كشفت مصادر رسمية مطلعة على العملية الاستباقية التي نفذتها المديرية العامة للأمن العام وأدت الى إحباط عملية إرهابية كان المشتبه بعلاقته بتنظيم «داعش» يعتزم تنفيذها في منطقة «سوليدير» في قلب بيروت، أن موظفاً اسمه م. ص. (لبناني) يعمل في قطاع الخدمات في شركة «سوليدير»، هو الموقوف في هذه القضية منذ ما يقارب 12 يوماً. وأوضحت المصادر أن فرقة من الأمن العام أوقفت المشتبه به نتيجة معلومات عن تواصله مع تنظيم «داعش» في مدينة الرقة السورية، واستطلاعه المنطقة التي يتواجد فيها أثناء عمله لتحديد بنك الأهداف التي يمكنه استهدافها، سواء من خلال تنفيذ عملية انتحارية أم خطف أشخاص ذوي صفة سياسية يعملون في الحقل العام أو تفجير نفسه في أحد المراكز الأمنية.
وقالت المصادر الرسمية نفسها إن الموقوف شغل مكتباً في «سوليدير» في مبنى يضم أجهزة تشغيل كاميرات المراقبة المتوقفة عن العمل منذ مدة زمنية، بعدما بوشر باستبدالها بكاميرات متطورة على أن تتولى إدارتها والإشراف عليها وتشغيلها مجموعة من الفرق الفنية في قوى الأمن الداخلي.
ولفتت المصادر إلى أن الموقوف على إلمام باستخدام الكومبيوتر. وكان بدأ عمله قبل سنتين في قسم صيانة الأبنية الواقعة في نطاق منطقة «سوليدير» والتي رُكزت فيها كاميرات للمراقبة ما أتاح له مراقبة المداخل المؤدية إلى الوسط التجاري وتحديد هوية الأشخاص لحظة دخولهم إليه أو مغادرته فضلاً عن متابعة تحرك رئيس الحكومة سعد الحريري.
وأكدت أن الموقوف كان لا يزال في مرحلة الاستطلاع والتحضير لعملية إرهابية وأنه على تواصل مع شقيقه ح. ص. الموجود في الرقة منذ عام 2013، وأن الأخير كان وراء تشغيله بواسطة ضابط ارتباط يحمل شهادة في الهندسة الكهربائية، وهو فلسطيني يعمل في شركة هندسة كبيرة في لبنان ومتزوج من قريبة المدعو زياد أبو النعاج المقيم في مخيم عين الحلوة والصادرة في حقه مذكرات توقيف عدة وينتمي إِلى كتائب عبدالله عزام. (يتردد أنه أحد قادتها).
وذكرت المصادر الرسمية أن ضابط الارتباط الذي يتولى التواصل بين الموقوف وأبو النعاج كان نصحه أكثر من مرة بالالتحاق بشقيقه المنتمي إلى «داعش» في الرقة. وقالت إنه وضع تحت مراقبة مشددة، خصوصاً في الفترة الزمنية التي سبقت توقيفه وأخضع لملاحقة دقيقة وأن توقيفه تم بناء لما توافر للأمن العام من معطيات أثبتت انتماءه إلى «داعش» وتواصله مع التنظيم الإرهابي. وذكرت المصادر أنه جرى تحضيره للقيام بعملية إرهابية، بتفجير نفسه وأن مشغله ترك له حرية تحديد الهدف مع تأمين عدة الشغل لتنفيذ العملية ضد من يقع عليه خياره كهدف، على أن يتولى شخص مجهول تسليمه هذه العدة من دون أن يكون على معرفة به.
وشبّهت المصادر الرسمية العملية التي كان م. ص. ينوي تنفيذها بتلك التي كان ينويها الانتحاري الذي أوقف في مقهى «كوستا» في شارع الحمراء في بيروت وهو يتحضر لتفجير نفسه بين رواده ففوجئ بعملية مشتركة لمديرية مخابرات الجيش وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي بتوقيفه ويحاكم أمام القضاء العسكري.
وأشارت المصادر إلى أن العملية الإرهابية التي كان ينوي الموظف في «سوليدير» تنفيذها تصنف في خانة «الذئاب المنفردة» أي أنه يأخذ على عاتقه وحده استطلاع الهدف واختيار التوقيت.
وعزت المصادر لجوء «داعش» والمجموعات الإرهابية إلى تنفيذ عملياتها الانتحارية والتخريبية عبر الذئاب المنفردة، إلى أن تمكن الأجهزة من توقيف عشرات الشبكات الإرهابية ومنها خلايا نائمة، دفعها إلى إعادة النظر في أسلوب الذي كانت تستخدمه بالاعتماد على شخص بدلاً من مجموعة أشخاص لئلا يؤدي توقيفهم الى كشف شبكات أكثر وتحديد هوية مشغليهم.وتابعت المصادر أن اعتماد «داعش» هذا الأسلوب في العمليات الانتحارية يجنبه ملاحقة أشخاص آخرين في المجموعات الإرهابية عند توقيف الانتحاري وهو يستعد لتفجير نفسه بحزام ناسف يتسلمه من مجهول، خصوصاً أن الأوامر تصدر من مقر «داعش» في الرقة الى المشغّل في لبنان، الذي يختار الانتحاري من دون وسيط بسرية تامة، إذ إن اتباع «الانفلاش» في هذه العمليات يمكن أن يسهل خرق المجموعات أو توقيف عنصر فيها سرعان ما يكشف أسماء بعض من معه.
ويخضع الموقوف اللبناني و«ضابط الارتباط» الفلسطيني الذي أوقف أيضاً إلى تحقيق من قبل فريق التحقيق في الأمن العام بإشراف القضاء المختص.