تناهى إلى مسامع الخليفة العباسي المعتصم استغاثة امرأة في عمورية صاحت بأعلى صوتها: وامعتصماه، فلبّى الخليفة النداء وزحف لطرد الروم من عمورية.
أولاً: الاستغاثات المتلاحقة في سوريا...
منذ اندلاع الثورة السورية وبطش النظام بالمظاهرات السلمية، وفتح النار على المتظاهرين العُزّل، وتدافع السوريين بعائلاتهم وأطفالهم نحو دول الجوار، لم تتوقف المناشدات من المواطنين والثوار والدول والمنظمات الحقوقية والإغاثية الدولية التي تطالب بفرض منطقة آمنة داخل الأراضي السورية، ولا تعني آمنة أكثر من منع الطيران الحربي والعمودي من الإغارة عليها، إلاّ أنّ المجتمع الدولي لم يتمكن من الإقدام على هكذا خطوة، طالما أنّ التردُّد والتخبط وانعدام الرؤية والاستهتار تتحكّم بإرادة الرئيس الأميركي السابق أوباما، فتدفّق ملايين المهجرين السوريين نحو الأردن ولبنان وتركيا كمعبر وحيد نحو أوروبا، فنشأت المشاكل العديدة لدول الجوار وأوروبا التي استقبلت أكثر من مليون مهاجر بفضل الأذرع المفتوحة التي انتهجتها السيدة ميركل في ألمانيا.
إقرأ أيضًا: أريحية لافروف اتجاه أميركا، ارحموا عزيز قومٍ ذلّ.
ثانياً: الطيران الروسي يعضُد الطيران السوري...
وعندما لم يتمكن الطيران السوري من القيام بالمهام المطلوبة والناجعة، تدخّل الروس بطائراتهم وأساطيلهم، فمنعوا سقوط النظام، كما تفاخر بذلك منذ أيام وزير الخارجية الروسي، وصبّوا حمم طائراتهم على رؤوس العباد، فانهكوا قوى الثورة السورية ودفعوها للانسحاب من حلب، وقاموا بتغيير موازين القوى، فالتحقت تركيا بالاستراتيجية الروسية التي تسعى إلى تثبيت أركان النظام، والقضاء على قوى الثورة وإجهاض طموحاتها وأهدافها، فتكرست الهيمنة الروسية على منطقة شرق المتوسط، وتراجع النفوذ الأميركي، حتى أنّ مؤتمر استانة الذي عُقد مؤخراً بين النظام وفصائل من الثورة السورية وبرعاية روسية-تركية لم يُلحظ أي دورٍ فيه للولايات المتحدة أو نفوذ.
إقرأ ايضًا: التمديد في المجلس الشيعي، ما خلّفهُ السيدان الصدر وفضل الله
ثالثاً: واترمباه...
تُرى هل تناهت إلى مسامع ترامب صيحات امرأة عربية صرخت بأعلى صوتها: واترمباه ،فلبّى النداء، وقرّر الاستجابة للاستغاثات الملحّة منذ أكثر من خمس سنوات بضرورة فرض منطقة حظر جوي آمنة في سوريا، وهاهو الرئيس الجديد الذي لم تُؤثر عنه حتى الآن فضائل تُذكر، من إقامة جدار عازل بين الولايات المتحدة والمكسيك وعلى نفقة المكسيكيين "المعتّرين" ، وتضييق الهجرة من بعض الدول العربية إلى أميركا، مع استثناء الأقليات، أي أنّ المقصود استهداف المسلمين، يخرج علينا اليوم بإحدى فضائله العجيبة: إقامة منطقة آمنة للمهجرين السوريين داخل سوريا، والعودة للعب دور مؤثّر في المنطقة العربية ولجم الاندفاعة الروسية، والتي لم تساهم سوى في زيادة آلام الشعب السوري الذي ضاقت به الأرض على وُسع رحبها.