حسب القانون التأسيسي للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، يقع هذا المجلس ضمن مؤسسات الدولة اللبنانية، ويتقاضى رئيسه وبقية العاملين فيه رواتب وتعويضات من الخزينة العامة، ويتوجب أن تُجرى انتخابات المجلس بهيئاته الشرعية والمدنية كل ست سنوات.
هذا حسب القانون.. ولكن في الواقع، لا الانتخابات تم إجراؤها منذ أن تولى الشيخ عبد الأمير قبلان مهام رئاسة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى على أثر إصابة السيد محمد مهدي شمس الدين، بمرض عضال ودخوله إلى المستشفى في أوائل شهر تموز من العام 2000 ووفاته عام 2001. ولا المجلس يشابه لا من قريب ولا من بعيد مؤسسات الدولة. فمن يوم تولّي قبلان مهام الرئاسة، يكاد يكون المجلس الشيعي مؤسسة حزبية تابعة للثنائية الشيعية (حزب الله وحركة أمل)، لا بل يرى فيه البعض أكثر من ذلك، "مؤسسة لها امتيازات عائلية" يكاد يشغل آل قبلان أهم ومعظم مناصبها.
وفي محاولة لشرعنة هذه الحالة غير القانونية وغير الشرعية في المجلس "تم تهريب" اقتراح قانون التمديد لولاية الهيئتين الشرعية والتنفيذية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى لمدة ثلاث سنوات" المقدم من النائبين علي بزي وحسن فضل الله، وإقراره في مجلس النواب (من خارج جدول الأعمال) بتاريخ 17 كانون الثاني الجاري، وهو القانون الذي يعترف مقدموه في نصه بأنه مخالف للقوانين إذ يقولون فيه: "بصورة استثنائية وبالرغم من كل نص مخالف، نمدد ولاية الهيئتين الشرعية والتنفيذية في المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى..." ويعلقون في البند الثاني من مادته الوحيدة "ولمرة واحدة تنفيذ مفاعيل وأحكام المادة 12 من القانون 72\67 المعدلة بموجب القرار رقم 16 تاريخ 1\4\1975 (المادة 12 الجديدة) ولجهة الحد الأقصى لرئيس المجلس..."
استاءت شخصيات دينية، سياسية، ومدنية شيعية كثيرة من هذا القرار غير القانوني كونه "صدر من دون موجبات قانونية" وتداعت لعقد لقاء رفضا لإقراره، ولبحث الخطوات التي يمكن القيام بها لكبح جماح المخالفات في هذا المجلس الذي يتوجب أن يهتم بشؤون الطائفة الشيعية ككل من دون استنسابية.
يؤكد السيد ياسر ابراهيم عضو المركز العربي للحوار في حديث لـ"ليبانون ديبايت" بأن ما يحصل في المجلس الشيعي ليس بجديد، بل ما يحصل منذ سنوات هو "سيطرة غير شرعية وغير مبررة على هذه المؤسسة من الثنائي الشيعي"، وفي الأمس حاولوا عبر "تهريب" قرار التمديد في المجلس النيابي، الالتفاف على القانون وإيجاد صيغة قانونية على مقياس هذه الهيمنة.
ويرى ابراهيم بأن في خلفيات هذا القرار يكمن "تخوف حركة أمل وحزب الله من إجراء الانتخابات على مستوى المجلس بشكل خاص، وعلى مستوى الطائفة الشيعية بشكل عام". أما الحالة غير الدستورية وغير القانونية لهذا المجلس تعني بأن "كل التعيينات والقرارات التي صدرت عن المجلس الشيعي مخالفة، وصادرة عن مؤسسة ممددة لنفسها بطريقة غير شرعية". ومنها التعيينات التي حصلت عبر الاستحصال على "وكالات تصرف مجهولة الهدف" من أعضاء الهيئة الشرعية، والتصرف بها لامتيازات عائلية وحزبية، ومنها تمرير تعيينات لأسماء مدرجة على لائحة الإرهاب الدولية، لتأمين نوع من الحماية الشرعية لها.
وعن الخطوات التي ستلي اللقاء الذي جمع الشخصيات الشيعية المستاءة من هذا القرار، يقول ابراهيم "يتم العمل اليوم على تأسيس رابطة شيعية على غرار الرابطة المارونية، والتي يمكن اعتبارها رديف للمجلس الشيعي الذي يآثر على تعيين شخصيات غير مؤهلة، مع ممارسة الاستبعاد الممنهج لنخب شيعية فاعلة ومثقفة وكتم أصواتها".
ولا ينكر ابراهيم بأن هذه الخطوة تنم عن يأس من وضع المجلس الشيعي المسيطر عليه من قبل "أصحاب فكر شمولي إلغائي للآخر أرهق الطائفة الشيعية داخليا وخارجيا". إلا أن لها أن تكون وسيلة لتسليط الضوء على الوجه الآخر لهذه الطائفة وبالتالي التغيير.
لبيانون ديبايت