لا صوت يعلو على الساحة الوطنية فوق صوت النقاش المحتدم حول قانون الانتخاب بعدما فرض نفسه طبقاً رئيساً على مائدة الأحداث اليومية في البلد تحت وطأة الغليان السياسي الحاصل بحثاً عن أفضل الوصفات التوافقية لإنضاج «طبخة» تسووية موحّدة المعايير وخالية من أي مقادير استنسابية للقانون العتيد. وبعيداً عن منسوب الحماوة المرتفع نسبياً على الشريط الإخباري المواكب لمستجدات الملف، تتواصل المشاورات والاتصالات بين الفرقاء «على نار هادئة» وسط قناعات وطنية متقاطعة تؤكد حتمية التوصل إلى قانون انتخابي جديد، سواءً على المستوى السياسي من خلال التصاريح المتلاقية عند رفض ثلاثية «الفراغ والتمديد والستين»، أو على الصعيد الرئاسي إن عبر تأكيد رئيس الحكومة سعد الحريري قبل أيام أمام مجلس الوزراء أنه «على خط واحد» مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في سبيل بلوغ قانون جديد، أو من خلال تشديد عون أمس أمام مجلس نقابة المحررين أنه والحريري «متفقان على تغيير القانون الانتخابي»، كما أنّه وفي سياق متلازم مع الحرص الذي يوليه الحريري لتبديد أوهام المراهنين على «تخريب العلاقة بين أهل الحكم»، بدا رئيس الجمهورية حريصاً كذلك أمس على تأكيد متانة العلاقة مع رئيس الحكومة واصفاً إياها بأنها «ممتازة.. ولا خلاف بيننا». 

أما في إطار حديثه عن مسار الأمور على صعيد المباحثات الجارية بشأن الصيغ المطروحة للقانون الانتخابي، فيواصل عون ضغطه الرئاسي الهادف إلى الدفع باتجاه إنجاز «قانون عادل يمثل كل شرائح الشعب ويعتمد معياراً واحداً» كما عبّر أمس، غير أنه لوّح في مقابل أي محاولة لعرقلة القانون العتيد إلى أنه «مصمم على المواجهة» مع الإشارة في هذا المجال إلى استعداده لطرح الملف على «الاستفتاء الشعبي في حال أقفلت الآفاق أمام إنجاز قانون جديد». 

أحمد الحريري

في الغضون، برزت أمس أصداء شعبية مرحبة بقرار إلغاء العمل بـ«وثائق الاتصال» في حق المطلوبين في جرائم بسيطة، وفي هذا الإطار نوّه الأمين العام لـ«تيار المستقبل» أحمد الحريري بأهمية ما خلص إليه اجتماع السراي الحكومي الذي ترأسه رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس الأول، لجهة تنقية لوائح «وثائق الاتصال» تنفيذاً لقرار إلغاء العمل بها ما لم تكن مستندة إلى استنابة قضائية. 

وإذ توقف عند التفاعل الشعبي الكبير في طرابلس والشمال مع هذا القرار، شدد الحريري لـ«المستقبل» على أن «من شأن قرار كهذا أن يعيد ثقة المواطنين بدولتهم، ولا سيما في الشمال الحبيب الذي عانى أهلنا فيه من ظلم هذه الوثائق»، لافتاً الانتباه إلى أنّ هذا القرار الذي اتخذته حكومة الرئيس الحريري «يفتح الباب واسعاً أمام عودة مئات المطلوبين إلى كنف الدولة لتسوية أوضاعهم، كما يساعد في حلحلة العديد من الملفات القضائية التي تسببت بها الملاحقات الناتجة عما يُسمى بوثائق الاتصال».

وأكد أمين عام «المستقبل» أن «الرئيس سعد الحريري حازم بالعمل على إحقاق الحق ورفع الظلم عن أي مظلوم، ولا سيما المطلوبين المظلومين من أهلنا في طرابلس والشمال»، مشيراً إلى أنّ «رئيس الحكومة إنما يكمل في ذلك المسار الذي كان قد بدأه في دعم الخطة الأمنية لإعادة الأمن والاستقرار إلى عاصمة الشمال، ناهيك عن حرصه الدائم على رعاية المصالحات الأهلية التي تُعيد الاعتبار إلى منطق الدولة وتساهم في وحدة المنطقة في وجه المتربصين بها شراً».