الإسم هو كلّ شيء. حين تحبّ امرأة، أوّل ما تفعله هو أن تغيّر اسمها. على سبيل المثال، "سمر"، تصير "سمّورة"، أو "حبيبتي". حتّى على الهاتف، تغيّر الاسم من "Samar" إلى "Habibti". بينك وبين نفسك أوّلا، تغيّر الاسم، قبل أن يطلقه اللسان إلى آذان الآخرين.
الإسم هو كلّ شيء. مثلا، حين تعيد زوجتك من اسم "حبيبتي" إلى اسمها، بعد سنوات من الزواج. يعود إسمها "سمر" مرّة جديدة. تكون العلاقة قد تدهورت إلى حدّ إعادتها في الزمن إلى الوراء، وإطلاق الحكم باستعادة الإسم الأصلي، قبل الخطيئة، خطيئة الزواج. في الاسم يكمن الحكم والمحكمة.
أو مثلا، حين يسمّيكِ زوجكِ: "أم علي" بدلا من "سمر". حينها يكون قد نقلكِ من رتبة "الحبيبة" إلى مرتبة "الزوجة" ثم إلى "أم الأولاد". وهنا أيضاً، في الاسم يكمن السرّ، والفارق.
"وعلّم آدم الأسماء كلّها". الأسماء هي ما ميّز البشر، في الرواية الإسلامية، ورفعهم فوق مصاف الملائكة. في سورة البقرة: "وعلّم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين، قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال: ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون".
الإسم، حين تقول لزميلك: "يا صديقي"، أو "يا أستاذ". بين الصديق والأستاذ، مسافة عمر وعشرة. في بعض الأحزاب: "رفيق"، وفي أحزاب أخرى: "أخ". في حانات المراهقين: "يا برو Bro"، أو "يا مان Man"، وفي شوراع الفتوات: "يا إييوّ" أو "إنتَ يا".
إسم النداء جملة كاملة، تعريف شامل، وهويّة ناجزة. هو "لقب" أو "كنية" أو "Nickname". هو تحديداً ما يحدّد علاقة المتحدِّث بالمتحدَّث إليه، علاقة اللسان بالأذن التي أصابها، واختصار لذكريات وأيام وحوادث.
الإسم، ومنه، الإثم. أسماءٌ كثيرة تسبق أصحابها. أسماء الزعماء مثلا: الجميّل، جنبلاط، عون، الحريري. الإسم وحده يكفي. يختصر طائفة، أو مذهباً، أو منطقة، أو حزباً، أو مجموعة كبيرة من الناس. الإسم، ومنه الإثم. أن تكون من عائلة فقيرة، أو ابن سارق معروف، أو شقيق قاتل، أو قريب إرهابيّ. مثل الشاب الصيداوي عمر العاصي، الذي عانى لأيام من تشابه الأسماء مع الإرهابي عمر العاصي.
والإسم الذي نطلقه على بعض، يكون صفةً أحياناً: ضباط، وزير، نائب، عاشق، عشيقة، ثرثارة، مدعوم، معتّر. لا يهمّ الإسم حينها. تصير الصفة هي الإسم: شجاع، قويّ، ضعيف، نسونجي، كذّاب، فنّاص، لعّيب، عيّيش، مهموم...
كلّ شيء يبدأ بالإسم، وينتهي به. حانات كثيرة تقفل ليعود مالكها ويفتتح غيرها، على بعد أمتار، بديكور جديد، وموظفين مختلفين، واسم آخر. الناس يحبّون الأسماء الجديدة. أسماء الحانات والمذيعين والعشّاق والطعام والشراب.
البشر مغرمون بتغيير الأسماء. لا يسمّون فقط أحبابهم وزملاءهم وأصدقاءهم، بل يسمّون حيواناتهم، وبعضهم يسمّون سياراتهم، وثيابهم: "الكنزة التي أحبّها"، يقول طفلُكَ، أو "بوط التلج".
أضِفِ البندورة إلى "الرزّ بالدجاج" يصير اسمها "كبسة"، وأضف الباذنجان، يصير اسمها "مقلوبة".
أضِف مقعداً نسبياً وسط 10 مقاعد أكثرية، يصير اسمها "نسبية"... مقلوبة أو كبسة أو رزّ ع دجاج، لا فرق. المهمّ الإسم، أو غيّر الحانة... لن يتغيّر القانون، سيتغيّر الاسم فقط.
إِثْمُ الإسم: من الحبّ.. إلى النسبية
إِثْمُ الإسم: من الحبّ.. إلى...محمد جواد
NewLebanon
التعريفات:
مصدر:
خاص موقع لبنان الجديد
|
عدد القراء:
2909
عناوين أخرى للكاتب
مقالات ذات صلة
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro