الحرب في سوريا وما سببته من معاناة في كل المجالات دفعت الشاب عبد الرحمن الأشرف، من العاصمة دمشق، للتفكير مليا في بديل للتواصل مع انقطاع الاتصالات سواء عبر الإنترنت أو عبر الأقمار الاصطناعية أو أبراج الشبكات الخلوية وغيرها في المناطق التي تشهد مواجهات عسكرية.

وهذا الخاطر الذي طالما أقلقه في إيجاد البديل هو نفسه الذي أخذه إلى عالم الاختراعات ووضعه تحت أضواء النجومية الرقمية وبات اسما يجذب الشركات العملاقة، ولا سيما بعد حصوله على جائزة "الشباب الأوروبي الرقمي" لعام 2016، في مدينة غراس النمساوية، تكريما لمشروعه في مجال الاتصالات، الذي كان إجابة عن سؤال طالما حيره في مدينته دمشق قبل أن يغادرها إلى أوروبا للدراسة.

التكافل الاتصالي
وفي حديث للجزيرة نت خص به عبد الرحمن أول شبكة عربية في هذا الموضوع، أوضح أن فكرة اختراعه تدور باختصار حول نقطة جوهرية، وهي تكوين سلسلة بشرية متجاورة كل واحد منها ينقل الرسالة لمن هو بالقرب منه، وهذه السلسلة كلما كبرت كانت عملية الاتصال أسهل.

وقال "لو كانت هناك مدينة عدد سكانها خمسين ألف نسمة، فإنه يكفي أن يكون لدى عشرة آلاف منهم على أجهزتهم الخلوية التطبيق الذي قدمته حتى يتمكنوا من التواصل بسهولة ونقل المعلومات بينهم بالصوت والصورة والنص".

وأضاف "وفي المدن الكبرى يكون الاتصال فعالا أكثر بسبب قرب الناس بعضهم من بعض، وفي المساحات المفتوحة التي يوجد فيها بشر قليلون مثل الصحاري بالإمكان إرسال الرسالة وستصل بمجرد حصول تواصل مع السلسلة البشرية التي تحمل التطبيق".

وقال إنه يمكن تشبيه هذه الفكرة بـ"التكافل الاجتماعي"، لكنه تكافل من أجل الاتصال، لكن كي تنجح الفكرة يجب أن يكون التطبيق مثبتا على كل جهاز متنقل أو أن تساعد شركات الاتصالات وتتيحه على أجهزتها مسبقا أو بشكل افتراضي.

وعن آلية عمل هذا التطبيق الفريد يوضح المخترع أن الأجهزة المتنقلة التي تحمل التطبيق تتواصل بينها اعتمادا على موجات الصوت، إذ إن كل جهاز متنقل فيه ميكروفون وسماعة، ومن خلال هذين المكونين واعتمادا على الصوت يمكن نقل الرسائل بين الأجهزة المتنقلة التي بحوزة الناس.
وتتميز هذه الآلية عن تقنية بلوتوث بأن الأخيرة تصل بين شخص وآخر فقط، أما اختراعه فإنه يتيح الاتصال بين مجموعة من الأشخاص الذين يقومون ببناء شبكة بينهم اعتمادا على موجات الصوت، حسب قوله.

الشركات العملاقة
يقول عبد الرحمن إن الخوارزمية التي جعلها حجر أساس للتطبيق هي نتاج عمل ستة أشهر فقط، مؤكدا أنها قابلة للتطوير وقادرة على أن تعطي نتائج أفضل لو تم العمل عليها أكثر، كما يرى أن من الممكن توفير التطبيق على الأجهزة المتنقلة خلال سنة، وحينها يمكن للناس في أماكن الحروب بمختلف مناطق العالم وفي سوريا تحديدا التواصل بكل سهولة.
لكن عبد الرحمن -الذي يعمل حاليا مستشارا في مجال البرمجيات لدى شركة سيارات ألمانية- يبدي تخوفا من التجاهل المتعمد من الشركات العملاقة في مجال الاتصالات التي قد تعتبر مشروعه تهديدا لاستثماراتها، وفي هذا الصدد يقول إنه يبحث عن شركات بحثية وعلمية تتبنى فكرته وتقدمها في السوق.