غرباء جمعتهم المصادفة في الشارع، وكان كلّ شيءٍ يسير على ما يرام. دوّى الانفجار فجأة، صاروا أقرباء في الوجع والحروق ولون الدم، غرباء جمعتهم المصادفة يشاهدون التلفزيون، وكان كلّ شيءٍ يسير على ما يرام، ملحقٌ إخباري جعل من أهلهم نجوماً للموت، صاروا أقرباء في الصدمة والفقد والحسرة.

لا فارق إن كنا نوصّف عملاً ارهابياً استهدف ضاحية بيروت الجنوبية أو طرابلس او عين علق. ما يهم أن ما بعد ذلك اليوم ليس كما قبله، عادةً ما تختفي عدسات التصوير من مسرح التفجير ومن منازل الضحايا بعد أيامٍ من الواقعة، ولا أحد يعود لينصت الى الأنين، ما لم يعلمه أحد، أن مواطنين من الضاحية وطرابلس لم يجرؤوا على الخروج من منازلهم بعدما عاشوا صدمة الانفجار، كما يقول أخصائيون نفسيون معنيون بمتابعة حالات عدد منهم، المفرقعات النارية تخيفهم، انعزلوا وخسروا عملهم وحياتهم الاجتماعية، علاقتهم بذويهم اضطربت، علمياً، ما اصابهم هو اضطراب ما بعد الصدمة، فهل من منقذ؟
انها الجمعية اللبنانية لضحايا الارهاب، أنشأت الجمعية حديثاً لدعم ضحايا الأعمال الارهابية التي ضربت الأراضي اللبنانية ومعالجتهم نفسياً ومساعدتهم على قلب الصفحة، تقول المعالجة النسقية التحليليلة اليانا القاعي، أحد مؤسسي الجمعية، لـ"النهار" إن "الفكرة انطلقت من اندفاع شخصي بعد انتهاء حرب تموز 2006، سافرت الى فرنسا وعملت مع الجمعية الفرنسية لضحايا الارهاب، وقرّرت نقل التجربة الى لبنان".

وتشير الى أن "ما شجعنا هو اهتمام الفرنسيين واحتضانهم لضحايا الارهاب وإحاطتهم بالأمان والدعم المادي. فيما يكتفي اللبنانيون بالاستنكار ويهزأ بعضٌ منهم بالحوادث الأمنية تحت مقولة أن لبنان شهد حروباً واعتاد هذه المظاهر. لكن الحقيقة أن بعض المصابين اللبنانيين مسجونون في منازلهم ويخافون الخروج منها او التجوّل بمفردهم".