كل من تابع المشهد السياسي المحلي يكشف ان لبنان يعيش ازمة نظام حقيقية وليس ازمة انتخابات وقانون انتخابي، وطالما البلد يسير وفق مصالح الطوائف وحصصها فان لبنان ينتقل من ازمة الى ازمة وكل ازمة مفتوحة على كل الاحتمالات في ظل اعتبار كل القيادات السياسية ان قانون الانتخابات مسألة حياة او موت بالنسبة لهم ولا احد مستعد للتراجع قيد انملة، حتى ان الطبقة السياسية تربط مصالحها الخاصة بمصالح الطوائف وتصبح الطائفة مهددة ومغبونة اذا تراجعت الحصة النيابية لهذا او ذاك.
اللجنة الرباعية لم تحقق اي تقدم في جلستها امس وعادت الى نقطة الصفر، وكل مشاريع القوانين سقطت من الستين الى النسبية الشاملة او الجزئية الى المختلط، وقانون نجيب ميقاتي 31 دائرة، بسبب الفيتوات المتبادلة، والفراغ يتقدم جراء استحالة الوصول الى قانون انتخابي قبل 21 شباط اخر يوم لدعوة الهيئات الناخبة الى انتخاب مجلس نيابي جديد في 21 ايار على القانون الحالي اي الستين، خصوصا ان موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون كان حازماً في جلسة مجلس الوزراء، ما قبل الاخيرة في بعبدا حيث تصدى بشكل حازم لوزير الداخلية نهاد المشنوق الذي كان قد بدأ بتلاوة اسماء هيئة الاشراف على الانتخابات المؤلفة من 10 اسماء وقال الرئيس عون «المسألة قانون الانتخاب اولاً، وعلى اي قانون سنحصل، ارفض الستين وانا مع النسبية، وبين الفراغ او التمديد، اختار الفراغ على ان تجري الانتخابات على اساس الستين»، وتوقف المشنوق عن تلاوة الاسماء مع دعوة اللجنة الرباعية لتكثيف اجتماعاتها قبل 21 شباط مقابل تأجيل تقني للانتخابات.
هذا الموقف وصفته مصادر الاشتراكي بانه انقلاب على الطائف الذي ينص على اجراء الانتخابات حسب القانون القديم اذا تعذر الوصول لقانون جديد. ودعا النائب وليد جنبلاط الى التمسك بالطائف، وحذر من خطورة الانقلاب عليه لانه يجر الى مشاكل كبرى.
ويبدو ان حدة السجالات بين جنبلاط والتيار الوطني الحر والقوات اللبنانية ستتصاعد كونهما القوتين الاساسيتين في الجبل، والثنائي المسيحي سيسترد التمثيل المسيحي اليه من احضان جنبلاط وهذا ما يرفضه الاخير.
وبعيداً عن المجاملات الديبلوماسية في الاعلام، فان تسريبات الكواليس للاجتماعات المغلقة تؤكد ان النقاشات حامية ودقيقة وعلى النقطة «والفاصلة» رغم ان اللجنة الرباعية ابعدت اجتماعاتها نهائيا عن الاعلام ووضع ميثاق شرف بعدم التسريب.
لكن المعلومات والتسريبات تؤكد ان الاجتماعات اخذت مساراً جدياً خلال لقاء الجمعة الماضي لرباعية التيار الوطني وامل وحزب الله والمستقبل مع طرح الوزير جبران باسيل القانون المختلط القائم على «الاكثري على الستين والنسبي على 9 دوائر» نشرته «الديار» الاحد. وفي المعلومات، ان الوزير باسيل التقى الدكتور جعجع ليل الخميس الماضي اي قبل يوم من لقاء الرباعية وتم التوافق على المختلط، وحول الاجتماع الرباعي ورغم ان تيار المستقبل لا يعتبر المختلط على قدر آماله وقد يشلّحه بعضاً من مقاعده لكن نادر الحريري انحاز الى جانب باسيل، فالمختلط يعطي الثنائي المسيحي 55 نائباً مسيحياً والمستقبل 90% من النواب السنة.
الثنائي الشيعي وحسب المعلومات طلب اعطاءه المزيد من الوقت لدرس المختلط بكل تفاصيله، وامس رد الثنائي الشيعي خلال الاجتماع الرباعي برفضه للمختلط بكل تنوعاته، واقترح قانون الوزير نجيب ميقاتي على اساس 13 دائرة مع النسبية الشاملة فرفضه باسيل ونادر الحريري وعادت الامور «مكانك راوح».
اللوحة السياسية وحسب المعلومات باتت الان مقسومة بين تحالف الثنائي المسيحي والمستقبل من جهة والثنائي الشيعي مدعوماً من جنبلاط والرئيس ميقاتي والكتائب والمردة والنواب المستقلين.
ويصر الثنائي الشيعي على انتخاب النواب خارج القيد الطائفي مع تشكيل مجلس للشيوخ، خصوصاً ان حزب الله بالتحديد يضع معركة رئاسة الجمهورية المقبلة نصب عينيه، فيما اتهم وزير الاشغال يوسف فنيانوس الثنائي المسيحي بان المختلط هدفه قطع الطريق على سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية المقبلة، وبالتالي فان الرئيس نبيه بري مدعوماً من جنبلاط وكل قوى 8 آذار سيحاولون من خلال اي قانون انتخابي منع الثنائي المسيحي من الحصول على الثلث المعطل نيابيا اي 43 نائباً وامتلاكهم القدرة على تعطيل مشاريع القوانين التي تحتاج الى 86 نائباً، فالمشاريع الذي يردها العماد ميشال عون خلال 15 يوما من خلال حقه الدستوري تحتاج الى 86 نائبا لكي تصبح نافذة بعد ردها، والمختلط يعطي الثنائي المسيحي 55 نائباً اي الثلث المعطل وتعطيل عمل المجلس النيابي والتحكم بمصير البلاد، كما تحكم الثنائي الشيعي من خلال الثلث المعطل وابقاء البلاد في مرحلة الفراغ لسنتين وهذا هو جوهر الخلاف. فقانون المختلط يقضي باجراء الانتخابات النيابية في الاقضية المسيحية في الكورة الى زغرتا وبشري وجبيل والمتن وكسروان وبعبدا وجزين على اساس الاكثري مع استثناء زحلة، فانتخابات نوابها الثمانية على النسبي، وبالتالي يتحكم الثنائي المسيحي في مقاعد فرنجيه في زغرتا وميشال المر في المتن وبطرس حرب في البترون وبعبدا وبيروت حيث 5 نواب مسيحيين على الاكثري، وهذا يشكل نقزة للثنائي الشيعي، ولن يقبلا بتمريره مهما كانت الاعتبارات، حسب مصادر مقربة من الطرف الشيعي.
وفي موازاة الرفض  الشيعي فان النائب وليد جنبلاط شن هجوماً عنيفاً في مجالسه على المختلط ووصفه «بالمسخ» والقانون العجيب الغريب، مؤكداً انه لن يتراجع واذا اراد الثنائي المسيحي رفع السقف الى هذه الدرجة فنحن سنرفع السقف ايضاً الى اقصى الحدود وليحصل ما يحصل.
وما زاد في الغضب الجنبلاطي هو حصوله على محضر اجتماع اللقاء الرباعي ما قبل الاخير، وتفاجأ بموقف الوزير جبران باسيل المكتوب في محضر الجلسة «لن نساير جنبلاط بالنواب المسيحيين في الجبل ولماذا سيأخذ نائباً مسيحياً» وطار صواب جنبلاط من باسيل ونادر الحريري الذي لم يرد على باسيل بأي كلمة وجاء الدفاع عن جنبلاط من قبل الثنائي الشيعي بأننا «لن نقبل ان نخدش معنويات جنبلاط في الجبل. وفي المعلومات ان جنبلاط طلب موعداً للقاء السيد حسن نصرالله وسيعقد قريباً، حسب ما اوحت مصادر جنبلاطية.
وما زاد في الغضب الجنبلاطي من الحريري ان الرئيس الحريري واثناء لقائه وفداً دينياً مؤخراً قال بوضوح «هناك قانون انتخابي جديد لا يمكن ان نوقف البلد كي يرضى جنبلاط، القانون يراعي هواجسه لكن الستين مرفوض، ووصل هذا الكلام لجنبلاط فزاد من قلقه وهواجسه وارسل على الفور وفداً من اللقاء الديموقراطي الى الرئيس نجيب ميقاتي وقبل موعد اللقاء مع الحريري بساعات وقد ابلغ الوفد الاشتراكي رئيس الحكومة بوضوح رفضه للمختلط حتى ان الاشتراكي ربما زار الوزير السابق أشرف ريفي وكل القيادات السنية لوضعهم في مواقفه، وما زاد من غضب جنبلاط ان نادر الحريري لم يضع الاشتراكي بتفاصيل اللقاءات الرباعية على عكس ما اعلن في وسائل الاعلام، وحسب مصادر مقربة من الاشتراكي فان المعلومات بالتفاصيل يحصل عليها جنبلاط من الرئيس بري، حيث يتولى علي حسن خليل مدعوماً من النائب علي فياض الدفاع عن هواجس جنبلاط ومراعاته. فيما نادر الحريري يكتفي بالصمت حيث «الطراطيش» الكبرى ضد جنبلاط تأتي من جبران باسيل، هذا مع العلم ان جنبلاط يتلقى يومياً جرعات دعم من الحريري والقول «ابو مصطفى الى جانبك يا ابو تيمور في السراء والضراء ولا يهمك، واي قانون لن يكون على حسابك وسندعمك في حاصبيا وراشيا وكل المناطق».

ـ القوات اللبنانية ـ

مصدر بارز في القوات اللبنانية اكد لـ«الديار» ان ثوابت القوات اللبنانية معروفة وهي:
لا عودة الى الستين، لا للتمديد، نتمسك بقانون جديد للانتخابات، القانون المختلط يشكل المساحة المشتركة بين كل القوى السياسية لاخراج البلد من ازمته، لكن وللاسف هناك من يريد من وراء القانون الانتخابي ادخال البلد عن سابق تصور وتصميم في ازمة وطنية، وما الهدف من اعادة الانقسام السياسي الى البلاد بهذا الشكل، وهل المقصود ضرب مشروع الدولة مع انتخاب العماد ميشال عون، ام المقصود استهداف الفاعلية المسيحية التي ظهرت مع انتخاب العماد عون وستستكمل في الانتخابات النيابية، ويؤكد المصدر القواتي: التمسك بالطائف والقوات اللبنانية اكثر مَن دافع عن الطائف. لكن هذا الاتفاق لم يطبق منذ 1990، والمطالبة باقرار الطائف لا تتم الا عبر قانون انتخابي يؤمن صحة التمثيل. واكد ان المختلط لا يلغي احداً ولا نريد تبديد هواجسنا على حساب فئات اخرى ومن لديه قانون افضل فليطرحه شرط ان يراعي صحة التمثيل، وان يحظى بقبول سائر الاطراف السياسية لكن الرفض لمجرد الرفض وعدم التقدم باي اقتراح وتسويقه امر مرفوض.
واكد ان الاصرار على الستين والتمديد من قبل البعض سيجر الى مواجهة دستورية، واذا اصروا على مواقفهم سننزل الى الشارع لمواجهة التمديد والستين وهذا حقنا،  والامور مفتوحة على كل الاحتمالات، واذا اراد البعض الرقص على حافة الهاوية فليتحمل النتائج