المؤتمر الذي انعقد في الاستانة عاصمة كازاخستان بين طرفي الصراع في سوريا. النظام وفصائل المعارضة السورية المسلحة بدعوة روسية تركية وموافقة ايرانية لأجراء محادثات قد تشكل أساسا يمكن البناء عليه لأيجاد حل للأزمة السورية التي دخلت سنتها السادسة جاء مخيبا لامال الشعب السوري الذي يتعرض لأشد أنواع الحروب شراسة ويعيش تحت أقسى ظروف الحياة معاناة ومأساة إذ أن عدد قتلى هذه الحروب جاوز النصف مليون قتيل واضعافهم من الجرحى والمعوقين عدا الخراب والدمار الذي لحق بمعظم القرى والمدن السورية وأكثرها عراقة كمدينة حلب وحمص وتدمر والعاصمة دمشق فضلا عن عمليات النزوح والتهجير التي طاولت أكثر من ثلث السكان باتجاه مناطق أكثر أمنا في الداخل السوري أو خارج البلاد باتجاه دول الجوار او إلى أوروبا وأميركا.
على ان الوقائع الأكثر خطورة التي فرضتها تطورات الحرب في الميادين السورية تكمن في عملية ضرب المجتمع السوري الذي تشرذم طائفيا ومذهبيا وقوميا عدا بروز مجموعات مسلحة مدعومة من قوى خارجية تمارس الإرهاب والإجرام بأبشع صوره ولا هدف لها سوى التنكيل والتشبيح ومتفلتة من اي اعتبارات أخلاقية وانسانية.
ومؤتمر الاستانة الذي فشل في فتح ثغرة في جدار الحل السوري فإنه نجح في تثبيت الخلاف بين فصائل المعارضة السورية المسلحة وتأجيج الصراع فيما بينها إذ أنه وبدلا من أن تتوحد هذه الفصائل وتندمج في مكون واحد للوقوف في وجه النظام وحلفائه فإنها تشتت وانقسمت فيما بينها بين مؤيدة للحل السياسي ومعارضة له حيث شهدت بعض المدن السورية ومنها إدلب ومحيطها اقتتالا بين فصائل المعارضة فيما بينها من شأنه ان يعطي للمرحلة المقبلة عنوانًا عريضًا وهو أن المعارضة تقتل بعضها إلا إذا استيقظت ووحدت الجهود نحو هدف واحد.
إقرأ أيضًا: هذا ما تسعى إليه إيران في سوريا
لكن وبفعل العوامل الدولية والإقليمية فقد انحصرت قوة المعارضة بين ثلاث مكونات هي هيئة تحرير الشام وحركة أحرار الشام وما يسمى بالجيش السوري الحر.
ووفق مصادر سورية فإن النتيجة ستكون في ما بعد بقاء فصيلين هما أحرار الشام وتحرير الشام.
وفي المعلومات الواردة من الميدان السوري أنه إذا كان القتال متوقف حاليا إلا أن الأجواء توحي بأن الصدام قادم لا محالة بين فصائل المعارضة والمستفيد الأول هو النظام وحلفائه.
وفي هذا الصدد تعلق بعض المصادر بالقول أن مؤتمر الاستانة نجح في الإيقاع بين الفصائل السورية المسلحة.
فالمحلل العسكري اللواء فايز الدويري يعتبر وبناءًا على هذه التطورات أن الثورة السورية اليوم تقف أمام منعطف خطير قد يكون في اتجاهين متناقضين.
الأول إتجاه إيجابي ويعتمد على أن كل الفصائل المتقاتلة في إدلب ستنضوي تحت قيادتين هما هيئة تحرير الشام وحركة احرار الشام وبالتالى إمكان تجاوز الخلافات البينة وبقيادتين مركزيتين خصوصا إذا كان القادة عقلانيين ووطنيين ولا يطمحون إلى إنشاء دولة الخلافة او ترسيخ الرايات السوداء.
إقرأ أيضًا: التعاون الإيراني - السعودي أمر مستبعد
والثاني وهو منعطف سيء جدا إذ أنه ورغم اختفاء اسم أبو محمد الجولاني من الساحة السورية وحل فتح الشام نفسها وهي جبهة النصرة سابقا والاتجاه نحو تشكيل مكون جديد مع مجموعات أخرى تصنف على أنها معتدلة تحت مسمى هيئة تحرير الشام، لكن يبدو أن هذا المكون الجديد مصر على أن يتبع الفكر التكفيري السابق نفسه، وهذا يعني الدخول في صراع دموي رهيب سيؤدي إلى نتائج سيئة ستكون تدميرية للقوة السورية.
ويتابع الدويري الدلائل تشير إلى أن نيات هيئة تحرير الشام غير صادقة ما يعني ترجيح الخيار الأسوأ.
وعليه يمكن القول بأن مؤتمر الاستانة نجح في تفريق فصائل المعارضة السورية وتشتيتها على قاعدة أن البعض منها يؤيد الحل السياسي فيما يعارضه البعض الآخر الأمر الذي فتح الباب لحروب دامية يدفع ثمنها الشعب السوري من دمه وأمنه واستقراره.