يبدو الرئيس نبيه برّي واثقاً من توصل القوى السياسية إلى قانون انتخابي جديد. يعتبر أن الأجواء تفيد بأن قانون الستين تم دفنه، ولا أحد يريد العودة إليه. بالتالي، فإن اللقاءات والمشاورات المفتوحة بين الأفرقاء، إلى جانب اللقاءات الثنائية والثلاثية والرباعية، كلها تشير إلى تحقيق تقدم على هذا الصعيد. صحيح أن بري قبل أيام اعتبر أنه لم يتم تحقيق أي تقدم، لكن المعطيات اختلفت خلال الأيام القليلة الماضية، وثمة خيارات متعددة يجري التباحث فيها والعمل عليها لنيل رضى كل الأفرقاء، فرئيس المجلس لا يزال على موقفه المبدأي والثابت، والذي ينطلق من الحفاظ على الميثاقية، بعدم السير في أي قانون جديد للانتخابات لا ترضى به طائفة أو مذهب.
في مضامين كلام بري، بعض الإشارات التي يرفض الإفصاح عنها، لكنها تفيد بأن لديه صورة واضحة عن القانون الذي يمكن التوصل إليه، خصوصاً ان الاحتمالات قيد الدرس يتقدمها القانون المختلط، مع اجراء الانتخابات على مرحلتين الأولى على الأساس الأكثري وفقاً لدوائر الستين، والثانية على الاساس النسبي وفقاً لدوائر المحافظة. فيما البعض يطرح الدمج بين هذا القانون وإقتراح القانون المقدم من بري، وقانون الثلاث عشرة دائرة المقدم من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي. لكن، حتى الآن، لا جواب نهائياً وواضحاً عن هذا الأمر.
لا يخفي بري ارتياحه إلى مجريات سير الأوضاع في لبنان منذ إنجاز التسوية الرئاسية، ولا يترك مناسبة إلا ويحرص خلالها على الإشارة إلى العلاقة الجيدة والإيجابية التي تربطه برئيس الجمهورية ميشال عون، رغم الخلافات السابقة. ويؤكد أن الصفحة طويت، والآن مرحلة البناء والتقدم والتعاون. وبهذه الإيجابية يصر على التعاطي مع الملفات كلها. وآخرها ما صرّح به عون، لجهة رفضه التوقيع على مرسوم اجراء الانتخابات وفقاً لقانون الستين، ورفضه لتأجيل الانتخابات ولو إضطر إلى حلّ المجلس وحلول الفراغ.
وفي وقت انتظر اللبنانيون رداً صاعقاً من بري على هذا الكلام، باعتبار أن عون يصوب سهامه في اتجاهه، وفيما حمّلها البعض أكثر مما تحتمل بالعودة إلى ما قبل الانتخابات الرئاسية، والخلافات التي كانت تحكم علاقة رئيس المجلس بعون، فاجأ بري الجميع بطريقة ردّه على موقف رئيس الجمهورية، مثنياً عليه. ويرى أنه عامل تحفيزي لكل القوى لأجل العمل بجدية وإنتاج القانون الجديد. وهو لا يعتبر أن كلام عون موجه ضده ومصوب نحوه.
ولكن، لا بد من السؤال عن ماهية القانون الجديد، في ظل مواقف النائب وليد جنبلاط. وهنا، يؤكد برّي أنه حريص على جنبلاط وملتزم بما يريده، مجدداً موقفه بأنه لن يسير بأي قانون لا يوافق عليه جنبلاط. ويقول: "هناك إتفاق وتواصل دائم بيني وبينه، وموقف حركة أمل في اجتماع اللجنة الرباعية هو نفسه الموقف المتفق عليه مع جنبلاط. وهذا ما سيتكرر في كل اجتماعات اللجنة.
أما عن الطروحات المقدمة للدعوة إلى جلسة عامة والتصويت على الإقتراحات، فيعتبر بري أن المسألة من مهمة الحكومة، لأن القوانين كلها أشبعت درساً. لذلك، على الجميع الإتفاق على قانون واحالته إلى مجلس النواب لإقراره والتصويت عليه. والوقت مازال يسمح بذلك. ولا أحد يهول علينا بالمهل، لأن لدى إقرار القانون الجديد بإمكاننا تعديل المهل واجراء الانتخابات في موعدها. وهذا ما سيحصل.