على مختلف الجبهات تشرّع الحكومة أذرعها التنفيذية لمعالجة الملفات الحياتية والحيوية المتزاحمة والمتراكمة على جدول الأولويات الوطنية تعويضاً عمّا فات الدولة والمواطن زمن الشغور والفراغ والشلل المؤسساتي. وبالأمس تمحور الاهتمام الحكومي حول ملفين مركزيين الأول يحاكي ميزانية الدولة وانتظام مالها العام، والثاني يتصدى للحلول العلمية والعملية المتاحة لطي أزمة النفايات إلى غير رجعة وفق قواعد عصرية تراعي الشروط الصحية والبيئية العالمية وتساعد في تكريس وتعزيز مفهوم الطاقة البديلة. فعلى صعيد الملف الأول انطلق مجلس الوزراء أمس في رحلة بحث ومناقشة مشروع موازنة العام 2017 واضعاً المشروع على «نار حامية» من خلال قراره تكثيف الدرس والنقاش في جلسات مخصصة يعقدها المجلس لهذا الغرض بدءاً من الأربعاء والخميس المقبلين، 

بينما كان ملف النفايات محط متابعة ومناقشة مساءً على طاولة اللجنة الوزارية المكلفة دراسته في السراي الحكومي حيث بدا الاتجاه واضحاً نحو اعتماد خيار «المحارق» كحل نهائي لهذا الملف.

إذ وبانتظار استئناف اللجنة اجتماعاتها في الثامن عشر من الجاري، أشار الوزير حسين الحاج حسن، إثر اجتماع دام نحو ساعتين أمس برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري وحضور الوزراء المعنيين، إلى ارتفاع حظوظ خطة «المحارق» لمعالجة أزمة النفايات. ففي ضوء ما أظهرته الأزمة الأخيرة على مستوى صعوبة التخلص من النفايات في مختلف المناطق اللبنانية وخصوصاً في العاصمة حيث تبيّن ألا إمكانية لإخراج نفايات بيروت إلى خارجها، أوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ «الحل الوحيد هو المحارق سيما وأنّ معظم عواصم العالم تستخدم هذا الحل ومنها باريس وفيينا ومدريد وطهران وأنقرة»، علماً أنّ حكومة الرئيس الحريري عام 2010 كانت قد أقرت خطة تقوم على اعتماد المحارق، لتعود بعدها حكومة الرئيس تمام سلام إلى وضع خطة تلحظ إنشاء المحارق لحل أزمة النفايات، وهما خطتان، بحسب المصادر، لا تختلفان كثيراً عن بعضهما إلا بفارق وحيد وهو تحديد الأخيرة أماكن للطمر التي تعذر في وقت لاحق التفاهم على استعمال بعضها في عدد من المناطق، موضحةً أنّ الطريقة الأفضل اليوم لحل هذا الملف هي في اعتماد التفكك الحراري على أن تكون المطامر القائمة حالياً في برج حمود والكوستابرافا مطامر موقتة ريثما يتم التوصل إلى إنشاء المحارق.

وبالعودة إلى جلسة مجلس الوزراء، فقد تخللتها استهلاليتان رئاسيتان استعرضتا سبل تفعيل قنوات التعاون المشترك مع المملكة العربية السعودية وتسريع مشاريع الحلول الحكومية لتخفيف أعباء النزوح عن كاهل المجتمع اللبناني المضيف. 

ففي كلمته التي استهلها بإبلاغ مجلس الوزراء أنه بصدد زيارة كل من مصر والأردن الأسبوع المقبل في إطار إعادة التواصل اللبناني مع الدول العربية، أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاتجاه نحو «تفعيل دور اللجان الوزارية المشتركة» مع المملكة العربية السعودية، مطالباً الوزراء المعنيين بأن يتابعوا مع نظرائهم السعوديين تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين البلدين. وكشف عون ربطاً بنتائج زيارة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان أنّ «المواضيع التي طرحناها خلال الزيارة إلى السعودية مع خادم الحرمين الشريفين تبيّن أنها نُفذت أو هي في طور التنفيذ». كذلك أضاء رئيس الجمهورية على تأثيرات النزوح على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية للبلد وعلى «الإجراءات المهمة المُتخذة بهدف المساعدة في معالجتها»، مشيراً في الوقت عينه إلى صعوبة تطبيق ما يُثار عن ترحيل النازحين إلى مناطق آمنة نظراً «للرفض الذي يبديه المعنيون تجاه أن تكون (هذه المناطق) تحت إشراف الأمم المتحدة بل يريدونها تحت إشرافهم المباشر بحجة أن الأمر يمسّ السيادة الوطنية».

بدوره، لفت رئيس مجلس الوزراء إلى أنّ الأمور الثنائية مع السعودية «سائرة نحو الانفتاح، والحظر الذي كان قائماً ستتم إزالته وستتضاعف الرحلات إلى لبنان»، طالباً من الوزراء عموماً ومن وزير الاقتصاد على وجه الخصوص دراسة الاتفاقيات القائمة مع المملكة «لكي نعمل على تطويرها نحو الأفضل»، ومؤكداً «العمل على إنشاء لجنة عليا مشتركة كما هي الحال مع مصر وقطر وغيرها من الدول». أما في ملف النزوح، فطلب الحريري من الوزراء التعاون مع وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي «لكي نحدد المشاريع الضرورية المطلوبة لمساعدة لبنان من قِبل المجتمع الدولي ومتابعة وضع البرامج الخاصة بإنماء كافة المناطق اللبنانية».