البحث عن معجزة لحل معضلة قانون الانتخاب

 

النهار :

لم تعد ملامح المواجهة السياسية - الدستورية التي تواكب مأزق قانون الانتخاب خافية على أي من القوى السياسية ولو ان أي فريق سياسي لا يبدو في وارد استباق المهلة الأخيرة للمحاولات الحثيثة الجارية للتفاهم على قانون انتخاب جديد قبل الموعد الذي يلحظه القانون النافذ لتوجيه الدعوة الى الهيئات الناخبة في 21 شباط الجاري. ذلك ان المناخ الذي يظلل التحركات واللقاءات والمشاورات السياسية يبدو مثقلا بطرح احتمالات لا تخلو من خطورة على مجمل الأجواء في ظل الخشية المتنامية لامكان ان تنسحب على اللجنة الرباعية المنوط بها البحث في المشاريع الانتخابية المختلفة لعنة طالما طاردت اللجان المماثلة سابقاً وتحولت معها لجان دفن الحلول بدل اجتراح التسويات. كان يفترض ان تعاود هذه اللجنة التي تضم ممثلين عن القوى الاربع "التيار الوطني الحر" و"تيار المستقبل" وحركة "أمل" و"حزب الله" اجتماعاتها أمس فلم يعقد الاجتماع الامر الذي أوحى بالتعثر الذي تواجهه وسط ترقب لطبيعة الحل التجريبي الجديد الذي ينتظر ان تحمل أفكاره كل من القوى الأربع.
ويبدو مستوى الآمال المعلقة على اللجنة منخفضا للغاية في ظل استمرار تداعيات الاخفاق الذي مني به المشروع المختلط الأول وما واكبها من رسم لسيناريوات بدأ يرتبها السباق مع الوقت المتهالك بحيث تتردد في الكواليس المقفلة فعلاً تساؤلات قلقة عما يمكن ان يحصل في حال نفاذ المهلة الفاصلة عن الايام القليلة التي ستسبق 21 شباط من دون التوصل الى "أعجوبة" التفاهم على قانون انتخاب جديد. وفي هذا السياق نقلت أوساط مواكبة للمشاورات السياسية الجارية الى "النهار" ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ما كان ليلجأ الى مغامرة خطرة يمثلها تلويحه المتكرر برفض توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وكذلك تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات النيابية لولا معطيات يملكها عن حتمية ان تفضي الجهود الجارية الى تسوية اللحظة الأخيرة بما يوفر عليه اللجوء فعلاً الى اجراء أثار لغطاً سياسياً ودستورياً واسعاً حول مدى دستوريته وقانونيته. لكن الأوساط نفسها بدت حذرة جداً حيال أي توقعات متفائلة في هذا الاتجاه وقالت ان الاجتماعات المقبلة للجنة الرباعية ستشكل واقعياً المعيار الحقيقي والحاسم لرسم الاتجاهات التي ستسلكها الازمة، علماً انه في حال اخفاقها تكراراً بات يخشى تأثيرات سلبية على مسار التسوية السياسية كلا التي تعيش في ظلها البلاد منذ انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة.
وعلمت "النهار" في هذا السياق ان اللجنة الرباعية التي اتفقت في اجتماعها الاخير على الإتيان بصيغ جديدة تؤمن العدالة والمساواة لم تجتمع أمس لغياب أي معطى جديد يمكن التشاور في شأنه.
الى ذلك، نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري تركيزه و"حزب الله" على مشروع قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي ينص على النسبية الكاملة في الدوائر التي يمكن جعلها ١٠ أو ١٢ أو ١٣ أو وفق واحدة من ثلاثة خيارات للدوائر الـ١٤ مع الصوت التفضيلي الذي يجعل النظام الاكثري موجوداً في هذه الصيغة الانتخابية.
وتسلم الرئيس بري من الوزير السابق مروان شربل أمس صيغة قانون انتخابي قائم على النظام الاكثري مع زيادة عدد النواب واعادة تقسيم للدوائر لتأمين عدالة التمثيل بين الطوائف. ويتكتم الوزير السابق شربل على هذه الصيغة بناءً على تمنِ للفريق المشجع للنسبية الكاملة وأقربها في المطروح مشروع حكومة ميقاتي الذي وضعه شربل عندما كان وزيراً للداخلية.
وفي اطار التحرك الذي يقوم به "اللقاء الديموقراطي " مع القيادات السياسية، وصفت مصادر "اللقاء" اجتماع وفده أمس في بنشعي مع رئيس "تيار المردة " النائب سليمان فرنجية بأنه كان جيداً جداً وكان التركيز على مرجعية الطائف وعلى استمرار التواصل والتشاور والتنسيق بينهما. كما تناول النقاش مجمل الوضع السياسي وقانون الانتخاب وطريقة التعامل مع هذا الاستحقاق وكان التأكيد مشتركاً لبعض الثوابت وأهمها اتفاق الطائف.
أما لقاء وفد الاشتراكي والنائب علي فياض ممثل "حزب الله" في اللجنة الرباعية فاأوضحت المصادر ان البحث خلاله لم يتناول صيغة محددة بل امكان طرح صيغ مقبولة باعتبار ان قانون الانتخاب يجب التوافق عليه. وتقرر إبقاء خطوط التشاور مفتوحة لايجاد الصيغة المقبولة لدى الجميع.

 

"المستقبل" والكتائب
الى ذلك، اتفق "تيار المستقبل" وحزب الكتائب على ابقاء قنوات الاتصال مفتوحة وتفعيلها بين الجانبين لمواكبة البحث في قانون الانتخاب. واعتبر الجانبان ان صفحة التباين في مرحلة الانتخابات الرئاسية وما رافق تشكيل الحكومة باتت في حكم المنطوية لمصلحة العمل على استعادة العلاقات السابقة، كما اتفقا على ان يطلع "المستقبل" الكتائب دورياً على مسار قانون الانتخاب وعلى العمل معا من اجل التوصل الى قانون يحترم التوازن والتعددية بين الطوائف كما يحترم التنوع داخل كل من المكونات اللبنانية ويفتح الطريق لتمثيل المستقلين والمجتمع المدني والمرأة والقوى الاصلاحية.
وفي المقابل، أعلن المكتب السياسي لـ"تيار المستقبل" أمس ان التيار سيكون "على أهبة المشاركة في الانتخابات النيابية في أي مواعيد تحددها الحكومة ووفقا لأي قانون يجري التوافق عليه ويتم اقراره في مجلس النواب". وشدد على "وجوب الابتعاد عن الاستنسابية في طرح المعايير واعتماد آليات انتخابية وتقسيمات ادارية تلتزم العيش المشترك بين اللبنانيين وتوفر شروط التوافق على قانون لا يحجب المنافسة في مناطق معينة ليحصرها في مناطق أخرى ولا يكون عرضة للطعن بعد دورة انتخابية واحدة".

 

خطة البقاع
وخلافا للأجواء السياسية الملبدة حول ملف قانون الانتخاب، بدا أمس ان نجاح مخابرات الجيش في توقيف الرأس المدبر الأساسي لعملية خطف المواطن البقاعي سعد ريشا قبل نحو اسبوعين قد أنعش الآمال في الخطة الامنية الجديدة لمنطقة البقاع التي تقرر تنفيذها في ظل عودة ظاهرة الخطف وسواها من الممارسات. لكن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق كشف لـ"النهار" ان "لا موعد مسبقاً للخطة ولا حديث أو تفاصيل عنها في الاعلام فهذه المرة يريد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ونؤيده في ذلك، ألا يتم التطرق الى الخطة أو أي فعل قبل حصوله على أرض الواقع".

 

 

المستقبل :

لأنّ مهمة حكومته تنطلق في أساس أولوياتها من وجوب تلبية احتياجات المواطن وترتكز في جوهر أهدافها على ضرورة استعادة ثقته بالدولة، جاء اجتماع السراي الكبير أمس ليترجم قولاً وفعلاً الوعد الذي كان قد قطعه الرئيس سعد الحريري أمام اللبنانيين والبرلمان في 28 كانون الأول الماضي حول عزمه وتصميمه على تنفيذ قرار مجلس الوزراء «إلغاء العمل بوثائق الاتصال ما لم تستند إلى استنابة قضائية». فتعهد رئيس الحكومة خلال جلسة نيلها الثقة بوقف «التجاوزات» الحاصلة في هذا الملف، وجد أمس ترجمته العملية في السراي الحكومي مع ترؤس الحريري اجتماعاً أمنياً - عدلياً خلص إلى تنقية لوائح ما يُعرف بـ«وثائق الاتصال» من كل تجاوز وكيدية موروثة من «زمن الوصاية» توصلاً إلى تحرير المواطنين من قيد التعرّض للملاحقة والاعتقال بمجرد «وشاية» مرفوعة من مخبر من هنا أو مدسوس من هناك.

اجتماع السراي الذي عُقد بعد ظهر الأمس برئاسة الحريري وحضور وزراء الداخلية نهاد المشنوق والدفاع يعقوب الصراف والعدل سليم جريصاتي ومدعي عام التمييز القاضي سمير حمود والأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى اللواء الركن محمد خير، أقرّ الفصل بين المطلوبين العاديين الذين لا يهددون الأمن القومي، وبين الإرهاربيين الذين تنطبق عليهم مواصفات ومعايير التهديد الأمني والقومي للدولة والبلد. وأوضح الصراف بعد الاجتماع أنه بناءً على قرارات مجلس الدفاع الأعلى تقرر «منع التجاوزات التي كانت حاصلة سابقاً ونزع الوثائق عن الجرائم التي لا تشكل تهديداً للأمن القومي ومنها إطلاق النار العشوائي والمخالفات والجرائم غير الهامة والتي لا تهدد أمن الدولة بشكل عام، بحيث يُصار إلى حذف الأسماء التي تنطبق عليها هذه الشروط من لوائح الاتصال». لافتاً إلى أنّ الآلية التي يتم وضعها في إطار تنفيذ والتزام جميع المؤسسات العسكرية والأمنية بهذا القرار تتضمن كذلك «تبويب فئات الأشخاص الذين سيُمارس بحقهم نوع من الرقابة للتأكد من عدم اقترافهم أي جريمة، أولها جرائم الإرهاب، وثانياً تجّار المخدرات الكبار، وثالثاً العملاء مع العدو الإسرائيلي بعد العام 2000 والذين تعاملوا مع العدو قبل العام 2000 وما زالوا في إسرائيل ولم يحاكموا بعد»، أما في ما يتعلق بعناصر «جيش لحد» الذين عادوا بعد العام 2000 وقضوا محكوميتهم، فأشار وزير الدفاع

إلى أنه سيشملهم قرار نزع أسمائهم عن «لوائح الاتصال» مع التشدد في مراقبتهم في حال معاودتهم الاتصال بالعدو. كما نقل الصرّاف أنّ الحريري كلف المجتمعين «بوضع دراسة خاصة من قبل وزارة العدل والمدعي العام التمييزي لوضع الآلية القانونية والاقتباس من الدول الأخرى في ما خص مكافحة الإرهاب والإتجار في المخدرات لأن هذه التجارة هي أداة مرتبطة بشكل وثيق مع الإرهاب».

ورداً على أسئلة الصحافيين عن الجهة التي ستُعنى بملاحقة الجرائم التي لا تهدد الأمن القومي، أجاب: «الجرائم الصغرى يلاحقها القضاء العادي أو القضاء العسكري، ولكن المشكلة هي في»وثائق الاتصال«التي كانت تشملهم جميعاً، لذلك قررنا فصل هذه الوثائق الملحقة بالجرائم الصغرى عن الوثائق التي تُعنى بالإرهاب والإتجار بالمخدرات على الصعيد الكبير».

المرعبي

وتعقيباً على نتائج اجتماع السراي، شدد الوزير معين المرعبي لـ«المستقبل» على أنّ «إصرار دولة الرئيس الحريري على متابعة هذا الملف لا يندرج فقط في إطار السعي إلى إحقاق الحق والتعاطي الموضوعي والعادل مع هذه القضية الوطنية، ولا يستهدف إبعاد خطر المخبرين الصغار عن حياة الناس وسلامتهم وحريتهم، إنما هو في واقع الأمر يعيد إحياء الأمل لدى آلاف المواطنين المبتعدين عن الدولة بأنها جديرة بثقتهم بما يشجعهم تالياً على العودة إلى كنفها وإلى الاندماج في الحياة الاجتماعية عموماً بعدما كانوا منكفئين لفترة طويلة عن التفاعل مع الدولة ومع محيطهم نتيجة خشيتهم من الملاحقة والاعتقال». وأردف موضحاً: «هذا القرار يرفع ظلماً دام أكثر من عشر سنوات، فنحن في الشمال عانينا معاناةً شديدة طيلة السنوات الماضية بعدما سُجن العديد من شبابنا اللبنانيين وتدمرت حياتهم نتيجة الظلم الذي لحق بهم جراء إدراج أسمائهم على لوائح»وثائق الاتصال«من قبل مخبرين لا علاقة لهم بالمؤسسة العسكرية». وختم بالقول: «بارك الله بجهود الرئيس الحريري وبجهود كل الذين يتابعون هذا الملف لأنهم أعادوا إحياء الأمل عند الشباب، على أمل الوصول إلى العدالة المطلقة في لبنان».

 

الديار :

غياب الراعي الاقليمي والدولي للملف اللبناني، كشف هزالة السلطة السياسية الحاكمة على مدار سنتين ونصف من الفراغ الرئاسي والشلل الحكومي، انتهى الامر بتسوية عكست موازين القوى المحلية والاقليمية، لكن «القصة» لم تنته، فالنقاش «العقيم» حول القانون الانتخابي العتيد، اطلق مجددا «شياطين» الهواجس، تيارالمستقبل  قلق من «شبح» «المثالثة»، ومذعور من رغبات دفينة لدى الرئيس ميشال عون لتعديل اتفاق الطائف وسعيه الى «المؤتمر التاسيسي» بالشراكة مع حليفه الشيعي، وفيما يرغب «الثنائي» الشيعي بالحفاظ على موقع حلفائه في المجلس العتيد، ينتاب الذعر النائب وليد جنبلاط خشية افول «زعامته» على باب تطورات اقليمية ودولية «غير مريحة»... هذه العلاقة المبنية على الشكوك المتبادلة، ستكون عرضة لاختبار جدي حول اولويات السياسة الخارجية بعد ان سدد الفريق المحسوب على محور المقاومة دفعة على الحساب، فيما يتعلق بعلاقات لبنان مع محيطه الاقليمي والعربي، واعطيت الاولوية لاعادة تطبيع العلاقات مع دول الخليج والسعودية، دون اي نتائج عملية حتى الان، ويبدو من المعطيات المتوافرة ان تسديد حصة الفريق الاخر من التسوية قد اقترب في ظل تسارع التطورات الاقليمية والدولية...
اوساط دبلوماسية في بيروت، اكدت لـ«الديار» ان طهران وعدت الرئيس ميشال عون بباقة من التعاون الاقتصادي مع لبنان، لكنها ابلغته من خلال الوفود التي زارته بانها ليست في وارد احراجه بموعد الزيارة، ولديه الحرية الكاملة في اختيار الوقت المناسب الذي لا يتعارض مع مصلحة لبنان، وابلغته صراحة ان ثقتها به تعززت من خلال مواقفه الوطنية المؤيدة للمقاومة وثباته عليها، وليست معنية باي تاويلات تتعلق بموقعها على جدول اعماله الخارجية، ولطمانة الرئيس حول مكانته في الجمهورية الاسلامية، كشف له رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشورى علاء الدين بروجردي عند زيارته في بعبدا، ان ملف الرئاسة اللبنانية كان يطرح دائما من قبل الدول الغربية خلال مراحل التفاوض النووي، وكان السؤال الموحد لدى الجميع» لماذا تتمسكون في طهران «بالجنرال» رئيسا؟ وكانت ايران مصرة دائما على عدم نقاش اي ملف مع «النووي»، لكنها كانت تؤكد على هامش الاجتماعات انه المرشح الطبيعي لهذا الموقع...
هذا الموقف الايراني لم يتغير، لكن المعطى الجديد الذي طرأ على المشهد، هو «إغراء» سوري للسلطات اللبنانية بفتح ملف اللاجئين على مصراعيه، والاستعداد للبحث في كيفية تنظيم عودتهم الى سوريا، وفق آليات معينة يتم التفاهم عليها مع الحكومة اللبنانية، وقد تحدثت اوساط سياسية مقربة من دمشق لـ«الديار» عن انفتاح القيادة السورية على فتح نقاش جدي حول اي آلية يمكن ان تؤدي الى اعادة اللاجئين السوريين في لبنان الى مناطقهم المحررة، او استيعابهم ضمن مناطق «ايواء» عديدة انشأت لهذه الغاية، وهي بمثابة مناطق «انسانيةآمنة»، ولا تحمل اي بعد سياسي كما تطرحه الادارة الاميركية وتركيا او دول الخليج..
ووفقا للمعلومات، فان دمشق لا تريد احراج الرئيس عون في توقيت قيامه بزيارتها، وثمة تقدير كبير لمواقفه العلنية وغير العلنية، وثمة تأكيد على ان الاتصالات معه لم تنقطع، ولكن هناك حاجة ملحة لايجاد آليات سياسية للتواصل بين البلدين وعدم الابقاء على قنوات التواصل الامنية المحدودة، وملف اللاجئين يمكن ان يشكل مدخلا مناسبا لتطوير العلاقات الثنائية، فلماذا التأخير في بت هذا الملف؟ 
وبحسب تلك الاوساط، فان دمشق مستعجلة لايجاد تسويات ثنائية من هذا النوع، لتقديم نموذج ناجح في التعاون لاحراج المجتمع الدولي ومواجهة الدعوات الاميركية المستجدة لايجاد مناطق آمنة في سوريا، وكان وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، واضحا يوم الاثنين الماضي حين دعا السوريين في الدول المجاورة للعودة الى سوريا ، مؤكدًا استعدادها لاستقبالهم وتأمين متطلبات «الحياة»، وكلامه يعد ترجمة علنية للرسائل السورية الى لبنان وكذلك الاردن، لايجاد الحلول المناسبة لهذا الملف.. وهكذا تكون دمشق قد «رمت» «الكرة» في الملعب اللبناني، وهي تنتظر من بيروت ان تخطو خطوة رسمية، فنصف الطريق نحو بناء توافق إقليمي دولي حول هذا المشروع قد قطعت، في ظل الغطاء الروسي للحراك السوري وربط اي حل لملف اللاجئين بموقف الدولة السورية، ويبقى النصف الثاني المتمثل في جلوس الأطراف المعنية حول «الطاولة» للتنسيق والتشاور، والمطلوب من لبنان الخروج عن تحفظاته المبالغ بها، وأن يكف عن «مراعاة» السعودية ودول الخليج... 

 باسيل الى دمشق؟ 

وابلغت الاوساط الدبلوماسية عينها «الديار»، ان زيارة وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل الى دمشق باتت ملحة، وفي اقرب وقت ممكن، وهي كانت مطروحة بقوة منذ فترة الا ان تأجيلها حصل من الجانب اللبناني لاسباب بقيت مجهولة، وتبدو دمشق معنية بان تتم هذه الزيارة قبل انعقاد القمة العربية في آذار المقبل في الاردن، كي يحمل لبنان النجاح في وضع اسس الحل لهذا الملف معه الى القمة، لكن الحسابات اللبنانية تبدو معقدة ودقيقة وثمة حذر من «اغضاب» دول الخليج والسعودية، وثمة رغبة في تقطيع اعمال الجامعة العربية بهدوء على ان تتم الزيارة بعد انفضاض القمة.. لكن ما سيسمعه الرئيس عون في زيارته المفترضة منتصف الجاري الى عمان يجب ان يشجعه على الاقدام في هذا الملف، لان العلاقة بين عمان والرياض شهدت في الأيام القليلة الماضية عودة «للحرارة» المفقودة، بعد ان التزم الاردن باستراتيجية السعودية حول العراق والإرهاب والملف اليمني، وتفهمت الرياض المخاطر الاستراتيجية على الامن الاردني والتي ادت الى فتح قنوات اتصال بين الاردن وسوريا بواسطة روسية، فلماذا لا يطبق هذا الامر على واقع العلاقات السورية - اللبنانية؟ خصوصا ان الرياض لم تخط بعد اي خطوة عملية اتجاه لبنان.

 الحريري و«خيبة الامل» السعودية 

وفي هذا السياق، اكدت اوساط سياسية تدور في «فلك» تيار المستقبل لـ«الديار» ان الرئيس سعد الحريري يشعر بخيبة «أمل» ازاء البرودة السعودية في التعاطي معه كرئيس للحكومة، وهو كان قد عمم  اجواء تفيد بقرب توجهه الى المملكة على رأس وفد حكومي لتسييل «كسر الجليد» الذي كرسه الرئيس ميشال عون خلال زيارته، وقد ابلغ عدد من الوزراء ورجال الاعمال بتحضير ملفاتهم استعدادا لتلك الزيارة، لكن لم يحصل اي شيء حتى الان، ولا يعرف رئيس الحكومة الاسباب الحقيقية لتأخير دعوته، كما لم يتلق اي اجابة حول عدم تعيين سفير اصيل للملكة في لبنان مكان القائم باعمال السفارة وليد البخاري، ولم يات اي من المسؤولين الذي وعد الملك في ارسالهم الى بيروت، ورئيس الحكومة على اطلاع تام على قرار القيادة السعودية بشد «عصب» حلفائها في المنطقة، لمواكبة «عصر» الرئيس الاميركي دونالد ترامب، المملكة عادت الى ضخ الاموال مجددا، تعهدت بتمويل المناطق الامنة في سوريا،وهي وعدت الاردن بتقديم «منحة» مالية، لكن احدا من المسؤولين السعوديين لم يتصل به حتى الان... ثمة قلق في «بيت الوسط» وهمّ رئيس الحكومة ان لا يخوض انتخابات دون «الغطاء السعودي»!
ووفقا لاوساط 8 آذار، فان ملف رفع سقف التواصل مع دمشق سيطرح في الحكومة قريبا، ومع الرئيس عون، ملف زيارات الرئيس الخارجية، ليس معرض انتقاد او تعديل، يزور مصر والاردن منتصف الشهر الجاري، ثم من المقرر ان يزور باريس وبعدها موسكو قبل ان يحط رحاله في طهران، في موعد غير محدد، ليس مطلوباً منه زيارة دمشق، في زمن «السير» بين «النقاط» مع عودة التوتر الاميركي - الايراني - السعودي الى المنطقة، لكن ثمة مصلحة لبنانية عليا تقتضي فتح قنوات التواصل مع سوريا لمعالجة ملف اللاجئين، وبامكان وزير الخارجية والوزراء المعنيين القيام بواجباتهم، ولا يحق لرئيس الحكومة بفرض اجندته الاقليمية، بل عليه الان تسديد حصته من التسوية، دون الحاجة لتوتير الاوضاع الداخلية لان السياسة الخارجية «قنبلة موقوتة» قد تنفجر اذا استمرت «الحسابات الخاطئة»..

 

الجمهورية :

على رغم إصرار القوى السياسية على إنعاش «اللجنة الرباعية» وإبقاء مطبخها جاهزاً لنقاش الصيغ والافكار الانتخابية، الّا انّ ذلك لا يعني انّ في إمكان هذه اللجنة تحقيق معجزة وبلورة صيغة انتخابية ترضي جميع الاطراف، في ظل الانقسام الحاد في التوجهات والرؤى، بين القوى الاساسية المشاركة في إعداد طبخة القانون الانتخابي، وكذلك من هم خارج هذا المطبخ.

اذا كانت الرباعية تتأهب لاجتماع جديد لمقاربة الافكار والصيغ الجديدة، فإنّ الاجواء السابقة له لا تشجّع على الاعتقاد بإمكان تحقيق خرق قريب، خصوصاً انّ ما يتم تسريبه عمداً من افكار وصيغ يشكّل فتيلاً لاشتباك سياسي على ما جرى مع صيغة الوزير جبران باسيل، او مع الصيغة الاخيرة التي تقوم على مختلط جديد بـ 75 نائباً ينتخبون وفق النظام الاكثري و53 نائباً ينتخبون وفق النظام النسبي.

يأتي ذلك، بينما يتمّ إخضاع الصيغة المختلطة الجديدة للنقاش لدى المستويات السياسية، فيما يعكف الخبراء الانتخابيون الممثلون لأطراف الرباعية على محاولة ابتداع المخارج وإسقاط الارقام والمقاعد في هذا الاتجاه او ذاك.

وقالت مصادر مواكبة انّ استفسارات عدة يطرحها بعض المراجع حول الصيغ الجديدة ومدى مَلاءتها مع الواقع اللبناني ومع المعايير القانونية والدستورية.

وتلاحظ المراجع انّ هذه الصيغ تنطوي على تمييز واضح بين اللبنانيين، بين فئة تترشّح وتنتخب على اساس الاكثري وفئة على اساس النسبي، واكثر من ذلك مفصّلة على قياس بعض القوى والاحزاب، بما يتعارض مع المادة 7 من الدستور التي تقول انّ كل اللبنانيين سواء لدى القانون ويتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحمّلون الفرائض والواجبات العامة دونما فرق بينهم.

وقال مرجع سياسي لـ«الجمهورية» انّ الاساس هو الوصول الى قانون انتخاب لا تشوبه شائبة او خلل، الغاية منه حماية الصيغة اللبنانية وتمثيل عادل لكل المكونات، لكنّ الواضح انّ بعض الصيغ لا تراعي مبدأ العدالة، فصيغة الـ75 بـ53، إذا تمّ اعتمادها، ستَولّد سابقة عجيبة لا يتأتى منها سوى الخلل، اذ انها تنتج نوعين من النواب: نائب اكثري يمثّل القضاء الذي يترشح على اساسه، ونائب نسبي يمثّل الأمة جمعاء كونه منتخباً على اساس النسبية من الشريحة الواسعة من اللبنانيين.

في ظل هذا الواقع، يبقى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على اصراره بالدفع في اتجاه انتاج قانون جديد للانتخاب بديل للستين، وإنّ أجواءه تَشي بتصلّب اكبر لديه في هذا الاتجاه. وآخر ما نقل في هذا المجال انه ماض الى النهاية في رفض الستين وإجراء الانتخابات النيابية على اساسه، مُبقياً كرة تدارك الفراغ النيابي المحتمل في ملعب الجميع.

يتقاطع كلام عون مع ما نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري ضرورة تلافي كل ما يمكن ان يوقع البلد في المحظور، فالفرصة ما زالت متاحة للوصول الى القانون الانتخابي المثالي، ويجب ان يكون معلوماً ان الفراغ ممنوع، والتمديد محظور، والستين انتهى، وهذا ما يجب ان يشكّل حافزاً للجميع للدفع في هذا الاتجاه والبحث عن سفينة النجاة التي تقود البلد في الاتجاه المعاكس لرياح الفراغ الذي إن وقع ـ لا سمح الله ـ لن يكون في مصلحة البلد او مصلحة احد على الاطلاق.

جبهة إعتراضية

وفيما يكثّف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الذي فاز بالتزكية برئاسة الحزب، مروحة اتصالاته ولقاءاته، علمت «الجمهورية» انّ حديثاً يدور في بعض الاوساط السياسية عن محاولة بناء جبهة اعتراضي، تضمّ المتضررين من أحزاب وقوى سياسية وشخصيات ومستقلين، من المنحى الالغائي او الاقصائي او التحجيمي الذي تمارسه بعض «الثنائيات».

وقالت اوساط المعترضين على المنحى الالغائي لـ«الجمهورية»: «ما تَكشّف لنا من الطروحات الانتخابية والصيغ التقسيمية للدوائر والتصنيفات العشوائية للمقاعد، انّ هناك نيات مبيّتة سلفاً لمناطق وقوى عدة من بعض من يحاولون القفز فوق المنحى التفاهمي بين اللبنانيين والذي أدى الى إنهاء الفراغ الرئاسي بانتخاب رئيس للجمهورية، وكذلك فوق التفاهم الذي أدى الى تأليف حكومة يفترض انها تضمّ كل الاطراف.

وما يبعث على الاستغراب والريبة هو توجّه بعض «الثنائيات» التي بدأت تشعر بشيء من الانتفاخ، وتسعى الى فرض قانون انتخابي أعرج، أقلّ ما يقال فيه إنه قانون فئوي، مناطقي، يمثّل قوى سياسية محددة فقط.

وهو أمر لا يدفعنا الى رفع الصوت والوقوف في وجهه منطلقين من ثابتة أساسية، وهي انّ أحداً لا يستطيع ان يلغي احداً في لبنان. هذا ليس شعاراً نتمسّك به بل هو حق لنا، لأنّ ما يطرحه البعض يمسّ بجوهر مستقبل البلد، وثباته وامن المواطنين وحقوقهم وجوهر المواطنية.

واذا كان جنبلاط اوّل من وقف في مواجهة هذا المنحى ورفع سقفاً لن ينزل تحته في محاولة منه لتصويب المسار، اكدت الاوساط نفسها لـ«الجمهورية» انّ جنبلاط «وكل المستهدفين بالالغاء او التحجيم في هذا الاتجاه، والعلامة الشديدة الايجابية اننا لسنا وحدنا، فالثنائي الشيعي رافض تماماً لأيّ صيغ إلغائية، وهناك قوى مسيحية حزبية خارج اطار الثنائية ترفض ما يطرح، وهناك قوى مسيحية وسطية غير حزبية لها حضورها ودورها وتاريخها ترفض ما يطرح.

الكل على يقين انّ ما يجري ليس محاولة الغاء بل هو انقلاب حقيقي، يُراد منه القاء القبض على الواقع الداخلي، والامساك من خلال الانتخابات بمجلس النواب، وكذلك الامساك بالحكومة.

وبالتالي، الامساك منذ الآن برئاسة الجمهورية المقبلة. هذا هو الهدف الحقيقي، لذلك أقلّ الواجب والمسؤولية ان تقوم في وجهه اعتراضات ومحاولات جدية لمنعه من تحقيق اهدافه الالغائية والاستئثارية».

حراك متعدد

وشهدت الساعات الـ24 حراكاً مكثفاً في اتجاهات مختلفة، فزار المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الحاج حسين حسين خليل ومسؤول وحدة الإرتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا، الوزير طلال ارسلان وكان الملف الانتخابي بنداً اساساً في المباحثات.

وزار وفد «اللقاء الديموقرطي» الذي ضمّ النواب اكرم شهيّب، وائل ابو فاعور وهنري حلو وامين السر العام في الحزب الاشتراكي ظافر ناصر عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض و«حزب الله» في مجلس النواب.

وأكّد ناصر لـ«الجمهورية» أنّ «اللقاء إيجابي ويأتي ضمن سلسلة التواصل مع القوى السياسية، وعرضنا كل الأمور المتعلّقة بقانون الإنتخاب، وموقف «حزب الله» أعلنه مراراً وتكراراً بأنه مع قانون يتوافق عليه اللبنانيين وموقف الإشتراكي ليس ضدّ النسبية، لكن للنسبية متطلبات ويجب أن تكون ضمن سلّة إصلاحات كما طرحها كمال جنبلاط».

وزار وفد «اللقاء» رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية الذي اعلن انه «مع ايّ قانون عادل يضمن حقوق الجميع ولكن ليس مع قانون معقّد مثل الذي تمّ تقديمه لكي يُفصّل على قياس أشخاص، هذا قانون لا المواطن سيفهمه ولا السياسيون ولا احد يفهمه الّا المعقّدون الذين وضعوه». واكد انّ حقوق المسيحيين ستُصان «عندما يكونون آمنين في الجبل وليس حين يكونون في موضع استفزاز في المناطق التي يشكلون أقلية فيها».

شهيّب

وقال شهيّب لـ«الجمهورية»: «المعركة التي تخاض حاليا سيكون لها أفق حتماً. يهمنا ان نربح قانوناً عادلاً لا يلغي او يستثني او يظلم احداً. إن كانوا يريدون الوصول الى قانون وطني فالطائف موجود فهو حدّد كل المسار، لذلك فلنذهب الى الطائف.

هناك ضمانات سياسية وطنية موجودة وحريصة على مسار ثبات المؤسسات، وعلى السلم الاهلي وحماية الدستور. ونحن حريصون على الوفاق القائم في الجبل ولا يهمّنا نائب بالزايد او بالناقص، نحن نريد استقرار الجبل والوطن وثبات المؤسسات.

باسيل يردّ

وردّ الوزير جبران باسيل على موقف فرنجية من قانون الانتخاب بأن ما يقترحونه معقد، وقال: «أنا أتفهم أن يكون هناك من لا يفهم بالأرقام، فليجدوا أحداً من بينهم يفهم بها من أجل أن يفسّر لهم الاقتراحات التي نقدّمها».

عون

وفيما يكرّر عضو اللجنة الرباعية النائب علي فياض انّ النقاش بنّاء، مُشدداً على اهمية استمرار عمل اللجنة، قال النائب آلان عون
لـ«الجمهورية»: البحث ما زال جارياً لإنتاج قانون انتخابي جديد، لأنه لم يعد امام كل القوى السياسية الّا هذا الخيار، ولا نعتقد انها تريد الذهاب الى مأزق حقيقي في ظل استحالة اجراء الانتخابات على اساس القانون الحالي وتصميم رئيس الجحمهورية على مواجهة هذه الفرضية.

لذلك، ما يجري اليوم هو انّ المساعي تحاول ان تستنفد كل الصيغ والافكار للوصول الى القانون الجديد، مع الاشارة الى اننا في سباق مع الوقت ونحن بحاجة الى ان يضع الجميع جهودهم لتذليل كل العقبات.

واكد ان ليس «الهدف إلغاء احد، ولا احد لديه النية في هذا الاتجاه، او يضع في فكره اي نيّة إلغائية. نحن مع تكريس التعددية قدر الامكان، لكن حتى الآن لن نستطيع الوصول الى صيغة مثالية تؤمّن التعددية الطائفية والسياسية بشكل كامل، الّا من خلال اعتماد النسبية. ولكن في حال تعذّر النسبية نتيجة رفض فريق أساسي لها في البلد، نحن مع الافكار التي تؤمن هذه التعددية إنما ليس بذات القدر الذي تؤمنه النسبية».

«الكتائب» ونادر الحريري

وفي إطار جولاته «الانتخابية» على القيادات والمسؤولين السياسيين، زار وفد كتائبيّ أمس تيار «المستقبل» في السراي الحكومي، والتقى نادر الحريري. وعلمت «الجمهورية» انّ الزيارة استهلّت بخلوة بين مستشار رئيس حزب الكتائب ميشال خوري والحريري، تمّ خلالها استكمال البحث في العلاقة بين الكتائب و«المستقبل» التي سبق أن طرحت في لقاءات ثنائية عدة بين الجانبين اخيراً بعيداً من الاضواء. بعد ذلك انضمّ الى الاجتماع الوزير السابق آلان حكيم ومستشار رئيس الحزب البير كوستانيان، وتركّز البحث على قانون الانتخاب.

وأطلع الحريري الوفد على آخر صيغة يتمّ البحث فيها، وتقوم على انتخاب ٧٥ نائباً على الأساس الأكثري في الأقضية و٥٣ على الاساس النسبي.

وفي معلومات لـ«الجمهورية» انّ البحث في اللقاء الكتائبي - القواتي في معراب امس الاول انقسم الى قسمين: الاول تمحور حول العلاقة الثنائية في ضوء السجالات الاعلامية التي شهدتها وسائل التواصل الاجتماعي بين محازبي الطرفين وأنصارهما في الفترة الاخيرة، والثاني حول قانون الانتخاب.

ولم يتخطّ الامر إطار عرض كل من الجانبين لموقفه بحيث تظهّرت نقاط الالتقاء والتباين ولم تبلغ الامور بينهما حدود طرح صيغ توفيقية عملية لحلّ الاشكالات الحزبية او للخروج بتصَوّر واحد لقانون الانتخاب.

ففي حين تمسّك رئيس «القوات» سمير جعجع بالقانون المشترك مُعتبراً انّ الايام المقبلة كفيلة بإخراج صيغة جديدة تكون أكثر قبولاً، شَدّد وفد الكتائب على انّ ما يهمّ الحزب ليس الشكل والتسمية وإنما الاساس، بمعنى انّ الحزب ليس ضد ايّ من الانظمة الانتخابية الاكثرية او النسبية او المختلطة ولكنه ضد ان تتمّ صياغة ايّ من هذه القوانين على خلفيات حزبية وفئوية استئثارية او إلغائية.

وأبدى الجانبان حرصهما، رغم التباينات، على إبقاء خطوط التواصل مفتوحة لاستكمال البحث.

«القوات»

وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»: «لا مفرّ من قانون جديد، خصوصاً أنّ معظم القوى تدفع بهذا الاتجاه، فيما أثبت المختلط أنه الصيغة الأنسب بدليل أنّ معظم الاقتراحات تتركز على هذا الجانب، ونأمل أن يُصار إلى إقرار قانون جديد في الأيام المقبلة تلافياً لأزمة وطنية لا نعتقد انّ أحداً يريدها لأنّ تداعياتها ستكون سلبية على الجميع».

ووصفت المصادر الكلام عن أنّ «القوات» و«التيار الوطني الحر» يعملان على تفصيل قانون انتخاب على قياسهما بـ«أنه لا يمتّ إلى الواقع بصِلة وينمّ عن عدائية وتحريض واتهامات ملفّقة ومرفوضة ضد هذه الثنائية التي كل هدفها إعادة تصحيح البعد التمثيلي المنصوص عليه في الطائف، والذي لم يطبّق بفِعل الوصاية السورية، وأكدت أنّ «القوات» و«التيار» يحصدان أكبر عدد من المقاعد وفق أيّ قانون، ولكنّ هدفهما إقرار قانون تمثيلي يعيد تصحيح التمثيل بالقانون لا التحالفات، و«القوات» و«التيار» ليسا بحاجة للتلاعب بأيّ قانون من أجل إثبات حضورهما الشعبي على غرار القوانين الانتخابية السورية التي كانت تُفصّل على قياس البعض خلافاً للإرادة الشعبية التمثيلية.

والانتخابات ستتمّ وعلى أساس قانون جديد، والمسار الذي انطلق رئاسياً سيُستكمل نيابياً، والمعركة الفعلية بعد إعادة تصحيح التمثيل ستكون في مواجهة الفساد وتثبيت مشروع الدولة».

 

 

اللواء :

بين اليوم الجمعة 3 شباط ويوم الجمعة في 17 شباط، قرابة أسبوعين فاصلين عن المهلة الأخيرة لدعوة الهيئات الناخبة في 21 شباط.

ماذا تعني هذه التواريخ، وأين هي انشغالات القوى السياسية والكتل، خلال هذا الشهر الذي يعتبر شهر الاستحقاقات والخيارات المتعلقة بقانون الانتخاب والانتخابات النيابية؟

1 – في الجمعة بين 3 و10 الحالي، يفترض أن تكون اللجنة الرباعية قررت أن تستمر في العمل، أو تعتبر نفسها غير قائمة، فإذا استمرت عليها أن تحدد من أين تعاود اجتماعاتها: هل من صيغة 75 – 53 التي تفترض اجراء الانتخابات على اساس لبنان دائرة واحدة ولكن تسمح هذه الصيغة بانتخاب 75 نائباً ضمن النظام الاكثري و53 نائباً بالنظام النسبي؟ أم الاستعانة بمشروع قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي يعتمد النسبية مع 13 دائرة انتخابية، والتي يؤكد لـ«اللواء» وزير الداخلية السابق مروان شربل ان لديه صيغة قيد الاعداد من الممكن ان يفرج عنها اذا رفعت اللجنة الرباعية العشرة، وطلبت الاستعانة به، مع الإشارة الى ان مشروعه لا يقوم على النسبية، ويسمح للناخب ان يقترع من دون شروط القيد الطائفي.

وثمة طرح آخر يتحدث عن اعادة النظر بتقسيمات قانون الستين، ولا مشكلة بالتالي بالنسبة للحزب التقدمي الاشتراكي الذي جدد لرئيسه وليد جنبلاط ولاية جديدة، إذا ما اصبحت عاليه والشوف دائرة واحدة، ولكن على أن لا تكون النسبية حاضرة في اي صيغة جديدة، ولا مانع من ان يعاد النظر بتوزيع المقاعد في البقاع الغربي أو تقسيم هذه الدائرة إلى دائرتين في ما خص المقاعد المسيحية بما يتناسب مع مطالب الثنائي المسيحي، وهو الامر الذي ابلغه وفد «اللقاء الديموقراطي» للنائب سليمان فرنجية في بنشعي، والذي رفض في تصريح بعد اللقاء، أن يتم الافتئات على الحقوق الدرزية او اي طائفة باسم حقوق المسيحيين.

ومضى يوم أمس، من دون أن تعقد اللجنة الرباعية والتي حل فيها النائب آلان عون مكان الوزير جبران باسيل طيلة فترة غيابه، أي اجتماع، حتى لم تجر، وفقاً «اللواء» أي اتصالات بين أعضائها، الذين راجعوا قياداتهم للتبصر في عمل اللجنة، أو استطلاع الخيارات السياسية والدستورية في حال وصلت البلاد إلى 21 أيار ولم تجر الانتخابات النيابية.

2 – في 17 شباط سيكون هناك موقف للأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، في الاحتفال السنوي الذي يقيمه الحزب كل عام «للقادة الشهداء».

وفي المعلومات، ان السيّد نصر الله سيتطرق إلى الوضع الانتخابي من زوايا عدّة، أبرزها تفضيل الحزب لصيغة النسبية الكاملة، مع الأخذ بعين الاعتبار الهواجس الجنبلاطية وضمان أن تتمثل جميع الأطراف في المجلس النيابي الجديد.

والزاوية الثانية التحذير من مغبة الفراغ وتجنب الوصول إلى هذه المرحلة.

وكانت كتلة «الوفاء للمقاومة» قالت في بيان لها بعد اجتماعها الأسبوعي الذي تداولت خلاله بنقاط الاتفاق والتباين في مداولات اللجنة الرباعية انها «حريصة على مواصلة التداول، وتسجل إمكانية التوصّل إلى تفاهم ايجابي، لكنها في الوقت عينه شددت على ضرورة استناد النقاش إلى مرجعية الدستور ووثيقة الوفاق الوطني وتجنب الاستنسابية، مشيرة الى ان موقفها الثابت هو ان «النسبية الكاملة مع الدائرة الواحدة او الدوائر الموسعة هي الصيغة الملائمة مع الدستور والخالية من الاستنساب».

والأهم أن الكتلة، جدّدت رفضها للتمديد وتأكيدها على إنجاز قانون انتخاب جديد وعلى وجوب اجراء انتخابات في موعدها المقرّر.

وكشف مصدر مطلع أن «حزب الله» يؤيد موقف الرئيس نبيه برّي من أن لا فراغ في الدستور، وبالتالي فلا يجوز بأي شكل من الاشكال الوصول إلى مرحلة الفراغ.

ونقل عن مصدر آخر، أن هناك جهة نصحت بعدم التهويل بخيار الفراغ النهائي، في حال عدم الاتفاق على قانون انتخاب جديد.

3 – كيف تبدو الصورة قبل 21 شباط؟

الرئيس ميشال عون، شدّد أمس على انه لا يجوز البقاء على النظام الأكثري لأنه يفتقد إلى العدالة، وكل طرف يريد أن يسحق الاقلية في طائفته ويمد يده إلى الطائفة الأخرى كي يحصل على المزيد من المقاعد، وانتهى إلى التأكيد إلى «اننا سنقوم بما نعتبره من واجبنا ومن صلاحياتنا، وليس تخطياً للصلاحيات وسنستخدمها كي لا ينتهك الدستور».

الرئيس نبيه برّي نقل عنه النائب السابق ايلي الفرزلي انه يأمل في ظهور ايجابيات قريباً لانتاج قانون جديد للانتخابات، ويلحظ ذهاب قانون الستين وإدخال النسبية كثقافة على حياتنا العامة.

الرئيس فؤاد السنيورة، أكّد من صيدا على أن الأساس هو العودة للمواطنين والحصول على الوكالة الجديدة للنواب بدل اللجوء إلى التأجيل مجدداً.

وفي السياق، قال المكتب السياسي لتيار «المستقبل» أن التيار مستعد للمشاركة في الانتخابات في موعدها وفقاً لأي قانون، مجدداً الثقة بالفريق السياسي والتقني المكلف بالتفاوض للتوصل إلى قانون جديد للانتخابات بعيداً عن الاستنسابية، وضرورة اعتماد آليات انتخابية وتقسيمات إدارية تلتزم العيش المشترك، ولا يحجب المنافسة ولا يكون عُرضة للطعن.

وأوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» أن فرضية التوصل إلى نتيجة في ما خص النقاش المتصل بقانون الانتخابات قائمة، لافتة إلى ان الوصول إلى صيغة وسطية في هذا القانون هو الأمر المنشود.

وأكدت المصادر أن مسألة تعديل المهل الدستورية يمكن أن تنجز في أي لحظة وان موعد 21 شباط هو تاريخ للحث، لافتة إلى ان الكلام عن اللجوء إلى الطرح المتصل بصيغة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي يبقى من ضمن الطروحات الخاضعة للبحث من دون أن يعني ذلك أن امكانية اعتماده أضحت واقعاً، خصوصاً انه «صيغة للبحث».

اما بالنسبة إلى الطرح الجديد للوزير السابق مروان شربل فلم يعرف مصيره، مع العلم أن مزاوجة الطرحين للسير بهما تبقى هي أيضاً فكرة، بعد ان تمت مناقشته مع الرئيس نبيه برّي.

ورأت المصادر أن أي تعديل للمهل الدستورية لا بدّ من أن يصور قبل نهاية ولاية المجلس النيابي الحالي، نافية أي كلام عن خلاف بين الرئيسين عون والحريري.

الفراغ

وإذا كان المطبخ الدستوري في مجلس النواب، منشغلاً بأن الفقرة الأخيرة من المادة 55 من الدستور التي تتحدث عن استمرار هيئة مكتب المجلس في تصريف الاعمال حتى انتخاب مجلس جديد، وفي حال عدم اجراء الانتخابات ضمن ثلاثة أشهر وفق المادة 25، يعتبر مرسوم حل البرلمان باطلاً، وكأنه لم يكن، ويستمر مجلس النواب في ممارسة سلطاته، وفقاً لأحكام الدستور.

وهذا يعني، وفقاً لمرجع دستوري، أكّد لـ«اللواء» أن الدستور لا يلحظ حالة الفراغ التي تحدث عنها رئيس الجمهورية.

وفي معلومات «اللواء» أن وزير العدل سليم جريصاتي يبحث عن مخرج انطلاقاً من المادة 25 يسمح لرئيس الجمهورية بالدعوة إلى اجراء انتخابات جديدة على اساس المادة 24 في مُـدّة لا تتجاوز الثلاثة اشهر من قرار حل البرلمان الذي يحتاج إلى موافقة رئيس مجلس الوزراء والحكومة.

وعليه، يبدو أن الخيارين الماثلين في المشهد السياسي لغاية تاريخه يتراوحان بين الفراغ وبين العودة إلى صيغة مشروع الرئيس ميقاتي معدلة، انطلاقاً من روحية المشروع، والذي يعكف الوزير السابق شربل على إعادة صياغتها بما يتناسب مع المستجدات التي طرأت بعد العام 2009.

ورفض الوزير السابق شربل في دردشة مع «اللواء» الكشف عن المشروع البديل، الذي اعلن انه بات جاهزاً لديه، ويقوم على النظام الاكثري مع 13 دائرة، موضحاً انه لن يكشف عنه قبل أن نقطع الأمل بالاتفاق على النظام النسبي الذي يعتبره الأنسب لكل الاحزاب والأطراف والفرقاء، سواء ربح هذا الفريق أو خسر.

وأكّد شربل أن الانتخابات وفق النظام الأكثري لا تمثل أكثر من 50 بالمائة، في حين الـ50 بالمائة غير الممثلة في المجلس لا يمكن تمثيلها الا وفق النظام النسبي، وبالتالي فان التمثيل الصحيح لكل الفرقاء لا يكون إلا بالنسبي.

ولاحظ شربل أن الجو السياسي تغير عمّا كان عليه في العام 2009، حيث ان البلد منقسم عمودياً وأفقياً، وكان من الصعب إقناع الأطراف بالنسبية، أما الآن وبعد اعتماد هذا الانقسام فبات بإمكان «المستقبل» القبول بالنسبية، طالما أن الجو السياسي تغير، والأحزاب، كل الأحزاب بدون استثناء مهما زحطوا في الانتخابات يبقى لها النصف بالنظام النسبي.

وإذ أصر على عدم الكشف عن مشروعه، أكد ان الميزة الأساسية فيه انه يحرر المقاعد النيابية من الشرط الطائفي، ويسمح للمسلم من المذاهب أن يقترع للمسيحي من كل المذاهب، وكذلك المسيحي.

وفي المعلومات ان مشروع شربل ينسف قانون الستين، ويضيف عدداً آخر من النواب الـ129، وإن تكتمه عليه ج