سؤالٌ بات يُطرح مع الاستمرار في كشف الاوراق النائمة للأفرقاء الذين راوحت مواقفهم من قانون الانتخاب صعوداً وهبوطاً، ولا سيما منهم حزب الله الذي يعاود التشديد على موقفه الثابت والدائم المطالب بالنسبية الذي أعلنه أمينه العام السيد حسن نصرالله وينتظر أن يكرره في خطابه المقبل.
وتطرح اسئلة كثيرة حول موقف الحزب الذي ترك النقاش حول قانون الانتخاب يسير طبيعياً، وصولاً الى تقديم وزير الخارجية جبران باسيل قانونه المختلط، ليتبيّن أنّ الحزب لم يتبنَّ هذا القانون، بل ذهب الى معارضته ضمناً وعلناً، وصولاً الى خنقه في المهد، وهو ما سلط الضوء على هذه المناورة التي ترك فيها باسيل ليقدم مشروعاً ما لبث أن تبيّن أنه لا يحظى بموافقة حزب الله حليفه الاول.
حول هذا الأمر يقول قريبون من ثنائي القوات والتيار إنّ رفض الحزب قانون باسيل يشبه الى حد بعيد ما فعله بالنسبة الى ترشيح العماد عون للرئاسة، حيث لم يذهب الى جلسة الانتخاب إلّا بعد أن «حُشِرَ» في زاوية موافقة الجميع على انتخابه بمَن فيهم «القوات اللبنانية» و«المستقبل»، واليوم يكرّر السيناريو ذاته، فهو «حُشِر» بصيغة المختلط ورفضها لكن لن يتمكن من تعطيلها، لأنّ هذه الصيغة باتت تحظى بقبول ثلاثة قوى أساسية هي «التيار الوطني» و«القوات اللبنانية» وتيار «المستقبل»، اما المعارضات الأُخرى فيجرى التعامل معها لحلّها وأبرزها معارضة النائب وليد جنبلاط.
ويقول القريبون إنّ تيار «المستقبل» بات مقتنعاً اكثر من أيّ يوم مضى بصيغة المختلط التي وحدها قادرة على قطع الطريق امام النسبية الكاملة، فبعض الخسائر في المقاعد بالنسبة الى «المستقبل» أمر يمكن تحمّله، لكن ما لا يمكنه تحمّله هو تعرّضه لتقزيم حقيقي إذا ما طُبّقت النسبية الكاملة، خصوصاً أنّ البيئة الشيعية ستكون مقفلة في وجهه تماماً، إذا ما قرّر دعم حلفاء شيعة معارضين لثنائية «حزب الله» وحركة «أمل».
والمختلط، يضيف القريبون من الثنائي المسيحي، سيؤدّي الى ترييح «المستقبل» والى ضمان فوزه بكتلة كبيرة، بفعل التحالف مع «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني» في المقاعد التي ستجرى الانتخابات فيها على أساس النسبية، كما أنّ تحالفاً على مستوى الأقضية سيحصل ايضاً في النظام الأكثري، وسيؤدّي الى ضمان فوز التحالف في الدوائر المختلطة، ولهذا فإنّ «المستقبل» اتّخذ قراره، بالسير في المختلط، والبحث جارٍ الآن في تعديل صيغة باسيل لكي تكون مقبولة لدى جميع الأطراف.
أما بالنسبة الى جنبلاط، فيقول القريبون من الثنائي إنّ المجال مفتوح على تعديل صيغة باسيل لكي يشعر جنبلاط بالاطمئنان، ويجرى البحث في صيغ كثيرة، لتحقيق هذا الهدف، الذي هو مطلب الثنائي المسيحي لتأمين اوسع توافق حول «المختلط»، ويشكل إرضاء جنبلاط، ممرّاً لا بدّ منه، وما يجرى الآن هو محاولة التفاهم مع زعيم المختارة على نيل ما يريد للقبول بـ«المختلط».
يبشّر المتفائلون القريبون من ثنائي «القوات» و«التيار» بحتمية ولادة قانون جديد، حسب النظام المختلط في وقت قريب، ويتجاهلون قوة حزب الله وقدرته على تعطيل أيّ صيغة إنتخابية لا ترضيه ولا تحقق له هدف انتهاز فرصة اختلال موازين القوى، لاكتساب أكثرية نيابية دائمة.
في رأيهم أنّ الحزب «إضطر» الى انتخاب عون بعدما قبل به معارضوه، وفي رأيهم أيضاً أنّ الحزب «سيُضطر» للسير في «المختلط»، بالطريقة نفسها التي وافق فيها على انتخاب عون، فور موافقة «المستقبل»، وتذليل عِقبة جنبلاط، لكن وفي موازاة هذا التفاؤل، لا يعطي القريبون من الثنائي جواباً حول موقف عون الذي تجاوز موضوع المختلط ليلتزم النسبية الكاملة، تماهياً مع حزب الله، حيث استقبل في الامس الامير طلال ارسلان المبشّر بالنسبية والخارج من الاستظلال بموقف جنبلاط، والذي يُعتبر موقفه مؤشراً من المؤشرات الجدّية لحزب الله، الذي يتّجه الى إعادة تكريس عنوان النسبية «ممرّاً إجبارياً» للقبول بقانون الانتخاب، وهو ما سيعني أنّ عون سيكون مضطراً لوضع صيغة «المختلط» في الدُرج، والاستمرار في الضغط تحت عنوان الفراغ لإقرار مشروع القانون النسبي.