رغبة إيرانية في فتح قنوات تواصل مع دول الخليج وخاصة السعودية للتفرغ للتحديات التي ستفرضها إدارة دونالد ترامب.
حظيت زيارة وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح باهتمام رسمي كبير في العاصمة الإيرانية، ما يعكس رهان طهران عليها للتهدئة مع جيرانها الخليجيين، والتفرغ للتحديات التي سيفرضها دونالد ترامب الرئيس الأميركي الجديد على إيران.
واستقبل وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف نظيره الكويتي الأربعاء. ثم استقبله لاحقا الرئيس الإيراني حسن روحاني.
وقالت وكالة أنباء “فارس” الإيرانية (شبه رسمية) إن ظريف ونظيره الكويتي تباحثا بشأن العلاقات الثنائية ومستجدات الأوضاع الإقليمية والدولية، ما يضفي على الزيارة بعدا أشمل من كونها زيارة لتدعيم التعاون بين الكويت وإيران.
وقال متابعون للشأن الإيراني إن الاهتمام بزيارة المسؤول الكويتي نابع من رغبة إيران في فتح قنوات تواصل مع دول الخليج، وخاصة السعودية التي سبق أن دعت طهران إلى مراجعة سياستها في المنطقة قبل أيّ حوار من أيّ نوع.
وحاول مسؤولون إيرانيون بارزون خلال الأسبوعين الأخيرين تغيير أسلوب التعاطي مع الرياض، وتأكيد الرغبة في التنسيق معها في القضايا المختلفة بالمنطقة.
وأعلن الرئيس الإيراني منذ أسبوع استعداد بلاده للتعاون مع السعودية لحلّ مشكلات الإقليم، مضيفا أن بلاده أجرت مباحثات دائمة مع الرياض، وأنها لا تعارض أي “دور طبيعي” للسعودية في المنطقة.
وكرر ظريف نفس الخطاب بعد ذلك بيوم واحد في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، ما يعكس توجها رسميا إيرانيا لمهادنة السعودية، وتبريد الجبهة الخليجية والتركيز على العلاقة مع الولايات المتحدة بعد تصريحات رئيسها الجديد الملوّحة بالتصعيد ضد طهران.
لكن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ردّ على تلك التصريحات بتجديد الموقف السعودي التقليدي من إيران. وقال إنها ترتكب “جرائم حرب” في سوريا والعراق واليمن، مؤكداً أنها تقوم بزرع خلايا إرهابية في المملكة ودول المنطقة.
واتهم الجبير، في مؤتمر صحافي مشترك الثلاثاء مع نظيره الفرنسي جان مارك إيرولت، في الرياض، طهران بالمضي قدماً في تصرفاتها العدوانية تجاه المنطقة.
ويعتقد المتابعون أن إيران لا تريد أيّ حوار مع دول الخليج، وأن الأمر يتعلق بمحاولة تهدئة جبهة للتفرغ لجبهة أخرى، وهو ما دأب عليه الإيرانيون مع جهات مختلفة بما في ذلك الولايات المتحدة.
ويشعر المسؤولون الإيرانيون أن ترامب يستهدف ضرب دورهم الإقليمي بعد أن نجحوا في الحصول على دعم من سلفه باراك أوباما لهذا الدور، ما تسبب بشرخ في العلاقات الأميركية الخليجية.
وتحاول إيران وضع عراقيل أمام عودة ترامب إلى التحالف مع دول الخليج، وقد يكون تبريد الصراع مع السعودية هدفه التأكيد للرئيس الأميركي الجديد أنّ لا خلافات لها مع دول الخليج يمكن أن تبرر سعيه لعزلها.
ولا تتوقع طهران حوارا مباشرا مع الرياض، ولذلك تحمّست لوساطة الكويت التي كلّفتها القمة الخليجية الأخيرة في البحرين بالتواصل مع إيران.
واعتبر أحمد الشريف، أستاذ الإعلام في جامعة الكويت، أن الكويت “مؤهلة للعب دور الوسيط لعلاقتها الجيدة بالطرفين وثقتهما بها”.
وقال إن “الحوار نهج لدول الخليج وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، لحلّ أيّ خلافات مع أيّ طرف”.
وأضاف أن “تسلّم ترامب، لمهامه (الجمعة الماضية)، سيكون له أثر على مواقف وسلوك دول المنطقة، لأن مواقفه تشير إلى أن الظروف العالمية الراهنة لن تكون مثل سابق عهدها، وسوف تتغير العلاقات الدولية خاصة في الشرق الأوسط”.
وكان نائب وزير الخارجية الكويتي خالد سليمان الجارالله قال إنّ بلاده ستقوم بإيصال رسالة موجّهة إلى إيران من دول مجلس التعاون الخليجي.
وأوضح المسؤول الكويتي أن الرسالة تتعلق بالحوار بين دول الخليج وإيران “وهو حوار محدد بشروط معينة وأسس تتركز على حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدول، وهي أسس دولية نتفق عليها مع الإيرانيين ومن هذا المنطلق نسعى إلى الاتصال بهم على هذا الأساس”.
وتدور مطالب دول الخليج من إيران على وجه العموم حول إنهاء تدخّلها في الشؤون الداخلية لجيرانها، وتغيير سياساتها المهدّدة للأمن والاستقرار في الإقليم بما في ذلك، دعمها لجماعات وميليشيات مصنفة إرهابية من قبل دول الخليج، في مقدمتها حزب الله اللبناني.
وقال مصدر سياسي خليجي إنّ توجيه الرسالة بحدّ ذاته يكتسي أهمية تتمثّل في أنّ دول الخليج رغم مآخذها الكثيرة على إيران وغضبها من سياساتها، لا تغلق بشكل نهائي باب الحوار معها وتبقيه مفتوحا على أمل تغيير نهجها بما يساعد في إرساء علاقات حسن جوار.