تحت عنوان "استراتيجيات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط"، نشر موقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" مقالة للمحلِّل جورج فريدمان رأى فيها أن الولايات المتحدة الأميركية تقف أمام 3 خيارات استراتيجية واسعة، يتمثّل الأول بتقبّلها الهزيمة في الشرق الأوسط والانسحاب منه، والثاني باستخدامها القوة العسكرية لسحق تنظيم "داعش" وعزل إيران، أو جرّ الأخيرة للقيام بأعمال عسكرية مرتبطة ببرنامجها النووي، إذا ما باءت محاولة العزل بالفشل، والثالث باستغلال الخلافات العميقة في العالم الإسلامي، في ظل محدودية قدرة القوات الأميركية وتردّد أو عدم تجانس حلفائها.


الكاتب شرح مكمن ضعف الخيار الأول الذي يأتي بعد قرابة 15 عاماً من القتال غير المجدي ومن اتباع مقاربة غير فاعلة، محذّراً من إمكانية دخول الولايات المتحدة في مواجهة مع عالم سنيّ لا ينفك يزداد قوةً ومع إيران الشيعية النافذة، وذلك إذا ما رضيت واشنطن بترك الشرق الأوسط يتطوّر وحده.

في ما يتعلّق بالخيار الثاني، فأكّد فريدمان أنّ الولايات المتحدة لا تتمتع بالقوة العسكرية الكافية التي تخوّلها شن حرب على إيران من البحر الأبيض المتوسط وعلى أفغانستان في الوقت نفسه، لافتاً إلى أنّ هذه الاستراتيجية ستهدف إلى القضاء على التنظيمات السنيّة والشيعية الحالية، وإلى إثباط عزيمة العالميْن العربي والفارسي الراغبيْن في توليد تنظيمات جديدة من أرحام القديمة المهترئة. في هذا السياق، ألمح الكاتب إلى حاجة الولايات المتحدة إلى التحالف مع روسيا، سعياً لتمتعها بالدعم اللوجيستي اللازم، مستدركاً بالقول إنّ موسكو لا تشارك واشنطن المصالح إيرانياً ولا تأمل في تحقيق الأهداف نفسها.

فريدمان الذي عزا ضعف العالم الإسلامي إلى الخلافات العميقة التي تسوده، أكّد أنّ الخيار الاستراتيجي الثالث يفرض على الولايات المتحدة التحالف مع فصيلة دون أخرى، بما يتيح للأولى هزيمة الثانية، موضحاً أنّ التاريخ الأميركي يشهد على أنّ واشنطن استخدمت الانشقاقات لتحقيق مآربها.

على مستوى الشرق الأوسط، أكّد الكاتب أن الولايات المتحدة تفتقر للقوات أو حتى الاستراتيجية المعقولة التي تخولها القضاء على "صعود السنة أو إيران"، متحدِّثاً عن موقع الأخيرة الجغرافي وعن جبالها الوعرة وصحاريها القاحلة؛ ما من شأنه أن يدفع واشنطن إلى استخدام سلاحها الجوي الذي تؤكد التجارب الأميركية عدم فاعليته.

إلى ذلك، اعتبر فرديمان أنّ الفكرة القائلة بأنّ الولايات المتحدة ستخرج منتصرة في حال شنها حروباً متزامنة في سوريا والعراق وإيران وأفغانستان ضرباً من ضروب الخيال، داعياً واشنطن إلى تحديد عدوّها والعودة إلى أسسس الجمهورية الاستراتيجية، أو بالأحرى الاستعداد للتحالف مع عدو لهزيمة آخر. وعلى الرغم من أنّ الكاتب وصف تحالف واشنطن مع طهران بالخيار الأنسب، لأنّ العالم السنيّ أضعف من طهران، رجح إمكانية نجاح الولايات المتحدة في تحقيق أهدافها إذا ما تحالفت مع السنة.

ختاماً، دعا فريدمان واشنطن إلى الاتعاظ من استراتيجيتها الفاشلة في العراق، وهي التي قضت بخلق فتنة بين السنة والشيعة، خالصاً إلى أنّ شن حرب على المكوّنين في آن معاً غير عقلاني وإلى أنّ الانسحاب من الشرق الأوسط ينطوي على خسائر فادحة طوية الأمد.

 

 

( "لبنان 24" - Geopolitical Futures)