لم تعد ملامح المواجهة السياسية - الدستورية التي تواكب مأزق قانون الانتخاب خافية على أي من القوى السياسية ولو ان أي فريق سياسي لا يبدو في وارد استباق المهلة الأخيرة للمحاولات الحثيثة الجارية للتفاهم على قانون انتخاب جديد قبل الموعد الذي يلحظه القانون النافذ لتوجيه الدعوة الى الهيئات الناخبة في 21 شباط الجاري. ذلك ان المناخ الذي يظلل التحركات واللقاءات والمشاورات السياسية يبدو مثقلا بطرح احتمالات لا تخلو من خطورة على مجمل الأجواء في ظل الخشية المتنامية لامكان ان تنسحب على اللجنة الرباعية المنوط بها البحث في المشاريع الانتخابية المختلفة لعنة طالما طاردت اللجان المماثلة سابقاً وتحولت معها لجان دفن الحلول بدل اجتراح التسويات. كان يفترض ان تعاود هذه اللجنة التي تضم ممثلين عن القوى الاربع "التيار الوطني الحر" و"تيار المستقبل" وحركة "أمل" و"حزب الله" اجتماعاتها أمس فلم يعقد الاجتماع الامر الذي أوحى بالتعثر الذي تواجهه وسط ترقب لطبيعة الحل التجريبي الجديد الذي ينتظر ان تحمل أفكاره كل من القوى الأربع.
ويبدو مستوى الآمال المعلقة على اللجنة منخفضا للغاية في ظل استمرار تداعيات الاخفاق الذي مني به المشروع المختلط الأول وما واكبها من رسم لسيناريوات بدأ يرتبها السباق مع الوقت المتهالك بحيث تتردد في الكواليس المقفلة فعلاً تساؤلات قلقة عما يمكن ان يحصل في حال نفاذ المهلة الفاصلة عن الايام القليلة التي ستسبق 21 شباط من دون التوصل الى "أعجوبة" التفاهم على قانون انتخاب جديد. وفي هذا السياق نقلت أوساط مواكبة للمشاورات السياسية الجارية الى "النهار" ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ما كان ليلجأ الى مغامرة خطرة يمثلها تلويحه المتكرر برفض توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وكذلك تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات النيابية لولا معطيات يملكها عن حتمية ان تفضي الجهود الجارية الى تسوية اللحظة الأخيرة بما يوفر عليه اللجوء فعلاً الى اجراء أثار لغطاً سياسياً ودستورياً واسعاً حول مدى دستوريته وقانونيته. لكن الأوساط نفسها بدت حذرة جداً حيال أي توقعات متفائلة في هذا الاتجاه وقالت ان الاجتماعات المقبلة للجنة الرباعية ستشكل واقعياً المعيار الحقيقي والحاسم لرسم الاتجاهات التي ستسلكها الازمة، علماً انه في حال اخفاقها تكراراً بات يخشى تأثيرات سلبية على مسار التسوية السياسية كلا التي تعيش في ظلها البلاد منذ انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة.
وعلمت "النهار" في هذا السياق ان اللجنة الرباعية التي اتفقت في اجتماعها الاخير على الإتيان بصيغ جديدة تؤمن العدالة والمساواة لم تجتمع أمس لغياب أي معطى جديد يمكن التشاور في شأنه.
الى ذلك، نقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري تركيزه و"حزب الله" على مشروع قانون حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي ينص على النسبية الكاملة في الدوائر التي يمكن جعلها ١٠ أو ١٢ أو ١٣ أو وفق واحدة من ثلاثة خيارات للدوائر الـ١٤ مع الصوت التفضيلي الذي يجعل النظام الاكثري موجوداً في هذه الصيغة الانتخابية.
وتسلم الرئيس بري من الوزير السابق مروان شربل أمس صيغة قانون انتخابي قائم على النظام الاكثري مع زيادة عدد النواب واعادة تقسيم للدوائر لتأمين عدالة التمثيل بين الطوائف. ويتكتم الوزير السابق شربل على هذه الصيغة بناءً على تمنِ للفريق المشجع للنسبية الكاملة وأقربها في المطروح مشروع حكومة ميقاتي الذي وضعه شربل عندما كان وزيراً للداخلية.
وفي اطار التحرك الذي يقوم به "اللقاء الديموقراطي " مع القيادات السياسية، وصفت مصادر "اللقاء" اجتماع وفده أمس في بنشعي مع رئيس "تيار المردة " النائب سليمان فرنجية بأنه كان جيداً جداً وكان التركيز على مرجعية الطائف وعلى استمرار التواصل والتشاور والتنسيق بينهما. كما تناول النقاش مجمل الوضع السياسي وقانون الانتخاب وطريقة التعامل مع هذا الاستحقاق وكان التأكيد مشتركاً لبعض الثوابت وأهمها اتفاق الطائف.
أما لقاء وفد الاشتراكي والنائب علي فياض ممثل "حزب الله" في اللجنة الرباعية فاأوضحت المصادر ان البحث خلاله لم يتناول صيغة محددة بل امكان طرح صيغ مقبولة باعتبار ان قانون الانتخاب يجب التوافق عليه. وتقرر إبقاء خطوط التشاور مفتوحة لايجاد الصيغة المقبولة لدى الجميع.
"المستقبل" والكتائب
الى ذلك، اتفق "تيار المستقبل" وحزب الكتائب على ابقاء قنوات الاتصال مفتوحة وتفعيلها بين الجانبين لمواكبة البحث في قانون الانتخاب. واعتبر الجانبان ان صفحة التباين في مرحلة الانتخابات الرئاسية وما رافق تشكيل الحكومة باتت في حكم المنطوية لمصلحة العمل على استعادة العلاقات السابقة، كما اتفقا على ان يطلع "المستقبل" الكتائب دورياً على مسار قانون الانتخاب وعلى العمل معا من اجل التوصل الى قانون يحترم التوازن والتعددية بين الطوائف كما يحترم التنوع داخل كل من المكونات اللبنانية ويفتح الطريق لتمثيل المستقلين والمجتمع المدني والمرأة والقوى الاصلاحية.
وفي المقابل، أعلن المكتب السياسي لـ"تيار المستقبل" أمس ان التيار سيكون "على أهبة المشاركة في الانتخابات النيابية في أي مواعيد تحددها الحكومة ووفقا لأي قانون يجري التوافق عليه ويتم اقراره في مجلس النواب". وشدد على "وجوب الابتعاد عن الاستنسابية في طرح المعايير واعتماد آليات انتخابية وتقسيمات ادارية تلتزم العيش المشترك بين اللبنانيين وتوفر شروط التوافق على قانون لا يحجب المنافسة في مناطق معينة ليحصرها في مناطق أخرى ولا يكون عرضة للطعن بعد دورة انتخابية واحدة".
خطة البقاع
وخلافا للأجواء السياسية الملبدة حول ملف قانون الانتخاب، بدا أمس ان نجاح مخابرات الجيش في توقيف الرأس المدبر الأساسي لعملية خطف المواطن البقاعي سعد ريشا قبل نحو اسبوعين قد أنعش الآمال في الخطة الامنية الجديدة لمنطقة البقاع التي تقرر تنفيذها في ظل عودة ظاهرة الخطف وسواها من الممارسات. لكن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق كشف لـ"النهار" ان "لا موعد مسبقاً للخطة ولا حديث أو تفاصيل عنها في الاعلام فهذه المرة يريد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ونؤيده في ذلك، ألا يتم التطرق الى الخطة أو أي فعل قبل حصوله على أرض الواقع".