البحث عن بِدَع جارٍ , خوف على الزعامات قد يطيح بالوطن
النهار :
ماذا بعد "دفن " المشروع المختلط للوزير جبران باسيل؟ وأي اتجاهات لأزمة قانون الانتخاب قبل المهلة "القاتلة " الاخيرة الفاصلة عن موعد توجيه الدعوة الى الهيئات الناخبة في 21 شباط الجاري؟ وهل تبلغ الأزمة فعلاً حدود مواجهة الفراغ بعدما تعهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تكراراً ان يكون خياره في حال عدم التوصل الى قانون بديل من قانون الستين؟
الواقع ان صورة المأزق الانتخابي بدت أمس أمام مرحلة شديدة التعقيد والغموض وسط هذه التساؤلات وسواها، وان تكن الحكومة بلسان رئيسها سعد الحريري سعت الى الحدّ من المخاوف من الاحتمالات الأكثر سوءاً بعدما ترك سقوط المشروع المختلط في الاجتماع الأخير للجنة الرباعية انطباعات سلبية من حيث امكان الدخول في دوامة اسقاط المشروع تلو الآخر من غير ان تلوح أي بارقة لتوافقات عريضة على أي مشروع بديل. وفي ظل هذه الدوامة بدا ان اللجنة الرباعية التي تضم ممثلين لـ"التيار الوطني الحر" و"تيار المستقبل" وحركة "امل" و"حزب الله" تتجه نحو آلية عمل جديدة تلحظ تكثيفا لاجتماعاتها بمعدل اجتماع كل يومين واستنفاد البحث في المشاريع البديلة بدءاً باعادة طرح أفكار حول مشروع مختلط جديد "نيو مختلط".
وكشفت مصادر معنية في اللجنة الرباعية لـ"النهار" ان اللجنة تجد نفسها أمام عشرة أيام حاسمة ستتكثف خلالها اللقاءات والاتصالات والمشاورات على مختلف المستويات للتفاهم على صيغة لمشروع جديد قبل موعد 21 شباط. واشارت الى ان الاجتماع الاخير للجنة مساء الثلثاء في وزارة الخارجية سجل تجاوز المجتمعين الصيغة المختلطة التي طرحها الوزير باسيل بعدما اعتبرها الثنائي الشيعي غير مناسبة وعاد البحث الى الصيغ الأخرى ولا سيما منها طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يتناول التأهيل الأكثري على القضاء والانتخاب النسبي على المحافظة. لكن الخلاف استمر على آلية التأهيل بين حصول المرشح على نسبة عشرة في المئة من مجموع الاصوات في القضاء التي يطالب بها الثنائي الشيعي او تأهل المرشحين الاثنين الاولين عن كل مقعد. وبدا واضحاً، كما تقول المصادر، ان "تيار المستقبل " ليس متحمسا لنسبة التاهيل المتدنية التي يطرحها الثنائي الشيعي. أما المشروع الثاني فهو مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي الذي، وان يكن لم يطرح تفصيلاً في الاجتماع الاخير، يبدو انه موضوع على جدول النقاش، لكن النسبية الكاملة التي يلحظها لا تلاقي استجابة لدى "تيار المستقبل"، فيما يراه الفريق الشيعي المشروع الأنسب لانه يلحظ نسبية مخففة يمكن ان تشكل تسوية بين الجميع. وتقرر في ظل هذه المشاورات البحث عن أفكار جديدة لاعتماد توزيع المقاعد بين النسبي والأكثري تطبق بمعيار واحد على كل الدوائر بحيث يعمل كل طرف على درسها وطرحها في الاجتماع المقبل الذي يفترض ان يعقد اليوم.
الحريري
واشاعت جلسة مجلس الوزراء أمس في السرايا مناخاً من التوقعات الأقل تشاؤما لجهة استبعاد تصاعد المواجهة السياسية حول دوامة المشاريع الانتخابية اذ حرص الرئيس الحريري على القول إن التباين في وجهات النظر بين مختلف المكونات السياسية لا يعني الوصول الى طريق مسدود. واضاف: "يجب الا نيأس من التوصل الى قانون جديد وان نملك القدرة على التضحية للوصول الى قانون لا يثير المخاوف لدى أي مكون". كما تعمد التشديد على "انني على خط واحد مع فخامة الرئيس عون وأريد ان أطمئن الغيارى الذين يراهنون على تخريب العلاقة بين اركان الحكم الى ان شيئاً من هذا لن يحصل".
"القوات"
وأبدت مصادر "القوات اللبنانية" ارتياحها الى مسار جلسة مجلس الوزراء التي شهدت تأكيدا من الرئيس الحريري لضرورة إجراء الانتخابات النيابية وفقا لقانون انتخاب جديد منوها بالمناخ الإيجابي داخل الحكومة، وإصرارا على تفعيل الخطة التي وضعتها الحكومة السابقة في مسألة النفايات.
أما لجهة قانون الانتخاب، فقالت المصادر ان"القوات" متمسكة بالمشروع المختلط لثلاثة أسباب أساسية: الأول كون النظام النسبي مرفوضاً لدى فئة من اللبنانيين، والنظام الأكثري مرفوضاً لدى فئة أخرى، فيما المختلط يزاوج بين النظامين النسبي والأكثري. والسبب الثاني كونه معيار صحة التمثيل ويأخذ في الاعتبار هواجس الجماعات في لبنان. والسبب الثالث كونه المشروع الأقل رفضا والأكثر قبولا بين كل المشاريع الأخرى، ولأنه بعد عشر سنين حان الوقت للانتقال من البحث عن أي قانون أفضل إلى إقرار القانون العتيد، خصوصا أن عامل الوقت لم يعد يسمح بمواصلة البحث للبحث، علما أن الرئيس ميشال عون ورئيس حزب "القوات" سمير جعجع لن يقبلا تحت أي ظرف بقانون الستين والتمديد.
التحرك الكتائبي
وفي ظل اللقاء الذي عقده أمس جعجع ووفد من حزب الكتائب، أبلغ مصدر كتائبي "النهار" أن زيارة معراب تأتي مع غيرها من الزيارات المماثلة المقبلة للقيادات الحزبية استكمالاً للجولات التي بدأها وسيتسكملها النائب سامي الجميل مع المرجعيات الرسمية والسياسية.
أما لقاء الوفد الكتائبي مع رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل فقد تم التوافق بين الجانبين على أن يتم بعد عودة باسيل من زيارته الخارجية.
وقال المصدر الكتائبي إن الوفد يحمل الى القيادات موقف الحزب الرافض لقانون الستين ولأي صيغة يمكن ان تنال من صحة التمثيل وشموليته ومن التعددية والتنوع.
واكد ان الكتائب لن تكون في وارد القبول بأي قانون لا يضمن تمثيل الاصلاحيين من احزاب وشخصيات مستقلة ولا يؤمن تمثيل المرأة والمجتمع المدني.
المستقبل :
في سياق مؤكد للمعلومات التي أوردتها «المستقبل» أمس، تركز النقاش الانتخابي خلال الساعات الأخيرة حول عودة المشاورات السياسية إلى «مربع» المشاريع والاقتراحات السابقة لقانون الانتخاب العتيد بما فيها «المختلط» على صورته الأولى، أما المعطى المستجد في هذا الملف فأتى من الحكومة نفسها التي أكدت بلسان رئيسها سعد الحريري «التلازم» القائم في أولويتها الانتخابية بين مهمتي إجراء الاستحقاق وإعداد قانون جديد، مع التشديد على وجوب ألا يثير هذا القانون «المخاوف لدى أي مكون من المكونات السياسية والطائفية».
الحريري، وفي مستهل جلسة مجلس الوزراء التي ترأسها أمس في السراي الحكومي، لفت الانتباه إلى أنّ حكومة «استعادة الثقة» عندما أكدت في بيانها الوزاري على أولوية إجراء الانتخابات لم تفصل بين هذا الهدف وبين السعي الجاري لإعداد قانون جديد، مجدداً التأكيد على أنّ «التلازم بين الأمرين قائم حتى هذه اللحظة»، ومشيراً إلى أنّ «التباين في وجهات النظر بين مختلف المكونات السياسية لا يعني الوصول إلى الطريق المسدود». وإذ شدد على وجوب استمرار «ورش العمل السياسية» وامتلاك «القدرة على التضحية» لبلوغ قانون جديد، حمّل الحريري مسؤولية «الوقوف على آراء كل الأطراف والقوى» حيال هذا القانون إلى «الجميع لا سيما القوى المشاركة في الحكومة»، خصوصاً أنّ «الكل ينادي بدفن قانون الستين وإنتاج قانون جديد». أما «الغيارى الذين يراهنون على تخريب العلاقة بين أهل الحكم» فتوجه الحريري إليهم مطمئناً إلى أنه «على خط واحد» مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وجازماً بأنّ «التفاهم على حماية الاستقرار السياسي راسخ ومتين وأقوى من أن تهزّه دعوات النافخين في رماد الماضي».
وإثر انتهاء الجلسة، نقلت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنّ تبايناً في المواقف تخلل النقاش الانتخابي بين الضفتين «الاشتراكية» و«العونية»، بحيث رأى الوزير مروان حمادة خلال الجلسة أنّ «هناك تمايزاً بين قانون الانتخاب وبين إجراء الانتخابات باعتبارهما مسألتين غير مرتبطتين»، في حين ردّ الوزير سليم جريصاتي بالتشديد على كونهما «مرتبطين وغير قابلين للانفصال» واصفاً الحديث عن الفصل بين قانون الانتخابات النيابية وبين
إجرائها بأنه «كلام غير دستوري»، الأمر الذي استدعى تعقيباً من الوزير علي حسن خليل لفت فيه إلى أنّ دستورية هذا الكلام من عدمها مسألة غير ممكن حسمها وتحتاج بحد ذاتها إلى نقاش دستوري. وعلى الأثر، حسم الرئيس الحريري النقاش بهذا الموضوع مؤكداً أنّ بتّ ملف قانون الانتخاب يحتاج إلى قرار سياسي، ومشدداً على كونه متفقاً مع عون على ضرورة إقرار قانون انتخابي جديد وعلى إجراء الانتخابات في موعدها.
أما في الشؤون الحياتية، فكان تشديد من رئيس الحكومة على «ضرورة العمل لتنفيذ الخطة الموضوعة سابقاً لمعالجة مشكلة النفايات»، ووعد كذلك بمتابعة ملف القطاع الصناعي وتشكيل لجنة وزارية للبحث في الحلول المتاحة لمعالجة المشاكل التي يعاني منها هذا القطاع، وذلك في ضوء ما أثاره وزير الصناعة حسين الحاج حسن خلال الجلسة عن أوضاع سيئة يمر بها الصناعيون اللبنانيون نتيجة إغراق السوق الداخلية بصناعات خارجية منافسة منخفضة التكاليف لا سيما من مصر وتركيا ربطاً بالانخفاض الحاصل في قيمة العملة الوطنية في كل من هذين البلدين.
ومساءً، ترأس الحريري اجتماعاً للجنة الوزارية الخاصة بالأحكام الضريبية المتعلقة بالأنشطة البترولية في حضور وزير المال علي حسن خليل ووزير الطاقة والمياه سيزار أبي خليل والرئيس الدوري لهيئة إدارة قطاع البترول وسام شباط والعضوين وسام الذهبي وغابي دعبول والأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل، جرى خلاله استعراض مستجدات البحث في هذا الملف.
الديار :
تستمر لعبة عض الاصابع الانتخابية، على حافة الهاوية، في انتظار من يصرخ أولا. حتى الآن، وحده الشعب اللبناني يصرخ، لكن صوته لا يُسمع ولا يُحتسب في صناديق الفرز السياسي والطائفي، أما اللاعبون الكبار، فان كلا منهم يراهن على ان يتألم الآخر قبله، فيما الوقت يقضم هامش المناورة لدى الجميع شيئا فشيئا.
لقد تحول اللبنانيون الى مجرد أرقام وبيادق في حقل تجارب، يلتهم المشاريع المركبة، الواحد تلو الآخر، من دون ان ينجح اي منها بعد في تجاوز امتحان «المعاينة الطائفية».
كما صارت الجغرافيا الممتدة على مساحة 10452 كلم2 مجرد قطعة قماش، يراد لها ان تُفصل على قياس مصالح متضاربة وأجسام سياسية متفاوتة الحجم والوزن. الخياطون كثر، والمقصات تعبث بالدوائر الانتخابية طولا وعرضا وفق استنسابية حامليها ومزاجيتهم، في حين ضاعت «المصلحة العليا» في غابة الثعالب والذئاب.
مسكين هذا المواطن الذي باسمه تُفصل قوانين الانتخاب، وهو منها براء، بل انه ضحيتها وحطبها. وأغلب الظن، أنك إذا سألت الناخبين المفترضين عن رأيهم في «فخر» الصناعة اللبنانية، من مشاريع انتخابية هجينة ومعقدة، فانه سيتبين ان قلة منهم تتابع هذا «البازار» المشرّع على كل انواع المساومات والمقايضات.
وإذا كانت صيغة «المختلط» التي اقترحها الوزير جبران باسيل قد سقطت بفعل الاعتراضات التي واجهتها، فان عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ألان عون أبلغ «الديار» ان العصف الذهني مستمر، وان فكرة أخرى هي قيد النقاش حاليا، موضحا انها تستند الى مبدأ المختلط، لكنها تعتمد آلية جديدة في التوزيع بين الاكثري والنسبي، على ان يتولى كل طرف في اللقاء الرباعي مناقشة هذه الفكرة ضمن فريقه، قبل استكمال البحث فيها واتخاذ الموقف النهائي منها.
ويعتبر عون- الذي حل مكان باسيل المسافر في اللجنة الرباعية- ان مشروع الرئيس نبيه بري القائم على اعتماد «التأهيل الاكثري في القضاء والنسبية في الدائرة الاوسع» لا يبدو ان لديه ما يكفي من الحظوظ في الوقت الحاضر، لان هناك أكثر من طرف لا يقبله.
ويحذر عون من ان عدم التوصل الى توافق حول طرح محدد خلال الاسبوعين المقبلين سيُدخلنا في نفق أزمة وطنية كبرى، آملا في ان تدرك القوى السياسية خطورة الامر وان تبادر الى تبادل التنازلات في الربع الساعة الاخير، قبل ان تداهمنا المهل الزمنية والدستورية.
وبينما يصر النائب وليد جنبلاط، حتى الآن، على رفض كل أشكال «المختلط»، علمت «الديار» ان وفدين من «اللقاء الديموقراطي» سيزوران اليوم رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية في بنشعي، وكتلة الوفاء للمقاومة في الضاحية.
ويؤكد النائب أكرم شهيب لـ « الديار» تمسك الحزب التقدمي الاشتراكي بالنظام الاكثري، لافتا الانتباه الى ان هناك بين الذين يحوكون خيوط صيغ «المختلط»، من يلجأ الى اعتماد الاكثري في المناطق التي تناسبه، ويستعين بالنسبي لتحسين وضعه في المناطق التي يشعر فيها بأنه ضعيف.
ويضيف شهيب: نحن لن نقبل ان نكون درجة ثانية، ودورنا لا يُقاس بعددنا، بل بشرعية العمل الوطني والتاريخ الحافل لوليد جنبلاط والحزب التقدمي.
وينبه شهيب الى مخاطر الخطاب الطائفي والفرز الفئوي اللذين يقارب من خلالهما البعض مسألة قانون الانتخاب، لافتا الانتباه الى ان النسيج الاجتماعي للجبل لا يحتمل طروحات غير متوازنة، وبالتالي من غير الجائز ضخ مناخات تتعارض مع مسار المصالحة التاريخية التي تمت.
ويعتبر شهيب ان الاصلاح السياسي الحقيقي يكون بالعودة الى اتفاق الطائف الذي يتضمن آلية معينة للوصول الى قانون الانتخاب، «من دون قصقصة ولا تلزيق»، مشددا في هذا السياق على أهمية انشاء مجلس شيوخ يراعي التوازنات الطائفية، واختيار مجلس نواب خارج القيد الطائفي.
وفيما يحاول الرئيس سعد الحريري حماية علاقته المرهفة مع الرئيس ميشال عون من الارتجاجات السياسية، يقول مصدر قيادي بارز في «تيار المستقبل» لـ «الديار» ان ما يجري على مستوى قانون الانتخاب هو الجنون بعينه، معتبرا ان هذه الحصيلة هي نتاج المخالفات المتراكمة للدستور، بدءا من اقتراح القانون الارثوذكسي، وصولا الى اعتبار ان اختيار رئيس الجمهورية قرار مسيحي بالدرجة الاولى، مرورا بحصر الترشيحات الى الرئاسة بأربعة اقطاب ثم التسليم بمقولة الرئيس القوي، وغيرها من الامور النافرة.
ويذهب المصدر بعيدا في تحذيره من العواقب الوخيمة التي يمكن ان ترتبها مقاربة بعض القيادات المسيحية لقانون الانتخاب على قاعدة انه لا يحق للمسلمين ان يكونوا شركاء في اختيار النواب المسيحيين، محذرا من ان هذا النهج المتهور قد يدفع لاحقا بعض الاصوات الاسلامية الى طلب إعادة النظر في معادلة وقف العدّ، والتساؤل عن مغزى الاستمرار في اتباع مبدأ «المناصفة»، خصوصا ان الواقع الديموغرافي تغير.
ويؤكد المصدر- الذي كان معروفا بعدم حماسته لتولي عون الرئاسة - ان المطلوب الاحتكام الى الدستور، الكفيل وحده بوقف فوضى الطروحات المتمحورة حول قانون الانتخاب، مشددا على ضرورة تأسيس مجلس شيوخ يتابع القضايا الوطنية الكبرى، وانتخاب مجلس نواب خارج القيد الطائفي يتولى التفاعل مع هموم المواطنين ومطالبهم الخدماتية، وعندئذ لا يهم ما إذا كان النائب مسلما ام مسيحيا، وانما المهم ان يتحلى بالكفاءة المطلوبة.
الجمهورية :
مع بدء العد العكسي لحلول موعد دعوة الهيئات الناخبة في 18 شباط الجاري، تكثفت الاتصالات والمشاورات المعلنة والبعيدة من الأضواء في مسعى جديد للوصول الى صيغة جديدة ترضي الجميع خلال عشرة أيام، وسط تصميم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على رفض التمديد للمجلس النيابي أو إجراء الانتخابات على أساس قانون الستين، وتأكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري عدم السير بقانون لا يحظى بالتوافق، ودعوة رئيس الحكومة سعد الحريري الى عدم اليأس من التوصّل الى قانون انتخاب جديد.
تبدأ اللجنة الرباعية اجتماعات متلاحقة قريباً لمناقشة أفكار جديدة لصوغ قانون انتخاب جديد، وذلك بعد تجاوز ما سُمّي مشروع الوزير جبران باسيل المختلط.
وكان هذا التوجّه قد تقرّر في الاجتماع الاخير للجنة الذي رافقه اعتراض الثنائي الشيعي على صيغة باسيل، بحيث انّ بري أبدى اعتراضاً مبدئياً على هذه الصيغة مؤكداً انه لا يرضى بأن يتمّ التعاطي مع المسيحيين كطائفة والمسلمين كمذاهب.
وبينما كاد النقاش أن يصل الى حائط مسدود، طُرحَت أفكار أخرى كثيرة في محاولة لإيجاد حل. وقال احد اعضاء اللجنة لـ«الجمهورية»: «انّ هذه الافكار لاقت استحسان المشاركين مبدئياً، واتُّفق على بلورتها واستكمال النقاش فيها في اجتماعات تقنية وسياسية لن يؤثر فيها غياب باسيل الذي سيحلّ مكانه النائب آلان عون».
وأضاف: «على رغم الخلافات التي حصلت بين المشاركين فإنها لم تعكّر مسار النقاش الهادىء الذي أظهر فيه الجميع الحرص على الاستمرار في الاجتماعات للتوصّل الى قانون جديد».
وأكّد انّ الاجتماعات ستكون متلاحقة في الايام المقبلة، لافتاً الى انّ مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ما زال على طاولة البحث على رغم ملاحظات ضئيلة لتيار «المستقبل» عليه واعتراض «اللقاء الديموقراطي» على النسبية من حيث المبدأ».
وإذ تكتّم عضو اللجنة الرباعية على طبيعة هذه الافكار الجديدة التي يُعمل على بلورتها توخياً للنجاح في بلورة قانون انتخابي، جزم بأنّ هذه الأفكار «مختلفة تماماً عن مشروع باسيل، وهي جديرة بالبحث وقد يكون رفضها صعباً، إذ اننا نحاول من خلالها ان تكون المعايير واحدة ودقيقة».
عون
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أكّد مجدداً أمس انّ إقرار قانون إنتخابي قائم على أساس النسبية «يشكّل باباً للاصلاح ويؤدي الى تأمين العدالة بين الاكثرية والاقلية»، لافتاً الى انّ الجدال الكلامي لا يوصِل الى نتيجة لأنّ الأزمة السياسية مُرفقة بأزمة اقتصادية.
وبالتالي، فإنّ التأجيل من شأنه مضاعفة حجم الأزمة بينما المطلوب هو إيجاد حل فعلي». وقال: «سنسير في نضالنا حتى الوصول الى تمثيل شعبي صحيح، والى حُكمٍ متجرّد من المصالح الشخصية».
بري
الى ذلك أكد بري، خلال «لقاء الاربعاء» النيابي، أنّ الإتصالات والنقاشات مستمرة للاتفاق على قانون جديد للانتخاب، ولفت الى أنّ هناك «أفكاراً جديدة هي الآن قيد النقاش». وأعلن: «ما زلنا في مرحلة جَوجلة هذه الأفكار، ولم نصل بعد الى حائط مسدود»، مؤكّداً «وجوب الاعتماد على معيار واحد، ولن أسير بأيّ قانون لا يحظى بالتوافق».
الحريري
في هذا الوقت، لم يكن مجلس الوزراء في منأى عن الاجواء المرافقة لمناقشة قانون الانتخاب، وإن اقتصر الامر داخل الجلسة على كلمة للحريري جاءت مُثقلة بالرسائل. الّا انّ كلام معظم الوزراء خارج الجلسة صَبّ في توقّع عودة الامور الى المربّع الاول. في حين عكس كلام عضوَي اللجنة الرباعية الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل أجواء تفاؤل باستكمال النقاش واقتراب التوصّل الى قانون انتخابي جديد.
واعتبر الحريري انّ التباين في وجهات النظر لا يعني الوصول الى الطريق المسدود، وأكد «انّ ورش العمل السياسية يجب ان تستمر، وانّ الوقوف على آراء جميع الأطراف والقوى مسؤولية الجميع، خصوصاً مسؤولية القوى المشاركة في الحكومة».
وقال: «الجميع ينادي بدفن قانون الستين، وهو قانون معمول به منذ أكثر من نصف قرن، وكل الدعوات تتركز على إنتاج قانون جديد، وهو قانون مرشّح لأن يعيش ايضاً عشرات السنين. لذلك يجب الّا نيأس من التوصّل الى قانون جديد، ويجب ان نملك القدرة على التضحية لبلوغ قانون لا يثير المخاوف لدى أي مكوّن من المكونات السياسية والطائفية».
واعلن أنه «على خط واحد» مع رئيس الجمهورية، مطمئناً «الغيارى الذين يراهنون على تخريب العلاقة بين أهل الحكم بأنّ شيئاً من ذلك لن يحصل، وانّ التفاهم على حماية الاستقرار السياسي راسخ ومتين وأقوى من ان تهزّه دعوات النافخين في رماد الماضي».
أبو فاعور
ولوحظ انه أثناء انعقاد مجلس الوزراء، حضرَ الوزير السابق وائل ابو فاعور موفداً من النائب وليد جنبلاط بعد أقل من 24 ساعة على زيارة «اللقاء الديموقراطي» للحريري. وحمل ابو فاعور الى الحريري رسالة مفادها انّ جنبلاط وأعضاء كتلته النيابية غير معنيين بأي قانون يجري نقاشه خارج النظام الاكثري او اتفاق الطائف.
وعلمت «الجمهورية» انّ زيارة ابو فاعور جاءت بعد اجتماع اللجنة الرباعية وبعد وصول مؤشّرات الى جنبلاط مفادها انه يتمّ النقاش في صيغة جديدة تقوم بدورها على النسبية، فسارَعَ الى تبليغ الحريري رسالة اعتراض، قبل ان يعلن وبلهجة تصعيدية أكثر «انّ الامر أصبح اكبر من قانون انتخاب»، محذّراً من «الدخول في اشتباك سياسي يوصِل الى أزمة وطنية شاملة اذا ما أصرّ البعض على قانون انتخاب يقوم على نسبية اعتبرها تقاسم حصص واستيلاء على المقاعد»، قائلاً: «لحمنا لا يُؤكل».
خوري لـ«الجمهورية»
ودعا الوزير غطاس خوري الى إخراج قانون الستين من التداول، وقال لـ«الجمهورية»: «الجميع يريدون قانوناً جديداً وسنصل إليه، والنقاش الحاصل يعني انه لن يتم إنزال قانون الأمر الواقع إنما بالتوافق، والمهَل ليست ضاغطة الى الحد الذي يتمّ تصويره، فاذا اتفقنا على قانون بعد دعوة الهيئات الناخبة نستطيع تعديل المهَل».
أرسلان لـ«الجمهورية»
وتحدث الوزير طلال أرسلان لـ«الجمهورية»عن إصرار الرؤساء الثلاثة على ضرورة التوصّل الى قانون جديد وعدم التسليم بـ«الستين»، وقال: «هذا إنجاز في حدّ ذاته، وإلّا فماذا نقدّم للبلد وهذا جزء لا يتجزّأ من البيان الوزاري الذي التزمناه».
وأصرّ «على الخروج من دوّامة الستين»، مشيراً الى «أنّ اللجنة الرباعية حُمّلت اكثر ممّا تحمل، فهي ليست مخوّلة اتخاذ قرار وعملها يقتصر على وضع مسودات بالتشاور مع الجميع، وتأتي بها في النهاية امّا الى مجلس الوزراء او الى مجلس النواب».
حراك كتائبي
وفي هذه الاجواء، بدأ وفد من حزب الكتائب جولاته على المسؤولين لشرح وجهة نظره وهواجسه الانتخابية، وكانت محطته الاولى معراب، على ان يزور اليوم تيار «المستقبل»، ورئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية بعد غد، ثم يلتقي باسيل بعد عودته من جوهانسبورغ.
وقال مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية» انّ الوفد نقل الى معراب «موقف الحزب الرافض بنحو قاطع قانون الستين، واستعداده للبحث في صيَغ عدة تمّ عرض سريع لبعضها.
وهي، بمعزل عن تفاصيلها، تتميّز كلها بقدرتها على ضمان صحة التمثيل وشموليته إنطلاقاً من ثابتة الحفاظ على التعددية والتنوع في البيئتين المسيحية والاسلامية بحيث يتأمّن تمثيل المجتمع المدني وهيئاته، كذلك تمثيل المرأة والإصلاحيين من أحزاب وشخصيات مستقلة».
وأكد المصدر تمسّك الحزب بضرورة التوصّل الى «قانون انتخاب يؤمن مقومات الحياة للعبة الديموقراطية، بحيث تضمّ الأكثرية التي سيفرزها القانون مسيحيين ومسلمين، وكذلك الأقلية التي ستعارض». وختم: «لا يجوز حرمان المجتمع المدني والمرأة من حقهما في ممارسة الرقابة على السلطة التنفيذية ومحاسبتها والمساهمة في التشريع».
المطارنة
في غضون ذلك ثَمّن مجلس المطارنة الموارنة في اجتماعه الشهري المساعي الجارية للاتفاق على قانون انتخاب جديد، ودعا الى الإسراع في وضع «قانون يَستلهم الميثاق والدستور ويحقق تمثيلاً صحيحاً لجميع أطياف المجتمع اللبناني». مشدداً على احترام المهل الدستورية.
المطران رحمة
وأكّد راعي أبرشية دير الأحمر وبعلبك للموارنة المطران حنّا رحمة لـ«الجمهوريّة» أنّ «بيان مجلس المطارنة واضح، يطالب بتطبيق اتفاق الطائف نصّاً وروحاً، أي أنّ «الطائف» أعطى المسيحيين 64 نائباً ويجب أن ننتخب الـ64، لكي يكون هذا الأمر ممرّاً للشراكة الكاملة بعد مدّة، ويستطيع حينها أيّ لبناني أن ينتخب الـ128 نائباً بغضّ النظر عن طائفته وانتمائه المناطقي، إذ لا يكفي الحديث عن التمسّك بـ«الطائف» نظرياً، ونقوم من جهة أخرى بممارسات مضادة».
أضاف: «إنّ بكركي تطالب بالشراكة الحقيقية، لكي يتسنّى للجميع المشاركة في صنع القرار، والموقف المسيحي الجامع يوصِل الى الهدف، وهذا يظهر من خلال التناغم بين بعبدا وبكركي و«القوّات» و«التيار الوطني الحرّ»، كما أنّ حزب الكتائب ليس بعيداً من هذا الجوّ، خصوصاً بعد زيارة وفد كتائبي معراب. لذلك فإنّ الثنائيّة المسيحية تتوسّع نحو تفاهم مسيحي أشمل لا يمكن تخطّيه، وسينتج بالتأكيد قانوناً عادلاً».
وتعليقاً على إشادة بري ببيان المطارنة، شدّد رحمة على أنّ «هناك قطاراً يسير وبرّي ليس غريباً عنه، وهذا القطار يعمل من اجل المصلحة الوطنية التي لا تتحقّق من دون المسيحيين الذين ظُلِموا وعانوا الحرمان والإضطهاد والتهميش والإبعاد طوال الفترة الماضية.
وعلى الجميع أن يقتنع بأنه لا يمكنه السيطرة على حقوق المسيحيين أو التفرّد بالحكم، لأنّ عودة المسيحيين الى الدولة هي ضمان بقاء لبنان المتنوّع، ولا عودة الى الزمن الماضي».
قليموس
وأكّد رئيس «الرابطة المارونية» النقيب انطوان قليموس لـ«الجمهورية» أنّ «الرابطة تتواصَل مع جميع الأطراف المسيحيين واللبنانيين في شأن قانون الانتخاب، وما زال مشروعها الانتخابي يحظى بتأييد، إذ أكّدت «الكتائب» الاستعداد للسير فيه، في حين أكّد «الحزب التقدّمي الإشتراكي» أنّ مشروع الرابطة هو الأقرب الى تطلّعات الحزب».
واعتبر أنّ «زيارة الكتائب الى معراب إيجابية، ويجب علينا كمسيحيين أن نتّفق على الثوابت الكبرى والأمور المفصلية التي تهمّ مجتمعنا بغضّ النظر عن الخلافات السياسية التفصيلية».
موفدان دولي وبريطاني
وفي هذه الأجواء، تستعد الدوائر اللبنانية لمناقشة ملف كلفة مواجهة أزمة النازحين السوريين مع المراجع الدولية. وفي هذا الإطار يصل غداً الى بيروت مسؤول الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليب غراندي ووزيرة الدولة البريطانية للتنمية الدولية بريتي باتل اللذين سيلتقيان الرؤساء عون وبري والحريري ومسؤولي المنظمات الدولية والأممية الكبار، ثم يزوران مخيمات للنازحين السوريين في لبنان.
وسيناقش المسؤولان الخطط الجديدة التي وضعها لبنان لمواجهة كلفة النازحين، وتلك التي تساعد المجتمعات المضيفة في إطار البرنامج الذي أعلنته الحكومة الشهر المنصرم للمواءمة بين حاجات لبنان والمساعدات الدولية لهذا البرنامج على كل المستويات.
المناطق الآمنة
إقليميا، ًطلبَت كلّ مِن الإمارات وروسيا مزيداً من التفاصيل من الإدارة الأميركية حول فكرة إنشاء مناطق آمنة في سوريا. وقال وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد في مؤتمر صحافي في أبوظبي إنّه لا بدّ من سماع مزيد من التفاصيل من الإدارة الأميركية قبل تأييد فكرة المناطق الآمنة في سوريا، مشيراً إلى أنّ مؤتمر أستانة برهنَ أنّه يمكن حلّ الأزمة السورية.
من جهته، طالب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ترامب بأن يكون أكثرَ تحديداً بشأن المناطق الآمنة المقترحة، مشيراً إلى أنّ تجربة هذه المناطق في ليبيا كانت مأسوية.
اللواء :
ماذا وراء أكمة البحث المتعثر عن قانون الانتخابات الجديد، يسمح بالانتهاء من قانون الستين، ويسمح أيضاً باجراء الانتخابات سواء في موعدها أو بتأجيل تقني معقول؟ وما حقيقة شبح الفراغ الذي يلوح في الأفق؟
الرئيس سعد الحريري كان واضحاً في مجلس الوزراء عندما أكّد انه «ليس في وارد الخلاف مع الرئيس ميشال عون، وأن أحداً لن يتمكن من تخريب العلاقة بين أهل الحكم. وان التفاهم بين اهل الحكم على حماية الاستقرار السياسي راسخ ومتين، وليس بإمكان أحد أن يهزه «من دعوات النافخين في رماد الماضي».
أهمية هذا الموقف، وفقاً لمصادر وزارية تابعت كلام الرئيس الحريري في مستهل الجلسة، والذي استمر قرابة ربع الساعة، انه وضع حداً لأية محاولة استثمار لعودة اللجنة الرباعية المؤلفة من وزيرين ونائب ومدير مكتبه (أي الرئيس الحريري) إلى نقطة الصفر، في بحث الصيغ الانتخابية، وفي محاولة تمنع اي أخذ ورد في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء الأربعاء المقبل في قصر بعبدا، وفي الوقت نفسه تأكيد على استئناف عمل الرباعية بحثاً عن صيغة جديدة.
وسط هذا الخضم المضطرب من الانقسامات المحلية حول الصيغة الانتخابية التي يمكن أن تقبل بها الأطراف، تحول قانون الانتخاب إلى عنوان اشتباك سياسي، تقدر الأوساط المعنية، انه خرج من دائرة المحلي إلى الإقليمي.
ولاحظت هذه الأوساط أن التوتر الأميركي – الإيراني المستجد من شأنه أن يرخي بذيوله القوية على النقاشات المتصلة بقانون الانتخاب والذي من شأنه أيضاً أن يُعيد تشكيل مجلس نيابي جديد تنبثق منه سائر السلطات الأخرى.
معطيات جديدة
وبالمحصلة، فان الحركة السياسية في الأسبوع الأوّل من العد التنازلي لدعوة الهيئات الناخبة، رست على المعطيات التالية:
1 – اعتبار قانون الستين غير قائم لاجراء الانتخابات، مع العلم أن القانون لا يلغيه الا قانون.
2 – اعتبار المهل التي نص عليها قانون الستين ذي الرقم 25، بما في ذلك تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات، مرتبطة بالقانون، فإذا تعطل تعطلت هي. وهذا غير قانوني أيضاً، ويثير إشكالية مع وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي لا يزال يبحث عن مناسبة للقيام بما ينص عليه القانون النافذ، وربما لن يطرح مسألة المهل وتشكيل الهيئة في الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، مع العلم ان مرسوم دعوة الهيئات الناخبة هو مرسوم عادي لا يحتاج الى أن يطرح في مجلس الوزراء، لكن نشره يجب ان يقترن بتوقيع الوزير المعني ووزير المال وكل من رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء، وبإمكان رئيس الجمهورية، وفقاً لرأي دستوري، ان يطرحه على مجلس الوزراء او يمتنع عن توقيعه، فلا يصبح بالتالي نافذاً.
وأشار مصدر مطلع إلى أن الرئيس الحريري لا يرغب في وصول الامور إلى هذا الحد، وبالتالي، فكلامه في مجلس الوزراء كان واضحاً لجهة «عدم اليأس من التوصل إلى قانون جديد»، وهو لا يرى، على حد ما نقله عنه وزير الاعلام ملحم رياشي بعد الجلسة، ان التباين في وجهات النظر «لا يعني الوصول إلى طريق مسدود»، وان الوقوف على آراء كل الأطراف «مسؤولية الجميع، ولا سيما القوى المشاركة في الحكومة».
موقف جنبلاطي
3 – بات بحكم المؤكد أن «صيغة باسيل» (وزير الخارجية جبران باسيل) لحقت بقانون الستين، بعد اجتماع الثلاثاء الماضي، حيث حضرت بقوة الهواجس الجنبلاطية التي عبّر عنها، وفقاً لما نقل إلى النائب وليد جنبلاط، وزير المال علي حسن خليل.
وليلاً، غرد النائب جنبلاط عبر تويتر: «نتفهم هواجس الغير، لكنني على يقين بأنهم يتفهمون هواجسنا، لذا فان قانون الانتخاب، ليس قطاراً أحادياً»، وهو كان صباحاً دعا الى الكف عن اسقاط مشاريع انتخابية تفرق ولا تجمع ومخالفة للدستور، وإلى تطبيق الطائف، معتبراً ان التهويل بالفراغ غير دستوري.
4 – ومع هذه الموقف الجنبلاطي المتصاعد من المتوقع أن تعود اللجنة الرباعية التي يمثل الوزير باسيل فيها النائب آلان عون للاجتماع للبحث بالصيغة البديلة التي بشّر بها الوزير رياشي، بعد تأكيدات الرئيس الحريري على طاولة مجلس الوزراء، والتي أراحت الوزراء ولم يعقبها تعليقات، مع العلم ان الرئيس الحريري ربط نجاح الحكومة بكامل اعضائها بنجاح اجراء الانتخابات الذي بدوره مرتبط بإنجاز قانون الانتخابات، بحسب ما كشفت مصادر وزارية لـ«اللواء».
وبعد انتهاء الجلسة، وعلى الفور، حضر الى السراي الكبير النائب وائل ابو فاعور، والتقى الرئيس الحريري للمرة الثانية خلال 24 ساعة، لمدة نصف ساعة، ونقل عنه أن «اللقاء الديموقراطي» معني بالقانون الأكثري وباتفاق الطائف فقط، في إشارة الى ان الفريق الجنبلاطي لا يزال على رفضه البحث في أية صيغة مختلطة أو نسبية.
وعلمت «اللواء» أن أبو فاعور أبلغ الرئيس الحريري موقفاً حاسماً قبل العودة إلى البحث في الصيغ، أو انضمام أحد نواب اللقاء الديموقراطي إلى اللجنة الرباعية، بحيث تصبح خماسية، ومحصلة هذا الموقف أن الحزب الاشتراكي امام المعادلة التالية: مقاطعة الانتخابات او قانون الستين.
5 – وعلى خلفية هذا الموقف الجنبلاطي، كشفت مصادر في 8 آذار لـ«اللواء» أن الاتصالات عبر الموفدين وبالواسطة لم تنقطع بين الرئيس نبيه بري والنائب جنبلاط، مشيرة إلى ان الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، من الممكن أن يستقبل جنبلاط إذا طلب ذلك.
6 – وبين تقاطع الثنائي الشيعي حول دعم العهد وانتاج قانون جديد للانتخابات، تكشف المعلومات من مصادر هذا الفريق لـ«اللواء»، أن ثمة خشية من دفع البلد إلى حافة الفراغ، لذا لا بدّ من تكثيف الجهود لانتاج صيغة تطمئن كافة الأطراف، وان كان الطرف المسلم (سنة وشيعة) لا مشكلة كبيرة لديهم في ما يتعلق بالصيغ، داعية للبحث عن مخرج قانوني ودستوري.
وأشارت هذه المعلومات إلى أن هذا ما قصده الرئيس برّي بقوله أن «الطريق ليست مسدودة»، وانه لن يسير بأي قانون لا يحظى بالتوافق.
7 – «القوات اللبنانية»، تداركا للمخاطر تبذل مساع من أجل العودة إلى صيغة المشروع المختلط 60 – 68 الذي سبق أن قدمته كمشروع قانون متكامل مع تيّار «المستقبل» والحزب الاشتراكي.
وتوقع مصدر وزاري حزبي لـ«اللواء» أن تتكثف الاتصالات على مستوى القيادات السياسية خلال الـ24 ساعة المقبلة، أو بحد أقصى الـ48 ساعة للبحث في موضوع القانون الانتخابي. مشيراً إلى انه ستكون هناك صيغة بديلة عن صيغة باسيل لا تثير مخاوف اي مكون من المكونات السياسية والطائفية.
ولفت هذا المصدر إلى أن المهل لم تعد حاجزاً أو شرطاً للاتفاق على القانون الجديد، طالما أن هذه المهل مرتبطة بالقانون النافذ حالياً، أي الستين، الذي ينادي الجميع بدفنه، بحسب تعبير الرئيس الحريري، وطالما ان المجلس سيّد نفسه، اذ بإمكانه ان يضع مهلاً جديدة في ظل القانون الجديد.
جولة لوفد كتائبي
تجدر الإشارة إلى أن الوفد الكتائبي الذي زار معراب، برئاسة الوزير السابق آلان حكيم أعلن تأييده لتعديل القانون المختلط لتحسين صحة التمثيل.
وأوضح مصدر مسؤول في حزب الكتائب ان زيارة معراب تأتي مع غيرها من الزيارات المماثلة المقبلة للقيادات الحزبية استكمالاً للجولات التي بدأها وسيستكملها النائب سامي الجميل مع المرجعيات الرسمية والسياسية.
وفي المعلومات أن على جدول زيارات الوفد الكتائبي لقاء اليوم مع تيّار المستقبل في السراي وزيارة إلى بنشعي للقاء النائب سليمان فرنجية يوم السبت المقبل.
اما لقاء الوفد الكتائبي مع رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير باسيل فقد تمّ التوافق بين الجانبين على ان يتم بعد عودة باسيل من زيارته الخارجية.
وشدّد المصدر الكتائبي المسؤول على أن الوفد يحمل إلى القيادات التي يزورها موقف الحزب الرافض لقانون الستين ولأية صيغة يمكن أن تنال من صحة التمثيل وشموليته ومن التعددية والتنوع.
وأكّد المصدر أن الكتائب لن تكون في وارد القبول بأي قانون لا يضمن تمثيل الاصلاحيين من أحزاب وشخصيات مستقلة ولا يؤمن تمثيل المرأة والمجتمع المدني.
8 – أما في بعبدا، فقد جدد الرئيس ميشال عون التأكيد على أن إقرار قانون انتخابي قائم على أساس النسبية «يُشكّل باباً للاصلاح ويؤدي إلى تأمين العدالة بين الاكثرية والأقلية»، لافتاً الى أن الجدال الكلامي لا يوصل الى نتيجة لأن الأزمة السياسية مرفقة بأزمة اقتصادية، وبالتالي فان التأجيل من شأنه ان يضاعف من حجم الأزمة بينما المطلوب هو ايجاد حل فعلي.
وأشار إلى «اننا سنسير بنضالنا حتى الوصول إلى تمثيل شعبي صحيح وإلى حكم متجرد من المصالح الشخصية، لنبني الدولة ونوجد نظاماً قوياً لا يقوى عليه بعد اليوم الأفراد بمصالحهم الشخصية فيصبحوا اقوى منه».
الاخبار :
لا تزال غالبية القوى السياسية النافذة في البلاد، تتجاهل حاجة البلاد إلى تغيير حقيقي. وتتصرف هذه القوى على أن أي تغيير، ولو جزئياً، يجب أن يكون عبرها ووفق رؤيتها. وهذه السياسات هي التي تتحكم بالنقاش حول قانون الانتخاب.
وفي كل مرة تصطدم القوى بعضها بالبعض الآخر، جراء أفكار ومقترحات لا تتناسب ومصالحها، تعود إلى نفس المربع، وتعاود البحث في مقترحات تصبّ أولاً وأخيراً في خدمتها مباشرة، وسط تجاهل تام لحاجات الناس في خرق ضروري من شأنه فتح الباب أمام الحد من تسلط القوى الطائفية على مقدرات البلاد. وبالتالي، فإن نقطة التوافق الفعلية بين الجميع، غصباً أو طوعاً، هي رفض العمل بنظام الاقتراع النسبي. وهذا النظام هو الذي كرّر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس القول إنه يتيح أفضل تمثيل.
وعلى هذا المنوال، ليس صحيحاً القول بأن فكرة القانون الانتخابي المختلط قد سقطت بعد. وجديد اللجنة الرباعية قانونٌ مختلط معدّل. وتكشف المداولات الأخيرة، عن صيغة تقضي بانتخاب ٧٥ مقعداً وفق النظام الأكثري على مستوى الأقضية، على أن تُنتخب المقاعد الـ ٥٣ الباقية على أساس النسبية مع اعتماد لبنان دائرة واحدة.
وبحسب المصادر، فإنّ الاقتراح، الذي لا يزال مجرد فكرة، يقضي بأن كل دائرة يبلغ عدد مقاعدها اثنين أو ثلاثة، تُنتخب وفق النظام الأكثري، بصرف النظر عن مذاهب نوابها. وتشمل هذه الدوائر أقضية بشري وزغرتا والكورة والبترون والمنية ــ الضنية وجبيل وجزين وصيدا والزهراني والنبطية وبنت جبيل. أما في الدوائر التي تتجاوز مقاعدها الثلاثة، فيُنتخب ثلاثة مقاعد منها وفق النظام الأكثري، فيما يُعتمد النظام النسبي في اختيار المقاعد الباقية. مثلاً، في كل من بعلبك الهرمل وبيروت الثالثة، يُنتخب 3 نواب وفق الأكثري، و7 نواب وفق النسبي في دائرة لبنان الواحدة.
وبينما ساد انطباع بأن الفكرة ليس لها صاحب، أشاعت مصادر في اللجنة الرباعية أن حزب الله هو من طرحها. لكن مصادر قريبة من الحزب أكدت أنه «لم يطرح شيئاً بشكل رسمي باستثناء خيار النسبية». وكشفت المصادر أنّ الحزب يتعامل بإيجابية مع بعض المقترحات، غير متجاهل الهواجس السياسية عند قوى رئيسية في البلاد.
وتقول مصادر اللجنة إن المشكلة تكمن في استمرار التضارب بين مصالح وهواجس النائب وليد جنبلاط والرئيس الحريري من جهة، وبين مصالح وهواجس التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية من جهة أخرى. ورأت المصادر أنّ «هناك فكرة تُعمّم للنفور من القانون المختلط، لكن الحقيقة أنّه ليس كل قانون مختلط هو سيئاً». مضيفة: «البحث اليوم يتركّز على الوصول إلى قانون انتخاب مختلط جيّد».
وصف الـ«جيّد» حمّال أوجه. إذ تشير المصادر إلى أنّ المقترحات التي تُدرس من قبل الأطراف السياسية، تأخذ في الاعتبار نتائج الانتخابات وتأثيرها في أحجامها. فالتيار والقوات معنيان بحصد كل المقاعد المسيحية إن أمكن، فيما يخشى الرئيس الحريري من خسارة مقاعد لحساب معارضين له كاللواء أشرف ريفي الذي يؤرقه أكثر من معارضيه التقليديين المنتمين إلى قوى 8 آذار. بدوره، يتخوّف الحزب الاشتراكي من سقوط زعامة جبل لبنان الجنوبي. أما حزب الله وحركة أمل، فيتركز اهتمامهما على مصير تحالف ٨ آذار (من دون التيار الحر).
غير أن المستجد في المداولات الأخيرة، إعراب الحريري لأول مرة عن استعداده للموافقة على قانون قد يؤدي إلى خسارته لبعض المقاعد في كتلته، شرط أن تنحصر الخسارة في المقاعد غير السنية. بينما لا يريد جنبلاط تقليص كتلته درزياً، وأن يبقى قادراً على ضم مقاعد مسيحية وسنية.
أما على الصعيد المسيحي، فإن «القوات اللبنانية» لا تزال تدعم القانون المختلط، الذي يؤمن اقتراعاً أكثرياً على غالبية ساحقة من المقاعد المسيحية. بينما لم يبت التيار الوطني الحر بعد بوجهته النهائية، بعد العثرات التي أصابت آخر مشروع عرضه الوزير جبران باسيل. مع الإشارة هنا، إلى أن سفر باسيل لمدة أسبوع، سيعقّد إمكانية التواصل إلى تفاهم قريب. علماً أن الأمر قد يطول مع برنامج سفر مقرر لرئيس الجمهورية منتصف هذا الشهر. وقالت مصادر اللجنة الرباعية لـ«الأخبار» إن المختلط الجديد (75 أكثري و53 نسبي) قيد التداول حالياً بين القوى السياسية. وفي حال حظي بحد أدنى من التوافق