تحت عنوان كل زيادة على ضريبة الـT.V.A تتضاعف 5 مرات على المستهلك، كتب ذو الفقار قبيسي في صحيفة "الديار": الخبراء الاقتصاديون اقترحوا على وزارة المال 1 % زيادة على ضريبة القيمة المضافة، بحيث تصبح 11 % بدلا من 12 % أو 15 كما كانت الفكرة من الأساس.
وقد ساعدت عوامل عدة في اقتراح الـ 1 % النسبة المرجح الموافقة عليها من قبل مجلس النواب، في طليعتها ان أي عنصر اضافي في غلاء المعيشة، بقدر ما يؤثر سلباً على المعدل الوسطي لدخل المواطن، يؤثر من جهة ثانية على القرار الذي يتخذه أصحاب الرساميل، في ضوء زيادة اكلاف الاستثمار في لبنان، بالمقارنة مع اكلافها في بلدان أخرى في الجوار.
وبدء من تأثير الزيادة على دخل المواطن، فان هذا النوع من الضرائب اذا ارتفع الى أكثر من الحد الاقتصادي من شأنه أن يترك آثارا سلبية على الاستقرار النقدي الذي يتأثر عادة بعاملين اثنين هما مصدر التضخم: ارتفاع الطلب وارتفاع الكلفة. واحداهم عوامل الكلفة هي الضرائب غير المباشرة مثل الرسوم والبدلات (والرشوات لانجاز المعاملات)، والقيمة المضافة الاستهلاكية التي يحصلها التجار أو الصناعيون، كجزء من سعر بيع المنتج.. وهي ضريبة قد يتحملها المواطنون في فترة الازدهار الاقتصادي، لكنها تستنزف ميزانيتهم في الازمات، في وقت يتأثر دخل المواطن من تراجع الاستثمارات الخارجية بنسبة 42 % من 4,9 مليار دولار إلى 2,4 مليار دولار، وارتفاع الديون المتعثرة من 4.6 % الى 5.4 %، فيما الغلاء يستشري، حيث استناداً الى DATA BASE NUMBEO، بلغت العاصمة اللبنانية الدرجة الخامسة في ارتفاع غلاء المعيشة بين 22 عاصمة عربية، وفي المرتبة 229 بين أغلى 498 مدينة في العالم، وجاءت لناحية الغلاء الاستهلاكي مباشرة بعد 4 مدن عربية (الكويت ودبي والدوحة والدمام)، رغم الفارق الكبير في الدخل الفردي اللبناني والدخل الفردي الخليجي، والذي إذا أخذ في الاعتبار نسبياً تكون بيروت الأغلى بين المدن العربية، حتى أنها بكل المقاييس أغلى من مدن خليجية مثل أبو ظبي والشارقة ومسقط وجدة والرياض والمنامة، ومن عواصم بلدان اخرى منتجة للنفط مثل طرابلس الغرب والجزائر، علماً أن بيروت حسب احصاءات NUMBEO لجهة السلع الاستهلاكية أغلى من برلين! في وقت يشكو القطاع السياحي من فنادق ومطاعم، من أزمة مستمرة منذ سنوات في مؤشرات الـ(UMIC) حيث العاصمة اللبنانية بين مدن الـ OMLC (أو المدن في بلدان الدخل المرتفع والمتوسط) هي الأغلى في فاتورة المطاعم بين هذه المدن، والثانية (بعد الدوحة) بين المدن العربية.
وعلى الطريق، تأتي قريباً الزيادة على ضريبة القيمة المضافة على نسق محطات قطار متتالية، حيث تضاف هذه الضريبة بداية على استخراج مادة أولية، ثم تضاف على الحالة الوسطية التي تمر بها السلعة المصنوعة، ثم تضاف على الحالة النهائية قبل ان تضاف أيضاً وأيضاً عندما تصل الى البائع ثم الى المستهلك.
وعلى سبيل المثال إذا كانت سلعة ستصنع في لبنان، تبدأ باستخراج مواد أولية بقيمة 1000 دولار عليها الآن قبل الزيادة 10 % T.V.A. (100 دولار) ثم بمرحلة الهندسة بكلفة 2000 دولار 10 % T.V.A (200 دولار) ثم بمرحلة التصنيع النهائية بكلفة 2000 دولار 10 % T.V.A. (200 دولار) فسيكون مجاميع كلفة السلعة 5000 دولار منها مجاميع ضرائب كلفة مضافة في مختلف المراحل 500 دولار. ثم يضاف من قبل شركة التسويق على الكلفة النهائية أو الـ 5000 دولار 10 % T.V.A (500 دولار)، فيكون المجموع للكلفة والضريبة 5500 دولار يضيف اليها البائع (عندما تصل اليه السلعة) ربحه 50 % فيصبح الثمن النهائي للسلعة قبل بيعها 5500 دولار زائد 50 % أو (8250 دولار) يضاف عليها T.V.A. 10 % (825 دولار) عندما يشتريها المواطن أو السائح فتصبح 9075 دولار!
وهذه التحولات المتتالية في نسبة الـT.V.A تحصل على جميع المراحل التي تمر بها سلعة منتجة، الأمر الذي يترك أثره سلباً ليس على المواطن فقط، وإنما أيضاً على كلفة منتجات الصناعة اللبنانية التي تعاني أساسا من منافسة المنتجات الأجنبية المستوردة، وعلى حجم الاستثمارات اللبنانية والاجنبية.
ومع ذلك يبسّط البعض الزيادة ويبررها : ما المشكلة ! بسيطة .. انها مجرد 1 % فقط وليس أكثر!
(ذو الفقار قبيسي - الديار)