدة بين الطرفين مؤخرا، وقال: "السجالات بين المصرف وقيادات الحزب تكون عند فرض عقوبات مصرفية خصوصا الأمريكية منها، وحاليا لم يصدر المزيد من العقوبات التي قد تفتح أبواب السجالات من جديد".
وأشاد وزنة بدور حاكم مصرف لبنان، وقال: "لعب حاكم مصرف لبنان عام 2016 على احتواء الأزمة، وإيجاد مخارج في ظل توتر العلاقة بين القطاع المصرفي وحزب الله".
تداعيات العقوبات
وعن تاثيرات العقوبات الأمريكية على حزب الله، أكد وزنة أن "التأثيرات تأتي عبر بيئة حزب الله وليس بشكل مباشر عليه؛ لأن حزب الله خارج النطاق المصرفي الرسمي، ونشاطاته المالية تكون إمّا نقدية، أو عبر إجراءات دقيقة تتجاوز العقوبات المفروضة عليه"، كما قال.
وشدد وزنة أن "التأثيرات استهدفت بيئة حزب الله بشكل كبير، من مناصرين ومؤسسات اجتماعية وثقافية وإغاثية، وغيرها".
وحول هدف جمع حزب الله للتبرعات من بيئته، اكتفى وزنة بالإجابة بأن "الموارد المالية لحزب الله خارجية وتاتي تحديدا عبر إيران"، من دون أن يتطرق إلى مغزى جمع التبرعات المالية لصالح المجهود الحربي للحزب.