أعلن الحوثيون أنهم ومناطقهم يعانون من فقر مزمن ومدقع، وأنهم اجتاحوا صنعاء واليمن لرفع المظلومية وإعلاء شأن اليمن وفك ما يرون أنه ارتهان للسعودية التي يقولون أنها استعبدت اليمن منذ عقود طويلة عبر الرئيس علي عبد الله صالح.
ما قام به الحوثيون "فور" سيطرتهم على صنعاء هو أنهم رفعوا أعلام وصور إيران وزعمائها في مؤسسات الدولة ومراكز الحكم، وهذا ما يتنافى مع الشعار الذي رفعوه عند تحركهم، وهو تحرير اليمن من قبضة الجارة السعودية، إلا أنهم سلموه لغيرها، وهي إيران غير الجارة، حتى رفعوا أعلام إيران في مؤسسات الدولة بدل العلم اليمني، وهذه خيانة لليمن والشعارات التي رفعوها . وانا بمجرد ان رأيت وقتها هذا المشهد الخطير على اليمن وعلى كل مستوى حتى علمت أن الخطر والخراب قد حل باليمن !!
وبما أن السعودية على خلاف مزمن مع إيران، وبما أن إيران دخلت الحرب السورية بحجة "الحرب الإستباقية" مع من سمتهم أدوات خصمها السعودي الأمريكي، رغم بُعد سوريا عن إيران، فإن السعودية مارست نفس السياسية التي ألزمت إيران نفسها بها، وقامت بضرب من تراهم بل من أعلنوا جهارا نهارا أنهم أدوات إيران في اليمن الملاصق للسعودية .
وهنا، إما أن نتحدث بميزان واحد في سوريا واليمن، فنعطي للسعودية الحق في قتال الحوثيين -الذين رفعوا أعلام الإيرانيين خصوم السعودية في مؤسسات الدولة اليمنية- كما أعطت إيران لنفسها الحق في قتال المعارضة السورية التي لم تجاهر بالولاء للسعودية كما جاهر الحوثيون بالولاء لإيران . وإما أن نكيل بمكيالين ونعطي إيران الحق في القتال في سوريا بسبب المخاطر التي تراها إيران في وصول المعارضة السورية إلى حكم سوريا -رغم بعد إيران عن سوريا- ونمنع هذا الحق عن السعودية في اليمن رغم مجاورتها لها ومجاهرة الحوثيين بالولاء لإيران والعداء لخصومها ؟
لقد وقفت السعودية مع حلفائها في المعارضة السورية جهارا وأرسلت لهم المال والسلاح والدعم السياسي والعسكري، فيما لم تفعل إيران ذلك مع أتباعها الحوثيين الذين تناقضت النتيجة المدمرة لما تبقى من عمران وحياة في اليمن عند اجتياحهم لعاصمة اليمن ومدنه مع الشعارات التي رفعوها والتي أعلنوا فيها الإستقلال عن الخارج و رفع المظلومية والفقر والحرمان عنهم !!
إقرأ أيضًا: احذروا أعراق النساء !!
بالتأكيد لست مع التدخل السعودي في اليمن، وقد شاركت في التظاهرة الأولى التي جرت في بيروت ضد قصف السعودية لليمن، كذلك أنا ضد التدخل الإيراني في سوريا وباقي الدول العربية التي ما إن تطأ قدما إيران في أي دولة منها حتى يعمها الخراب والدمار وتجري فيها أنهار الدماء ويصبح شعبها مجزرا مدمرا مشردا، بينما إيران تنظر وتتفرج وتكتفي بإرسال بعض الأموال والأسلحة لأتباعها في تلك الدول لتنفيذ مشاريعها، والحال المريع للعراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين - وهي الدول التي تواجدت فيها إيران- أوضح من أن يُشرَح !!
الإستقلال كُلٌّ لا يتجزأ، وإذا أراد الحوثيون أن يستقلوا عن السعودية التي سبق لها أن آوتهم ودعمتهم وفتحت مؤسساتها لعشرات آلاف اليمنيين للعمل عندها طوال عقود، فمن الأولى ان يفعلوا ذلك مع جميع الدول ومنهم إيران التي لا تعطيك دولارا حتى تضمن أنه سيعود عليها بعشرات الدولارات عبر صفقات دولية !!
دعونا من الشعارات التي لم تجر على الدول التي رفعت فيها سوى الدمار والدماء، وليعد الجميع إلى عقله وضميره ودينه، فالمعركة الدائرة في بلاد الإسلام هي معارك بين المسلمين، وهي فتن تغضب الله تعالى ورسوله (ص) وأهل بيته (ع) ولا ترضيهم، لأن هذه الفتن تعمل على إبادة هذه الأمة التي ضحى من أجلها النبي وأهل بيته وصحبه الأخيار بكل ما لديهم .
الإمام زين العابدين (ع) كان يدعوا بدعاء أهل الثغور لنصرة جيوش المسلمين -حتى في ظل الحكم الأموي- على أعداء أمة الإسلام وليس لنصرة فئة مسلمة على فئة أخرى !!
وإن أي كلام تعبوي وتحريضي لزيادة الفتن بين المسلمين تحت عناوين مذهبية هو كلام شيطاني يغضب الله تعالى ولا يرضي إلا أعداء الأمة الذين تمكنوا أخيرا من جعلنا ننفذ مشاريعهم الخبيثة في بلادنا وبأيدينا !!
شعب إيران والسعودية وسوريا واليمن والبحرين والعراق وكل دول المسلمين هم شعب واحد، وهم إخوة في الدين والمبدأ، وما بينهم من بعض الإختلافات ليس بشيء أمام ما يجمعهم من عقيدة وشريعة عظمى، هم إخوة وسيبقون كذلك رغم كل ما يجري .
المشكلة العويصة هي أن المسلمين الإخوة قد اختلفوا وتقاتلوا بسبب سوء إدارة آبائهم لهم وليس لأنهم أعداء لبعضهم، وهذا ما يفرض على كل واع من أبناء الأمة أن يخرج نفسه من هذه الفتن الدائرة إن لم يستطع أن يمنعها.