"تشعر ليندا بحرقة كبيرة، هي تحلم بالتوجّه إلى بيت سامر، وعندما يفتح لها الباب، تصفعه على وجهه وتنهال عليه بالصراخ. تريد أن تقول له إنه "حيوان"، و"قاسٍ"، و"بلا قلب". بعد علاقة غرامية دامت أكثر من سنتين "تخلّى عنها فجأة، دون تقديم الأسباب"، مكتفياً بقول "إنه لم يعد مرتاحاً معها"، و"لا جدوى من أن يُكملا سوياً". هي تشعر بأنها مريضة لشدة الحزن على انفصالهما. تنام في فراشها منذ بضعة أيام وتبكي بينما تتداخل في قلبها وعقلها مشاعر الغضب والحزن والحقد والغيظ...تفكر ليندا دون توقّف لتجد جواباً على سؤال: "لماذا؟"، "لماذا تركني؟"، "لماذا فعل ذلك؟"، وتعيد في رأسها طوال النهار والليل آخر المحادثات والأحداث التي جرت بينهما وتسترجع المواقف، إلى حدٍّ يجعلها تغيب عن واقعها فهي منتقلة، تسافر في ماضيها لالتقاط لحظات جمعتها بمَن تركها، ولا تعود إلى الحاضر سوى لتحمل هاتفها وتقرأ بعد الكلمات التي كان قد كتبها لها على "واتساب" قبل الانفصال، أو لتراقبه متى يكون "أونلاين". هي شاردة إلى حدّ أنها لا تعي حتى ماذا يدور حولها ولا تريد سماع شيء.
تشبه حال ليندا حال فتيات كثيرات يعانين عوارض الانفصال عن الحبيب بعد أن اتّخذ هذا الأخير قراره فجأة وتخلّى عن الحبيبة. فالانفصال والطلاق يشكلان أحد أبرز أسباب التعصيب في حياة أيّ انسان، إذ يغيّران التوازن الهورموني في الجسم، ما يزيد وطأة الغضب والتوتر والحزن والقلق.
لا تفعلي ما يقوله قلبكِ
بخلاف ليندا التي يسكنها الحقد تروي فانيسا الشابة العزباء ابنة الـ 28 عاماً لـ "الجمهورية" وهي التي تركها حبيبها الأسبوع الفائت أنها تمسك نفسها لكي لا تتصل به، وهي حاولت في السابق ولم يجب على اتصالاتها ونداءاتها، وتقول: "أرغب في أن أكلّمه بشدة، أريد أن أتوسّله ليعود إليّ، حتّى إنني جاهزة لأن أرتمي أمام رجليه مردّدة أمامه أنني أحبه ولا أقوى على العيش من دونه".
حالة الغضب، أو الحزن ولوم الذات التي تمرّ بها الفتاة بسبب مَن "انفصم" وقرّر التخلي عنها وتركها حائرة ليست فردية، ولكن ينصحكِ علماء النفس بأن لا تجري أبداً وراء الرجل الذي تخلّى عنك لأنه سينفر منكِ ويبتعد أكثر فأكثر.
فلا يخال لكِ أنّ شريككِ قرّر ترككِ لأنه يشعر بنقص حبكِ له، ولن ينفعكِ أن تحاولي تأكيد حبكِ بالكلام أو بالأفعال حتى لو كنتِ تشعرين بالحنين والحاجة إلى ذلك. لا تركضي وراءه أبداً، لأنه سيهرب منكِ، إنما إفعلي العكس.
رغبة فانيسا بتوسّل حبيبها السابق لكي يعود إلى أحضانها يقابله وعي ندى (27 عاماً) التي مرت بهذه التجربة وأدركت أنّ الرجل لن يعود إن لحقت به. شريكها حاول إفهامها بأنه تحمّل ما يكفي منها، وتقول: "من الصعب سماع ذلك، والتعامل مع عدم رحمته، لأسباب غير مهمة تتعلّق بسلوكي، فأنا لم أخنه ولم أكذب عليه، ولكنه فجأة قرّر أنني "نكدة" وتخلّى عني بلا رحمة".
وتوضح: "أزعجته باتصالاتي ورسائلي الهاتفية حتّى إنني لحقت به مرات عديدة إلى مكان عمله، علّه يرضى ويعود، لكنني لم أجنِ سوى إذلال نفسي، فهو لم "يلكشني"، ولا يريد سماع شيء، "انفصم" ببساطة، ولم أتمكّن من تغيير رأيه، فانصرفتُ لعيش حياتي".
إهتمي بنفسكِ
إنّ الخطوة الأصعب والأهم بعد الانفصال هي بتمكّن الشخص من استرجاع شخصيّته وشعوره بكرامته وابتسامته. فآلام الفراق تجعل صاحبها مثيراً للشفقة، ويفقد فرحه بالحياة وبالتالي جاذبيّته ما يزيد نفور حبيبه السابق منه.
أدركت سمر (25 عاماً) هذه الحقيقة بعد أن تركها حبيبها فلم تجرِ وراءه بل ركّزت على استرجاع شعورها بالراحة مهتمّةً بنفسها وسعادتها. وبدل أن تنزوي وتبدأ بلوم نفسها لأنه تركها أو تحاول لومه وتوبيخه وافتعال المشاكل، تقبّلت الواقع وانصرفت لصناعة حاضر ومستقبل أفضل لها.
ويؤكّد خبير العلاقات العاطفية، الفرنسي كريستيان ساندر أنكِ عندما لا تتصلين به أبداً ولا تجيبين على مكالماته، قد تساهمين في إحياء مشاعره التي لم تختفِ بعد، وهي لن تحيا من جديد إلّا إذا اشتاق إليكِ. يجب أن تشعريه أنكِ أنتِ مَن وضع حدّاً للعلاقة، وتدعينه يعاني جراء غيابكِ، ليعود. أما وإن جعلته يشعر بأنك لازلتِ مغرمة به على الدوام وتتألّمين لفراقه، فلن يشتاق لكِ ولن يعود! وخصوصاً لا تقبلي بعرض صداقته لأنها ستُمحي فرصة اشتياقه، بل دعيه يشعر بأنه لن يراك مجدداً".