أولاً: الطُّرفة الصينية...
يُذكر أنّ هذه الطرفة أو النكتة أو الخاطرة أو الحكمة يتداولها الصينيون، ووجه العبرة أو الحكمة والفائدة في حبكة هذا القول، أنّه عندما يتبادر إلى ذهنك أنّك لا تستطيع أن تجد هرّاً أسود في غرفة مظلمة، عائدٌ إلى تلازم لون الهرّ مع ظلام الغرفة، ليتبيّن بعد ذلك أنّ الحُجّة القاطعة المانعة للعثور على الهر هي عدم وجود الهر أصلاً في الغرفة.
ثانياً: هل يصدر قانون انتخابي صالح عن مجلس فاسد؟
ينتظر اللبنانيون منذ ثماني سنوات صدور قانون انتخاب عصري وعادل وديمقراطي، يراعي صحة التمثيل الشعبي مع الحفاظ على المصلحة الوطنية العليا للبلد، مع الأخذ بعين الاعتبار حساسية التمثيل الطائفي كمرحلة انتقالية نحو الخلاص النهائي من أدران الطائفية والمناطقية والاقطاعية المستجدّة ،والتي فاقت مساوئها وموبقاتها الإقطاعية القديمة بأشواطٍ بعيدة.
إقرأ أيضًا: المنطقة العربية في عهد ترامب، وداوني بالتي كانت هي الداءُ.
مع مداهمة المهل اللازمة لإنتاج هذا القانون عمد نواب الأمة للتمديد لأنفسهم مرتين متتاليتين، ويتحفّزون اليوم استعداداً للتمديد الثالث، وفي حين يعتقد معظم اللبنانيين "الغافلين" أنّ مُمثليهم يختلفون حول صيغ متعددة لقانون انتخابي جديد عادل وديمقراطي، لتداخل الوطني مع الطائفي مع المناطقي مع المذهبي، مع المصالح الخاصة والشّره المتفاقم لتحسين الأحجام البرلمانية أو المحافظة على المكتسبة، ويترافق كل ذلك مع مصالح عائلية وفردية وظرفية ومخفية، في حين أنّ العلّة ليست محصورة في هذا الخليط العجيب من المعوقات، وبالعودة للحكمة الصينية، فأنت لن تجد الهرّ في الغرفة، حتى لو كانت مُضاءة، ولون الهر أبيض ناصعاً، ذلك أنّه غير موجود في الغرفة، وهذه الطبقة السياسية لا تستطيع أن تُنتج قانوناً عصرياً وعادلاً وديمقراطياً، فهذا القانون غير موجود في ردهات هذا المجلس وكواليسه ، ولا في متاهاته حتى، ولعلّه موجود خارجه، وينبغي البحث خارج الغرفة المظلمة، فقد غادرها الهر في غفلة عن المترصدين ،ولن يعود إليها أبدا.