صحيح ان المشهد اختلف امس، في عيد شفيع الطائفة المارونية القديس مارون بحيث استعاد الاحتفال التقليدي بالعيد في كنيسة مار مارون في الجميزة الصورة المكتملة للدولة يتقدمها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ولكن هذا المشهد المستعاد لم يحجب المنتظر من تعقيدات الاوضاع الداخلية في الايام المقبلة . يوم التاسع من شباط طغت عليه الاحتفالات بعيد القديس مارون من جهة والجنازة الحاشدة لوالدة رئيس حزب " القوات اللبنانية " سمير جعجع في بشري من جهة أخرى ولكن اليوم وبعده يعود الهاجس الضاغط المتمثل بازمة قانون الانتخاب الى واجهة المشهد الرسمي والسياسي وسط ازدياد الغموض حول ما تبقى من فرصة زمنية لاقرار قانون انتخاب جديد لا يزال معظم المؤشرات يؤكد الصعوبة الكبيرة التي تعترض التوصل اليه.

 

والواقع ان ما نقله وزير الداخلية نهاد المشنوق الى السفراء الأوروبيين اول من امس من ان الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري أكدا في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء ان قانون انتخاب جديدا سيتم التوصل اليه قبل نهاية شباط الحالي أدرجته اوساط سياسية بارزة معنية بالمشاورات الجارية حول الازمة من خلال " النهار " في اطار تهدئة المخاوف الداخلية والخارجية التي بدأت بإشاعتها احتمالات اتساع المواجهة السياسية حول قانون الانتخاب كما اتساع احتمالات تجاوز المهل القانونية للتحضير للانتخابات النيابية وتاليا الدفع نحو استعجال تسوية لقانون الانتخاب.

 

وكشفت الاوساط البارزة لـ"النهار" ان لا وجود بعد لارضية واقعية يمكن بناء رهانات ثابتة وايجابية عليها لتوقع الاتفاق على قانون جديد على رغم كل ما اشيع وقيل في هذا السياق . اذ ان ما يشاع عن نفض الغبار عن مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ليس جديدا بل بدأ عقب سقوط المشروع المختلط في الاجتماع الرباعي ولكن مشروع حكومة ميقاتي دونه عقبات تتجاوز عقبات المشروع المختلط.

وليس معروفا بعد ما اذا كانت استجابة الرئيس عون في الجلسة الاخيرة لمجلس الوزراء لطلب وزراء القوات اللبنانية عقد جلسات متعاقبة لمجلس الوزراء لدرس ملف قانون الانتخاب ستترجم بسرعة قبل التوصل في الكواليس الى حد ادنى من التصورات التي تلتقي عليها القوى السياسية لئلا ينتقل الخلاف بقوة الى مجلس الوزراء ويعطل قدرته على التفاهم. ولكن الاوساط تؤكد في المقابل ان ثمة استنفارا سياسيا غير مسبوق ربما يكون بدأ وستتصاعد وتيرته في الايام المقبلة تباعا بما يمكن معه توقع دعوة الوزراء الى جلسات مفتوحة لمجلس الوزراء اعتبارا من الخميس المقبل تخصص لملف قانون الانتخاب، اي بعد درس مجلس الوزراء مشروع الموازنة واتخاذ القرار اللازم حياله في الجلستين المقررتين الاربعاء المقبل . والى ان تتضح الالية الحكومية لوضع أزمة قانون الانتخاب على مشرحة مجلس الوزراء لا تبدي الاوساط تفاؤلا ملحوظا بإمكانات التوصل سريعا الى الحل العجائبي المنتظر ، علما انها لفتت الى ان الضغوط الديبلوماسية المتصاعدة لاقرار قانون جديد او لالتزام اجراء الانتخابات في مواعيدها ايا يكن القانون بدأت تكتسب بعدا مشوبا بالقلق على الاستقرار السياسي ومسيرته التي بدأت مع انتخاب رئيس الجمهورية . وتشير الاوساط الى ان مبعث القلق لا يقف فقط عند تداعيات الخلافات الداخلية حول قانون الانتخاب وانما يتصل بتداعيات المواجهة الحادة التي بدأت بين الولايات المتحدة وإيران وما يمكن ان تتركه من تأثيرات مباشرة او غير مباشرة على لبنان . ولذا فان التوصل الى تسوية لقانون الانتخاب او الى أي مخرج توافقي لهذه الازمة يكفل اجراء الانتخابات في موعدها او في موعد مؤجل الى امد قصير محدود سيشكل المعبر الحتمي لحماية لبنان من التداعيات الخارجية لاي تطورات سلبية قد تحصل وإلا فان مجمل الواقع اللبناني سيعود أسيرا للمتاهات والعواصف الاقليمية والدولية .