"الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون"... انها المعادلة الاكثر سلبية، والتي غالبا ما يدفع فيها الاطفال أثماناً من المعاناة جرّاء خلاف الزوجين وانفصالهما عن بعضهما البعض، وما ينتج عن ذلك من مآسٍ كبيرة، غالبا ما تترك ندوباً لدى الأبناء. هذا ما تبيّنه أيضا التحقيقات التي لا تزال في مراحلها الاولى مع المدعو جورج س. الذي تمكنت فصيلة درك القبيات من توقيفه بأمر من المحامي العام في الشمال القاضية أماني حمدان، التي تتابع هذه القضية بتفاصيلها.
وأفيد بأنّ الأب اعترف بكل ما نُسب اليه من تعنيف وتعذيب ابنتيه القاصرتين ليوني (11 سنة) وليا (14 سنة)، وحرقهما بآلة حادة في أماكن عدة من يديهما، وفي وجه إحداهما من دون معرفة المسببات الحقيقية لهذا التعنيف الاسري المتمادي.
الوالد كان على خلاف مع زوجته ن. هـ.، وهجرها مع ابنتيه منذ مدة وسكن في منطقة الجية- الدامور حيث تزوّج من سيدة أخرى تدعى ن. ش.، في الوقت الذي أقدمت فيه والدتاهما ايضا على التخلي عنهما للعيش في مكان غير معلوم.
وعمد الوالد أخيراً على نقل ابنتيه من مدرسة مار منصور الداخلية في برمانا حيث كانتا تحظيان بالرعاية والتعليم، الى منزله في الجية، وهناك بدأ بمعاملته السيئة لهما، إلى حين تمكنتا قبل أيام من الانتقال الى القبيات برفقة جدتيهما التي اكتشفت آثار التعذيب، فجرى ابلاغ فصيلة درك القبيات بالامر وبوشرت التحقيقات بأمر من المحامي العام في الشمال، وعُرضت الصغيرتان على الطبيب الشرعي موسى حداد الذي قدم تقريراً مفصّلا عن تعرضهما للتعذيب.
كما جرى الاستماع الى افادتهما في حضور مندوبة الأحداث جهيدة حمد، فاستُدعي الوالد من فصيلة درك القبيات، وتمت مواجهته بكل التفاصيل، فاعترف بما نسب اليه، مما أدّى إلى توقيفه على الفور وإحالته على النيابة العامة في الشمال لمتابعة التحقيقات. وأُبقي على الفتاتين في عهدة الجدة وتكفّلت جمعية "اوكسيليا" برعايتهما، باحتضان ودعم كامل من المجتمع المدني في القبيات الذي أبدى كل دعم للقضية.
الجدة ريتا أفادت أنّ الوالد "أقدم على ضرب ابنتيه بآلة حادة وحرق جسديهما وضربهما بشكل مبرح وهذا ما كان بادياً عليهما". ولفتت الى انهما "كانتا تعيشان مع والديهما ومُنِعتا من المجيء إلى القبيات، وكانت تصلني أخبار بأنه يعذّبهما، وتأكدت بأنّ هذه الشكوك صحيحة عندما منعهما من أي اتصال معنا ومن المجيء إلى القبيات، فذهبت لزيارتهما وتمكنت من إقناعه بأن يأتيا معي الى القبيات لبعض الوقت. وهذا ما حصل"، آملة بأن تتخذ كلّ الاجراءات القانونية لحماية الفتاتين اللتين باتتا بعهدتها.
غازي الياس مسؤول جمعية "أوكسيليا" في عكار المتابع لهذا الملف، قال: "إن الطبيب الشرعي أكد حصول التعنيف على جسديهما، وعلمنا أن الوالد أوقف ويخضع للتحقيقات، واعترف بفعلته، ونحن كجمعية بالتعاون مع المجتمع المدني والاهلي في القبيات، سنتكفّل بإعادتهما إلى المدرسة، ولنا ملء الثقة بالقضاء الذي تصرّف بكل مناقبية بهذه القضية، ولا شك أن وضع الفتاتين النفسي والجسدي لا يزال صعباً وهما بحاجة لمزيد من العناية".