جولة سعودية تلامس قانون الانتخاب , ومحاولة تركيب قانون يُبقي ما كان على حاله
النهار :
يفترض ان تشكل زيارة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان لبيروت جرعة دعم اضافية لمسيرة التسوية الداخلية التي تكمل اليوم الايام المئة الاولى منها منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية في 31 تشرين الاول 2016، وسط تنامي المخاوف على اهتزازها بفعل التعقيدات التي تواجهها نتيجة أزمة قانون الانتخاب . ذلك ان القرارات التي نقلها الوزير السعودي لجهة ترجمة بعض النتائج الايجابية للزيارة التي قام بها الرئيس عون للمملكة العربية السعودية جاءت لتثبت الخط الانفتاحي الذي دشنته الزيارة من جهة ولتشكل ضمنا دفعاً سعودياً نحو توافق داخلي على تجاوز هذه الازمة وان تكن النتائج العلنية لمحادثات الموفد السعودي لم تأت على ذكر أي ملف سياسي داخلي.
لكن المعطيات المتوافرة عن ازمة قانون الانتخاب لم تتبدل من حيث استمرار المناخ السلبي مهيمناً على مجمل التحركات والاتصالات الجارية بما يصعب معه توقع حلحلة سعى الى تعميم الانطباعات عنها بعض أركان الحكم والقيادات . وكان ابرز الايحاءات بايجابيات محتملة في هذا الملف جاء على لسان رئيس الوزراء سعد الحريري لدى استقباله مساء أمس أعضاء المجلس الاعلى لطائفة الروم الكاثوليك اذ علمت "النهار" أنه أكد لهم "اننا اصبحنا في المئة متر الاخيرة من الاتفاق على قانون انتخاب جديد". ولم يكن الكلام العلني للحريري امام الوفد اقل دلالة اذ اكد انه متفق مع رئيس الجمهورية على أنه "لن يكون هناك انقسام بعد اليوم على مستوى الحكم وانه على اتصال يومي مع رئيس الجمهورية في مختلف القضايا والمشاكل التي يواجهها لبنان".
واكتسب كلام الحريري بعداً مهدئاً عقب اللقاء الذي جمعه ورئيس حزب "القوات اللبنانية " سمير جعجع ليل الاثنين في "بيت الوسط" حيث خاضاً طويلاً في ملف قانون الانتخاب وخصوصاً لجهة بلورة بديل من المشروع المختلط الاول للجنة الرباعية الذي اثار رفضاً واسعاً واتفقا على "وجوب الوصول في أسرع وقت الى مشروع قانون جديد للانتخابات يحظى بتوافق الكتل السياسية ويأخذ في الاعتبار هواجس جميع الاطراف". واذ علم ان التواصل سيستمر بوتيرة كثيفة بين الجانبين للتنسيق في دقائق الامور، خصوصاً انه يبدو ان ثمة عملاً يجري في الظل لاحياء صيغة جديدة لمشروع مختلط، فان وفاة والدة رئيس حزب "القوات" السيدة ماري حبيب جعجع ستملي التريث أياماً قليلة ريثما تنتهي التعزية لمعاودة لاتصالات والمشاورات الخاصة بملف قانون الانتخاب . ويبدو ان لقاء "بيت الوسط" بين الحريري وجعجع أعاد احياء الدفع بقوة نحو نسخة جديدة مختلطة ستظهر معالمها بعد عودة وزير الخارجية جبران باسيل الى بيروت ومعاودة الاتصالات بين اطراف اللجنة الرباعية المنوط بها البحث في المشاريع الانتخابية. وتفيد المعلومات المتوافرة ان اتفاقا ساد لقاء الحريري وجعجع على اقرار قانون جديد بما يشكل جامعاً مشتركاً قوياً بين "المستقبل" و"القوات" ودفعاً مماثلاً لعلاقة كل منهما برئيس الجمهورية وملاقاته في مواقفه المشددة على حتمية التوصل الى قانون جديد . كما ان الفريقين لم يغفلا أهمية معالجة هواجس الحزب التقدمي الاشتراكي التي يريان امكان معالجتها من خلال قانون مختلط مرن يلحظ الحاجة الى استجابة كل التطلعات بما فيها وحدة المعايير في التوزيع بين الاكثري والنسبي من دون التسبب باثارة مشكلة جوهرية كالتي يعبر عنها الحزب التقدمي الاشتراكي. وقال مصدر سياسي بارز لـ"النهار" إن أي معطى ايجابي حقيقي لم يسجل بعد في حلحلة العقد وان المساعي الجارية للتوصل الى اختراق يتيح احياء البحث في مشروع توافقي لم تتجاوز حدود التهدئة الظرفية في انتظار ما تحمله الايام القليلة المقبلة التي ستتسم بحرارة استثنائية كلما اقترب موعد دعوة الهيئات الناخبة في 21 شباط الجاري.
موقف المشنوق
والواقع ان موقفاً لافتاً اتخذه أمس وزير الداخلية نهاد المشنوق بدا بمثابة رجع صدى لتداعيات أثارتها مواقف الرئيس عون الاخيرة اذ رأى المشنوق ان الرئيس عون "مكتمل الزعامة وليس مضطراً الى اتخاذ مواقف لكسب الشعبية"، وتمنى عليه تالياً "مراجعة مواقفه حيال النقاش الدائر حول قانون الانتخاب انطلاقاً من موقعه بان يكون رئيس كل الخيارات اللبنانية وحرصاً على ألا يتحول مقام الرئاسة وكلام الرئيس الى مسألة خلافية".
لكن رئيس الجمهورية بدا في المقابل على يقينه انه سيكون للبنان قانون انتخابي جديد يؤمن تمثيلاً عادلاً لجميع اللبنانيين، وأن "لا خوف من النقاش الذي يرافق البحث في القانون العتيد لان الانتخابات ستجرى في النهاية وسيتابع لبنان مسيرة النهوض التي بدأها قبل ثلاثة أشهر".
القرارات السعودية
في غضون ذلك، نقل الوزير السعودي الى الرئيس عون ثلاثة قرارات من المملكة تتعلق باستكمال نتائج المحادثات التي اجراها مع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز وهي تعيين سفير جديد للمملكة في لبنان وزيادة رحلات شركة الطيران السعودية الى بيروت وتشجيع عودة الرعايا السعوديين الى لبنان. وعلمت "النهار" ان السفير السعودي الجديد الذي يجري التكتم على اسمه سيصل الى لبنان خلال الاسبوعين المقبلين. كما علم ان موضوع المساعدات العسكرية السعودية للجيش اللبناني ستوضع موضع البحث العملي قريبا من خلال طلب ترتيب لقاء لكل من وزيري الخارجية والدفاع جبران باسيل ويعقوب الصراف مع ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي الامير محمد بن سلمان للبحث في حاجات الجيش والآلية المناسبة لتقديم المساعدات اليه من غير ان يعرف ما اذا موضوع الهبة السعودية السابقة المجمدة قد طوي نهائيا.
المستقبل :
بعد أقل من شهر على محادثات قصر اليمامة، بدأت بشائر الترجمات السعودية العملية لهذه المحادثات تتبدى من قصر بعبدا مع زيارة وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان موفداً من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لينقل «حرصه على متابعة النقاط التي تم الاتفاق عليها خلال القمة السعودية – اللبنانية في الرياض» وفي طليعتها ما أبلغه السبهان لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس لجهة اتخاذ القيادة السعودية سلسلة قرارات تندرج في هذا الإطار أبرزها «تعيين سفير جديد في لبنان وزيادة رحلات شركة الطيران السعودية إلى مطار رفيق الحريري الدولي وعودة السعوديين لزيارة لبنان وتمضية عطلاتهم السياحية فيه». على أن تتوالى تباعاً تطبيقات الوعود السعودية الصادقة استجابةً «لكل ما يطلبه لبنان» كما نقل السبهان وفق مصادر مطلعة على محادثاته لـ«المستقبل»، مشيرةً إلى أنه أكد أنّ «لبنان باستطاعته أن يطلب أي دعم من المملكة العربية السعودية وفق توجيهات خادم الحرمين بالتجاوب مع مختلف الاحتياجات اللبنانية ومع المطالب التي كان قد عرضها رئيس الجمهورية مع الملك سلمان».
وأوضحت المصادر أنّ «الوزير السبهان عبّر عن دعم سعودي مطلق للدولة اللبنانية»، كاشفةً في هذا الإطار عن «التحضير لتحديد موعد لوزير الدفاع يعقوب الصراف للقاء ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان للبحث في موضوع المساعدات للجيش اللبناني، فضلاً عن سلسلة لقاءات أخرى يتم الإعداد لعقدها بين الوزراء اللبنانيين والسعوديين لا سيما بين وزيري خارجيتي البلدين جبران باسيل وعادل الجبير».
وإذ نقلت أنّ موفد خادم الحرمين أكد خلال محادثاته «ثقة القيادة السعودية بالرئيس عون وبدوره الجامع المحتضن لكل اللبنانيين، ودعمها للحكومة ورئيسها سعد الحريري»، لفتت المصادر إلى أنه أعرب عن «ارتياح المملكة للتعاون القائم بين رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء»، مبدياً في السياق عينه دعمها «لأي خطوة تساعد على توحيد الموقف اللبناني». وكانت جولة السبهان قد شملت أمس، إلى زيارة عون في القصر الجمهوري والحريري في السراي الحكومي، كلاً من الرئيس تمام سلام في المصيطبة ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط في كليمنصو.
قانون الانتخاب
أما في جديد النقاش الانتخابي، فقد برز أمس تشديد رئيس الجمهورية على أنه «لا داعي للخوف» من هذا النقاش المرافق لعملية البحث في ملف القانون العتيد «لأنه في النهاية ستتم الانتخابات ويتابع لبنان مسيرة النهوض»، معرباً أمام زواره عن ثقته بأنه «سيكون للبنان قانون انتخابي جديد يؤمن تمثيلاً عادلاً في مجلس النواب لجميع اللبنانيين»، مع التشديد على أنّ اللبنانيين «متجهون نحو فترة استقرار ثابت ليرتاح الجميع مع بعضهم البعض ضمن التوازن».
وفي الإطار التفاؤلي نفسه، جاء تجديد رئيس الحكومة التزامها «إنجاز قانون جديد للانتخابات»، كاشفاً أمام زواره عن أنّ النقاش الانتخابي المتواصل «قطع شوطاً بعيداً في هذا الاتجاه»، كما طمأن اللبنانيين إلى أنه متفق مع رئيس الجمهورية على أنه «لن يكون هناك انقسام بعد اليوم على مستوى الحكم»، لافتاً الانتباه إلى أنه على «اتصال يومي» مع عون للتباحث في مختلف القضايا والمشاكل التي يواجهها لبنان.
وكان الحريري قد استقبل مساء الأحد رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع في بيت الوسط حيث جرى استعراض آخر المستجدات والاتصالات الجارية بخصوص قانون الانتخابات، فكان اتفاق بين الجانبين «على وجوب الوصول بأسرع وقت ممكن إلى مشروع قانون جديد للانتخابات يحظى بتوافق الكتل السياسية ويأخذ بعين الاعتبار هواجس جميع الأطراف».
الديار :
يستمر «التنقيب» في «صحراء» التناقضات الداخلية عن قانون انتخابي توافقي، يُطمئن أصحاب الهواجس ويُنصف اصحاب الحقوق. ومع التناقص المتسارع في وقود الوقت، ينقسم المعنيون بين من يستبعد التوصل الى التفاهم على مشروع انتخابي مشترك قبل موعد دعوة الهيئات الناخبة في 21 شباط الحالي، وبين من يكاد يجزم بحتمية التوافق ولو في اللحظة الاخيرة.
وعلى وقع المهل الداهمة والتجارب المتنقلة، عُقد ليل أمس الاول في بيت الوسط لقاء بين الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، حضره الوزيران غطاس خوي وملحم رياشي، ونادرالحريري.
ماذا دار في الاجتماع؟
تحرص مصادر «القوات» على وضع لقاء الساعات الثلاث تقريبا في سياق تثبيت التحالف الاستراتيجي بين الجانبين، وتأكيد عمق التواصل الثنائي، خصوصا حين يتعلق الامر باستحقاقات ومحطات مفصلية.
وقد استحوذ قانون الانتخاب على الحيز الاوسع من النقاش المطوّل الذي تطرق الى العديد من التفاصيل العملية والجوانب التقنية، ويمكن القول ان «الطبخة الانتخابية» كانت الطبق المشبع بـ«الكوليسترول السياسي»، وسط مائدة العشاء التي أقامها الحريري على شرف ضيفه.
وانطلق الطرفان في مقاربة هذا الملف من وجوب وضع قانون انتخاب جديد، استنادا الى نقطة التقاء تجمعهما وتتمثل في صيغة المختلط التي كان قد تم التوافق عليها بين «تيار المستقبل» و«القوات اللبنانية»، و«الحزب التقدمي الاشتراكي» (60 نسبي- 68 أكثري)، قبل ان يعود وليد جنبلاط ويسحب موافقته على هذا المشروع.
وأكد الحريري وجعجع، خلال الاجتماع، استمرار تمسكهما ب«المختلط» انطلاقا من كونه الطرح الاكثر واقعية، وبالتالي الأقدر على التوفيق بين دعاة النسبية الكاملة وأنصار النظام الاكثري.
وبحث الرجلان في كيفية تفكيك العقد التي لا تزال تؤخر التوافق على قانون الانتخاب، وأكدا ضرورة تشجيع النائب جنبلاط على التجاوب مع مبدأ «المختلط»، وصولا الى اقناعه به، بعد منحه التطمينات الضرورية، على مستويين: الاول، يتعلق بطبيعة القانون الذي يفترض ان يراعي خصوصية الشوف وعاليه، والثاني يتصل بالتحالفات مع المكونين المسيحي (الجبل) والسني (اقليم الخروب).
وناقش الحريري وجعجع أفكارا لتعديل مشروعهما المختلط، في اتجاه تطويره وتحسينه، ليكون مقبولا من الآخرين، «على ان يأخذ بعين الاعتبار الهواجس المطروحة من دون ان يهدد صحة التمثيل». ويُفترض ان تتضح صورة التعديلات المقترحة في الايام القليلة المقبلة، بحيث تصبح «الصيغة المطوّرة» ناضجة في نهاية الاسبوع، على قاعدة انه لا بديل في نهاية المطاف عن «المختلط»، في ظل استحالتين تحيطان به: النسبية الكاملة، والاكثري الشامل.
وتطرق البحث كذلك، في سهرة «بيت الوسط»، الى العلاقة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري الذي أكد لجعجع ان كل ما يشاع في بعض وسائل الاعلام حول تسرب نوع من التوتر او البرودة الى هذه العلاقة هو غير صحيح، مشيرا الى انه حريص على انطلاقة قوية للعهد، وعلى تحقيق التكامل مع عون.
ولفت الحريري الانتباه الى انه إذا كان البعض يعتقد ان قانون الانتخاب قد يشكل سببا للصدام مع رئيس الجمهورية، فهو يتطلع- وفق الاوساط المطلعة- الى ان يكون هذا الملف مساحة إضافية للوفاق، «لاسيما انه وافق على النسبية ولو جزئيا من خلال المشروع الذي سبق ان اقترحه مع «القوات»، كما قبل بالمختلط الذي قدمه جبران باسيل، لكن الرفض أتى من مكان آخر».
وشدد جعجع، من ناحيته، على أهمية تعاون عون-الحريري، بل ذهب أبعد من ذلك، مشيرا الى ان العلاقة المتينة بين الثلاثي عون- الحريري- جعجع، تشكل أمرا حيويا، مبديا في هذا الاطار حرصه على استمرار التناغم بين رئيسي الجمهورية والحكومة وضرورة ألا يعكر صفوها اي خلل.
وتوقف رئيسا «المستقبل» و«القوات» عند أهمية الدور الخارجي الذي يؤديه عون، بدءا من انفتاحه على الخليج وزيارته الى السعودية وقطر، وصولا الى جولته المقبلة على مصر والاردن.
وتوسع النقاش في اتجاه المنطقة، على إيقاع تصاعد حرارة بعض ملفاتها، خصوصا في ظل التهديدات المتبادلة بين ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب وإيران. وكان هناك تشديد من الحريري وجعجع على ضرورة تحييد لبنان عن التوتر الاقليمي وتحصين استقراره الداخلي، عبر استكمال مسار التسوية السياسية الذي بدأ مع انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة.
ـ خوري يدعو لتبادل التنازلات ـ
وأبلغ وزير الثقافة غطاس خوري «الديار» ان اجتماع الحريري- جعجع يأتي في إطار محاولة لإيجاد مخرج انتخابي، بعد اصطدام الطروحات التسووية السابقة بجدار الحسابات المتعارضة للقوى المعنية، موضحا ان الجانبين يسعيان الى ايجاد قواسم مشتركة، يمكن ان تساهم في التقريب بين المقاربات المتباينة لقانون الانتخاب.
ويعتبر خوري- الذي شارك في لقاء «بيت الوسط»- ان أحدا لا يريد الانزلاق الى أزمة كبرى، مشيرا الى ان هناك فكرة بإدخال تعديلات على مختلط «المستقبل» و«القوات»، حتى يصبح مقبولا من الاطراف الاخرى، «ونحن أبدينا مرونة في التعاطي مع خيار النسبية، إنما لا يجوز في الوقت ذاته تجاوز جنبلاط او تجاهل هواجسه».
ويدعو خوري الى تبادل التنازلات للتوافق انتخابيا، تماما كما حصل عند التوافق على استحقاقي انتخاب رئيس الجمهورية وتأليف الحكومة، مؤكدا ان العلاقة الثنائية بين الحريري وجعجع مستقرة.
ـ «القوات»: لا لـ «الستين معدلا» ـ
وماذا عن اقتراح «الستين معدلا» الذي اقترحه جنبلاط؟
تقول مصادر قيادية في «القوات» لـ «الديار» انه من غير الوارد العودة الى قانون الستين سواء معدلا او بشكله الحالي، لافتة الانتباه الى انه لا بد من إدخال مقدار معين من ثقافة النسبية الى النظام الانتخابي، وهذا ما يحققه فقط «المختلط» الذي يستطيع ان يوفق بين معالجة هواجس «الاكثريين» ومحاكاة طموحات المتحمسين للنسبية.
وتعتبر المصادر ان موقف جنبلاط يندرج في إطار رفع السقف السياسي لتحسين شروطه التفاوضية، معربة عن اعتقادها بانه لا بد لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في نهاية المطاف من ان ينخرط في تسوية انتخابية معينة.
الجمهورية :
الاهتمام بزيارة الموفد الملكي السعودي وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان للبنان والهادفة إلى ترجمة نتائج قمة الرياض اللبنانية ـ السعودية الاخيرة، لم يحجب الأنظار عن ملف الاستحقاق النيابي، إذ لم يخرج قانون الانتخاب العتيد بعد من عنق الزجاجة، فيما نقاشات اللجنة الرباعية مستمرّة بعيداً من الأضواء. وعلمت «الجمهورية» أنّ البحث يتركّز على وضع قانون مختلط يُعتمد فيه النظامان الأكثري والنسبي (64×64) ويراعي الخصوصيات والهواجس ويتضمّن وحدةً في المعايير في التوزيع وسواه.
توقّفَ المراقبون باهتمام بالغ عند الموقف اللافت الذي أطلقَه وزير الداخلية نهاد المشنوق في اتجاه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وحمل تأويلات وتفسيرات عدة، إذ رأوا في مطاويه مؤشرات على أزمة رئاسية صامتة بين بعبدا والسراي، أو على الأقلّ بين التيارَين «الأزرق» و«البرتقالي»، ربّما لن يتأخر الوقت لبروزها الى العلن إن لم تعالج في صمت، وقالوا «إنّ اهمّية هذا الموقف تكمن في انّه صادر عن وزير يحمل صفتين: الاولى صفة وزير الداخلية المعني المباشر بملف الانتخابات النيابية، والثانية انه ممثّل تيار «المستقبل» وتحديداً الرئيس سعد الحريري في الحكومة، وبالتالي فإنّ لهذا الموقف ابعاداً سياسية ويمتلك صدقية معينة لدى الذين يراهنون على امكانية توتّر العلاقات بين عون والحريري، ليس انطلاقاً من قانون الانتخاب فحسب، انّما انطلاقاً من الخلاف على الصلاحيات الدستورية والمواقف من النظام في سوريا وأحداث المنطقة ودور «حزب الله».
ولفت هؤلاء المراقبون الى انّ كلام المشنوق جاء قبل 48 ساعة على انعقاد جلسة مجلس الوزراء غداً الاربعاء والتي سيطرح فيها موضوع دعوة الهيئات الناخبة الى انتخاب مجلس نيابي جديد وتشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات النيابية، وهو الامر الذي سبق لرئيس الجمهورية أن اعترض عليه في جلسة 25 كانون الثاني، عندما طلب وزير الداخلية إدراج موضوع تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات النيابية من خارج جدول الأعمال، وطلب عون ترك الامرِ إلى حين التوصل الى قانون انتخاب جديد».
وعدّ المراقبون كلامَ المشنوق «تطوراً لافتاً في عمل الحكومة، في الوقت الذي يقول البعض انّ قانون الانتخاب الجديد سيبصر النور قريباً»، فيما شكّك المشنوق في إمكانية التوصّل الى تفاهم على هذا القانون.
كذلك لفتَ المراقبون الى انّ تصريح المشنوق جاء بعد 24 ساعة على استقباله وزير الدولة لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان في مطار بيروت الذي يزور لبنان حالياً.
ماذا قال المشنوق؟
وكان المشنوق قد قال إنّ رئيس الجمهورية «مكتمل الزعامة وليس مضطرّاً لاتّخاذ مواقف لكسبِ الشعبية»، وتمنّى عليه «مراجعة موقفه حيال النقاش الدائر حول قانون الانتخاب الجديد انطلاقاً من موقعه بأن يكون رئيس كلّ الخيارات اللبنانية وحرصاً على أن لا يتحوّل مقام الرئاسة وكلام الرئيس مسألة خلافية». وهل الخلاف حول قانون الانتخاب الجديد سيكسر التوافق السياسي بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة؟
أجاب المشنوق في حديث متلفز: «أعتقد أنّ مِن المبكر الحكم بأنّها تكسَر أو لا تكسَر، وفي النهاية وإن بدت الأمور حادّةً الآن بالكلام الذي صدرَ عن الرئيس عون أو بعض الإجابات من بعض الأطراف السياسية، ولكن هذه بدايات الحديث وليست نهاياته، فما من أحد يمكن أن يكون غيرَ حريص على استمرار الوفاق السياسي، لأنّ استمرار هذا الوفاق هو الجزء الرئيسي من استقرار البلد، يعني ليس فقط الضمانات الإقليمية ولا الضمانات الدولية، الاستقرار السياسي قائم على حد أدنى من التوافق الوطني الداخلي».
وإذ استبعَد المشنوق إمكانَ ان يتوصّل المعنيون الى اتفاق حول قانون انتخابي جديد، أكّد انّ وزارة الداخلية ملزَمة بالقانون. وقال: «نحن ذاهبون في اتّجاه ما يقوله الكتاب، والكتاب يقول إنّ الانتخابات تجري في موعدها في 21 أيار بالقانون النافذ.
وسأعطي المجال أكثر، فإذا توصّلوا قبل 21 أيار أي في 20 أيار الى قانون جديد عندها يحدّدون فيه موعداً جديداً للانتخابات، يعني أمامهم شباط وآذار ونيسان وأكثر من نصف أيار، إذا كان فعلاً هناك نية للوصول الى صيغة سلمية لقانون انتخاب يوافق عليها الجميع».
عون
وكانت رئاسة الجمهورية قد كرّرت إصرارَها على أنّه سيكون للبنان قانون جديد يؤمّن تمثيلاً عادلاً في مجلس النواب لجميع اللبنانيين، ودعا عون «الى عدم الخوف من النقاش الذي يرافق البحث في القانون الانتخابي العتيد لأنه في النهاية ستتمّ الانتخابات ويتابع لبنان مسيرة النهوض التي بدأها قبل ثلاثة اشهر».
الحريري
من جهته، أكّد الحريري التزامَ الحكومة بإنجاز قانون جديد لانتخابات، وقال: «قطعنا شوطاً بعيداً في هذا الاتجاه». وشدّد على أنه متّفق مع عون على أنه «لن يكون هناك انقسام بعد اليوم على مستوى الحكم»، وأشار الى أنه على اتصال يومي معه «للبحث في مختلف القضايا والمشكلات التي يواجهها لبنان».
وكان الحريري قد عرض للاتصالات الجارية في شأن قانون الانتخاب مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي زار مساء الأحد «بيت الوسط».
ووفق المكتب الاعلامي للحريري فإنّ الاتفاق «تمّ على وجوب الوصول في أسرع وقت ممكن الى مشروع قانون جديد للانتخابات يَحظى بتوافق الكتل السياسية ويأخذ في الاعتبار هواجس جميع الأفرقاء». كذلك عرض الحريري للمستجدّات والأوضاع العامة مع منسّق الامانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد.
الحوار
في غضون ذلك انعقدت جلسة الحوار الـ 40 بين «حزب الله» و«تيار المستقبل»، مساء أمس في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، في حضور المعاون السياسي للامين العام لـ«حزب الله» حسين الخليل، الوزير حسين الحاج حسن، النائب حسن فضل الله عن الحزب، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار «المستقبل».
كذلك حضر الوزير علي حسن خليل. وبعد الجلسة صدر البيان الاتي: «أكّد المجتمعون على اهمّية إنجاز قانون انتخابات ضمن المهَل الدستورية وإجراء الانتخابات في مواعيدها. كذلك جرى البحث في اهمّية الحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني».
حوري لـ«الجمهورية»
وفي المواقف، استبعد عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري الوصول الى الفراغ، وأبدى تفاؤله في إمكان إنجاز قانون انتخابي جديد «يستند الى مشروعنا».
وقال حوري لـ«الجمهورية»: «إنّ المشروع الذي وقّعناه مع «اللقاء الديموقراطي» و«القوات اللبنانية» والمستقلين هو مشروع في اتجاه التسوية، وبالتالي هو اقصى الممكن الذي نستطيع الذهابَ اليه». واعتبر «انّ موقف النائب وليد جنبلاط لم يكن مفاجئاً، فهو يعبّر عنه دائماً ويطرح هواجسه».
«الكتائب»
وفي المواقف الانتخابية، أكّد رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل أنّ «الستين يكرّس المحادل ويمنع الإصلاحيين والأحزاب الجديدة من الوصول، وكلّ ما يقال هو رماد في العيون للوصول إلى الستّين»، معتبراً أنّ «الدائرة الفردية تؤمّن التمثيل الأفضل إلّا إذا كنّا نريد «مجلساً ملّياً» لكلّ طائفة».
وعلمت «الجمهورية» انّ الجميّل سيركّز في مداخلته خلال جلسة مساءَلة الحكومة اليوم على موضوع قانون الانتخاب في ضوء السؤال الذي كان وجّهه الى الحكومة حول هذا الموضوع.
وسيؤكّد حرصَه على «وجوب احترام الدستور في ايّ خطوة يمكن ان يلجَأ اليها المسؤولون الرسميون في التعاطي مع ايّ من الملفات المطروحة وفي طليعتها قانون الانتخاب»، وسيجدّد على أنّ تمسّكَ الحزب «بالحوار والانفتاح على النقاشات والاقتراحات لا يعني في أيّ شكل من الأشكال المساومة على المبادئ الديموقراطية والنصوص الدستورية».
كذلك سيضَع الجميّل «جميع المعنيين دستورياً بقانون الانتخاب امام مسؤولياتهم»، وسيَرفض «سياسة تقاذُف الكرة التي تصبّ في خانة تعطيل تداوُل السلطة والالتفاف على المفهوم الحقيقي للانتخابات في اعتبارها مناسبةً لتمثيل الناس لا لتمثيل بعض مواقع القوى الموجودة في السلطة».
السبهان
إلى ذلك، جال الموفد الملكي السعودي الوزير السبهان على بعبدا والسراي الحكومي والمصيطبة وكليمنصو، وأبلغَ الى عون بتعيين سفير جديد لبلاده في لبنان وزيادة رحلات شركة الطيران السعودية الى مطار رفيق الحريري الدولي وعودة السعوديين لزيارة لبنان وتمضية عطلاتهم السياحية فيه.
ونقلَ السبهان الى عون ايضاً «تحيّات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ووليّ العهد الامير محمد بن نايف بن عبد العزيز وولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز».
وأوضَح أنّ زيارته تأتي لاستكمال البحث في المواضيع التي تمّ الاتفاق عليها خلال زيارة عون للسعودية في مجال تعزيز العلاقات الثنائية، مؤكّداً حرصَ الملك سلمان على أن يُتابع الوزراء في البلدين النقاط التي تمّ الاتفاق عليها خلال القمّة اللبنانية - السعودية التي عُقدت في الرياض خلال الشهر الماضي.
وأكّد عون للسبهان «أنّ التوجيهات أعطيَت للوزراء لاستكمال البحث مع نظرائهم السعوديين في المواضيع المشتركة». ثمّ كانت جولة أفق تناولت الاوضاع الداخلية والاقليمية.
وأدرجَت اوساط مطّلعة لـ«الجمهورية» زيارةَ السبهان في إطار التأكيد أنّ السعودية ستهتمّ مجدداً بالملف اللبناني»، وأوضحت انّ «الملفات التي بَحثها مع المسؤولين اللبنانيين هي التي اثيرَت في قمّة الرياض بين عون والملك سلمان في 9 و10 كانون الثاني الماضي» .
وتحدّثت عن «بقاء نقطة عالقة تتمثّل بالهبة السعودية العسكرية غير المطروحة حالياً على الأقلّ، وقد فسّر الجانب السعودي للجانب اللبناني خلال الزيارة وفي اتّصالات سابقة صعوبة عودة الهبة اليوم، لكنّ عدم إعادتها لا يعني عدم مساعدة لبنان وجيشه تحديداً».
اللواء :
على مدى 60 دقيقة، يزيد أو يقل، يستجوب مجلس النواب، بغياب رئيسه نبيه برّي الذي يتماثل للشفاء، بعد عملية جراحية خضع لها، عبر أسئلة بعضها يعود إلى مرحلة الحكومة السابقة من دون توقع الحصول على أجوبة شافية لا من الحكومة ولا من الوزراء المختصين الذين بامكانهم أن يجيبوا: «شو إلك بالقصر من امبارح العصر».
وإذا كانت مقتضيات الرقابة بعد التشريع تقتضي عقد مثل هذه الجلسة، فان المجلس المغيب حتى الان من النقاشات الجارية لانتاج قانون انتخابي جديد، ينتظر جلسات بالغة الصعوبة تتعلق بمناقشة الموازنة وارقامها وقطع الحساب، والمماحكات التي حالت حتى الآن لإيجاد مخرج لمسألة الـ11 مليار دولار التي انفقت في مرحلة عدم إقرار الموازنة والتي تراكمت عبر السنوات الماضية.
وتداعت النقابات إلى اعتصامات وتظاهرات في محيط المجلس للتذكير إما بالمطالب أو المطالبة بإقرار تشريعات تعود لهذه النقابات، وفي مقدمها سلسلة الرتب والرواتب التي رفعت من ارقام الموازنة اذا كانت من ضمنها، ولم يعرف بعد عمّا اذا كانت ستقر، أو سيكون لها مخارج من خارج الموازنة.
والثابت وفق معلومات «اللواء» أن الموازنة ستدرج على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء غداً، الا أن مصدراً وزارياً رأى صعوبة إقرار الموازنة على خلفية صعوبات مالية وقانونية وربما دستورية تقتضي أخذ الوقت للمناقشة، بعدما كان وزراء ونواب «التيار الوطني الحر» عقدوا اجتماعاً بقي بعيداً عن الأضواء للتداول في الارقام والمخارج لأزمة الـ11 مليار دولار وقطع الحساب، فضلاً عن سلسلة الرتب والرواتب وكيفية التوصل الى ايرادات تغطي النفقات التي اقترحتها عشرات الضرائب والرسوم الواردة في مشروع الموازنة المقدم من وزير المال علي حسن خليل.
وفي هذا السياق، استبعد وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري لـ«اللواء» إقرار مشروع الموازنة، في جلسة الأربعاء، مؤكداً انها ستستغرق الكثير من النقاش والأخذ والرد.
وتوقع أن ينال موضوع سلسلة الرتب والرواتب حيزاً من البحث.
ورداً على سؤال، رفض خوري إقرار أي زيادة في الضرائب على المواطنين. وأن هذا أمر يجمع عليه عدد من الأفرقاء.
وعلم أن هذا الموضوع كان محط تشاور لوزراء «التيار الوطني الحر» الذين ناقشوا في اجتماعهم الموازنة وتدوين الملاحظات حولها، وسيستكملون البحث اليوم وغداً قبيل انعقاد الجلسة. خاصة وان مشروع الموازنة يقع في اكثر من ألف صفحة.
وفي تقدير مصدر نيابي أن درس المشروع غداً سيكون الامتحان الأوّل لما أعلنه الرئيس سعد الحريري أمس من انه «متفق مع الرئيس عون بأنه لن يكون هناك انقسام على مستوى الحكم»، إذ ليس من الضروري أن تكون المواقف متطابقة من المشروع، لا سيما إذا لم تبت مسألة قطع حسابات الدولة غير المنجزة منذ العام 1993، بالإضافة إلى مسألة الـ11 مليار دولار التي صرفتها حكومة الرئيس فؤاد السنيورة منذ العام 2005 الى العام 2008.
فمن المعروف أن رئيس لجنة المال والموازنة النيابية أمين سر تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب إبراهيم كنعان كان يُشدّد في أكثر من مناسبة على إنجاز قطع الحساب قبل إقرار الموازنة، فيما كتلة «المستقبل» النيابية ترى ان الأولوية يجب ان تكون لإنجاز الموازنة، باعتبارها الوسيلة الأنجع لضبط الانفاق ووقف الهدر، بغض النظر عن مسألة قطع الحساب، والتي في تقدير مصادر الكتلة، ان وزارة المال انجزت قرابة 70 في المائة من هذه المسألة للسنوات العشر الماضية.
ولفت عضو الكتلة النائب سمير الجسر إلى أن عدم إقرار الموازنة بحجة قطع الحساب من شأنه أن يؤثر على تصنيف لبنان وسمعته المالية، واقترح لمعالجة المسألة، بأن يُصار إلى وضع بند في قانون الموازنة يلزم الحكومة بإنجاز قطع الحساب، وبذلك نمنع سقوطه قانوناً، علماً ان المادة 87 من الدستور تنص على أن «حسابات الإدارة المالية للدولة يجب ان تعرض على المجلس النيابي كل سنة ليوافق عليها قبل نشر موازنة السنة الثانية».
زيارة السبهان
في هذا الوقت، شكلت زيارة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان إلى بيروت، وهي الأولى من نوعها من موفد ملكي، بعد زيارة الرئيس ميشال عون أوائل السنة الحالية للمملكة، دفعاً جديداً للعلاقات بين البلدين، حيث أبلغ الموفد السعودي، كلاً من رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء عون وسعد الحريري من ان سفيراً جديداً لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز سيكون قريباً في بيروت، وأن الطيران السعودي سيستأنف رحلاته إلى مطار رفيق الحريري الدولي، وأن المواطنين السعوديين سيعودون مجدداً إلى بيروت لتمضية اجازاتهم في الربوع اللبنانية، فضلاً عن ان تطبيع العلاقات سيكون سمة المرحلة المقبلة على كل المستويات.
وقالت مصادر مواكبة لـ«اللواء» ان ارتياحاً ساد اللقاء بين الرئيس عون والوزير السعودي الذي تحدث عن خطوات لدعم لبنان.
ونفت المصادر ان يكون الوزير سبهان قد أبلغ الرئيس عون باسم السفير السعودي الجديد، على اعتبار ان هناك اصولاً دبلوماسية تراعي في هذا الأمر.
وعلمت «اللــواء» أن الموفد السعودي طرح مع الرئيسين عون والحريري تفعيل العلاقات في المجالات كافة السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية، إما من خلال الاتفاقيات المعقودة أو عقد اتفاقيات جديدة.
وفي الموازاة، علم ان لقاءً سيعقد بين وزير الدفاع يعقوب الصرّاف وولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير محمّد بن سلمان لمتابعة البحث بموضوع دعم الجيش اللبناني.
وكان الوزير السبهان استهل لقاءه الباكر مع الرئيس عون، لنقل تحيات الملك سلمان وكل من ولي العهد الأمير محمّد بن نايف وولي ولي العهد الأمير محمّد بن سلمان، وأن زيارة تأتي لاستكمال البحث في القضايا التي اتفق عليها خلال زيارة الرئيس عون.
ورد الرئيس عون شاكراً السبهان على زيارته وحمله تحياته إلى خادم الحرمين الشريفين، وشكره على الإجراءات المتخذة في سياق تفعيل العلاقات اللبنانية – السعودية.
قانون الانتخاب
الأبرز على هذا الصعيد، ما كانت كشفته «اللواء» في عددها أمس الأوّل، من ان المساعي قائمة على قدم وساق للتفاهم على صيغة ترضى عنها سائر الأطراف، وتنطلق من احياء فكرة المختلط، وهو الأمر الذي بحثه مطولاً الرئيس الحريري ليل أمس الأوّل في بيت الوسط مع رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي تناول العشاء إلى مائدة الرئيس الحريري، وتناول اللقاء أيضاً في حضور وزير الإعلام ملحم رياشي، الذكرى الثانية عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري واحياء هذه الذكرى في «البيال» الثلاثاء المقبل في 14 شباط الذي يصادف يوم عطلة رسمية.
وتنظم الذكرى بعنوان: «رفيق لآخر الطريق»، على ان تكون هناك أربع كلمات، وأن الدعوات ستوجه لحوالى 3000 شخصية من أنصار تيّار «المستقبل» وحلفائه في 14 آذار، فضلاً عن دعوات «للتيار الوطني الحر» وحركة «أمل» والنائب سليمان فرنجية ووزراء ونواب.
وفيما كشف المكتب الإعلامي للرئيس الحريري ان الرئيس الحريري والدكتور جعجع اتفقا على وجوب الوصول في أسرع وقت إلى مشروع قانون جديد للانتخابات يحظى بتوافق الكتل السياسية ويأخذ بالاعتبار هواجس جميع الأطراف، علمت «اللواء» ان لقاء «بيت الوسط» تناول من ضمن المواضيع التي أثارها الرجلان ضرورة تبريد الخطاب السياسي وابعاده عن المناخ الطائفي والمذهبي، للحيلولة دون تمادي التشنج خاصة بين المختارة وقصر بعبدا.
وفي ما خص قانون الانتخاب، فقد نقل وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون عن الرئيس الحريري تفاؤله بالاتفاق على قانون انتخاب جديد وفق المادة 24 من الدستور «واننا وصلنا إلى آخر مائة متر لوضع هذا القانون».
وستعقد اللجنة الرباعية اجتماعاً اليوم على مستوى المندوبين (أي الخبراء) لاستئناف البحث في الصيغ المطروحة.
اما الرئيس عون فطمأن امام وفد من رجال الأعمال اللبنانيين، انه سيكون للبنان قانون انتخاب جديد يؤمن تمثيلاً عادلاً وأن لا داعي للخوف من النقاش الدائر حول القانون العتيد، فالانتخابات ستتم ولبنان سيتابع نهوضه.
وحضر قانون الانتخاب في الجلسة 40 للحوار الثنائي بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» التي عقدت أمس في مقر الرئاسة الثانية في حضور ممثلي الطرفين والوزير خليل.
وأعاد المجتمعون التأكيد على ضرورة إنجاز قانون الانتخابات ضمن المهلة الدستورية واجراء الانتخابات في موعدها، وأهمية الحفاظ على الاستقرار السياسي والأمني.
وكان لوزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي شارك في الحوار الثنائي مساء أمس، موقف لافت أعلنه في مقابلة مع تلفزيون «العربي» وفيه ان «رئيس الجمهورية ميشال عون مكتمل الزعامة، وليس مضطراً لاتخاذ مواقف لكسب الشعبية»، متمنياً عليه مراجعة موقفه حيال النقاش الدائر حول قانون الانتخاب الجديد، انطلاقاً من موقعه بأن يكون رئيس كل الخيارات اللبنانية، وحرصاً على ألا يتحوّل مقام الرئاسة وكلام الرئيس إلى مسألة خلافية، مشدداً على ان لا مكان للعقل الالغائي في لبنان.
ورداً على سؤال، بدا المشنوق غير مستعجل لصدور مرسوم دعوة الهيئات الناخبة قبل 20 شباط الحالي، لكنه أكّد اننا ذاهبون باتجاه ما يقوله الكتاب (أي الدستور) والكتاب يقول ان الانتخابات تجري في موعدها في 21 أيّار بالقانون النافذ، وسأعطي المجال أكثر، فإذا توصلوا قبل 21 أيّار أي في 20 أيّار إلى قانون جديد عندها يحددون فيه موعداً جديداً للانتخابات، لافتاً النظر إلى ان امام المعنيين ثلاثة أشهر وأكثر من نصف أيّار، إذا كانت هناك فعلاً نية للوصول إلى صياغة سليمة لقانون الانتخاب يوافق عليها الجميع.
لقاء الجمهورية واللقاء الديمقراطي
وسط هذه المواقف، برز موقفان من دارة الرئيس ميشال سليمان في اليرزة، لكل من حزبي الكتائب والتقدمي الاشتراكي، فالاول ذهب في رفضه قانون الستين إلى حدّ اعتباره يثبت المحادل وتعديله يكرّس المحاصصة، ملوحاً بمقاطعة جلسات المجلس بعد 21 شباط، في حين أعلن الثاني تمسكه به، لكنه بدا منفتحاً على النقاش في شأن تعديله، داعياً إلى ان يُشارك الجميع في هذا النقاش، بحسب النائب غازي العريضي الذي شدّد على ان المصالحة التاريخية في الجبل يجب ان لا تمس بأي طريقة.
أما الرئيس سليمان، الذي التقى وفد «اللقاء الديمقراطي» في حضور أعضاء «لقاء الجمهورية»، فقد لاحظ ان هواجس الفريقين (الكتائب والاشتراكي) ليست واحدة، مشيراً إلى انه عندما يصل تضارب الآراء فيجب العودة إلى الكتاب والمؤسسات الدستورية، مجدداً اقتراحه سن قانون على أساس الأكثري يتفق عليه، داعياً إلى اجراء حوار حول الموضوع، ولتكن هناك ولاية استثنائية لمجلس النواب لمدة سنتين يجري خلالها إقرار اللامركزية الإدارية ومجلس الشيوخ وقانون انتخاب على أساس النسبية على مستوى المحافظة تنمشي الأمور كلها مع بعضها البعض.
الاخبار :
بدأ صدى الخلاف حول قانون الانتخاب واحتمالات دخول البلاد في أزمة مفتوحة، ينعكس توتّراً في بعض المناطق، خصوصاً في ظلّ التصعيد السياسي المتبادل بين جمهورَي كل من الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحرّ.
وفيما تزداد الصعوبات أمام إمكان الوصول إلى اتفاق على قانون الانتخاب في وقتٍ قريب وسقوط كافة الصيغ التي طرحت في اللقاءات الثنائية والرباعية في الأسبوع الماضي، طمأن الرئيس ميشال عون أمس إلى أنه «لا داعي للخوف من النقاش الذي يرافق البحث في القانون الانتخابي العتيد»، مؤكّداً أمام وفدٍ من «تجمّع رجال الأعمال اللبنانيين في العالم» أن «الانتخابات ستتم ويتابع لبنان مسيرة النهوض التي بدأها قبل ثلاثة أشهر».
وعلى الرّغم من الأجواء السلبية التي تطفو على سطح النقاش السياسي والإعلامي، إلّا أن طمأنينة رئيس الجمهورية تعكس ما أكّدته مصادر رسمية لـ«الأخبار» عن أن «هناك تفاهماً جرى بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، ووفق قانون جديد».
وقالت المصادر إن «رئيس الجمهورية تلقى عدة رسائل من رئيس المجلس النيابي، يؤكد فيها الأخير توافقه مع عون على ضرورة العمل بنظام الاقتراع النسبي»، وأنه «شدد على وجود توافق أصلي على مشروع القانون الذي أعدّته حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ويصلح ليكون خيار الحكومة الحالية، ولو مع بعض التعديلات».
استبعد المشنوق أن تتمكن القوى السياسية من الاتفاق على قانون للانتخابات
وتتابع المصادر، أن «كلام برّي يتوافق مع موقف الرئيس عون»، الذي «أكد أنه في ظل تعطيل التفاهم على قانون جديد، سوف يبلغ مجلس الوزراء ضرورة العمل على قانون يعتمد النسبية الشاملة، وأن يجري التفاهم على عدد الدوائر بين 13 (كما وردت في مشروع قانون حكومة ميقاتي) أو 16 دائرة كما يطرح البعض، لأن في ذلك ما يخفف من قلق بعض القوى السياسية»، وعلى رأسها النائب وليد جنبلاط.
وقالت المصادر إن «الرئيس بري أكد تفهمه لموقف العماد عون، وإنه مثله، يشعر بضرورة ممارسة الضغط على الجميع لتحمّل مسؤولياتهم». وقال بري بحسب المصادر، إنه «في حال تعطُّل التفاهم، فهو سيخوض معركة التطبيق الكامل والفوري لاتفاق الطائف بكل بنوده»، وعلى رأسها تأليف هيئة إلغاء الطائفية السياسية، وإجراء الانتخابات خارج القيد الطائفي، وإنشاء مجلس شيوخ يُحصر فيه التمثيل الطائفي والمذهبي.
أما من جانب الرئيس عون، فأشارت المصادر إلى أن «القوى السياسية لا تزال تحاول اختبار الرئيس. فعندما حذّر من عدم توقيعه مراسيم دعوة الهيئات الناخية، اعتبروا كلامه مناورة، وعندما لمّح إلى قراره منع حصول الانتخابات، وأنه يفكر