نعرف أن انقلاب دولتنا المصونة بسحر ساحر الى دولة عدل أمر محال ...
ولكننا نعرف جيّدا أيضا أن الدّولة ليست كائنا قادما من الفضاء بل هي توليف طبيعي من أحزابنا الكريمة التي باتت هي الدّولة والدّولة هم.
علما أن كلّ حزب منها يشكّل تاريخا من النّضال والجهاد وقيادة مسيرة حافلة من المطالب الشعبوية المحقة حتى استطاع زعماؤه الوصول الى السّلطة وثلّة أتباع من اقتناص المغانم ...
وللأسف جرَت العادة على اكتفاء الحزب الذي صار شريكا في حكومات البلاد بالوظائف على اختلاف درجاتها ونسيان الطبقة المسحوقة والتي تمثّل اغلبية الشّعب وكذلك تجاوز المطالب الإصلاحية التي كانوا ينادون بها،معتمدين على مخدّر خاص لكلّ فريق يُعدّ بحسب طبيعة الجماعة وظروفها.
فلو كان تنظيما جهاديا، يستخدم دماء الشّهداء وحكايات المجاهدين ورواياتهم المشرّفة وكذا الإحتفال بذكرى استشهادهم للتّستّر وحماية الظهر ...
وهو حال التنظيمات الأخرى،فكل منها يجد له مخرجا ...
ويبقى الفساد على حاله مع اختلاف الأسماء والعناوين
أمّا اليوم وقد سكت الجميع لمشاركتهم في السلطة وتقاسمهم حتى النقابات المطلبية التي كان لها دورا نضاليا من قبل،وقد أُخرست بإجماع اهل السّلطة دون استثناء .
وهنا سنذكر بعض المطالب التي يسهل تحقيقها وتأمينها من باب المثال لا الحصر والتي يمكن حلّها بقرار واحد ولا تحتاج للميزانيات ولا للميثاقية ولا لجلسات التشريع،
لو اهتمّت بشأنها النّقابات المختصّة والأحزاب والجمعيات التي من أدوارها مراقبة ومتابعة أوضاع الناس وحاجاتهم .
إقرأ أيضًا: الشهادة بين العقيدة الإسلامية والعرف السائد
فماذا يضرّ السّلطة وأحزابها :
- لو وفّرت الذلّ على المضمونين اقلها وأوقفت انتظارهم نهارا كاملا لتقديم معاملاتهم، ومثله عند القبض، بإجراء بسيط يقضي باستلام المعاملة كاملة بدقيقة واحدة ثم يدرسها الموظف ويتم تحويل المستحقات الى المصرف .
- وماذا يضرها لو جعلت معاملات وزارة الصحة تجري داخل المشفى بدل تكليف اهل المريض اعباءا لا تطاق من انتظار ومماطلة وتسويف وهدر وقت بلا طائل .
- ولماذا لا يحوّلون علاجات الأمراض المستعصية الى مراكز العلاج مباشرة عوضا عن جعل عائلة بأكملها تسعى فقط للحصول على الدواء عدا عن الحاجة الى تقبيل الأيادي الملوّثة .
- ولماذا لا تقوم البلديات بانتداب اعضاء من لجانها الى الوزارات ورفع شكاوى المواطنين البسطاء الذين لا حول لهم ولا قوّة .
- لماذا لا يوقفون الرشوة العلنيّة على اقل تقدير وجعلها عرفا لتمرير معاملات المواطنين .
- لماذا لا تُفعّل المشافي الحكومية ومراقبة انظباطها .
- لماذا لا يوقفون المحسوبية في وزارة الشؤون الإجتماعية على وجه الخصوص فيُحرم الفقراء من تلك الرّعاية لصالح الأغنياء والأتباع .
- لماذا لا تجعلون ادارة المؤسسات والمدارس على اساس الكفاءة والخضوع للإمتحان بدل تعيين الأذيال والمنبطحين .
لا ننتهي من التعداد ولكن أردنا أن نقول بأن هناك آلاف الأبواب لو أرادت أحزابنا اصلاحها لفعت ولكنّها تكتفي بتحميل الدّولة مسؤولية الفساد حتى صدق المثل القائل : "كلّ الحقّ على الطليان ".