في الفترة الماضية، وصلت إلى جمعية المستهلك ومديرية حماية المستهلك في وزارة الإقتصاد، شكاوى من مواطنين عن وجود عفن في منتجات إحدى أشهر أنواع الجبنة القابلة للدهن (مطبوخة)، وأكثرها مبيعاً في السوق اللبنانية، رغم أنها لم تكن منتهية الصلاحية.
هذه الشكاوى وصلت، إلى هاتين الجهتين، من أماكن مختلفة في لبنان، وقد تم شراء هذه السلع من محال تجارية كبيرة وصغيرة. تكررت الشكاوى بكثرة ومنذ مدة غير قصيرة، وفق ما يؤكد رئيس جمعية المستهلك زهير برو لـ"المدن". في التخمينات الأولية، يستبعد المعنيون أن يكون سبب هذا العفن مشكلة في عملية التصنيع. إذ كان يمكن للشركة المستوردة حصراً هذا النوع من الجبنة في لبنان، رد المنتجات هذه إلى الشركة المصنعة في بلد المنشأ. فهل جرى التلاعب في تاريخ الصلاحية؟ أم أن هذه السلع خزنت بطريقة غير صحية؟
يؤكد رئيس مديرية حماية المستهلك طارق يونس، في حديث إلى "المدن"، أن المديرية تحركت فور ورود الشكاوى، وقد تبين في نتيجة التحقيق أن شروط التخزين ونقل السلع وعرضها لم تتم بشكل صحيح، في بعض المحال التجارية وفي مستودعات الشركة، حتى باتت غير مطابقة للمواصفات وغير صالحة للاستهلاك البشري. وثبت للمديرية أن خللاً قد طرأ على هذه السلع عندما قدمت الشركة عرضاً ترويجياً (باكجينغ)، بحيث وضعت مجموعة من علب الجبنة في رزمة واحدة ولُفت بشريط باستخدام طريقة حرارية. ما أدى إلى رفع حرارة المنتج وتعفنه.
هكذا، طلبت الوزارة من الشركة المستوردة معالجة المشكلة فوراً، إذ إنها تؤمن نحو 90 في المئة من حاجات السوق من هذا النوع من السلع. وقد استجابت الشركة واستعانت بخبراء فرنسيين أكدوا أن الشريط اللاصق الذي وضع على الرزمة هو الذي تسبب بهذا التعفن. ثم طلبت الوزارة من الشركة سحب جميع السلع من السوق، بمعزل عن حجم السلع الفاسدة، وأمهلتها نحو ثلاثة أسابيع لانهاء هذه العملية. وأشرفت المديرية على تلف الكمية الموجودة في مستودع الشركة والكميات التي استردت من التجار، وفق يونس.
مع ذلك، فإن هذه الاجراءات لم تكن كافية لانهاء وجود عينات مشابهة في السوق، إذ إن رفع السلع اقتصر على بعض التجار الذين يشترون مباشرة من الشركة المستوردة، وهم بدورهم يبيعون لكثير من التجار الآخرين. بالتالي، كان صعباً سحب جميع هذه السلع من الدكاكين الصغيرة وغير المعروفة، وهي لاتزال في السوق بدليل أن الشكاوى لاتزال ترد إلى المعنيين. لذلك طلب يونس من الشركة المستوردة اعطاء توجيهات للتجار بأن يعطوا التجار الصغار تعليمات عن كيفية نقل هذا النوع من السلع وتخزينه وعرضه.
واذا كان المستهلك اللبناني قد اعتاد شراء بعض السلع غير الصالحة للاستهلاك، فإن برو يجد أنه كان من الضروري تحذير المستهلك وإعلامه بضرورة أخذ الحيطة والحذر من مثل هذه الأنواع الموجودة بكثرة في السوق، وفق نص المادة 45 من قانون حماية المستهلك، التي تؤكد ضرورة إعلام المستهلك باجراءات الوقاية اللازمة، ولاسيما أن هذه الأعفان تفرز سموماً. وهذا ما لم تفعله الوزارة حتى الآن.