فتح دونالد ترامب النار على إيران من قبل أن يجلس جيداً على كرسيّ الرئاسة الأمريكية والزعامة العالمية لينعش قلوب الحلفاء بعد أن يبست في سنوات أوباما جرّاء إنفتاحها على سياسات إيران في المنطقة وتركها تعمل كما تُريد وتشتهي في سوريا والعراق واليمن دون إنذار أمريكي مبكر أو توجيه إصبع إدانة لدولة هي عدوة لإميركا ولحلفائها من إسرائيل الى آخر سطر عربي.
ربما يكون الرئيس الأميركي على عجلة من أمره لتحسين صورة السياسة الأمريكية في المنطقة بعد أن اعتراها وهن أو ضعف جعلها أسيرة حسابات عصفت بمصالح دول تدور في كل الأحوال في الدائرة الأمريكية بعد أن طُلب من الروس دعس السوريين وكبح جماح العرب وتركيا من خلال دخول القوّات العسكرية الروسية الى أرض المعركة السورية و إحراق ما تبقى من يباس وتعزيز سياسة لا غالب ولا مغلوب لإبقاء المحرقة السورية دائرة ومستمرة في حرق المنطقة.
إقرأ أيضًا: المجرم العقائدي واحد ( الدولة اليهودية – جيش المسيح – داعش )
بُهتت إيران من تصريحات وعقوبات الرئيس الأمريكي وحاولت أن تشد من عصب قوتها باللجؤ الى استعراض القوة في مكان غير نافع وضدّ قوّة لا تواجه بخصومة متواضعة الامكانيات ولكن لا حيلة أمام العسكر سوى اللجوء الى السلاح باعتباره المجال المفتوح لتنفيس الاحتقان النفسي ولتلبية رغبات العقل المسيّر للسياسة الإيرانية.
من الواضح أن هناك تصدعاً جديداً ما بين أميركا وإيران وستُضاعف من سماكته حروب المنطقة اذا لم يتم التجاوب مع رؤية الإدارة الأمريكية الجديدة للحلول ويبدو أن هناك إختزالاً للأدوار من قبل الرئيس الأمريكي الذي حدد تعاوناً مع الروس فقط لإحراز تقدم في الحرب السورية وهذا ما سيضع دولاً معنية في الحرب السورية خارج الجدول الأميركي الأمر الذي سينهي من أدوار لصيقة بالحرب وقد دفعت أثمانها كثيراً ولا إمكانية للتفريط بأي دور يساعدها على كسب ما بذلته في خدمة المحافظة على موقع سورية أو على هدمه لصالح بناء آخر طوعي ومتجاوب مع العرب.
مازلنا في الشوط الأول من الملاكمة غير المتكافئة بين أميركا و إيران أو في بداية شوط لن يستمر لخسارة مسبقة في ميزان التوازن بين العدوين ولكن هناك خدعة وراء كل قسوة تمارس من قبل أميركا وقد تكون سياسة ترامب مجرد جردة حساب سريعة لإسكات أصوات معترضة على دور إيران البارز من خلال توتير شكلي لا يصل الى الحجم المطلوب لدفع إيران الى الإنسحاب والعودة الى حدودها الإقليمية.
إقرأ أيضًا: منع مولانا من دخول لبنان
ثمّة ملاحة جديدة في السياسة الأمريكية ويقودها رُبّان أمنيون وعسكريون خدموا كصقور في الجيش والمخابرات ولهم قوّة لا يُستهان بها داخل فريق ترامب المنقاد بالكامل لهذه التوجهات كونه غريب عن السياسة وقريب من المال أي من السلطة والسلطة تكمن في القوّة والقوة عقل الرأسمالية التي ترعاها وتقودها طغمة عسكرية . كان الله بعون الشعوب البعيدة حتى الآن عن الحروب لإن النار تبدو قريبة من الجميع في لحظة طيش تنتاب المتهورين القابلين لخدمة النار أينما كانت وأينما حلّت.