حتى لا نُعيد ما بدأه بعض المساهمين كتابةً في الموضوع الشيعي من زاوية اللبننة لطائفةٍ مملوكةٍ لدولةٍ فارسيةٍ كما يَصطَلحُ على ذلك المختلفون مع السياسة الإيرانية وخاصةً فيما يتصل بالشيعة عموماً وباللبنانيين منهم خصوصاً..ومن هنا لا بدَّ من رفع سقف الإصلاح تحت عِمَّة دينية لصعوبة ذلك على المدنيين في لحظةٍ شيعيةٍ متخمة بالمسرودات المذهبية وتكاد أن تنحصر الأسماء المعنية في هذا المجال بالمرجع اللبناني السيد علي الأمين باعتباره الموقف المعبِّر وبوضوح عن أزمة الراهن الشيعي بكل إتصالاته الداخلية وأبعاده الخارجية وهو الشخص الممتلئ بالتجربة الشيعية وبكل محمولاتها..لذا الإستحضار هنا متاخم لموقعه وموقفه وما نتج عن ذلك من نتائج تستدعي إلتقاط الدوافع الشرعية المفضية إلى خروج على السلطة الشيعية من أبوابها الكبيرة خوفاً ومخافةً على طائفة تحتاج إلى الفرملة الواقعية والموضوعية حتى لا يأخذها إندفاعها السريع إلى مهاوٍ مشابهة لما وقعت فيه الطوائف الغالبة والقوية من قبل قيام ونهضة الطائفة الشيعية...من هنا يتحوَّل الضعف في فرادة الموقف إلى قوَّة اللحظة التاريخية وإلى فعلٍ متصلٍ بالمستقبل السياسي لا بالحصَّة السياسية الظرفيَّة كما يفهمها المستفيدون من قوَّة الحاضر..وتكمن أهميَّة الفرادة "الأمينيَّة" أنها تستدعي سيرة رجُلَين تمأسست المؤسَّسة الشيعية على فعليهما وهما:الإمامان موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين اللذان حرَّكا الطائفة في ملاحةٍ وطنيَّةٍ دون أن يدفعانها إلى بواخر محمَّلة بمصالح وإستراتيجيَّات غير لبنانية، وبالتالي ثمَّة مشابهة من الأحداث جعلت من المرجع السيد علي الأمين وريث نهجيهما بدءاً من إختلاف الإمام موسى الصدر مع المرجعيَّات التقليديَّة الدينيَّة والسياسية ومحاربتهم له وما تبع ذلك من خلاف مع سياسة المقاومة الفلسطينية وأطُرها من أحزاب الحركة الوطنية مما أدَّى ذلك إلى ملاحقة الإمام الصدر ونفيه من مدينة "صور" وهذا ما حصل أيضاً مع الإمام شمس الدين أثناء إختلافه مع الفهم الإيراني للشيعة اللبنانيين آنذاك وتمَّ تهجيره من مكان إقامته في الضاحية أثناء الفتنة الشيعية وبعد ذلك وقع الإختلاف مع المرجعية السياسية ، وأبقى على خلافه الجذري مع ولاية إيران في لبنان ...هذا المشهد تكرَّر مع المرجع السيد علي الأمين الذي خاصمته المرجعية السياسية التقليديَّة ومؤسَّستها الدينيَّة وتمَّ نفيه من مدينة "صور" بعد إعتداء على المنزل ومركز الإفتاء الجعفري وتطوَّر الخلاف إلى تصدُّع في بنية الموقف الشيعي..إذاً نحن أمام وريث مماثل في الشكل والمضمون..وقد لعِبَ ذوقه الفقهي والفكري والإجتهادي دوراً في جعل الخصوصيَّة الشيعيَّة جزءاً من الفهم الإسلامي للدين وكمذهبٍ يملك طريق في التفكير الديني يقرِّبه من باقي المذاهب كقيمة علميَّة متفقهة لإغناء البحث العلمي في الإسلام...هذه الشهادات الشيعية لرموز علميَّة وفقهيَّة غذَّت الدور الشيعي ومنحته أفقاً غير مغلقٍ على خصوصيَّة تُحجِّم من فواعل طائفةٍ خلاَّقةٍ وتجعلها منكمشة داخل ثوب المذهب..من هنا كان رفضهم لأيِّ اعتبار يشير إلى الشيعة كحالةٍ خاصةٍ أو جهةٍ متماسكة لتلبية مصالح خارجيَّة هكذا فهموا وعملوا لشيعيَّة لبنانية متمسِّكة بالدولة باعتبارها الشرط الأساسي لضمان وحماية الأقليات المهتجسة من وهمٍ أكثريٍّ قد يكون موجوداً في ظروف كثيرة.