نشر معهد واشنطن للدراسات تقريرًا بعنوان "هل يستطيع ترامب فكّ التحالف الروسي-الإيراني؟"، تحدث فيه عن العلاقة القوية بين طهران وموسكو، خصوصا بعد استلام الرئيس فلاديمير بوتين الحكم، وتقربه على مدار الـ17 عاما الماضية من الجمهورية الشيعية.
وأوضح التقرير أن الوقت الحالي "يشهد تعاونا غير مسبوق بين روسيا وإيران. فقيادتا البلدين لم تكونا مقربتين إلى هذا الحد خلال 500 عام. وعلى الرغم من انعدام الثقة المتجذّر والتاريخ الحافل بالمنافسة، إلا أن عددا من المصالح المشتركة جمعت روسيا وإيران معا. وأولى هذه المصالح الهدف الجيوستراتيجي المشترك، المتمثل بمعارضة محصلتها صفر مع الغرب، لا سيما الولايات المتحدة".
ولفت التقرير إلى أنه "قد يكون التعاون الروسي-الإيراني قصير الأمد، لكنه قد يلحق في غضون ذلك ضررا دائما بمصالح الولايات المتحدة".
وأشارت كاتبة التقرير "آنا بورشفسكايا" إلى أنه سيكون من الصعب إحداث وقيعة بين روسيا وإيران على المدى القريب، لكن هناك بعض الأمور التي يمكن لإدارة ترامب الجديدة القيام بها لتحقيق هذه الغاية. وسنتطرق أولا إلى عودة روسيا إلى المنطقة.
حلول ترامب
وقالت الباحثة الروسية إنه "بالنسبة للرئيس ترامب، فقد عبّر عن سياستين متناقضتين خلال حملته الرئاسية؛ التشدّد حيال إيران، وتحسين العلاقات مع روسيا. ولا يتماشى هذان الهدفان معا؛ حيث يرغب بوتين في إقامة شراكة مع ترامب في سوريا، لكن سوريا هي المكان الذي يتحالف فيه بوتين بشكل وثيق مع إيران".
وأوضحت أنه "من أجل التفريق بين إيران وروسيا، يجب على ترامب أن يحل هذا التناقض. كما أن محادثات السلام بشأن سوريا التي جرت مؤخرا في كازاخستان لم تفضِ سوى إلى توطيد العلاقة بين روسيا وإيران؛ نظرا إلى تعهدهما بأن تحاربا "معا" تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة فتح الشام المرتبطة بتنظيم القاعدة. كما أن هذا التطور سيجعل التحالف مع روسيا بشأن سوريا أكثر صعوبة على ترامب".
وكشفت أنه "حتى الآن، نجح بوتين في تحقيق التوازن بين المصالح الإسرائيلية والسنّية مع علاقته المتنامية مع إيران. لكن من غير الواضح إلى متى يمكن لبوتين الحفاظ على هذه السياسة. ولا شكّ في أن بوتين لم يتردد في التغاضي عن مصالح إسرائيل حين تعلّق الأمر ببيع صواريخ "أس 300" إلى إيران. وفي الواقع، ليس من مصلحة إسرائيل أن يواصل بوتين دعم الأسد، وبالتالي توسيع رقعة نفوذ إيران في الشرق الأوسط".
وبينت أنه "بإمكان إدارة ترامب تشجيع حلفاء الولايات المتحدة، مثل إسرائيل، ودعمهم؛ من أجل جعل الأمور أكثر صعوبة على بوتين في الحفاظ على توازن العلاقات الجيدة مع جميع الأطراف. كما يتوجب عليها زيادة التعاون الأمني مع حلفائها؛ لإظهار التزامها المستمر تجاه المنطقة".
وقالت إنه "على المدى الطويل، تتباين مواقف روسيا وإيران بعض الشيء حيال سوريا؛ فإيران ترى سوريا ضمن منطقة نفوذها، وهذا لا يختلف كثيرا عن نظرة بوتين إلى دول الاتحاد السوفياتي السابقة التي لا يعتبرها دولا فعلية. كما أن إيران مهتمة بمفاقمة الانقسامات الطائفية في سوريا؛ لكي يصبح نظام الأسد دولة تابعة لإيران لا يمكنها اتخاذ قرارات مستقلة".
ولفتت إلى أن إيران أقرب إلى الأسد نفسه من بوتين الذي يرغب ببساطة في أن يضمن الأسد أو أي شخص آخر مثله مصالح روسيا في سوريا. فما يهمه هو كيفية الاستفادة من سوريا في علاقاته مع الغرب أكثر مما تهمه سوريا بحدّ ذاتها.
وفي الوقت ذاته، يرى بوتين أيضا -وعلى نحو متزايد- أن الشرق الأوسط ضمن منطقة نفوذ روسيا، ولو بشكل مختلف عن إيران. وتاريخيا، لطالما سعت موسكو إلى إقامة مناطق عازلة؛ بسبب شعورها بعدم الأمان، وهذا تماما ما تشعر به الآن.
وأشارت إلى أنه بإمكان إدارة ترامب أن توضح لبوتين بأن المصالح الروسية والإيرانية في سوريا لا بد أن تتصادم في المستقبل، ولا يمكن بالتالي لأي تحالف مع إيران أن يحرز تقدما أكبر. لكن الأهم من ذلك كله هو ضرورة وجود الولايات المتحدة في المنطقة، واستعادة موقعها القيادي فيها. فبوتين يستغل الضعفاء، وينظر إلى الولايات المتحدة على أنها ضعيفة منذ سنوات.
وقالت إن بوتين استفاد من الفراغ في الشرق الأوسط الذي خلّفه غياب الولايات المتحدة، لا سيما في سوريا. ومن خلال اضطلاع واشنطن بدور فعال في المنطقة، فإنها ستحدّ من نفوذ بوتين، بما في ذلك تحالفه مع إيران.
(عربي 21 - معهد واشنطن)