خارج الجدل الدائر حول صيغة تقبل بها كل الطوائف، وتتمثل في إصدار قانون انتخاب جديد، طرحت في الساعات الماضية، وعلى نطاق واسع، مسألة الصلاحيات الرئاسية، ليس في ما خص المعاهدات والاتفاقيات الدولية، والتي أطاح طرحها في مجلس النواب، وفي الجلسة التشريعية الثانية في العقد الاستثنائي، وانما في ما خص السلطة الاجرائية المكونة من رئيس ورئيس مجلس وزراء وحكومة، وفقاً للدستور المعمول به، والمعدل في وثيقة الوفاق الوطني في الطائف.
وإذا كانت المادة 53 من الدستور حددت بدقة متناهية صلاحيات رئيس الجمهورية، لا سيما في ما خص إحالة مشاريع القوانين التي ترفع إليه من مجلس الوزراء إلى مجلس النواب، أو توجيه رسائل عند الاقتضاء إلى المجلس النيابي، أو إصدار القوانين التي تمت عليها الموافقة (المادة 56) أو الحق في إعادة النظر في القانون (المادة 57)، وصولاً إلى المادة 58 التي تتحدث عن اعطائه الحق باصدار مرسوم بمشروع قانون قررت الحكومة انه مستعجلاً شرط موافقة مجلس الوزراء، وصولاً إلى المادة 59 التي تتحدث عن حق رئيس الجمهورية في تأجيل المجلس النيابي لشهر واحد، فإن إنتاج القوانين سواء عبر اقتراحات أو مشاريع هو من ضمن صلاحيات الحكومة أو أعضاء المجلس النيابي، وبالتالي فإن ما اعلنه الرئيس ميشال عون في جلسة مجلس الوزراء الأربعاء الماضي في بعبدا، لجهة رفض التمديد للمجلس، أو تفضيله للفراغ، يُشكّل تجاوزاً للصلاحيات وفقاً لمصادر نيابية ودستورية شاركت في الطائف، إلى جانب الامتعاض السياسي والدبلوماسي من مواقف قد يترتب عليها الإساءة إلى الأجواء الإيجابية التي شهدتها البلاد منذ 31 تشرين الأوّل الماضي.
وتخوفت المصادر من تجاوز المبدأ الدستوري الذي يتحدث عن فصل السلطات وتعاونها، فالمسألة لا تقتصر على عهد مضى او عهد جديد، وتتجاوز وضع معادلة مقابل معادلة، فالمتفق عليه ان الحكومة التزمت بإنجاز قانون جديد للانتخاب، وهي تعمل على هذا الأساس، وأن الأمور محكومة بوقت ربما لا يكون عجائبياً أو سحرياً كمثل إنتاج صيغة انتخابية ترضي سائر المكونات الطائفية والمذهبية في لبنان.
وما قاله الرئيس عون، يوم أمس أيضاً، أمام الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون السياسية الخارجية والأمنية فيديريكا موغريني، من ان «الانتخابات ستجري في موعدها وفق قانون جديد لا يقصي أحداً، ويحقق التوازن»، يُشكّل امتداداً لما أعلنه في مجلس الوزراء والذي شكل صدمة للوزراء، تفاعلت اصداؤها في الوسطين السياسي والدبلوماسي، والذي كانت إشارت إليه «اللواء» بوضوح في عددها أمس.
وعلمت «اللواء» ان هذا الموضوع اثير في اللقاء مع الممثلة الأوروبية، حيث علم انها قالت للرئيس عون: «ان معادلة الفراغ لا التمديد تشكّل انقلاباً على الوفاق وعلى الأجواء الإيجابية في البلاد، وتهدد الاستقرار السياسي الذي ينعم به لبنان».
وأشارت هذه المعلومات إلى ان موغريني رأت ان الحكمة تقضي بمعالجة هادئة للإشكاليات الانتخابية سواء تعلق الأمر بالمهل أو بوجهة القانون، وذلك من أجل حماية الوفاق الذي لاقى ترحيباً اوروبيا ودولياً بعد انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة.
في هذا الوقت، وفيما غادر الرئيس سعد الحريري إلى باريس في زيارة خاصة، حضر الموقف الذي أصدره رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط بعد كلام رئيس الجمهورية، في الاجتماعات التي عقدت سواء بين جنبلاط ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل في كليمنصو، أو في معراب بين وفد «اللقاء الديمقراطي» ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، حيث أعلن الفريق الجنبلاطي بعد كلا الاجتماعين، انه «لن يقبل بالنسبية لا جزئياً ولا كلياً»، فهي لا تتلاءم مع البنية الطائفية للنظام السياسي، وهي «غير ممكنة في ظل الظروف التي يمر بها لبنان»، على حدّ تعبير عضو اللقاء الديمقراطي اكرم شهيب، معرباً عن الخشية على فئة لبنانية تعيش في منطقة محددة من لبنان، في إشارة إلى الدروز، مضيفاً: «كما يحق لغيرنا الحديث عن الميثاقية وصحة التمثيل فهذا من حقنا أيضاً»، مؤكداً «ما يحصل هو اجتياح والمستهدف هو وجودنا كطائفة وليس وليد جنبلاط فقط.
وكان جنبلاط غرد منذ الصباح عبر حسابه على «تويتر»، قائلاً: «من غير المنطقي القول إما النسبية أو الفراغ، هناك احتمالات عدة غير هذه النظرة الأحادية، الحوار هو الحل بدل الاقصاء».
بعبدا ترد على جنبلاط
واعربت مصادر وزارية موالية عن استغرابها لاصرار النائب وليد جنبلاط على الضغط في اتجاه عدم اقرار قانون انتخابي جديد يحقق تمثيلا شعبيا حقيقيا وعادلا للمكونات اللبنانية كافة. وقالت هذه المصادر ان جنبلاط لا يكتفي برفض اي قانون نيابي عادل بل كذلك يتهم الاخرين بما هو قائم به ويمارسه. ففي حين يقول انه يرفض الاقصاء اذا به يمارس عمليا اقصاء قسم كبير من ابناء طائفته من خلال منعهم من ان يكون لهم تمثيل نيابي ولو في الحد الادنى الذي تحققه النسبية، ما يدل على ان هاجسه ليس تمثيل الطائفة الدرزية الذي ليس موضع اي نقاش بل الهاجس الحقيقي هو حصر التمثيل الدرزي به شخصيا وبالنواب الذين يرشحهم هو فقط.
واضافت المصادر: يقول النائب جنبلاط ايضا انه يرفض الاحادية في وقت يتصرف هو وحده في كل ما يخص الدروز وكأن لا قيادات سياسية درزية اخرى ولا زعامات ولا عائلات ومرجعيات، فمن يكون احادي التصرف هو او من يتهمهم بالاحادية ؟
ولفتت المصادر الوزارية الى ان النائب جنبلاط لا يريد تسهيل الاتفاق على قانون انتخابي جديد وهو يماطل ويعرقل وكأن ثماني سنوات من البحث العقيم في صيغ لقانون انتخابات لم تكفِ وان المطلوب المزيد من التأخير والتسويف والمماطلة والتحجج بما هو ليس بحق ولا بمنطق.
واكدت المصادر انه في النهاية لا بد من ان يكون هناك قرار لوضع حد للهروب من الحل ولن يكون في مقدور النائب جنبلاط الوقوف في وجهه لان احاديته وسياسته الاقصائية وعرقلته للاتفاق الوطني على قانون جديد للانتخابات لن تعيد عقارب الساعة الى الوراء وما كان يصح في الماضي بات خارج الصلاحية في الوقت الحاضر.
ومن جهتها، أوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان هناك نوعاً من حالة غليان في الملف الانتخابي الذي يخضع للتشاور والنقاش دون ان يكون هناك من تُصوّر نهائي.
وقال الوزير السابق آلان حكيم لـ«اللواء» هناك غربلة للقوانين المطروحة ودراسة بهدف الوصول إلى رؤية مشتركة، مؤكداً على ثابتتين لدى حزب الكتائب الانفتاح ودعم رئيس الجمهورية.
ونفى وجود طروحات جديدة، ملاحظاً ان هناك مناطق تشكّل مراكز قوة لدى أفرقاء وأخرى مراكز ضعف.
وذكّر بموقف الرئيس عون لجهة تأييده ما يتوافق عليه اللبنانيون ما خص قانون الانتخاب على قاعدة صحة التمثيل. ولفت إلى ان هواجس النائب جنبلاط كانت حاضرة في اجتماعه أمس مع رئيس الكتائب النائب سامي الجميل.
اللجنة الرباعية
ولم يشأ حكيم التطرق إلى أجواء اللجنة الرباعية التي تبحث في قانون الانتخاب، والتي يفترض أن تعاود اجتماعها اليوم في حضور أطرافها الأربعة: «المستقبل» وحركة «أمل» و«التيار الوطني الحر» و«حزب الله» من دون أن يعرف بعد مكان هذا الاجتماع، وإن كانت معلومات رجحت أن يكون في وزارة الخارجية.
وبات بحكم المؤكد ان الاجتماع لن يُشارك فيه لا الحزب التقدمي الاشتراكي الذي لم توجه اليه دعوة حسب ما أكد مصدر في الحزب، ولا حزب «القوات».
علام تدور المناقشات؟
مصادر مطلعة على الأجواء كشفت ان الأبحاث تدور عدّة صيغ تتعلق باعادة تقسيم الدوائر إلى سبع، على أن تكون الشوف وعاليه دائرة واحدة، وكذلك كسروان وجبيل، فيما يتمسك حزب الله بالتقسيم على أساس 13 دائرة، وفقاً للصيغة التي رفعتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.
أما بالنسبة لصيغة القانون فتتركز النقاشات على التأهيل على مستوى القضاء والنسبي على مستوى المحافظة، من دون التوصّل إلى تقارب ملموس.
وقال مصدر مطلع لـ«اللــواء» ان برودة تحيط بالمناقشات، وانه ليس من السهل التوفيق بين مجموعة من السلطات المتضاربة مثل: ان صيغة لا تلغي أحداً»، وأن لا استقرار بلا النسبية، ولا ضرورة للهروب من قانون عادل.
وتوقف المصدر من الاستعجال العوني – القواتي إلى تظهير الصيغة، فبينما كانت مصادر الطرفين تتحدث عن القانون يجب أن يصدر قبل أو بحلول 15 شباط، قال أمين سر تكتل «الاصلاح والتغيير» إبراهيم كنعان ان الانتظار لن يكون طويلاً والا سيكون لنا موقف حاسم.
الجلسة التشريعية
ولم تتمكن الجلسة التشريعية التي انعقدت أمس، من إقرار باقي البنود المدرجة على جدول أعمالها والتي تتضمن 13 اقتراحاً معجلاً مكرراً، فسقطت بمعظمها بعد سقوط التصويت على صفة الاستعجال، وأحيلت إلى اللجان المختصة، فيما أقرت الهيئة العامة اقتراحين فقط، وهما: إعفاء شاحنات النقل الخارجي اللبنانية من رسوم الميكانيك والغرامات المختلفة ابتداء من العام 2011 ولغاية العام 2016، بعد دفاع الرئيس فؤاد السنيورة، لأن هناك أسبابا وظروفاً تستدعي اقراره، والثاني الموافقة على قرض بقيمة مائة مليون دولار بصفر فائدة من المؤسسة الدولية للتنمية لإنشاء وترميم البنى التحتية للمدارس التي تحوي نازحين سوريين، بعد ان تمنى الرئيس الحريري اقراره مع وعد من الآن وصاعداً تأتي الاتفاقيات وفقاً للأصول الدستورية والقانونية والمراقبة القانونية للمجلس النيابي، وتحذير من وزير المال علي حسن خليل بأنه إذا لم نأخذ بهذا القرض سنذهب للاستدانة بفائدة 6 أو 7 في المائة، معتبراً مشروع القانون فاتحة للتعاون مع البنك الدولي.
على ان اللافت في الجلسة، كان إعلان الرئيس نبيه برّي قبل رفعها، عن تعيين جلسة للاسئلة واستجواب الحكومة وفقاً للأصول والنظام الداخلي في 7 شباط المقبل، فيما تحدثت المصادر عن نية لدى برّي لعقد جلسة تشريعية منتصف شهر شباط.
استنفار أمني في الشمال
امنياً، سجل مساء أمس استنفار أمني في كل منطقة الشمال، لكنه تركز تحديداً بين طرابلس وصولاً إلى عكار، وانتشرت حواجز مكثفة للجيش والقوى الأمنية، مع تسيير دوريات، نتيجة معلومات تفيد ان شاحنة من نوع «تويوتا» محملة بالمتفجرات تنوي تنفيذ عمل إرهابي في المنطقة، وقد تستهدف مراكز عسكرية في طرابلس وعكار.
وافيد ان القوى الأمنية قطعت الطريق بين السراي ومستديرة ساحة النور في طرابلس من ضمن هذه التدابير الأمنية.
وكانت معلومات توفرت لدى غرفة عمليات شرطة بيروت ليل 26-27 الحالي، ان «بيك أب» نوع «تويوتا» بحجم 5 طن لون أبيض وكحلي رقم لوحتها 1985321/م ستقوم بعملية تفجير أحد المراكز العسكرية في منطقة الشمال.
وبناءً على هذه المعلومات طلب إلى جميع القطاعات العسكرية والأمنية اتخاذ أقصى تدابير الحيطة والحذر والتعميم على الحواجز والدوريات وجوب توقيف الشاحنة، وتسليم من فيها إلى المخابرات.
وداهمت وحدات من الجيش عصر أمس، مخيمين للاجئين السوريين في خراج بلدة الكواشرة حيث اوقف 20 شخصاً، وفي خراج بلدة تلحميدة في عكار حيث تمّ توقيف 4 أشخاص، والجميع لعدم حيازتهم اوراقاً قانونية.
وكانت قيادة الجيش أعلنت في بيان لمديرية التوجيه ان مديرية المخابرات احالت أمس على القضاء المختص الانتحاري عمر حسن العاصي الذي اعترف بكافة تفاصيل العملية الإرهابية، منذ مبايعته لتنظيم «داعش» الارهابي حتى تلقيه الأمر من التنظيم المذكور في الرقة ولغاية وصوله إلى الهدف لتنفيذ العملية الانتحارية في مقهى كوستا – شارع الحمراء بتاريخ 21/1/2017.
وفي سياق التحقيقات حول العملية، أوقفت مخابرات الجيش في صيدا اللبناني رضوان ص.
اللواء : قانون الإنتخاب يكشف الصلاحيات ويهدّد الإستقرار
اللواء : قانون الإنتخاب يكشف الصلاحيات ويهدّد...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
404
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro