تتهاوى صيغ قانون الانتخابات المختلط بين الأكثري والنسبي واحدة تلو الأخرى، في ظلّ تضارب المصالح والرؤى بين القوى السياسية الأساسية، في «لا اكتراثٍ» واضح لحاجة البلاد إلى قانون انتخابي عصري، يعبّر عن الواقع الاجتماعي والسياسي، لصالح قوانين تكفل حقوق الطوائف كطوائف، وليس المواطنين كأفراد، فيما يبدو أن الأمور لن تحسم قبل عودة وزير الخارجية جبران باسيل من جولته الأفريقية.
آخر المقترحات التي تواجه معارضة، الصيغة التي تمّ تداولها أمس لاقتراح قانون مختلط يوزّع مقاعد المجلس النيابي على قاعدة 75 أكثري على مستوى الأقضية و53 نسبي على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة. وإذا كان القانون الأخير قد شكل نقلة نوعيّة من ناحية اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النسبية لـ53 مقعداً، فإن حجم الاعتراض والرفض ضدّه أيضاً انتقل نقلةً نوعيّة في تصعيد تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي بالرفض التام له، ما دام يتضمّن 53 مقعداً نسبياً.
ومن حيث المبدأ، يمكن القول إن القانون الأخير يرضي «هواجس المسيحيين» التي يحملها ثنائي التيار الوطني الحرّ وحزب القوات اللبنانية شعاراً لحملتهم السياسية والتعبوية، على اعتبار أن نصف الدوائر ذات الغالبية المسيحية تخضع لقاعدة النظام الأكثري، بما يضمن حصول الثنائي على الغالبية الكاسحة للمقاعد المسيحية، ويضمن مشاركة غالبية المسيحيين في لبنان بالتأثير على اختيار نوّابهم في الأطراف ذات الغالبية المسيحية. أمّا في المقابل، فلا يرى تيار المستقبل الاقتراح الجديد منصفاً بحقّه، بل إن مصادر بارزة فيه تعتبر القانون موجّهاً ضدّ التيار، و«هو على الأقل يخسّرنا 30% من المقاعد السنيّة، فضلاً عن المقاعد المسيحية التي سنخسرها حكماً». وتعبّر المصادر عن رفضها للاقتراح، مؤكّدةً أنه «لا يمكن أن يقبل التيار به». من جهتها، تقول مصادر بارزة في الحزب التقدمي الاشتراكي: «نرفض القانون قبل النظر فيه حتى، لأنه مبني على انتخاب 53 نائباً على أساي نسبي». وقالت المصادر بدورها إن «هذه الصيغة مرفوضة بشكل تام». في المقابل، وأمام التعثّر في الاتفاق على صيغة موحّدة للقانون المختلط، تقول مصادر في تكتل التغيير والاصلاح إن «هناك بحثاً جدّياً داخل التيار الوطني الحرّ للعودة إلى تبنّي مشروعنا الأصلي، أي النسبية الكاملة على 15 دائرة الذي تقدّمنا به، أو 13 دائرة الذي تقدّمت به حكومة الرئيس نجيب ميقاتي». وتسأل المصادر: «لماذا يتمّ تحميلنا وزر المشروع الذي نُسب في اللجنة الرباعية إلى الوزير جبران باسيل، بينما مشروعنا هو النسبية مع 15 أو 13 دائرة؟». وبدا لافتاً أمس بيان كتلة الوفاء للمقاومة، الذي أكّد ضرورة العودة إلى القانون الأمثل، وهو قانون النسبية الكاملة على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة، وهو الاقتراح الذي يفضّله الرئيس نبيه برّي بدوره، بما يؤشّر إلى سعي حزب الله وحركة أمل لتوجيه دفّة النقاش نحو القانون المثالي للخروج من حالة المراوحة وتفصيل القوانين على قياس الفئات الطائفية أو السياسية التي تمثّل طوائفها.
الى ذلك، أشار باسيل الى أن هناك قراراً سياسياً في لبنان لدى الكثير من الأفرقاء أن لا يصوّت المغتربون في الانتخابات. ودعا الى فصل 6 نواب الى الانتشار من أصل 128 نائباً. ورأى أن «للمغتربين حق التصوت، ويجب أن يكون هناك قرار سياسي كي ينتخبوا، وفي هذه الانتخابات لا أعد المنتشرين بالمشاركة، لكن المسار بدأ». وأوضح في حديث تلفزيوني أن الرئيس ميشال عون أعلن عمّا سيقوم به في حال وصلنا الى دعوة الهيئات الناخبة بلا قانون جديد. ولفت الى أن كلام رئيس الحكومة سعد الحريري على طاولة مجلس الوزراء أمس ممتاز، حول اعتباره أن عدم إنجاز قانون انتخاب هو فشل له ولحكومته. وأكد أنه «لن نفوّت الفرصة هذه المرة مثل تفويت فرصة القانون الأرثوذكسي، ونريد قانون انتخاب يصحح التمثيل».
وحول التشكيلات الدبلوماسية، شدد باسيل على أن الأولوية لمن هم ضمن الملاك في تعيينات السفراء، وفي حالات محددة يمكن التعيين من الخارج.