مع إقتراب المهل الدستورية، يسعى حزب الله إلى لملمة أفرقائه سريعاً حتى لا يدخل في مهل تحمل معها مطبات خلافية تؤثر في شكل التحالفات الإنتخابية التي يسعى لأن يوفر لفريقه السياسي الأرجحية فيها.
يريد حزب الله إستغلال عوامل خلافية طارئة في الرابع عشر من آذار قد تعطي الأفضلية لفريقه السياسي الذي ودون أدنى شك لا يمر في شهر عسله بل هناك تباعد جذري وواضح بين نخب أساسية فيه، بين الوطني الحر والمردة من جهة، وأمل والتيار من جهة أخرى، في ظل خلافات تشتد بين الوزيرين طلال أرسلان ووئام وهاب، وتململ قومي من الوطني الحر، وهذه جميعها إشكاليات يسعى الحزب لتخطيها.
تضع الضاحية الجنوبية نصب عينيها حلّ عقدة الخلاف بين بنشعي وبعبدا وبينهما الرابية، ولهذا، كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله قد كلّف مسؤول جهاز الإرتباط والتنسيق، الحاج وفيق صفا، التواصل مع الطرفين للوصول إلى أرضية حوار. أجرى صفا سلسلة إتصالات توّجها بلقاء مع الوزير جبران باسيل سعى خلاله إلى تقريب وجهات النظر بين الطرفين، وفي نفس الإطار إلتقى يوسف فنيانوس، المسؤول عن ملف العلاقة بين المردة وحزب الله، قبل أن ينال لقب "معالي الوزير". إلتمس الحاج وفيق صعوبة في مكانٍ ما بحل خلاف بات يتعدى موضوع الرئاسة ويصل إلى العامل الوجداني - المعناوي، وهو ما أوصله إلى السيد نصرالله، موضحاً أن "كلا الفريقين يتمترس خلف أفكاره".
تنفست الضاحية الصعداء حين إعلان الرئيس عون فتح أبواب بعبدا وسماع الهواجس "أبوياً"، لكن المقدمة تلك لم تزل الغبار عن العلاقة بل زادتها تعقيداً مع إعتبار الوزير سليمان فرنجية أن لا أبوية تعلو على مرجعية بكركي، ما فسر على أنه رد. إزاء هذا الإشتباك، وضع السيد حسن نصرالله يده على الملف متدخلاً بشكلٍ شخصي هذه المرة، طالباً لقاء "بيك بنشعي" وهذا ما كان حيث زاره فرنجية إلى جانب الوزير فنيانوس وحصل اللقاء بحضور الحاج وفيق والمعاون السياسي الحاج حسين خليل.
ما رشح من معلومات لـ"ليبانون ديبايت"، يؤكد أن السيد نصرالله بحث مع فرنجية سبل "طي صفحة المرحلة السابقة يتبعها مرحلة تقييمية ترتكز على المصارحة والشفافية مع التيار الوطني الحر، تمر أولاً عبر "تصفية نوايا" مع الرابية وتختتم بزيارة "أبوية" إلى قصر بعبدا، حيث إتضح أن هذا التوجه لا يعارضه العماد عون بتاتاً.
بدى فرنجية الذي "لا يرفض طلبات السيد" متردداً وعاتباً نوعاً ما، ويخفي بين ضلوعه عدم رغبة في علاقة مع الرابية تحديداً يتقاطع مع عدم رغبة من حزب الله ونصرالله شخصياً أن لا يتجاوز الخلاف، في المرحلة الحالية، سقف الهدوء حتى يتم التوصل لحلٍ له.
لا تخفي مصادر بنشعي كما الضاحية الجنوبية أن هناك "شوائب وهوة واسعة وتباعد عميق في وجهات النظر بين عون وفرنجية وباسيل" لكن ذلك لن يؤدي إلى تجدّد الإشتباك السياسي الذي سبق الإستحقاق الرئاسي، حيث أن حزب الله يعمل حالياً كضابط إيقاع للخلاف وحصل على تعهدات من الجانبين بعدم التعرض إلى بعضهما في الإعلام وترك الخلاف في المرحلة الحالية ضمن الإطار السياسي الطبيعي.
لا أحد يختلف على أن هناك جمود واضح في العلاقة على المستويين، هذا الجمود يسعى نصرالله إلى كسره من خلال رفع وتيرة مروحة الإتصالات التي يديرها صفا وإستغلال القواسم المشتركة الناتجة عن وجود باسيل وفنيانوس في مجلس الوزراء والبناء عليها، خاصة بالنسبة إلى وزير المردة المتفهم جداً لموقف حزب الله والليّن لناحية الحلول التي ستؤدي إلى إنضاج المساعي لتتبلور وتصبح نقاط تفاهم ترسم عناوين التسوية وعليه حصول اللقاء المرتقب في قصر بعبدا.
لا تخفي المصادر المعنية لـ"ليبانون ديبايت" "عدم وجود تواصل بين الجانبين"، لكنها لا تنفي أن هذا التواصل "يتولاه حزب الله بإطلاع نصرالله"، أي أن قاعدة التخاطب الهادئ موجودة ولم تعد المسافة طويلة من أجل "عقد لقاء المصارحة" .. وبالتالي ذهاب فرنجية إلى بعبدا بات نظراً إلى تدخل نصرالله وما سيتبعه لا يغدو أكثر من مسألة وقت قريب تحضر له الأرضية بعد أن قطع شوط كبير في "اللقاء الوجداني بين نصرالله وفرنجية".
عبدالله قمح : ليبانون ديبايت