عِراك سياسي حول قانون مختلط وحنبلاط يطلب ضمانات تحالفية
النهار :
لم يحجب ملف قانون الانتخاب الذي يطغى على واجهة المشهد الداخلي ويحتل الاولويات الرسمية والسياسية، الهاجس الامني الذي عاد يشغل الجيش والاجهزة الامنية منذ احباط العملية الانتحارية في مقهى "الكوستا" قبل أسبوع تماماً. ذلك ان هذا الهاجس انتقل في اليومين الاخيرين الى مدينة طرابلس التي عاشت على وقع معلومات عن دخول سيارة "بيك أب " مفخخة المدينة لاستهدافها بعمل ارهابي، الامر الذي استتبع استنفاراً امنياً للجيش وقوى الامن الداخلي واتخاذ اجراءات احترازية مشددة وخصوصاً قرب المراكز الامنية والعسكرية والتجمعات المدنية والتجارية. وفيما رجحت المعلومات اختفاء أي أثر للسيارة المشبوهة بفعل فقدان عنصر المفاجأة لدى المخططين المحتملين للعمل الارهابي، أكدت مصادر معنية ان الجهات الامنية تعاملت مع المعطيات المتصلة بالسيارة المشبوهة بجدية كبيرة.
وفي سياق متصل، نقل زوار قائد الجيش العماد جان قهوجي عنه تأكيده ان التهديدات الارهابية جدية وما حصل في عملية مقهى "الكوستا" في شارع الحمراء ليل السبت الماضي جاء في ظل توقعات للجيش لمحاولات ارهابية لأن تنظيم "داعش" الذي يتكبد خسائر وهزائم في معظم مناطق المواجهات التي يتورط فيها في المنطقة ارتد الى الساحة اللبنانية وطلب من اتباعه تنفيذ عمليات ارهابية فيها. وأوضح العماد قهوجي كما نقل عنه زواره ان المحاولة الانتحارية التي احبطت في "الكوستا" كانت من تنفيذ "ذئب منفرد" هو عمر العاصي الذي كان الجيش يرصده ويتعقبه لكنه لم يكن يعرف انه سيكون هذا "الذئب" الذي حاول تنفيذ العملية الانتحارية ولدى الجيش تسجيلات وأدلة قبل توقيفه وبعد التحقيقات معه تثبت انه تلقى تعليماته من "داعش" ومن الرقة تحديداً. وبعدما شدّد على الجهوزية التامة للجيش في مواجهة التهديدات الارهابية، أبدى ارتياحه الواسع الى التنسيق الذي حصل بين الجيش وشعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي والذي أدى الى النجاح في احباط العملية الانتحارية في اللحظة الحاسمة، ولكنه لم يخف ان الامن ليس عملية حسابية كاملة بما يعني ان التحسب يجب ان يبقى في ذروته لكل الاحتمالات. وفي معرض الحديث عن التنسيق بين الاجهزة أكد قائد الجيش ان التغيير السياسي الذي حصل لم يؤثر على الاستعدادات الامنية وان العلاقة بين قيادة الجيش ووزير الدفاع يعقوب الصراف ممتازة والتنسيق بينهما تام.
الملف الانتخابي
اما على الصعيد السياسي المتصل بملف قانون الانتخاب، فعقد أمس طوال ثلاث ساعات الاجتماع الرباعي المخصص للبحث في هذا القانون في وزارة المال وقد ضم ممثلي "التيار الوطني الحر " و"تيار المستقبل " وحركة "أمل " و"حزب الله "، علما ان المشاركين فيه حرصوا على عدم تسمية الاجتماع "الرباعي". وعلمت "النهار" ان البحث تناول في حضور خبراء صيغة مشروع قانون انتخابي جديد وان النقاشات باتت محصورة بصيغة المختلط بين الاكثري والنسبي وفق القواعد التي تقلّص مساحات الخلاف وتضيّقها. وأوضحت مصادر المشاركين لـ"النهار" ان الامر معروض على مختلف الافرقاء السياسيين وسيعود كل طرف من المشاركين الى حلفائه للتشاور في محاولة للخروج بصيغة تحظى بتوافق الجميع.
ولم يكشف المجتمعون مكان اجتماعهم المقبل وموعده بعدما حرصوا على ان يكون اجتماعهم أمس بعيداً من الاعلام. وعبروا عن "حرص" على عدم تفسير الاجتماع بأنه "لقاء رباعي"، مع تأكيدهم ان لا شيء نهائياً حتى الان في نقاشاتهم المفتوحة على البحث مع كل الحلفاء والاطراف، توصلاً الى صيغة توافقية جامعة وعادلة ترضي الجميع.
ووصف النائب علي فياض النقاش بأنه "كالحفر في الصخر، وان الجهود حثيثة وجدية ".
وكان سبق الاجتماع الرباعي غداء للوزيرين جبران باسيل وعلي حسن خليل في حضور المدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم في وزارة المال استكمالا للقاء أول كان عقد في وزارة الخارجية لتفعيل العلاقات الثنائية بين "التيار الوطني الحر" وحركة "أمل".
في المقابل، أفادت مصادر في الحزب التقدمي الاشتراكي عبر "النهار" ان التغريدات التي اطلقها النائب وليد جنبلاط عن الحوار انما كانت ترمي الى ابراز ضرورة الجلوس الى الطاولة والتحاور في موضوع قانون الانتخاب في ظل استغراب اجتماع ممثلين لاربعة افرقاء وعدم دعوة الحزب الى المشاركة فيه وكذلك دعوة حزبي "القوات اللبنانية" والكتائب على سبيل المثال لا الحصر. فمع ان الوزير علي حسن خليل تولى نقل أجواء الاجتماع واتصل كل من الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري بالنائب جنبلاط وثمة اقتناع "تيار المستقبل" وحركة "امل" وحتى "حزب الله" بأن لا قانون من دون توافق الجميع اكدت المصادر ان هناك انزعاجا لعدم دعوة الحزب الاشتراكي الى الحضور بممثل له، علماً ان الوزير مروان حماده لم يدع الى الاجتماع الرباعي الذي انعقد بعد جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا. وهو ما يثير تساؤلاً عما اذا كان ما يتم التوافق عليه بين هؤلاء الافرقاء يشكل نواة لحل يكون الجميع مرتاحين بموجبه وما هو معيار التمثيل في الاجتماع الرباعي هل هو المستوى التقني أو السياسي.
ويشار في هذا السياق الى ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون شدد أمس على ان موقفه من وجوب اقرار قانون انتخاب يؤمن عدالة التمثيل قبل موعد الانتخابات المقبلة ليس جديداً اذ سبق له ان اكده في خطاب القسم. كما أوضح ان هذا الموقف "ليس موجهاً ضد أي طائفة أو مكون سياسي بل غايته احترام الميثاق الوطني والدستور وتحصين الوحدة الوطنية". واذ اعتبر ان النسبية "تسمح بتمثيل الاكثريات والاقليات في كل الطوائف من دون تهميش أحد"، قال: "اذا كان لدى احد صيغة قانون يحقق العدالة أكثر فليطرحها للنقاش الوطني".
العاصفة
على صعيد آخر، تقرر تعليق الدروس في فروع الجامعة اللبنانية اليوم بسبب العاصفة الشديدة التي تضرب لبنان، كما تقرر اقفال المدارس والمهنيات الرسمية والخاصة بقرار من وزير التربية مروان حمادة. وتسببت العاصفة بأضرار واسعة في مختلف المناطق ونجت منطقة السيوفي في الاشرفية من كارثة بفعل انهيار رافعة عملاقة في ورشة اذ اقتصرت الاضرار على عدد كبير من السيارات المركونة في المحلة.
المستقبل :
رغم «التكتّم» الذي أجمع أطراف التشاور حول قانون الانتخاب على الالتزام به، بدا واضحاً أنّ التركيز بات منصبّاً على مشروع قانون مختلط، وأنّ الخلافات حوله بدأت تضيق وسط أنباء عن تقدّم ملحوظ في النقاش الذي استُؤنف أمس بين تيار «المستقبل» (نادر الحريري) وحركة «أمل» (الوزير علي حسن خليل) والتيار «الوطني الحرّ» (الوزير جبران باسيل) و«حزب الله» (النائب علي فيّاض) في وزارة المال.
ولأنّ النقاش حول هذا الملف يتّخذ طابع الجدية هذه المرة أكثر من أي وقت مضى، توافق المجتمعون – الذين شارك في اجتماعهم خبراء تقنيّون – على عقد اجتماع ثالث من دون أن يكشفوا النقاب عن مكانه وزمانه، حرصاً على إبعاد هذا الملف عن التأويلات والاجتهادات التي بلغت حدّ تداول وسائل إعلامية بمشاريع غير متّفق عليها أو «غير واردة»، أو الحديث عن «حلف رباعي» جديد، مع العلم أنّ كلّاً من أطراف التشاور يطلع فرقاء آخرين على تفاصيل ما دار في اجتماع أمس كما في الاجتماع الذي سبقه قبل يومين في قصر بعبدا.
وأضافت مصادر اطّلعت على أجواء اجتماع أمس أنّه دام ثلاث ساعات، وقد تخلّلته غربلة لمجموعة مشاريع وُضعت جانباً ليتمّ التركيز على مشروع قانون مختلط يجري درسه بدقّة.
وقُبيل انعقاد الاجتماع شدّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على أنّ موقفه بضرورة إقرار قانون انتخابي جديد يؤمن عدالة التمثيل قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة «ليس بجديد إذ سبق أن أكده في خطاب القسم»، مؤكداً أنّه «ليس موجهاً ضد أي طائفة أو مكوّن سياسي، بل غايته احترام الميثاق الوطني والدستور وتحصين الوحدة الوطنية». أضاف الرئيس عون خلال استقبالاته أمس: «إذا كان لدى أحد صيغة لقانون يحقّق العدالة أكثر فليطرحها للنقاش الوطني».
من جهته أكَّد مدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري أن «قانون الانتخاب
الجديد لن يصدر الا بموافقة كل الأطراف«، مشدداً على «أننا سنطلع الحزب التقدمي الإشتراكي على ما تم تداوله في الاجتماع الرباعي«.
واعتبر في حديث الى محطة «Nbn» أمس، أنه «لا يوجد استبعاد لأحد في المشاورات»، مشيراً إلى أن «الجميع جدّي في الوصول إلى قانون إنتخاب جديد والأمور في خواتيمها».
في الغضون كشف أمين سرّ تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ابراهيم كنعان أمس أنّ تقارباً في وجهات النظر «سجّل بين القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي خلال اللقاء الذي عقد أول من أمس في معراب». أضاف: «أن الاتفاق حاصل بين التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية، وقد جرى أكثر من لقاء مع حزب الكتائب، وهناك سعي لحسم الموضوع في منتصف شباط».
الديار :
طرحت مطالب رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط من خلال رفضه قانون النسبية، إشكالية كبرى، فرضت ايقاعها على حركة «المولدات» السياسية، التي قننت من تصاريحها وخففت من سقفها العالي، اقله لغويا، املا بتوفير قوة دفع كافية لاحداث خرق في جدار ريبة الاطراف مما يحاك ضدها مستهدفا زعامتها ودورها في زمن التحولات الاقليمية غير الواضحة المعالم حتى الساعة، خلافا لكل المتداول، في ظل خارطة دولية يعيد الرئيس الاميركي الجديد رسمها.
فقانون الانتخاب الذي احتل صدارة المشهد السياسي، على وقع انطلاق العد العكسي لدعوة الهيئات الناخبة وفقا لقانون الستين، الذي لا ينفك وزير الداخلية نهاد المشنوق يؤكد أنه ملزم تطبيقه حتى الاتفاق على قانون جديد، «خلف» مواجهة بالواسطة بين «المستقبل» و«التيار الوطني»، الذي اشارت مصادره الى ابلاغه بيت الوسط ان اي تمييع في مسألة قانون الانتخابات سيكون له مفاعيل سلبية على البلد.
في هذا الاطار تتحدث اوساط سياسية عن «اسلحة دستورية» قد يلجأ اليها رئيس الجمهورية، ابرزها عدم التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة باعتبار ان المرسوم «الاجرائي» لا يلزم رئيس الجمهورية باي مهلة زمنية قبل اعتباره نافذا، وفي حال قرر رئيس الحكومة الالتزام حرفيا بالنص وادراج الموضوع على جدول الاعمال لاصداره بمرسوم لالزام رئيس الجمهورية بالتوقيع خلال مهلة الخمسة عشر يوما، فان رئيس الجمهورية سيعمد حينها الى ممارسة صلاحياته، لافتة الى ان الامور لن تصل الى هذه الدرجة لان الجميع يعي جيدا مسؤولياته والعماد عون لن يسمح بالفراغ التشريعي.
وتتابع المصادر، صحيح كما يتردد ان القانون النافذ حاليا هو «لمرة واحدة» واستثنائية، الا ان ذلك ووفق الاعراف والقوانين في حال تعذر اقرار قانون جديد فان الانتخابات يجب ان تحصل وفقا للقانون المرعي الاجراء قبيل اجازة الاستثناء، مستدركة ان اجتماع «المالية» امس والذي ناقش خلاله كل طرف مطالبه المستندة الى دوائر وارقام وحسابات اعدتها ماكينته الانتخابية، بحث لاول مرة تفاصيل «دقيقة وحساسة» يمكن للتوصل لاتفاق حولها ان يضيق رقعة الخلاف بين الاطراف المختلفة ويوصل الى خاتمة سعيدة وفقا لقاعدة «لا يموت الديب ولا يفنى الغنم» تعيد انتاج «مجلس الدوحة» وفقا لشكل قانون جديد، بات واضحا.
فاذا كان الثنائي المسيحي رفع سقف المواجهة على جبهة قانون الانتخاب العتيد، فان الثنائي الشيعي، من جهته،
الراغب بقانون نسبي، يبدي حرصاً كبيراً على مراعاة هواجس النائب وليد جنبلاط الذي نجحت الاتصالات معه وفقا لما نقل عن مصادر مقربة منه الى اقناع حارة حريك له بـ «نصف نسبية» شرط اعادة النظر بالتقسيمات بما يحفظ له حصته الوازنة، حيث الخلاف حول 3 نواب في التوزيعة بين المنتخب على اساس نسبي وعلى الاساس الاكثري، بعدما وافق «المسيحيون» على ضم عاليه والشوف في دائرة انتخابية واحدة.
بغضّ النظر عن طبيعة «التسوية» التي أفضت الى إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وما اذا كانت لبنانية داخلية 100% أم اقليمية سعودية - ايرانية ، فان اختيارها العماد ميشال عون لم يأت من فراغ، هو الذي يدرك جيدا «شد الحبال» القائم في المنطقة وما يتولد عنه من واقع اقليمي غير مريح، يدفعه الى اعتماد الواقعية في ادارة عهده، حيث التغييرات الجذرية متعذرة في الوقت الراهن، واولها لجهة قانون انتخابات جديد قد يحتاج الى اتضاح الصورة الاقليمية وطبيعة توازناتها الجديدة بالنسبة للمحاور المتصارعة.
من هنا ترى المصادر ان اتفاق «الجنتلمن» بين طهران والرياض يظلل الانتخابات النيابية ،وهو ما انعكس بوضوح في «شبه» التوافق الذي «تمخضت» عنه جلسة الحوار الاخيرة بين حزب الله و«المستقبل»، وفق ما تقول مصادر سياسية، قوامه المحافظة على الستاتيكو القائم تشريعيا وتنفيذيا، وهو ما تراقبه المملكة بدقة بوصفه «اختبارا» للقوى الداعمة لعودتها الى لعب دور اقليمي من جديد، واجهته «حكومة حريرية» مدعومة من حزب الله.
توازن اقليمي يبدو ان الفاتيكان لم يغب عنه، بحسب مصادر متابعة، سواء بايعاز داخلي او لحسابات خارجية، حيث يتبين ان ثمة بداية لـ «تعارض ما» بين المرجعيتين السياسة والروحية المسيحية، تولد من انعكاس الخوف الدرزي انقساما وصل الى روما، بعدما اقر المطران الياس نصار مواربة بان سبب القرار البابوي بحقه موقفه من اقتراع المسيحيين لجنبلاط، حيث تبين ان المطران الذي بحقه عدد من الشكاوى لاكثر من سنتين لم يصدر بحقه اي قرار، الا ان الاتفاق العوني-القواتي واتخاذ نفسه كساتر لاطلاقهم النار على بيك المختارة، رغم المهادنة في العلن لكليمنصو، قد اطاحت به.
في هذا المجال تكشف مصادر كنسية ان بكركي، ومع انتخاب الرئيس المسيحي القوي، تنحت جانبا عن الملفات السياسية التي اضطرت الى امساكها في الفترة الماضية بسبب غياب الرئيس ، «متفضية» للامور الوطنية، كاشفة ان «اختلافات» في وجهات النظر بدأت تظهر في اكثر من ملف من بينها خيارات التعيين. كما ان الصرح، والكلام للمصدر، لا يرغب بكسر الزعامة الجنبلاطية التي ستنتج لاحقا خللا في التوازنات في الجبل، وهو ما يصر عليه الفاتيكان، خصوصا في ظل رغبة سورية بكسره، مما سينعكس سلبا في فترة لاحقة على الوضع المسيحي.
فهل كل الضخ الاعلامي في شأن وضع الجميع امام امر «الستين» الواقع، مجرد تهويل متعمّد ومنسّق عن سابق تصور وتصميم للتشويش على حقيقة ما يدور في كواليس الاجتماعات التي احرزت نقلة نوعية يمكن البناء عليها؟ وماذا يعني موقف الحكيم التهديدي ازاء عدم اقرار قانون انتخابي جديد وذهابه الى التلويح بخطوات سياسية سلبية؟ هل اشتم رئيس القوات رائحة نضوج طبخة «صفقة الستين» ليرفع سقف مواقفه الى الحد الاقصى ام انه يقطع الطريق في هذا الاتجاه لعدم رمي كرة نار «الستين» في ملعب التحالف المسيحي على رغم وقوفه رأس حربة في المواجهة؟فهل هي اعادة توزيع للتوازنات داخل القوى المسيحية؟ ام اسقاط لبيضة القبان الدرزية؟هل ان بلوغ التحالف المسيحي مرحلة «التهديد» نابع من معطيات جدية ازاء الابقاء على الستين، ام هو ابعد من ذلك؟
اسئلة لن تجد اجاباتها قبل ان يتصاعد الدخان الابيض من اجتماعات «الرباعي الجدي» المستند الى اتفاق «الثنائي الاسلامي» الكفيل بانتظام الجميع في الصف، ليبقى اللبناني «وحده مش فاهم خبرية كل يوم صيغة»،التي عليها قد لا تحتاج القيادات للدعوة الى مقاطعة قد تكون دواءه الاخير.
الجمهورية :
دخل الملف الانتخابي في نقاش مضنٍ وتفصيلي يوحي بأنّ التوصّل إلى قانون الانتخاب الجديد ما زال بعيد المنال، وإن كان أحد أركان اللجنة الرباعية يرجّح أن يتبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود بعد ثلاثة إلى أربعة اجتماعات، مؤكّداً لـ«الجمهورية» أنّ «هناك مضيّاً في نقاش بنّاء وإيجابي يرجّح أن يقلّص عدد الصيغ الانتخابية المطروحة على طاولة البحث، وإن كان ما زال غير وارد إلى الآن التوصل إلى اتّفاق على صيغة محدَّدة». وواصفاً ما حصل حتى الآن بأنه «تقديم تصوّرات أُدخِلت عليها تعديلات يجري البحث فيها تفصيلياً وبجدّية عالية بغية التوصّل إلى قانون موضوعي يقوم على التوازن ولا يُقصي أحداً، قانون يستوعب هواجس المهجوسين ويقلّص الفروق بين الطوائف إلى مستوى التقارب من حيث توزيع المقاعد على أساس النظامين الأكثري والنسبي».
وقال أحد المشاركين في الاجتماعات الرباعية أن لا شيء محدداً تمّ التوصل إليه حتى الآن، وإنّ النقاش في الصيغة المختلطة المطروحة يركّز بداية على إمكان اعتماد نسبة 65 في المئة معياراً للتصنيف بين نسبي وأكثري، اي 65 في المئة للمسيحيين كطائفة، و65 في المئة للمسلمين كمذاهب، بحيث انّ الكل ينتخب الكلّ لفرز المقاعد بين اكثري ونسبي.
فإلى القانون المختلط، بدأ قطار قانون الانتخاب بالانعطاف، إذ غاصت اللجنة الرباعية اكثر في التفاصيل الدقيقة والتقنية، وذلك في اجتماعها الثاني الذي انعقد أمس في وزارة المال والذي ضم الوزيرين علي حسن خليل عن حركة «امل» وجبران باسيل عن «التيار الوطني الحر» ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري عن تيار «المستقبل» والنائب علي فياض عن «حزب الله»، وشارَك في الاجتماع خبراء وتقنيون من كل فريق، ودام الاجتماع نحو ساعتين تخلله بحث في تفاصيل اقتراح قدّمه باسيل حول القانون المختلط وفق صيغة 66 في المئة و33 في المئة.
وأكد فياض انّ «هذه النسَب هي على عتبة التصنيف بين اكثري ونسبي». واصفاً البحث بأنه «جدّي ومضنٍ وحفرٌ في الصخر».
وكشفت مصادر المجتمعين لـ«الجمهورية» انّ صيغة هذا القانون تقدّمت على ما عداه وبدأ البحث الجدي والدخول عميقاً في أدقّ التفاصيل لجهة تقسيم الاقضية والمحافظات والنسب والجداول وتوزيعها بين صيغتَي الاكثري والنسبي، في محاولة لتضييق مساحة الخلاف بين القوى السياسية بغية التوصل الى تفاهم عريض حول قانون الانتخاب.
واشارت المصادر الى انّ تسمية «اللقاء بالرباعي» يمكن ان تكون مستفزّة لبعض الاطراف، لكنّ البحث يشمل كل القوى السياسية، إذ تُعقَد اجتماعات ثنائية معها لوضعها في اجواء النقاشات وتسجيل ما لديها من ملاحظات.
وقد اتفق المجتمعون على موعد لاجتماع ثالث يحدد بعد التشاور في ظل اتجاه الى ابقاء اللقاءات بعيدة من الاعلام.
وإذ توجّه نادر الحريري بعد الاجتماع مباشرةً للقاء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط لإطلاعه على ما تمّ التوصل إليه في الاجتماع، غرّد جنبلاط ليلاً عبر «تويتر»، قائلاً: «ليس هناك ابواب مغلقة... الصبر والثبات والحوار».
ضمانات تحالفية لجنبلاط
وتوقّعت مصادر مراقبة ان تجري محاولة لإقناع جنبلاط بالسير لقاءَ ضمانات تحالفية تؤمّن له كتلة نيابية متنوّعة طائفياً بين 11 و12 نائباً بضمان بري والحريري و«حزب الله» وبقبول «التيار الوطني» و«القوات» اللذين وافقا على إبقاء مقعد ماروني لجنبلاط في عاليه ومقعدين ماروني وكاثوليكي في الشوف، اضافةً الى المقعد السنّي والمقعدين الدرزيين، ويتمسّك جنبلاط بالمقعد الارثوذكسي في البقاع الغربي راشيا، في وقتٍ تستمر محاولات لإقناع «القوات» و«التيار» بذلك، علماً انّ المقعد الدرزي مضمون لجنبلاط الذي يطالب بمقعد شيعي في هذه الدائرة في حال لم يتمكّن من الحفاظ على المقعد الارثوذكسي.
كذلك توقّعت المصادر ان تجري محاولات لإقناع النائب طلال ارسلان بالترشّح في حاصبيا مكان النائب انور الخليل بما يَسمح لجنبلاط بالاحتفاظ بمقعدي عاليه الدرزيَين وإلّا فإنّ جنبلاط يصرّ على مقعد بعبدا الدرزي.
ويدور حديث عن اقتراح سيُنقل الى جنبلاط يتمثل بإعطائه المقعد الشيعي في زحلة بدلاً من النائب عقاب صقر تعويضاً عن المقعد الارثوذكسي في البقاع الغربي إذا اصرّ تحالف «القوات» و«التيار» على الحصول عليه. على أن تكون كتلة جنبلاط 12 نائباً من كلّ الطوائف.
صيغة متداولة؟
وتنشر «الجمهورية» صيغة قانون مختلط قيل إنها المتقدمة بين الصيَغ التي تتناولها الاجتماعات الرباعية، وتقوم على انتخاب نصف النواب على أساس النظام الأكثري والنصف الآخر على أساس النظام النسبي.
ويتبيّن من هذه الصيغة أنّ أقضية بشري وزغرتا والكورة والبترون والمتن الشمالي وجزين ودائرة بيروت الأولى وكسروان باستثناء مقعد ماروني واحد وجبيل باستثناء المقعد الشيعي بقيَت كلها كمناطق مسيحية على أساس النظام الأكثري، أي ما هو معتمد في قانون الستين.
وعلى الساحة السنّية أبقِيَ على دائرتَي صيدا (نائبان) والمنية الضنية (3 نواب) على أساس النظام الأكثري.
وعلى الساحة الشيعية أبقيَت دائرتا بنت جبيل (3 نواب) والنبطيه (3 نواب) على الأساس الأكثري وتوزّعت مقاعد صور الشيعية الأربع على أساس 3 مقاعد للأكثري ومقعد واحد للنسبي. أمّا مقاعد الزهراني الثلاثة فأدرِج المقعدان الشيعيان على الأساس الأكثري والمقعد الكاثوليكي على الأساس النسبي.
واعتُمدت النسبية الكاملة في دوائر بيروت الثالثة ( 4 نواب) وبعبدا ( 6 نواب) وزحلة (7 نواب) ومرجعيون ـ حاصبيا ( 5 نواب).
وقسِمت بيروت الثالثة (10 نواب) مناصفةً بين الأكثري والنسبي.
أمّا في الشوف (8 نواب) مقعد درزي على أساس أكثري وسبعة على أساس نسبي (1 درزي ـ 2 سنّة ـ 3 موارنة ـ 1 كاثوليك).
وفي عاليه ( 5 نواب) مقد درزي واحد على الأساس الأكثري وآخر مع مارونيين وارثوذكسي على الأساس النسبي.
وفي بعبدا اعتُمدت النسبية للمقاعد الستة.
كذلك في زحلة اعتُمدت المقاعد السبعة على الاساس النسبي.
وفي الشمال توزّعت مقاعد طرابلس الثمانية بين 3 مقاعد سنّية على الأساس الأكثري واثنين سنّيين على الأساس النسبي مع المقاعد العلوية والأرثوذكسية والمارونية الثلاثة.
وفي عكّار وزّعت المقاعد السبعة على أساس مقعدين سنّيَين على الأساس الأكثري وثالث على الأساس النسبي مع المقعدين الأرثوذكسيين والمقعد الماروني والمقعد العلوي.
وفي البقاع وزّعت مقاعد بعلبك الهرمل العشرة بين ثلاثة مقاعد شيعية على الأساس الأكثري في حين إدرِجت ثلاثة مقاعد شيعية أخرى على الأساس النسبي مع مقعدين سنيين ومقعد ماروني ومقعد كاثوليكي.
وفي البقاع الغربي – راشيا (6 نواب) أبقيَ المقعد الدرزي على الأساس الأكثري وأدرِجَت المقاعد الخمسة الأخرى (2 سنّة – ماروني – شيعي – روم ارثوذكس) على الأساس النسبي. (راجع الجدول)
14 آذار
ووصَف قيادي من مستقلّي ١٤ آذار هذه الصيغة المتداولة بـ«المهزلة»، وقال لـ«الجمهورية»: «إنّ ما هو متداوَل هو قانون مختلط بين الستّين وقانون غازي كنعان وليس مختلطاً بين الاكثري والنسبي».
واضاف: «إنّ ما يتمّ السعي لتمريره هو صفقة سياسية لوضع اليد على المناطق المسيحية من خلال تحالف عون - جعجع لإلغاء جميع الآخرين من أحزاب ومستقلين. وإلّا بماذا يفسّر الإبقاء على اكثرية كاملة في بشرّي والكورة والبترون ومقعدي الموارنة في جبيل وكلّ المقاعد المسيحية في المتن وبيروت الاولى وجزين؟ وهل الإبقاء على مقعد ماروني واحد في كسروان يضمن التنوّع والتعدّدية وصحة التمثيل المسيحي؟».
وقال: «إنّ التمثيل المسيحي الصحيح لا يكون بتقاسم المقاعد المسيحية في المناطق المختلطة مع الشيعة والدروز والسنّة وبإقفالها امام المسيحيين الآخرين في المناطق المسيحية الصافية».
ولفتَ القيادي ذاته الى أنّ مقاعد زحلة السبعة وضِعت كلها على اساس النظام النسبي بعدما تبيّن لتحالف عون - جعجع في الانتخابات البلدية انّهما لن يتمكّنا من الفوز بالانتخابات النيابية على اساس النظام الاكثري».
وتساءل القيادي: «لماذا نوّاب زحلة الـ ٧ جميعاً على اساس النسبي ونواب المتن الشمالي الـ ٨ على اساس الاكثري»؟ ورأى القيادي «أنّ هذه الصيغة هي مشروع فتنة مسيحية - مسيحية وصيغة جديدة من حروب الإلغاء التي أضعَفت المسيحيين وأوصَلتهم إلى ما هم عليه اليوم باسمِ تمثيل الأقوياء».
عون
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي اطّلع ليل امس على حصيلة الاجتماع الرباعي قد جدّد موقفه القائل بأنّ «النسبية تسمح بتمثيل الجميع»، إلّا أنه دعا «كلّ من لديه صيغة قانون انتخابي يحقق العدالة اكثر، الى طرحها للنقاش الوطني».
وأوضح أنّ موقفه بضرورة إقرار قانون انتخابي يؤمّن عدالة التمثيل قبل موعد الانتخابات النيابية المقبلة ليس بجديد، إذ سبقَ أن أكّده في «خطاب القسم»، وهو ليس موجّهاً ضد أيّ طائفة او مكوّن سياسي، بل غايتُه احترام الميثاق الوطني والدستور وتحصين الوحدة الوطنية، وما طرحُه سابقاً لقانون اللقاء الارثوذكسي إلّا لأنه يحقّق عدالة التمثيل مئة في المئة، إضافةً الى انّ النسبية في القانون تسمح بتمثيل الاكثريات والاقليات في كلّ الطوائف بلا تهميش أحد أو إقصائه».
مصادر وزارية
ونَقلت مصادر وزارية مطّلعة على أجواء بعبدا عن عون قوله إنه يَرغب في «إنهاء سلسلة من المحاولات التي امتدّت على مدى ثماني سنوات لإنتاج قانون جديد للانتخاب وإنّ هذه المراوحة يجب ان تنتهي».
وأكدت لـ«الجمهورية» انّ ما يريده «لا ينهي دور أو وجود أيّ طائفة على الإطلاق، وخصوصا الطائفة الدرزية، والقانون الجديد أياً كان شكله ومضمونه لن يلغي مقاعد ايّ من الطوائف اللبنانية، ولا سيّما النواب الدروز، بل سيعززها بإيصال من يمثلها تمثيلاً صحيحاً ومتوازناً ودقيقاً الى المجلس النيابي».
ولفتت المصادر الى «أنّ عون يتابع عن كثب المناقشات الجارية في اللجنة الرباعية وفي كثير من الأندية السياسية والحزبية التي تناقش تفاصيل القانون الذي يرضي اكثرية اللبنانيين، وهو لن يوافق على ايّ مشروع يلغي أحداً، لكنّه سيرحّب بأيّ قانون يصحح التمثيل. وإنّ الحديث عن مشاريع الإلغاء يجب ان يتوقف فوراً، فهو لا يريد ان يشيع أحد مثلَ هذه الأجواء او يشجّع عليها».
وختمت المصادر «أنّ في اللحظة الراهنة هناك قرار يجب ان يصدر، والقرار لن يكون موفقاً ما لم يتصل بقانون انتخاب جديد ينهي مفاعيل قانون الستين ونتائجه، وإنّ محاولات إنتاجه بأيّ شكل من الأشكال لن تمر من بعبدا، وإنّ الجميع بات مقتنعاً بهذه القاعدة النهائية ومن لم يرِد ذلك فهو حرّ، لكن لن تتوافر له المعطيات التي تدعم رأيه على الإطلاق».
المشنوق
في غضون ذلك، أكّد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أنه لا يخشى الفراغ، «لأنّ رئيس الجمهورية هو حامي الدستور وناظم عمل المؤسسات»، وتمنى ان ينتج الحراك السياسي الحالي قانوناً انتخابياً جديداً، مشيراً إلى أنّ «وزارة الداخلية ملزمة تطبيق القانون النافذ بكلّ مهله».
كنعان لـ«الجمهورية»
وأكد أمين سر تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ابراهيم كنعان لـ«الجمهورية» انّ «الحوار يُستكمل مع الجميع، والمهم ان نصلَ الى أوسع التفاف وطني من مكوّنات مجتمعنا حول صيغة قانون الانتخاب»، مشدداً على انّ الهدف هو «الوصول الى قانون، لا تسجيل مواقف».
وقال: «توصّلنا في اجتماع معراب الأخير الى اتّفاق بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» حول رؤية للمرحلة المقبلة تتضمن قانون الانتخاب وكلّ الاحتمالات الواردة، وقد جرى اكثر من لقاء مع حزب «الكتائب»، وهناك سعيٌ لحسم الخيارات قبل نهاية هذا الشهر، خصوصاً أنّ المهل داهمة ولا مجال لأخذ الراحة في الكلام والبحث.
هناك صيَغ متقدمة اكثر من غيرها كطرح مختلط معدّل، وهناك تفاوُض جدّي حصل، أدّى الى هيكلية جديدة للقانون، تأخذ في الاعتبار المعيار الواحد، وتقسيم الدوائر، والهدف تمثيل عادل للجميع وعدم تهميش او إقصاء احد، كما حصل مع المسيحيين على مدى 27 عاماً، فنحن نريد تمثيلَ الجميع، بحسب أحجامهم، ووفق مناصفة فعلية، لا بما يثبت الخَلل ويمدّد الواقع الراهن».
الاشتراكي عند الكتائب
وفي الحراك المتصل بالشأن الانتخابي، يزور وفد من «اللقاء الديموقراطي» بعد غد الاثنين، رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل في الصيفي لعرض هواجسه «الانتخابية».
وأوضَح مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية» انّ الزيارة «تندرج في إطارين: الاول جولة الوفد على المراجع الرسمية والقيادات الحزبية، والثاني الخطوط المفتوحة بين حزبَي الكتائب و«الاشتراكي» في شأن قانون الانتخاب خصوصاً، والملفات السياسية الاخرى المطروحة على بساط البحث.
وسيُعرض في اللقاء ما يكون قد استجدّ من معلومات وتطوّرات في شأن المشاورات الخاصة بقانون الانتخاب في الفترة الفاصلة بين لقاء كليمنصو الأخير بين الجميّل وجنبلاط وزيارة الوفد الاشتراكي الاثنين».
«التيار» و«أمل»
وكان قد سبقَ الاجتماع الرباعي في وزارة المال لقاءٌ هو الثاني من نوعه بين خليل وباسيل، في حضور المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، وتخَلله الغداء، وقد اندرج هذا الاجتماع في إطار تحديد أطر العلاقات الثنائية بين «التيار الوطني الحر» وحركة «أمل».
واكدت مصادر المجتمعين لـ«الجمهورية» انه يتمّ خلال هذه اللقاءات «سدُّ ثغرات التباعد والتباين في وجهات النظر بين الطرفين في مختلف الملفات السياسية بغية التوصّل الى تفاهم يشكّل مرجعية لأطر العلاقة بين الطرفين».
اللواء :
لم تحجب حركة «بيرلا» التي نجحت بهوائها القارس وعواصفها التي ضربت المرافئ وعطلت الكهرباء في أماكن متعددة من لبنان، تطلع اللجنة الرباعية الوزارية – النيابية – الحزبية إلى إنجاز مشروع تفاهم على الخطوط العريضة لقانون جديد للانتخابات في مهلة زمنية حددها «تفاهم معراب» بأن لا تتجاوز 15 شباط المقبل.
ولئن كان فريق بعبدا، يمعن في شرح مواقف رئيس الجمهورية من الكيفية التي سيرسو عليها قانون الانتخاب، من زاوية أن «النسبية تسمح بتمثيل الاكثريات والأقليات في كل الطوائف»، اضافة إلى ما اعلنه الرئيس ميشال عون من أن الغاية منه «احترام الميثاق الوطني والدستور وتحصين الوحدة الوطنية»، مشيراً الى ان «القانون الارثوذكسي يحقق عدالة التمثيل مائة في المائة»، فان «لجنة الاربعة» المكونة من: وزير المال علي حسن خليل ووزير الخارجية جبران باسيل (التيار الوطني الحر)، والنائب علي فياض (حزب الله) ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري (تيار المستقبل)، تجاوزت في اجتماعها الثاني الذي عقد في مكتب الوزير خليل في وزارة المال، بعيداً عن العدسات وصور الهواتف الذكية، التي التقط احدها صورة للوزير باسيل اصر على انتزاعها من دون ان يفلح، وهو يتحدث في الاجتماع حول ضرورة انهاء مهمة اللجنة بأسرع وقت ممكن، العراقيل التي كانت موضوعة سابقاً.
وفي معلومات «اللواء» أن الاجتماع تميز بالجدية، وسجل خرقاً حقيقياً في ما خص الصيغ المتداولة، وانه على الرغم من عدم الخروج بصيغة نهائية وموحدة، لكن عضواً مشاركاً في الاجتماع، رفض الكشف عن هويته، أكّد لـ«اللواء» أن تقارباً حقيقياً حصل بين الأطراف الأربعة.
واتفق على اجراء مروحة من الاتصالات تشمل الحزب الاشتراكي و«القوات اللبنانية» والنائب سليمان فرنجية وربما أطراف أخرى إذا لزم الأمر، علماً أن «القوات» أبلغت من يعنيهم الأمر استياءها من الوزير باسيل الذي يقدم نفسه على انه يتحدث باسم كل المسيحيين.
وكشف هذا المصدر أن صيغة القانون العتيد رست على توزيع النواب الـ128 مناصفة بين النظام الانتخابي الذي يعتمد النظام الاكثري المعمول به في قانون الستين وقوانين أخرى، والنظام النسبي الذي يعتبر صيغة جديدة يعتمدها لبنان لأول مرّة.
وسارع النائب وليد جنبلاط إلى إبداء عدم انزعاجه مما تناهى إليه من معلومات حول الصيغة التي جرى تداولها، والتي تراعي الهواجس الجنبلاطية والدرزية، وذلك بأن يُشكّل قضاءا عاليه والشوف دائرة انتخابية واحدة، مما يوفد الثقل الدرزي ليتمكن الدروز من انتخاب نوابهم بأنفسهم، في ما خص العدد الأكبر منهم (5 من 8).
وقال في تغريدة ليلية له بعد الاجتماع: «ليس هناك أبواب مغلقة… الصبر والثبات والحوار».
وفهم من التغريدة أن المطبخ الانتخابي للمكونات الأربعة يأخذ بعين الاعتبار المطالب الجنبلاطية، على الرغم من أن «اللقاء الديمقراطي» ماض في لقاءاته مع الأحزاب والكتل، وهو سيحط في الصيفي الاثنين للقاء رئيس الكتائب النائب سامي الجميل واعضاء كتلة نواب الكتائب.
ولا يُخفي مصدر نيابي إمكان انضمام الاشتراكي إلى جلسات تظهير الصيغة النهائية، من دون ان يُؤكّد شيئاً قاطعاً في هذا الموضوع.
الصيغة الجديدة
وفي المداولات التي بقيت خارج إطار ما هو مسموح الكشف عنه، أكدت مصادر رفيعة لـ«اللواء» أن صيغة قانون الانتخاب الجديد والتي اتفق أن يتم اطلاع مروحة واسعة من الكتل عليها، تحتاج ربما الى وقت يتجاوز مهلة 21 شباط، على أساس أن الاتفاق السياسي الوطني على اجراء الانتخابات بقانون جديد يسقط سائر المهل ويؤسس لنظام مهل جديد، باعتبار ان المهل التي يجري التداول بها ينص عليها قانون الستين الذي ما ان يُقرّ المجلس قانوناً جديداً يصبح من الماضي.
وكشفت هذه المصادر انه، ومن أجل الاعداد القانوني واللوجستي وتدريب الموظفين وإعادة توزيع الدوائر، سواء إذا استحدثت محافظات جديدة أم لا، فان تمديداً تقنياً لمجلس النواب الحالي سيتم لمدة سنة على الأقل.
ماذا تتضمن الصيغة الجديدة؟
مع الأخذ بعين الاعتبار الموقف الاعتراضي للنائب جنبلاط من النسبية، وحفاظاً على وضعية طائفة الموحدين الدروز وبغية تطمين النائب فرنجية على وضعيته في المجلس الجديد، اتفق أن يطبق النظام الأكثري في المناطق ذات الأغلبية الدرزية وفي قضاء زغرتا – الزاوية.
وفي الجنوب، على سبيل المثال، تطبق روحية القانون الارثوذكسي، ففي صيدا ينتخب نائبان وفق الأكثري (إرضاء للمستقبل)، وفي جزّين ينتخب 3 نواب وفق النظام الأكثري (إرضاء للتيار العوني) وفي صور والنبطية وبنت جبيل يجري الانتخاب وفق الأكثري (إرضاء للثنائي الشيعي امل وحزب الله).
وفي بيروت، ينتخب النواب المسيحيون الخمسة وفق النظام الأكثري (إرضاء لتحالف القوات والتيار الوطني الحر).
اما في الدارة الثالثة لبيروت ينتخب أربعة من النواب السنة وفق النظام الأكثري.
اما جبل لبنان الشمالي الذي يضم بعبدا والمتن وكسروان وجبيل، فينتخب 14 نائباً منهم على اساس النظام الاكثري ونائبان وفق النظام النسبي.
ولئن كان التوزيع الطائفي يحاول أن يوازن بين الأكثري والنسبي، فان المجلس الجديد سيعيد إنتاج كتله الرئيسية بمكوناتها الطائفية قبل أن تجري الانتخابات، فيتمكن الثنائي الشيعي من الاحتفاظ كل بنواب كتلته كما هي اليوم، وكذلك الثنائي المسيحي، والامر نفسه ينطبق على تيّار «المستقبل» الذي تكون الكتلة السنية من حصته.
اما المتغيرات المقبلة فستتراوح بين خلط عددي لنواب سنة وشيعة ومسيحيين ودروز موزعين على محافظات وينتخبون بغالبيات طائفية لا ينتمون إليها، وهؤلاء سيجري انتخاب معظمهم على أساس النظام النسبي، ولا يتجاوز عددهم 30 نائباً من كل الطوائف والمذاهب.
مواقف عون
وفي المواقف من المواقف الأخيرة للرئيس عون، كان لافتاً للانتباه، تنويه الرئيس نجيب ميقاتي بها، معتبراً انها تعكس ما تعهد به في خطاب القسم، ويدل على انه «رئيس لجميع اللبنانيين»، فيما أكّد وزير الداخلية نهاد المشنوق انه «لا يخشى الفراغ، لأن رئيس الجمهورية هو حامي الدستور وناظم عمل المؤسسات»، مشيراً الى أن وزارة الداخلية ملزمة تطبيق القانون النافذ بكل مهله.
وقالت مصادر في كتلة «المستقبل» لـ«اللواء» انها تتجنب التعليق، لأنه ليس هناك من نية للاشتباك مع الرئيس عون في ما اتخذه من مواقف ومن تلويح بالفراغ، مشيرة إلى ان الكتلة تنظر الى هذا الموقف حتى الآن على انه بمثابة حث على إنجاز القانون، ولا نستطيع أن نقول انه تجاوز للصلاحيات طالما أن المهلة لدعوة الهيئات الناخبة لا تزال مفتوحة، وهناك وقت حتى منتصف الشهر المقبل.
ونفت المصادر أن تكون قد اطلعت على تفاصيل النقاش الجاري في اللجنة الرباعية حول قانون الانتخاب، متوقعة أن يتم ذلك في اجتماع الكتلة الثلاثاء المقبل.
اختفاء «شاحنة طرابلس»
وبالنسبة للشاحنة المفخخة، والتي وضعت منطقة الشمال، ومدينة طرابلس في أجواء من الذعر، شبيهة بما حصل في شارع الحمراء ليل السبت، الاحد الماضي، فان الأجهزة الأمنية لم تتمكن من تحديد موقع الشاحنة، فيما رجح البعض احتمال اختفائها بعيد انكشاف الأمر، ما يؤشر إلى أن المخططين فقدوا عنصر المفاجأة، وهذا في حذ ذاته امر جيد.
واعتبر مصدر أمني أن الإجراءات التي اتخذت على المراكز الأمنية والعسكرية، على اثر ورود معلومات عن الشاحنة، وهي من نوع «بيك اب»، جاءت من ضمن خطة لسلامة وضمان امن المواطنين، وهي نجحت في إحباط مخطط آخر كان يستهدف عاصمة الشمال، بعد نجاحها في إحباط العملية الانتحارية في الحمراء.
تجدر الإشارة إلى أن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر ادعى أمس على الانتحاري عمر العاصي وكل من يظهره التحقيق في جرم الانتماء إلى تنظيم «داعش» ومجموعة احمد الأسير، ومحاولة تنفيذ عملية انتحارية في مقهى «الكوستا» في الحمراء بواسطة حزام ناسف، الا أن إلقاء القبض عليه حال دون تحقيق هدفه ومحاولة قتل عدد كبير من الناس، وأحاله الى قاضي التحقيق العسكري الأوّل رياض أبو غيدا.
وتواصل القوى الأمنية تحقيقاتها، ووصل عدد الموقوفين في القضية إلى 12 شخصاً.
«بيرلا» تنحسر غداً
اما العاصفة «بيرلا» التي سيطرت على لبنان ساحلاً وجبلاً، فهي عزلت بعض المناطق وقطعت الطرق وتسببت بأضرار في شبكتي الكهرباء والهاتف وتسببت شدّة الرياح التي تحملها بتعطيل الملاحة البحرية وسقوط رافعة في إحدى ورش البناء في الاشرفية واقتلاع الأشجار.
وعلى ذمةالأرصاد الجوية فان العاصفة تشتد اليوم (السبت) وتستمر حتى الأحد ليتحول القطس تدريجياً إلى مشمس وقليل الغيوم.
الاخبار :
تُمعن القوى السياسية في الاحتيال على «النسبية»، ومحاولة خداع اللبنانيين بأنها تبحث عن قانون انتخابات نيابية جديد. أما الواقع، فالبحث يتركّز على إعادة إنتاج «الستين»، بلبوس «النسبية» الجزئية. ولئن كان الجميع يعترف بأن الهدف الرئيسي لـ»النسبية» هو تمثيل الأقليات، فإن محاولة «القص واللصق» التي تجري تهدف إلى تحقيق تمثيل للأقليات الطائفية الممثلة حالياً في المجلس النيابي، بالصورة نفسها، من دون إقامة أي اعتبار للأقليات السياسية.
فالبحث ينطلق من اعتبار أن اللبنانيين هم رعايا طوائف لا مواطنون. وما دام «المسيحيون ينتخبون المسيحيين»، و»السنّة ينتخبون السنة»، والشيعة ينتخبون الشيعة»، فإن «عدالة التمثيل» تتحقّق في نظر من يحاولون التوصل إلى «توافق انتخابي». لا مشكلة عندهم إذا طحنت محادل الاحزاب الكبرى باقي القوى، والأحزاب العابرة للطوائف، والمستقلين. المهم أن في مقدورهم رفع شعار «استعادة حقوق» الطوائف. وكل بحث عن تخفيف حدة التشنّج الطائفي غير موجود على جدول أعمالهم، تماماً كما التفكير في ما يُمكن أن يفتح كوّة في جدار الأزمة المذهبية التي يُراد لها أ