قبل كل انتخابات نيابية يتذكر ممثلو بعلبك الهرمل أن في هذه البقعة المرمية على حافة الإنماء، هناك عشرات آلاف المطلوبين بتهم مختلفة تتفاوت بين (تشابه الأسماء، إطلاق النار، زراعة حشيشة وترويج المخدرات، جرائم السرقة أو الخطف، وغيرها...) الأمر الذي يُلبس منطقة كفرت بالدولة، بممثيلها والأحزاب المهيمنة لباساً لم يكن يوماً على مقاس حرمانها، طيبة أهلها وحبهم للحياة التي يحاول البعض إبقاءها في عنق زجاجة الخروج عن القانون وبالتالي البطالة والإنماء غير المتوازن لأسباب سياسية بحتة.
مرّ أسبوعان تقريباً على اللقاء الذي جمع وزير العدل سليم جريصاتي بعضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب نوار الساحلي ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، الذي حصل على خط معالجة ملف المطلوبين في بعلبك الهرمل. وبالتالي على تشكيل "لجنة من فعاليات المنطقة وممثلين عن المطلوبين لمتابعة الملف مع القضاء".
تلفت مصادر متابعة لـ"ليبانون ديبايت" بأن العمل سيتركز مع المحاكم والقضاة المعنيين، لوضع آلية معينة تؤمن مخرجاً قانونياً لملاحقة المطلوبين وتسليم المحكومين، لأن لقانون العفو العام تعقيداته، لا سيما وأن العفو العام قد يطال جرائم الإرهاب، وهو الغير وارد إطلاقاً في ظل الإرهاب المتربص بلبنان.
أما الوضع ميدانياً، فعلى حاله، وتشير مصادر محلية بأن هذه اللجنة لا تتعدى كونها لجنة "إعلامية لتلميع صورة حزب الله السياسية أمام أهالي المنطقة". وتقول بأن حركة اللقاءات هذه وتحريك الملف، "ما هي إلا حركة موسمية إعتاد عليها أبناء المنطقة، وما عادت تمرّ عليهم ولا يتأملون بها خيراً، كونها لا تتجاوز عتبة كسب رضى الأهالي وبالتالي كسب أصواتهم في صناديق الاقتراع".
في حزيران الماضي تقول الأرقام بأن عدد مذكرات التوقيف في لبنان ككل بلغ 52 ألف مذكرة، بعد أن كان عددها منذ 5 سنوات 37 الف مذكرة، ويشكل أهالي بعلبك الهرمل أكثر من 70 في المئة من نسبة هذه المذكرات. كما يؤكد الناطق باسم لجنة متابعة العفو العام في بعلبك الهرمل قاسم طليس، في حديثه لـ"ليبانون ديبايت". ويشير طليس إلى أن إغراق بعلبك الهرمل بمذكرات التوقيف وعدم العمل على حلها بشكل جدي يعود للإمعان بسياسة حرمان أهالي المنطقة من الوظائف الرسمية، وإبقاء المنطقة خارج خارطة الإنماء.
ويُرجع عدم التوصل لحلول في هذه القضية لسببين اثنين، فـ"إما أن ممثلي هذه المنطقة غير قادرين على إيصال الصورة الحقيقية لقضية المطلوبين في بعلبك الهرمل، وإما هم لا يريدون ذلك وأن هناك سياسة ممنهجة لتبقى المنطقة عائمة على البطالة، الفقر والحرمان".
ويكشف طليس عن مسودة "قانون العفو العام المشروط " التي تعمل عليها اللجنة منذ أكثر من سنتين، والتي حصلت منذ 6 أشهر على تواقيع وموافقة كل الكتل النيابية، والتي تتضمن الآلية القانونية التي لها أن تحل قضية طالت فصول مأساتها على أهالي المنطقة.
ويناشد طليس باسمه وياسم لجنة متابعة العفو العام في بعلبك الهرمل، وأهالي المنطقة ككل، عبر "ليبانون ديبايت"، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بأن يكون وفياً للوعد الذي قطعه لتنفيذ العفو العام المشروط، خلال لقاءه قبل أشهر من انتخابه رئيساً للجمهورية. كما وتمنى على وزير العدل سليم جريصاتي أن يكون له لقاءات مع اللجنة لإطلاعه على مسودة القانون التي لها أن تكون مخرجاً لهذه القضية ومدخلاً للإنماء.
أيام تفصلنا عن الانتخابات النيابية، وعن ترجمة النوايا الحسنة تجاه قضية المطلوبين في بعلبك الهرمل. فإما أن تثمر حركة الأحزاب المعنية قانوناً يغير مجرى حياة منطقة بكاملها، وإما تصدق هواجس الأهالي الذين لا يعولون على هذه الحركة ويضعونها في إطار الحشد الانتخابي، والمتاجرة بمعاناتهم، لا أكثر ولا أقل ...!!!
ليبانون ديبايت