يتزايد الصراع بين موسكو وطهران على النفوذ في سوريا، بعدما أنهكت الأزمة المتطاولة البلاد والعباد، واستنزفت طاقات بلد كان يعد "محورياً" في الشرق الأوسط.


التدخل الروسي العسكري المباشر لإنقاذ نظام الرئيس بشار الأسد من السقوط أمام ضربات المعارضة السورية المسلحة، في أيلول 2015، "نجح" في تعديل كفة القوى لصالح حلفاء الأسد.

"تعديل" لم يجد وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، غضاضة في "التفاخر" به علناً في المؤتمر السنوي لشرح "إنجازات" الدبلوماسية الروسية خلال العام الماضي 2016، فجاء تصريحه بأن "دمشق كانت ستسقط خلال أسبوعين أو ثلاثة في يد الإرهابيين عندما تدخلت روسيا بسوريا"، ليفجّر أزمة كانت "محتقنة" مع حلفائه في المعسكر الداعم لنظام الأسد، ولا سيما إيران.

تزايد الصراع بين موسكو وطهران على النفوذ في سوريا، بعد أن أنهكت الأزمة المتطاولة البلاد والعباد، واستنزفت طاقات بلد كان يعد "محورياً" في الشرق الأوسط.

التدخل الروسي العسكري المباشر لإنقاذ نظام الأسد من السقوط أمام ضربات المعارضة السورية المسلحة، في أيلول 2015، "نجح" في تعديل كفة القوى لصالح حلفاء الأسد.

"تعديل" لم يجد وزير الخارجية الروسية، سيرغي لافروف، غضاضة في "التفاخر" به علناً في المؤتمر السنوي لشرح "إنجازات" الدبلوماسية الروسية خلال العام الماضي 2016، فجاء تصريحه بأن "دمشق كانت ستسقط خلال أسبوعين أو ثلاثة في يد الإرهابيين عندما تدخلت روسيا بسوريا"، ليفجّر أزمة كانت "محتقنة" مع حلفائه في المعسكر الداعم لنظام الأسد، ولا سيما إيران.

مزايدة إيرانية

"التباهي" الروسي الرسمي بما حققته الآلة العسكرية في وقف انهيار النظام السوري ، "استفز"، على ما يبدو، المنظومة الإيرانية الحاكمة، فجاء الرد أخيراً على لسان اللواء يحيى رحيم صفوي، المستشار الخاص للمرشد الإيراني علي خامنئي، الذي اعتبر أن "الاستشارات العسكرية" الإيرانية هي من "منعت سقوط بغداد ودمشق".

وقال صفوي: إن "دماء شهداء الثورة الإسلامية والدفاع المقدس أوجدت مدرسة المقاومة وأسلوب الصمود أمام الظلم في العالم الإسلامي".

وأضاف أن "تشكيل حزب الله والاستشارات الإيرانية في سوريا عززت من جبهة المقاومة الشعبية وانسجام الجيش بسوريا في مواجهة الإرهاب"، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية الجمعة.

وتابع صفوي: "في الوقت الحاضر، هناك 20 لواء من قوات الحشد الشعبي في العراق، تم تشكيلها استلهاماً من نموذج الثورة الإسلامية وتمكنوا من دحر عناصر داعش، الذين ارتكبوا أبشع الجرائم، في شرقي الموصل وسوف يحرر غربي المدينة أيضاً قريباً".

وتابع أن "الاستشارات العسكرية الإيرانية حالت دون سقوط بغداد ودمشق".

فجوة روسية - إيرانية

لا ينكر الأكاديمي المختص في الشأن الإيراني محجوب الزويري وجود "فجوة وخصومة روسية -إيرانية أخذت تتنامى في الآونة الأخيرة، بدأت من قرار وقف إطلاق النار في سوريا، وصولاً إلى مؤتمر أستانة، وهي مرشحة للاستمرار فيما سيحدث في المشهد السوري".

وأوضح الزويري أن تصريحات لافروف الأخيرة كانت "تسحب البساط من الدور الإيراني، وكانت رداً على ما يروج له الإعلام الإيراني من دوره في المنطقة".

ترميم الصورة

حاجة المنظومة العسكرية الإيرانية إلى ترميم صورتها لدى الشارع الإيراني، دوافع يفسر بها الأكاديمي المختص في الشأن الإيراني تصريحات صفوي، فحديث الأخير "موجه بالأساس إلى الداخل الإيراني لتبرير الإنفاق العسكري الكبير الذي تقوم به من دون محاسبة ومساءلة، واستمرار هيمنتها على المشهد السياسي في إيران".

ويتساءل الزويري عن مدى قدرة الخطاب الرسمي الإيراني على "تسويق" فكرة نجاحه وانتصاره في سوريا، بعد "خروج ما نسبته 70% من التراب السوري من سيطرة الأسد، ودعوة الإيرانيين أنفسهم موسكو لمساعدتهم في سوريا".

صراع العسكر والساسة

يؤكد الزويري أن هناك صراعاً متفاقماً بين جناحي العسكر والساسة في إيران، بعد التدخل الروسي في سوريا، حيث ينظر العسكر إلى أن موسكو "قطفت" ثمار ما قدمته طهران خلال السنوات الماضية؛ بسبب مواقف السياسيين الإيرانيين.

في المقابل، تخشى النخبة السياسية بإيران من ابتعاد موسكو عن طهران، مع قدوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الحكم في واشنطن، وتشعر بتهديد حقيقي يتمثل في إمكانية تخلي روسيا عنها؛ للتقارب مع الولايات المتحدة على حسابها، ما يبرر "صمت" النخبة السياسية الإيرانية على "تصدّر" موسكو للمشهد السوري، وهو أمر يميل إليه المرشد الإيراني نفسه؛ لاحتواء حقبة ترامب المقبلة.

تدرك موسكو جيداً أن الدور الإيراني في سوريا "فشل" في الحفاظ على حليفها بدمشق، وما التصريحات الإيرانية الرسمية للتذكير بما قدمته طهران لبقاء نظام الأسد، سوى "محاولة" لاقتناص ما قد تتركه روسيا لها من "فتات" الغنيمة السورية.

وفي حين يضغط قدوم ترامب إلى البيت الأبيض على ملف العلاقة الروسية-الإيرانية، ويعيد من حسابات طهران، تبقى تصريحات العسكر في إيران للاستهلاك الداخلي، والحفاظ على ما تبقى من "ماء وجهٍ" أُريق في جنبات العواصم العربية، من دمشق إلى صنعاء.

(الخليج اونلاين)