مرّ اقتراح الدستور الروسي لسوريا مرور الكرام، بغياب شبه تام لأي موقف عربي تجاه ما يجري في سوريا، وقد انفرد الجانب الروسي وحده بتقديم الحلول والإقتراحات للأزمة السورية، وجاء اقتراح الدستور الأخير ليشكل سابقة (دولة تقترح دستورا لدولة أخرى) ناهيك أن هذه الدولة جمهورية عربية مستقلة وهي عضو في جامعة الدول العربية وفي منظمة المؤتمر الإسلامي .
لا شك أن خلفيات سياسية كبيرة وراء اقتراح الدستور الروسي لسوريا وأن ثمة ترتيبات جديدة للأزمة السورية وتغييرات جذرية قد أوردها الدستور الجديد من أهمها إلغاء "عربية" سوريا وإجراء استفتاء على التقسيم .
بين السرعة والتسرع تأخذ الأحداث في سورية والقضية السورية على وجه العموم بعدا جديدا سيؤدي وفق الدستور المقترح إلى تغييرات جذرية في البنية السورية سياسيا وإجتماعيا وديمغرافيا، ويحصل ذلك على أعين الدول العربية "الشقيقة" التي تختبيء عن الأزمة السورية بصمت مريب يشبه تآمر الجميع على سوريا ووحدة سوريا والشعب السوري.
إلغاء كلمة الجمهورية العربية السورية :
يقترح الروس إلغاء كلمة "عربية" من اسم "الجمهورية العربية السورية" وذلك تماشياً مع مطلب بعض الأكراد، كما تنص مسودة الدستور على أن سوريا " "الجمهورية السورية هي دولة ذات سيادة مستقلة ديمقراطية تقوم على مبادئ الشعب وسيادة القانون والمساواة والوحدة الاجتماعية واحترام الحقوق والحريات لجميع المواطنين دون أي تمييز. وأن تسمية الجمهورية السورية أو سوريا هما متساويتان.
تغيير الخارطة السورية الحكم الذاتي للأكراد :
وينص "الدستور الروسي" الذي قدم نسخة منه للمعارضة السورية أنه بالإمكان تغيير الخارطة السورية عبر استفتاء شعبي (يشارك فيه جميع السوريين) إذا طلب مواطنون سوريون ذلك، ويأتي ذلك كتشجيع صريح للنزعة الانفصالية الكردية.
ويعتبر الدستور الروسي أن فقدان أي جزء من الأراضي السورية أمر غير مقبول، وتغيير حدود الدولة يمكن فقط من خلال استفتاء عام بمشاركة جميع المواطنين وعلى أساس رغبة الشعب السوري.
وكما ينص المقترح الروسي على أن اللغة العربية تستخدم على قدم المساواة مع اللغة الكردية في مناطق الحكم الذاتي الكردي .
إقرأ أيضًا: قوانين على قياس الزعماء!!
استخدام اللغتين العربية والكردية :
اللغة العربية هي اللغة الرسمية، والطريقة التي يستخدم فيها اللغة الرسمية سوف يحددها القانون.
ويتوجب على إدارات الحكم الذاتي ذات الطابع الثقافي الكردي ومنظماتها استخدام كل من اللغتين العربية والكردية على حد سواء، وفقا لمسودة الدستور..
وصرح رئيس الوفد الروسي في أستانة "إلكسندر لافرنتيف" بأن "الدستور الروسي" ليس تدخلاً في الشأن السوري وإنما أعد من قبل الخبراء الروس لتسريع عملية السلام.
ويُعتبر الاقتراح الروسي بإلغاء كلمة عربية تماشياً مع مطلب الفرقاء الأكراد وتنص مسودة الدستور على أن سوريا "الجمهورية السورية" هي دولة ذات سيادة مستقلة ديمقراطية تقوم على مبادئ الشعب وسيادة القانون والمساواة والوحدة الاجتماعية واحترام الحقوق والحريات لجميع المواطنين دون أي تمييز. وأن تسمية الجمهورية السورية أو سوريا هما متساويتان.
ووفقاً للوثيقة فإن التنوع الثقافي للمجتمع السوري يجب أن يكون مصوناً ونص الدستور "سيتم ضمان التنوع الثقافي للمجتمع السور بناءا على التراث الوطني الذي يعزز الوحدة الوطنية".
كما نص الدستور الجديد على تمديد صلاحيات البرلمان السوري ما يمكنه من إعلان الحرب، وعزل الرئيس والموافقة على رئيس البنك المركزي.
وأن مجلس الشعب سيكون مسؤولا عن قرارات الحرب والسلم، وتنحية الرئيس من منصبه، وتعيين أعضاء المحكمة الدستورية العليا، وتعيين رئيس البنك الوطني السوري أوإقالته من منصبه.
وتنص المسودة أنه لا يسمح للجيش بالتدخل في السياسة أو استخدامها كوسيلة من وسائل القمع. القوات المسلحة السورية والقوى المسلحة الأخرى هي تحت إشراف المجتمع، ومهمتها حماية سوريا وأمنها الإقليمي. ولا ينبغي أن تستخدم كوسيلة لقمع الشعب السوري والتدخل في الشؤون السياسية. ولا يقومون بدور في عملية انتقال السلطة.
إقرأ أيضًا: ماذا يعني إنشاء مناطق آمنة في سورية؟
وتشير المقترحات الدستورية لسوريا أن القانون الدولي يجب أن تكون له الأولوية إذا ما حدث تناقضات في القانون المحلي الذي يتم العمل به حينئذ تكون الكلمة -السيادة- للقانون الدولي.
وفي نص يضمن للروس المعاهدات التي وقعوها مع النظام السوري، يقول "الدستور": "إن مبادئ وأحكام القانون الدولي ومعاهدات سورية الدولية المعترف بها هي جزء لا يتجزأ من نظامها القانوني. وإذا كان لمعاهدة دولية أحكام تختلف (تتناقض) مع القانون السوري، فسوف يتم اللجوء لأحكام ومبادئ المعاهدات الدولية.
كما نص القانون على أن جميع الطوائف والقوميات السورية لها الحق في تمثيل متساوي في الحكومة وأن الترشح لمناصب نواب رئيس الوزراء والوزراء يلتزم بالتمثيل النسبي لجميع الفصائل العرقية والقومية للسكان السوريين، في حين أن مناصب بعينها يجب الحفاظ عليها للأقليات القومية والطائفية، وللرئيس ورئيس الوزراء الحق في التشاور في هذا الشأن مع ممثلي المجلس والمناطق الشعبية.
وسط هذه الأجواء الضبابية لم تتوضح بعد أي مواقف حول هذا الدستور المقترح سواء للنظام أو للمعارضة وبالتالي فإن الإحتمالات بالموافقة عليه أو عدمها لا زالت غير واضحة.