بين قانون الستين والفارغ يقع الكباش

 

النهار :

بين كلام تضمن موقفاً حاداً لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمام مجلس الوزراء لجهة رفضه قانون الستين الانتخابي والتمديد لمجلس النواب الى حدود تفضيله الفراغ المجلسي صراحة، واجتماع رباعي اكتسب دلالات من شأنها اثارة مزيد من التوهج خصوصا أنه انعقد في القصر الجمهوري، تصاعد أمس المناخ السياسي حول ملف قانون الانتخاب موحياً بأن الاسبوعين المقبلين سيشهدان تطورات استثنائية في هذا المسار. وبدا واضحا ان موقف الرئيس عون شكل "رأس جبل الجليد" او أول الغيث في اندفاع الملف الانتخابي الى درجات عالية من السخونة وربما التصعيد، كما وصفه مصدر سياسي بارز معني بالمشاورات الكثيفة الجارية على مختلف المستويات سعيا الى بلورة مخرج للمأزق الذي يحاصر ملف قانون الانتخاب. واذ لاحظ المصدر ان الاجتماع الرباعي الذي عقد بعد الظهر في قصر بعبدا اقتصر على ممثلي "التيار الوطني الحر " و"تيار المستقبل " وحركة "امل" و"حزب الله" ولم يضم ممثلين للحزب التقدمي الاشتراكي وحزب "القوات اللبنانية"، كشف ان الاشتراكي بعث برسائله الى المعنيين مع الوزير علي حسن خليل والسيد نادر الحريري بمضمون واضح مفاده رفضه التام للنسبية ووجوب تطبيق الطائف لجهة اعادة رسم التقسيم الاداري واستطراداً انشاء محافظة الشوف عاليه. واعتبر المصدر ان الكلام الذي يصدر عن بعض الجهات ملمحا الى تحرك في الشارع في حين تستمر المشاورات في شأن قانون الانتخاب أثار استغراباً لانه في غير محلّه ويخالف التوافق الذي أحاط انتخاب الرئيس عون وتشكيل الحكومة.
والواقع ان قلّة من الوزراء كانت على علم بأن اجتماعاً رباعياً سيعقد في قصر بعبدا للبحث في قانون الانتخاب. وما ان انتهت، جلسة مجلس الوزراء حتى عاد وزير المال علي حسن خليل الى قاعة مجلس الوزراء، فيما دخلها مجدداً وزير الخارجية جبران باسيل ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري وممثل "حزب الله" النائب علي فياض.
وفيما أحيط الاجتماع بتكتم كبير وأبعد عن عدسات المصورين، كان شبه اجماع من المشاركين فيه على أنه "اجتماع تشاوري وليس حلفاً أو جبهة ". وقال الوزير حسن خليل: "نحن لسنا حلفاً ولا جبهة بل نتشاور بَعضُنَا مع البعض ونضع الأفكار ولدينا اتصالات مع الأطراف الآخرين بدلاً من استمرار الكلام ثنائياَ.هناك تتمة ولن تكون فقط بالموجودين بل بمشاركة أفرقاء آخرين ومن المبكر البحث في رؤية موحدة او نهائية. وهذا الاجتماع أشار اليه الرئيس عون عندما حكى في الجلسة عن ان قوى تبحث بعضها مع البعض في قانون انتخاب جديد".
وقال النائب فياض بدوره: "ندرس بكل جدية وإصرار وباجتماعات متلاحقة صيغاً عدّة بهدف تقريب وجهات النظر. وأهمّ ما يميّز هذه الاجتماعات هو جديتها العالية والأهم في الموضوع ايضاً ان هذا الاجتماع ليس اقصاء لأحد وليس لديه أي طابع تحالفي انما مجرد اطار يمهّد للتواصل أيضاً مع الآخرين لمتابعة النقاش معهم". واشار الى ان الاجتماع المقبل سيعقد غداً الجمعة.
أما نادر الحريري فقال: "هناك تداول لعدد من الصيغ والقاسم المشترك انه لن يكون هناك قانون فيه إقصاء لأحد".
وتوقعت مصادر مواكبة لهذه المشاورات أن ينضم الى الاجتماع المقبل ممثل للحزب التقدمي الاشتراكي، وان تكون الصيغة الأقرب الى التوافق هي التأهيل على الأكثري والانتخاب على النسبي سواء في الدائرة الواحدة القضاء أو على دورتين في القضاء ثم في المحافظة، على أن تكون طمانة النائب وليد جنبلاط بجعل الشوف وعاليه دائرة واحدة. لكن كل ما يتم تداوله لا يزال افكاراً تحتاج الى مزيد من البلورة وتوسيع مروحة التشاور حيالها.
وفي المقابل أوضح النائب وائل ابو فاعور "أننا لسنا جزءاً من هذه الحلقة ولم ندع الى أي اجتماع ومع تقديرنا للجهود التي تبذل فان أي قانون انتخاب لا يقر الا بنصاب وطني مكتمل ".

 

عون ومجلس الوزراء
وكان الرئيس عون لوح في جلسة مجلس الوزراء الى أنه قد يوصل مجلس النواب الى الفراغ اذا تمّ وضعه بين خياري التمديد للمجلس أو الفراغ، جازماً بأن الاولوية هي لوضع قانون انتخاب جديد، "ولا مشكلة في المهل القانونية الملزمة، طالما أن هناك بحثاً بين القوى السياسية عن صيغة قانون جديد ".
والتشدد الذي اظهره رئيس الجمهورية لم يقتصر على قانون الانتخاب، اذ علم انه لدى البحث في قرض من البنك الدولي لوزارة التربية بمئة مليون دولار، تعمّد لفت الوزراء الى ان التفاوض في شأن الاتفاقات الدولية هو من صلاحية رئيس الجمهورية حصراً ولا يمكن تالياً ان يتولى الوزراء هذه المهمة الا بتفويض من رئيس الجمهورية فيما إبرام الاتفاقات هو من مسؤولية رئيسي الجمهورية، والحكومة والمصادقة عليها هي من مسؤولية مجلس النواب.
ورفض الرئيس عون تعيين هيئة الاشراف على الانتخابات كما رفض أن "يهدده أحد أو أن يتم زركه بين الفراغ والتمديد، لأنه لا يخشى الوصول الى التمديد"، موحياً بانه لن يسير بأي تمديد بامتناعه عن توقيع المرسوم في مثل هذه الحال، بحيث يصبح التمديد باطلاً.
وأوضحت مصادر وزارية لـ"النهار" أن وزير الداخلية نهاد المشنوق طلب البحث في موضوع الهيئة من أجل طرح الأسماء العشرة المقترحة للتعيين. فردّ الرئيس عون: "أنا حكيت معك أمس (الثلثاء) لكنني لست موافقاً على طرح موضوع هيئة الاشراف على الانتخابات لأن من واجباتنا وضع قانون انتخاب قبل البحث في هذه الهيئة". وأضاف: "اذا خيرت ما بين التمديد للمجلس او الفراغ فموقفي واضح في هذا الموضوع وسأختار الفراغ. انا أقسمت على الدستور وأديت اليمين واتفق كل الفرقاء السياسيين على إعداد قانون انتخاب،واذا لم نتوصل بعد ثماني سنوات الى وضع قانون انتخاب جديد فأين فعاليتنا وصدقيتنا ؟"
وسأل وزير الداخلية عن المهل القانونية التي نقترب منها، فكان ردً رئيس الجمهورية بأنه "يمكن معالجتها في وقت لاحق، ولنترك المجال الآن للبحث في قانون انتخاب جديد، طالما ان القوى السياسية تجمع على انها تريد قانوناً جديداً وهناك مشاورات تجري لهذا الهدف".
وفي الموضوع الامني، ناقش مجلس الوزراء الاجراءات الامنية الواجب اتخاذها لوقف عمليات الخطف ولاستباق أي عمل ارهابي قد تعمد اليه خلايا نائمة. وعلم ان وزراء "حزب الله" وحركة "أمل" اجمعوا على ان لا غطاء على أحد وعلى الاجهزة الامنية القيام بواجباتها بتنفيذ الاجراءات الامنية المقررة سابقاً ولا حاجة الى خطة امنية جديدة بل الى تطبيق الخطة الموضوعة سابقاً. كما تمً تأكيد ضرورة قيام الدولة بواجباتها بطريقة عادلة دون استثناءات وبعيداً من قيام أي محميات امنية.

 

مبادرة الشفافية
اما القرار البارز الذي اتخذه مجلس الوزراء، فكان في ملف النفط اذ وافق على اعادة اطلاق الدورة الاولى لتراخيص التنقيب عن النفط والإعلان عن الانضمام الى مبادرة الشفافية في مجالات الصناعة الاستخراجية والتي تشكل معيارا لادارة موارد النفط والغاز والمعادن في البلدان المنضمة الى هذه المبادرة. واعتبر هذا القرار خطوة مهمة في اطار مساعي الحكومة لتحصين الملف النفطي واتباع المعايير العالمية في الشفافية. وجاءت الخطوة وقت اظهر المؤشر الجديد لمدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية للعام 2016 والذي اعلنته امس الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية – لافساد بقاء لبنان في مرتبة متقدمة اذ احتل المرتبة الـ136 من اصل 176 دولة يستشري فيها الفساد!

 

 

المستقبل :

لأنّ اجتماع بعبدا قد يكون أثار في شكله «الرباعي» هواجس انتخابية لدى بعض الأفرقاء، كان التشديد في الجوهر على كونه ليس أكثر من محاولة للخروج من حلقة التشاور الثنائي نحو دوائر توافقية أوسع تؤسس لتفاهم وطني جامع حول معالم القانون العتيد. وبهذا المعنى حرصت مصادر المجتمعين على التأكيد لـ»المستقبل» أنّ الاجتماع كان «تشاورياً بحتاً جرى خلاله استعراض مختلف الأفكار الانتخابية المطروحة على الساحة الوطنية من دون وجود أي أبعاد أو أهداف إقصائية لدى أي من أطرافه الأربعة الذين سيكون كل منهم على تنسيق مفتوح ومستمر مع الأفرقاء الآخرين بشأن الصيغ التوافقية المتاحة لقانون الانتخاب»، مع الإشارة إلى التوجه نحو توسعة المشاركة في الاجتماع مستقبلاً ليشمل أطراف أساسيين آخرين على خارطة التنسيق والتوافق الانتخابي، وسط الحديث في هذا المجال عن إمكانية انضمام ممثل عن «الحزب التقدمي الاشتراكي» الى الاجتماع المقبل غداً الجمعة.

وبعد انتهاء الاجتماع الذي دام قرابة الساعتين، بمشاركة الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل والنائب علي فياض ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري، أوضح خليل أنّ المجتمعين لا يشكلون «لا حلفاً ولا جبهة إنما ستكون هناك تتمة لجوجلة الأفكار حول القانون الانتخابي مع أفرقاء آخرين»، في حين شدد فياض على الطابع التشاوري لاجتماع الأمس مؤكداً أنه 

«مجرد إطار للمتابعة وتقريب وجهات النظر ويهدف للتواصل مع الأفرقاء الآخرين»، بينما لفت الحريري إلى أنّ «هناك تداولاً بعدة صيغ وبالقواسم المشتركة» بين مختلف الأطراف مع التأكيد على أنه «لن يكون هناك قانون فيه إقصاء لأحد».

وكان وفد «اللقاء الديموقراطي» قد واصل أمس جولاته على الأفرقاء السياسيين فالتقى أمس وفداً من كتلة «الوفاء للمقاومة»، وأكد النائب أكرم شهيب بعد اللقاء أنّ «الظروف اليوم غير مؤاتية للقانون النسبي الذي يحتاج إلى مقومات ومستلزمات غير متوفرة الشروط في الوقت الراهن»، وأردف مضيفاً: «النسبية والطائفية مساران لا يلتقيان، وإقرار القانون الانتخابي على أساس المواطنية يحتاج إلى سلة من الإصلاحات تبدأ من إلغاء الطائفية السياسية مروراً بقانون أحزاب جديد ووصولاً إلى تطبيق اتفاق الطائف وإلى تخفيض سن الاقتراع وإلى تطبيق اللامركزية الإدارية إضافة إلى العديد من الشروط»، مع إعرابه في الوقت عينه عن استعداد «اللقاء الديموقراطي» للتفاهم والتحاور مع الجميع للوصول إلى «قانون لا يستثني أحداً»، سيما وأنه شدد على أنّ إقرار قانون انتخابي جديد «لن يكون إلا من خلال موقع التوافق بين الجميع».

مجلس الوزراء

وكان مجلس الوزراء قد اجتمع أمس في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري، فاتخذ قرارات عدة أبرزها إعادة إطلاق الدورة الأولى لتراخيص التنقيب عن النفط، والموافقة على الانضمام إلى مبادرة الشفافية في مجالات الصناعات الاستخراجية EITI، فضلاً عن إقرار تأمين الاعتمادات اللازمة لتنفيذ الأشغال والأعمال والتجهيزات الأمنية والفنية المطلوبة لمطار رفيق الحريري الدولي، وفتح مركزين لهيئة إدارة السير والمركبات الآلية في بعلبك وعكار. وعلى الأثر، بارك رئيس الحكومة للبنان بقرار انضمامه إلى مبادرة الشفافية للصناعات الاستخراجية، مشدداً في تغريدة عبر «تويتر» على كونها «خطوة هامة لضمان أفضل المعايير العالمية للنزاهة والشفافية في قطاع النفط والغاز».

ولاحقاً، ترأس الحريري في السراي الحكومي اجتماعاً للجنة الوزارية الخاصة بتشغيل محطات المعاينة والكشف الميكانيكي حضرها الوزراء نهاد المشنوق، سليم جريصاتي، رائد خوري، والأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل.

 

الجمهورية :

بدا لكلّ الأوساط السياسية أمس أنّ انعقاد اللقاء الرباعي في القصر الجمهوري الذي خُصّص للملف الانتخابي، كان إيذاناً للبدء بالبحث الجدّي والعملي في قانون الانتخاب العتيد، الذي يبدو، في رأي بعض المعنيين، أنه سيكون «قانون التراضي» بدليل إعلان الجميع الحرصَ على قانون يَرضى به الجميع. وجاء هذا اللقاء الرباعي في ضوء مجموعة من اللقاءات الثنائية والثلاثية الجارية منذ بضعة أسابيع هنا وهناك وهنالك، والتي ناقشَت مجموعة من الصيَغ والأفكار التي يمكن الاتفاق عليها لصوغ قانون يَحظى بالتوافق في ظلّ إصرار شِبه جامع على عدم الاستمرار بقانون الستّين وعدم التمديد لمجلس النواب مجدّداً. ومن المنتظر أن يتوسّع هذا اللقاء ليشملَ أكثرية القوى السياسية، حتى إذا اتُفِق على صيغة معيّنة تُطرَح في المؤسسات المختصة لإقرارها في مجلس النواب خلال دورته التشريعية الاستثنائية الحالية. ولوحِظ أنّ هذا اللقاء جاء بعد ساعات على موقف انتخابيّ حازم أعلنَه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون خلال جلسة مجلس الوزراء، قال فيه: «إذا خُيّرتُ ما بين تمديد لمجلس النواب أو الفراغ، موقفي واضح في هذا الموضوع، سأختار الفراغ» مضيفاً: «إذا عجزنا منذ ثماني سنوات عن إقرار قانون للانتخابات اتّفقَ جميع السياسيين على إنجازه، فأين هي فعاليتُنا وصدقيتنا». في وقتٍ عارَض البحث في تأليف هيئة الإشراف على الانتخابات قبل الاتفاق على قانون جديد.

انعقَد اجتماع رباعي في قصر بعبدا بعد ظهر أمس ضمّ الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل، وعضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض، ومدير مكتب رئيس الحكومة السيد نادر الحريري. وأُدرِج هذا الاجتماع في إطار اللقاءات والاتصالات الجارية حول قانون الانتخاب العتيد.

وبعد الاجتماع قال خليل: «لسنا حِلفاً ولا جبهة، بل نتشاور بعضُنا مع بعض ونضع الأفكار، ولدينا اتصالات مع الأطراف الآخرين بدلاً من استمرار الكلام ثنائياً». وأضاف: «هناك تتمّة وليس فقط بالموجودين، بل مع أفرقاء آخرين ومن المبكر البحث في رؤية موحّدة أو نهائية».

وبدوره قال فيّاض: «الاجتماع تشاوريّ ونَدرس بكل جدّية وإصرار، وهناك اجتماعات متلاحقة لمناقشة صيَغ عدة لتقريب وجهات النظر، وهذا الاجتماع ليس إقصاءً لأحد، وليس لديه طابع تحالفيّ، ولكنّه مجرّد إطار للمتابعة ويَهدف للتواصل مع الآخرين». وأشار الى اجتماع آخر سيُعقد غداً الجمعة.

وقال نادر الحريري: «تشاوَرنا في عدد من الصيَغ، ومن المحسوم انّه لن يكون هناك ايّ قانون فيه إقصاء لأيّ من الاطراف». ولاحقاً قال لـ«الجمهورية»: «نحن على تنسيق متواصل مع الحزب التقدمي الاشتراكي، والأكيد انّنا لن نرضى بأيّ قانون لا يرضى به، ولا مانع من دخوله في اللجنة».

برّي

في غضون ذلك كرّر رئيس مجلس النواب نبيه بري أمام مجلس نقابة الصحافة برئاسة النقيب عوني الكعكي أمس تأكيدَ رفضِه التمديد لمجلس النواب في المطلق، وقال: «لا أسوأ من السوء إلّا التمديد».

وأعتبر «أنّ قانون النسبية هو خلاص لبنان»، منتقداً مجدداً قانون الستّين «الذي يُبقي الوضعَ على ما هو عليه في المجلس النيابي ويَقضى على الأصوات المستقلة، ولا يضمن صحّة التمثيل».

وقال: «حتى الآن ليس هناك استقرار على قانون معيّن، لكنّ البحث واللقاءات جارية بقوّة للاتّفاق على قانون جديد للانتخابات. وكما قلت في السابق، فإنّ ايّ قانون يجب ان يَحظى بتوافق جميع الأطراف، وأنا لن أسير بأيّ قانون لا ترضى ايّ طائفة من الطوائف به، وإنّ عدمَ الاتّفاق على القانون يُحدث شرخاً في البلاد».

جنبلاط

وفيما كان وفد «اللقاء الديموقراطي» في طريقه إلى الاجتماع مع كتلة «الوفاء للمقاومة» للبحث معها في موضوع قانون الانتخاب» غرّد رئيس «اللقاء» النائب وليد جنبلاط عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «إنّ قانون الانتخاب عملية جراحية دقيقة، ونجاحُها يتطلّب الدقة والصبر والتشاور والحوار، وفي المناسبة لا يمكن أن تكون العملية ناجحة إذا استُبعد أحدُ الجرّاحين، واستغرب «رياحة» وفد اللقاء الديموقراطي، لذا نصرّ على التشاور والحوار الإيجابي بعيداً عن أجواء التخدير السائدة في غرفة العمليات».

وقال شهيّب بعد اللقاء مع كتلة «الوفاء للمقاومة» برئاسة النائب محمد رعد «إنّنا اتّفقنا مع إخوتنا في حزب الله على أن لا قانون انتخابياً إلّا بتوافق جميع اللبنانيين».

وأعتبر أنّ «الظروف اليوم غير مؤاتية للقانون النسبي» لكنّه استدرك قائلاً: «على الرغم من ذلك نحن مستعدّون جميعًا من خلال التفاهم والحوار للوصول الى قانون لا يلغي أحدًا ولا يستثني أحدًا في هذا الوطن الذي يمرّ بظروف صعبة».

مجلس الوزراء

إلى ذلك، لم يبحث مجلس الوزراء في جلسته في بعبدا أمس في موضوع تعيين هيئة الإشراف على الانتخابات بناءً على اقتراح وزير الداخلية نهاد المشنوق، وذلك في انتظار الاتفاق على قانون انتخابي جديد.

فبعد كلمةِ عون ومداخلة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، طلبَ المشنوق الكلام مشيراً إلى أنّه أودع الأمانة العامة لمجلس الوزراء هيئة الإشراف على الانتخابات مرفقةً بالأسماء المقترحة لاختيار عشرة منها. لكنّ عون قطعَ الطريق على مناقشتِها بإطلاقه موقفاً حازماً قائلاً: «الأولوية لإقرار القانون، وإذا خُيّرتُ ما بين تمديد لمجلس النواب أو الفراغ، موقفي واضح في هذا الموضوع، سأختار الفراغ».

وعن الأسباب التي دفعَت رئيس الجمهورية الى الاعتراض على تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات، قال وزير الثقافة غطاس خوري الذي تلا المعلومات الرسمية بعد الجلسة إنّ «الموضوع لم يكن مدرَجاً على جدول الأعمال، وارتأى فخامة الرئيس أن لا يطرحه من خارج الجدول، كما أنّه يتمنّى ويسعى مع كلّ القوى السياسية الأخرى للوصول الى قانون انتخابي جديد تَجرى على اساسه الانتخابات النيابية».

الاتفاقات الدولية والنفط

وفي معرض حديثه عن الاتفاقيات بالتراضي، تطرّقَ عون خلال الجلسة الى الاتفاقيات الدولية مذكّراً بأنّها من صلاحيات رئيس الجمهورية وليس الوزراء، غامزاً من قناة إقدام بعض الوزراء على مناقشة اتفاقيات دولية بمبادرة فردية عرف منها اتفاقية لوزارة التربية مع البنك الدولي بقيمة 100 مليون دولار.

إلى ذلك وافقَ مجلس الوزراء على إعادة إطلاق الدورة الأولى لتراخيص التنقيب عن النفط والإعلان عن الانضمام الى مبادرة الشفافية في مجالات الصناعات الاستخراجية. كما وافقَ على تأمين اعتمادات لتنفيذ الأشغال والأعمال والتجهيزات الأمنية والفنّية المطلوبة لمطار رفيق الحريري الدولي.

ودعا عون، الحريري «إلى عقد جلسات متتالية لدرس الموازنة تمهيداً لإقرارها، على أن يتمّ إنجاز ذلك بالسرعة الممكنة»، مشدّداً على أنّ «اللجوء الى توقيع عقود بالتراضي او بعد التجزئة لا يجوز أن يتمّ إلّا في الحالات الاستثنائية أو الطارئة، ولا يجب أن تكون التجزئة قاعدة».

تجهيز المطار

وكشفَت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» أنّه لدى طرحِ البند المتعلق بنقل اعتماد بقيمة 28 مليون دولار لتجهييز المطار، جرى نقاش طويل عرض في خلاله وزير الاشغال السابق غازي زعيتر كلّ الأوراق والمستندات المتعلقة بهذا الملف والذي يعود أساسُ المشكلة فيه إلى انتقاله من الهبة السعودية الى عاتق الدولة اللبنانية، مشيراً إلى أنّ هذا البند أثار جدالات كبيرة وخلافات خلال الحكومة السابقة.

واقترح زعيتر تشكيلَ لجنة من قائد جهاز أمن المطار وقوى الامن الداخلي والامن العام والجمارك والطيران المدني وممثّل عن وزارة الاشغال لإعادة درس العروض لتخفيض سقفِ الأسعار وفتح مناقصة عامة بدلاً من استدراج العروض. لكن تبيّن أنّ البند، بحسب المصادرنفسها، مطبوخ، والأمور متفَق عليها. وتوقّعت المصادر أن يُثار هذا الامر في المرحلة المقبلة كون المبلغ كبيراً ويتجاوز الـ 42 مليار ليرة.

عزالدين لـ«الجمهورية»

وقالت الوزيرة عناية عز الدين لـ«الجمهورية»: أبلغتُ إلى مجلس الوزراء أننا نُجري مناقشات مع مجلس الخدمة المدنية حول تقصير بعض المهَل وتسريع الوقت في اتّباع الآلية (الخاصة بالتعيينات)، وهذا يقلل من الوقت الذي كان يستغرقه التعيين على أساس الآلية من أشهر إلى خمسة أو ستة أسابيع»

وعن الأمن في البقاع، قالت عز الدين: «الجميع أكّدوا أن لا غطاءَ سياسياً فوق العصابات والخاطفين، وعلى الأجهزة الأمنية أن تقوم بواجباتها ولكن بطريقة عادلة وليس اعتباطياً».

موغريني

من جهة ثانية بدأت الممثّلة العليا للاتّحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ونائبة رئيس المفوّضية الأوروبية فيديريكا موغريني مساء أمس زيارةً رسمية للبنان تدوم يومين، وقد التقَت بعَيد وصولها الحريري، على أن تلتقي اليوم عون وبرّي وباسيل.

وقد عرَض اللقاء للأوضاع في لبنان والمنطقة وكيفية مساعدة لبنان في مواجهة أزمة النازحين السوريين. وأوضَحت على الأثر «أنّنا بَحثنا في دعم الاتحاد الأوروبي للبنان ولا سيّما في مجالين: الأوّل الجهود التي يقوم بها اللبنانيون في السنوات الأخيرة باستضافة الكثير من النازحين السوريين، والاستثمار في إعادة إطلاق عجَلة الاقتصاد في البلاد، والثاني هو العمل الذي نقوم به سَويّاً، والذي يجب أن نضاعفَه لإحلال الأمن ومحاربة الإرهاب».

وأضافت: «في كلّ هذه المجالات، يشكّل لبنان شريكاً استراتيجياً للاتحاد الأوروبي، ونحن نسعى لزيادة مستوى التعاون في ما بيننا والتبادل في العديد من المجالات الديناميكية الإقليمية».

«داعشي» و شبكة تجسُّس

وعلى الصعيد الأمني كان الجديد أمس توقيف المديرية العامة للأمن العام شبكة تجسّس لمصلحة إسرائيل، وضمّت هذه الشبكة ثلاثة لبنانيين وفلسطيني وخادمتين نيباليتين. وأشارت المديرية الى انّ الموقوفين اعترَفوا بالتهَم المنسوبة إليهم، وأحيلوا الى القضاء المختص «بجرم التعامل مع العدوّ الإسرائيلي، والعملُ جارٍ لتوقيف بقيّة الأشخاص المتورّطين».

إلى ذلك أوقفَت مخابرات الجيش اللبناني، في عملية نوعية، عبد الحكيم امون، بتهمة الانتماء إلى تنظيم «داعش»، وذلك في مكمنٍ عند أطراف بلدة عرسال.

وأكّد مصدر عسكري لـ«الجمهورية» أنّ العملية «كانت نظيفة وانتهَت من دون ايّ إصابات»، وكشفَ «أنّ الموقوف شاركَ في كلّ المعارك ضد الجيش وله تاريخ حافل في العمليات الإرهابية ويُعَد من الأشخاص المهمّين في «داعش»، وقد قُبِض عليه في الجرود في عملية نوعية نفّذتها قوّة خاصة من مخابرات الجيش».

 

 

اللواء :

هل أصبح الفراغ هو الخيار بين قانون الستين أو التمديد للمجلس النيابي الذي يكون قد مضى على انتخابه ثماني سنوات حتى 21 أيار المقبل؟

ليس مرد هذا التساؤل موقف الرئيس ميشال عون في جلسة مجلس الوزراء الذي فاجأ المجتمعين، وشكل أو اهتزاز، ستتبعه مخاوف مما ستؤول إليه الأوضاع، لو تبين بالتجربة أن الطبقة السياسية عاجزة عن إنتاج قانون انتخابي جديد.

ومن معالم الأزمة التي حذّرت منها «اللواء» في عددها أمس، أن عدداً من الوزراء الذين حاولت «اللواء» تسجيل آرائهم إزاء ما حدث في مجلس الوزراء، أمس، امتنعوا عن الكلام، وآثروا الترقب والانتظار، لكنهم لاحظوا انه لم يكن هناك اي تشنج.

على أن الطبقة السياسية سرعان ما استدركت مخاطر «الدعسات الناقصة»، ولجأت إلى عقد لقاء على مستوى ممثلين للكتل والأطراف، بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء، حضره الوزيران علي حسن خليل وجبران باسيل والنائب علي فياض ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري.

واستمر الاجتماع قرابة الساعتين، وتركز على:

1 – ضرورة الإسراع في إنجاز قانون الانتخاب الجديد، انطلاقاً من الكلام الذي جرى في مجلس الوزراء، واشتراط الرئيس عون وضع قانون جديد للانتخاب قبل تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات.

2 – تداول المجتمعون بالصيغ المطروحة، انطلاقاً من رغبة ممثلي الأطراف الأربعة: حركة «امل» و«التيار الوطني الحر» و«حزب الله» و«المستقبل»، بالتوصل إلى قانون جديد، في ضوء خطاب القسم وبيان حكومة «استعادة الثقة» التي يرأسها الرئيس الحريري.

ومن بين الصيغ التي طرحت في الاجتماع القانون الارثوذكسي والقانون المختلط واقتراح الرئيس نبيه برّي، والصيغة المتداولة لتطوير قانون الستين، بعد إدخال تعديلات تتعلق بعدد مجلس النواب بين 108 و128، وإعادة دمج أقضية ومحافظات، ونقل نواب من منطقة إلى منطقة، على ان تؤسس التقسيمات الانتخابية الجديدة إلى اللامركزية الإدارية وإنشاء مجلس الشيوخ.

وفي المعلومات التي تقاطعت مع معلومات «اللواء» أن ممثلي الأطراف الأربعة اتفقوا بصفتهم ممثلي كتلهم على اجراء الانتخابات في ضوء قانون جديد، وهذا هو صلب الموضوع.

ولم يتم التوصّل إلى أية صيغة، لكن اجتماعاً عقد ليل امس بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» في إطار انضاج ورقة موحدة، على أن يُشارك ممثلون عن «القوات» والحزب التقدمي الاشتراكي في الاجتماعات المقبلة.

واتفق على العودة إلى متابعة الأفكار الانتخابية في اجتماع ثان يوم غد الجمعة.

وتحدثت معلومات قريبة من الثنائي المسيحي أن الطرفين يتجهان إلى إبلاغ رئاسة مجلس النواب أن الجلسات التشريعية يجب أن تكون آخرها جلسة اليوم، بحيث يعكف المجلس على العودة إلى مناقشة وإقرار قانون جديد للانتخاب.

الا أن مصادر نيابية اعتبرت أن موقف الرئيس بري الذي أعلنه امام نقابة الصحافة، من انه لن يسير بأي صيغة انتخابية لا ترضي أي طائفة من الطوائف، يؤشر إذا ما وضع بموازاة موقف الرئيس عون والنائب وليد جنبلاط، إلى ان البحث عن صيغ انتخابية دخل في دائرة الصعوبات.

والتقى المشاركون الأربعة في الاجتماع بعد الانتهاء منه عند نقطتين: الأولى تتعلق بأن البحث ليس اختصار المجلس النيابي، ولا هو اقصاء لأي طرف، والنقطة الثانية تتعلق باستبعاد أي صيغة تشعر من خلالها أية طائفة انها مغبونة في حقوقها التمثيلية.

مجلس الوزراء

وبالعودة إلى جلسة مجلس الوزرا؛ء، فقد وصف وزير الاقتصاد رائد خوري الجلسة بأنها كانت إيجابية. وقال لـ«اللواء»: «الانتخابات ستحصل، لكن الأكيد ليس على قانون الستين»، مشيراً إلى انه إذا كانت هناك إرادة وطنية مشتركة فانه يمكن الوصول إلى قانون جديد خلال الفترة المتبقية قبل موعد دعوة الهيئات الناخبة.

وحول ما دار في الجلسة، كشفت المصادر أن الرئيس عون رفض ادراج بند تعيين عشرة أسماء في هيئة الاشراف على الانتخابات، طرحها وزير الداخلية نهاد المشنوق في إطار واجبه الدستوري، وقال موجهاً

حديثه إلى المشنوق: «حكيت معك، لكني لست موافقاً على طرح هذا الموضوع، لأن واجباتنا تقضي بإنجاز قانون قبل البحث في الهيئة، وإذا ما خُيّرت بين التمديد للمجلس والفراغ، فسأختار الفراغ».

وتابع: «أنا اقسمت على الدستور وأديت اليمين، واتفق كل الفرقاء السياسيين على اعداد قانون انتخابات، فإذا لم نتمكن من إنجازه بعد ثماني سنوات، فأين هي فعاليتنا وصدقيتنا؟».

وبعد ذلك توقف النقاش حول الموضوع، واستكمل جدول الأعمال، ووافق المجلس على إعادة إطلاق الدورة الأولى لتراخيص التنقيب عن النفط والإعلان عن الانضمام إلى مبادرة الشفافية في مجالات الصناعات الاستخراجية.

وكانت هناك نقطة أثارت اهتمام الوزراء تتعلق بما سمعوه من الرئيس عون في ما خص المحكمة والاتفاقات الدولية، من زاوية ان المعاهدات هي من صلاحية رئيس الجمهورية ولا شأن للوزراء بهذه المهمة الا بتفويض منه، مشدداً على وجوب ان تصدر المحكمة الدولية احكامها لأن العدالة المتأخرة ليست بعدالة.

وفيما خص النظام المالي لقطاع النفط، فلم يطرح في الجلسة بانتظار إنجاز صياغته من خلال وزارتي المالية والطاقة، فيما حضر الوضع الأمني في استهلالية الرئيس عون والرئيس الحريري وفي التنويه باحباط الاعتداء على مقهى «كوستا» في الحمراء، والتأكيد على التنسيق بين كافة الأجهزة وتنفيذ إجراءات أمنية سريعة لمنع تكرار عمليات الخطف، من دون حاجة إلى خطة أمنية.

ووصفت مصادر معنية كلام الرئيس عون في مجلس الوزراء بأنه جاء للحث على الإسراع في إنجاز قانون الانتخاب.

وكشفت ان النقاشات الدائرة في «لجنة الأربعة»، اتسمت «بالجدية وبالنقاش المفتوح من أجل إنتاج صيغة تسمح بصياغة مشروع قانون انتخابي جديد».

وإذ اشارت إلى اجتماعات أخرى ستعقد، وصفت المداولات بأنها ليس مغلقة، ومن الممكن ان تسفر عن تقدّم.

موغريني في بيروت

وتتزامن الجلسة التشريعية للمجلس، والتي يفترض ان تستكمل جدول الأعمال، أو ما تبقى منه، مع بدء جولة الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فريدريكا موغريني على المسؤولين اللبنانيين، حيث من المقرّر ان تعقد لقاءات مع كل من الرئيس عون والرئيس برّي ووزير الخارجية جبران باسيل.

وكانت موغريني وصلت إلى بيروت قرابة التاسعة من ليل أمس آتية من بروكسيل، وانتقلت مباشرة من المطار للقاء الرئيس الحريري الذي أقام على شرفها مأدبة عشاء، في حضور الوزير جان اوغاسبيان ورئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن ونادر الحريري، ومستشار الرئيس الحريري للشؤون الاقتصادية مازن حنا والوفد المرافق لموغريني.

وحرصت المسؤولة الأوروبية، بعد انتهاء العشاء قرابة الحادية عشرة ليلاً، على التأكيد بأنه بإمكان الرئيس الحريري ان يعتمد ليس فقط على دعمي الشخصي الكامل، لكنه أيضاً على الدعم الكامل من الاتحاد الأوروبي في هذه الظروف الصعبة، ولكن أيضاً المثيرة.

وقالت انها ناقشت مع الرئيس الحريري دعم الاتحاد الأوروبي للبنان ولكل الشعب اللبناني وكل مؤسسات الدولة، مشيرة إلى ان المناخ السياسي والمؤسساتي الجديد في لبنان يحظى بكل الدعم الذي يستحقه ويحتاجه.

ولفت إلى ان الدعم الأوروبي للبنان سيكون في مجالين: استضافة الكثير من النازحين السوريين والاستثمار، في إعادة إطلاق عجلة الاقتصاد، ومضاعفة العمل من أجل احلال الأمن ومحاربة الإرهاب

 

 

الاخبار :

حسم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمره، ووجّه رسالة شديدة الوضوح إلى الجميع. من كانوا يشككون بموقفه، ويعتبرونه تهويلياً، تيقنوا من جديته. ففي جلسة مجلس الوزراء أمس، رفض عون طلب وزير الداخلية بحث تمويل العملية الانتخابية وتعيين هيئة الإشراف على الانتخابات. وهذان شرطان إلزاميان لإجراء الانتخابات وفق القانون النافذ، أي قانون «الستين». عون سبق أن وجّه رسائله إلى الجميع، قبل أن يُعلنها أمس بلا لبس: «لن أقبل بمخالفة قسَمي، ولا بإجراء الانتخابات وفق الستين. الفراغ أهون من ذلك، وأهون من التمديد».

مصادر مطلعة في التيار الوطني الحر أكّدت لـ «الأخبار» أن لدى رئيس الجمهورية «كل الإمكانات القانونية والدستورية للمضي في موقفه، لأن في يده مفاتيح كل من التمديد للمجلس النيابي أو إجراء الانتخابات وفق قانون الستين». وأوضحت أن الذهاب إلى انتخابات وفق القانون النافذ «بحاجة إلى مرسوم عادي لا يمكن في أي شكل من الأشكال أن يمرّ من دون توقيع الرئيس، ولا توجد أي وسيلة دستورية أو قانونية لتخطي هذا التوقيع». أما في ما يتعلّق بالتمديد، «ففي إمكان الرئيس، دستورياً، وقف جلسات مجلس النواب لمدة عقد كامل، بما يتخطى مهلة نهاية ولاية المجلس». وشدّدت المصادر على أن أحداً لا يتمنى الفراغ، وأن «وجود هذه المفاتيح في يد رئيس الجمهورية يفترض أن يدفع كل الأطراف إلى العمل على التوصل إلى قانون انتخابي جديد».


مشروع التيار المختلط يقترح انتخاب جميع النواب الدروز وفق النظام النسبي


وفيما حاول المشنوق، في جلسة الحكومة، تذكير رئيس الجمهورية بالالتزام الدستوري، وبـ»مصداقية لبنان الدولية»، وبأن «العالم يراقبنا»، ردّ الوزير جبران باسيل بالقول: «الموضوع الدولي عليّ. أتولاه في الخارجية». وعندما قال له المشنوق: «اعتبرنا منعرف شوي»، أصرّ باسيل قائلاً: «أنا بحلّها». وهنا تدخل رئيس الحكومة سعد الحريري الذي فهم على ما يبدو رسالة عون، إذ قال: «فخامة الرئيس لا يتجاوز المتطلبات القانونية والدستورية، لكنه يريد منا الإسراع في التوصل إلى قانون جديد».
النقاش الذي حسمه رئيس الجمهورية سريعاً، أدى إلى تسارع اللقاءات أمس: أحدها في قصر بعبدا ضم الوزراء علي حسن خليل ومحمد فنيش وجبران باسيل والنائب علي فياض ونادر الحريري (مدير مكتب الرئيس الحريري). وآخر في معراب جمع باسيل والنائب إبراهيم كنعان والوزير ملحم الرياشي. وثالث في وزارة الثقافة ضم «خبراء انتخابيين» يمثلون تياري المستقبل والوطني الحر والقوات اللبنانية، ورابع في حارة حريك بين كتلتي الوفاء للمقاومة واللقاء الديموقراطي. لكن النتيجة لا تزال كما هي: لا مشروع جدياً يتيح التوصل إلى قانون. إذ تركّز البحث على مشروعَين: التأهيلي الذي يعتمد النظام الأكثري في الأقضية حيث يختار أبناء كل مذهب إسلامي مرشحيهم، ويختار المسيحيون مرشحيهم (لا يُعامَل المسيحيون كأبناء مذاهب، بل كأبناء طائفة واحدة، بحسب التعديل الذي اقترحه التيار الوطني الحر). وبعد تأهيل المرشحين في القضاء (مرشحان عن كل مقعد)، تجرى الانتخابات في المحافظات على أساس النسبية. لكن خطورة هذا القانون، إضافة إلى كونه يعمّق التصنيف المذهبي والطائفي للمواطنين، تكمن في أنه يسمح للكتل الكبرى في الطوائف والمذاهب باختيار مرشحين من لون سياسي واحد في عدد كبير من الدوائر، ما يجعل المرحلة الثانية نسبية ممسوخة، وأشبه بمسرحية معروفة النتائج سلفاً، ويُفرغ النسبية من أي مضمون إيجابي.
المشروع الثاني الذي تقدّم البحث بشأنه أمس، طرحه التيار الوطني الحر، ويعتمد النظام المختلط بين النسبية والأكثرية. وهو يُقسّم النواب إلى فئتين: منتخبون وفق النسبية في المحافظات الخمس؛ ووفق الأكثري في الأقضية. تضم الفئة الأولى كل المنتمين إلى طوائف لا تتجاوز نسبة ناخبيها عتبة الـ66 في المئة (مثلاً، في بيروت الثالثة، الدرزي والأرثوذوكسي والشيعي والإنجيلي والأقليات يُنتخبون وفق النظام النسبي، مع نواب الدائرة الثانية، على أساس أن بيروت كلها دائرة واحدة. أما النواب الخمسة السنّة فيُنتخبون وفق النظام الأكثري، لأن السنّة يمثلون أكثر من 66 في المئة من ناخبي بيروت الثالثة. وفي البقاع الشمالي، يُنتخب النواب الشيعة الستة وفق النظام الأكثري، فيما يُنتخب الماروني والكاثوليكي والسنيان وفق النظام النسبي في دائرة تضم أقضية البقاع مجتمعة).



من ثُغَر هذا الاقتراح أنه يناقض فكرة المساواة بين النواب، ويتعامل مع المسيحيين، من مختلف المذاهب، ككتلة طائفية واحدة، فيما يقسّم المسلمين إلى سنّة وشيعة ودروز وعلويين. وبناءً على ذلك، يُنتخب وفق النظام الأكثري نواب الدوائر الآتية: بيروت الأولى (الأشرفية)، بشري، الكورة، زغرتا، البترون، كسروان، المتن، جزين، صيدا، بنت جبيل، النبطية، صور، المنية الضنية، والنواب المسيحون في جبيل وبعبدا، والنواب السنّة في طرابلس وعكار وبيروت الثالثة، والنواب الشيعة في بعلبك الهرمل والزهراني. ويُنتخب وفق النظام النسبي نواب زحلة والبقاع الغربي ــ راشيا، وبيروت الثانية، مرجعيون ــ حاصبيا، والشوف وعاليه. كذلك يُنتخب وفق النظام النسبي النواب غير السنّة في طرابلس وعكار، والنواب غير الشيعة في بعلبك ــ الهرمل، والنواب غير المسيحيين في بعبدا وجبيل، والنواب غير السنّة في بيروت الثالثة، والنائب الكاثوليكي في الزهراني.
والأزمة هنا، بحسب تقسيمات المشروع، أن النسبية تفرغ من مضمونها، لناحية إيجاد تنوع داخل الطوائف. فعلى سبيل المثال، بمقدور تحالف حزب الله وحركة أمل أن يحصد كافة المقاعد التي ستُنتخب وفق النسبية في الجنوب (دائرة النظام النسبي تضم محافظتي الجنوب والنبطية معاً)، بقليل من حُسن إدارة المعركة. كذلك، إن حصول أي لائحة معارضة لأمل وحزب الله على «الحاصل الانتخابي» (أي الحد الأدنى من عدد الأصوات المطلوب للحصول على مقعد نيابي واحد) شبه مستحيل، لأن عدد المقاعد التي ستُنتخب وفق النسبية ضئيل للغاية، ما يقتل أي تنوّع سياسي داخل الطوائف. كذلك يجعل المشروع التنوع داخل الطوائف المسيحية شبه مستحيل، باستثناء دائرة زحلة التي سيُنتخب جميع نوابها وفق النظام النسبي في محافظة البقاع. خلاصة الأمر، أن هذا المشروع ينضم إلى مشاريع القوانين المبنية على النظام المختلط، التي تنتحل صفة النسبية كنوع من المخدّر للمطالبين بها، فيما هي تُعيد إنتاج المجلس النيابي نفسه، وتمنع أي تنوّع داخل الطوائف، ولا تُنتِج قانوناً انتخابياً. كذلك فإنه يعاني من ثغرة أساسية، تتصل بكونه جعل جميع النواب الدروز يُنتخبون وفق النسبية، فيما غالبية النواب المسيحيين والسنّة والشيعة يُنتخبون وفق الأكثري، وبتقسيمات الستين نفسها. ويؤدي ذلك حكماً إلى رفض النائب وليد جنبلاط له. كذلك فإن حزب الله وحركة أمل يرفضانه، رغم أنه يمنحهما قدرة على حصد مقاعد يفوق ما هو موجود لديهما. فالحزب سبق أن أبلغ جميع محاوريه بأنه يريد النسبية الكاملة، لأنها تمنح قدرة التمثيل لجميع الأقليات الطائفية، وبالتنوع داخل الطوائف، وهي المعبر الإلزامي لبناء الدولة وتحقيق حد أدنى من الانصهار الوطني. أما حركة أمل، فذهبت بعيداً أمس في تأييد النسبية، على لسان النائب هاني قبيسي الذي طالب بتطبيق اتفاق الطائف، كمخرج من الأزمة الحالية، ولمواجهة العجز عن التوافق على قانون انتخابي. واقترح قبيسي اقترح اعتماد قانون للانتخابات النيابية على أساس لبنان دائرة واحدة خارج القيد الطائفي، وإنشاء مجلس للشيوخ تتمثّل فيه الطوائف. ورداً على سؤال «الأخبار»، قال قبيسي إن حركة أمل لا تعتبر أن إنشاء مجلس للشيوخ ينتقص من «حصة الطائفة الشيعية في النظام»، لأن السلطتين التشريعية والرقابية ستبقيان للمجلس النيابي، فيما القضايا المصيرية ستُبحث في مجلس الشيوخ، «والقضايا المصيرية لا تُبحث عادة في مجلس النواب ليُقال إن مجلس الشيوخ ينتقص من سلطته». «وأكّد أن هذا حل دستوري يلتزم الطائف، ويحترم في الوقت عينه هواجس الطوائف»

 

 

البلد :

بدا كالم رئيس الجمهورية العماد ميشال ً ا وواضح مباشر عون أمس، اذ ذهب الى القول »ال احد يهددنا بالفراغ او التمديد، فخطاب القسم واضح بضرورة الوصول الى قانون ّ رت ما بين التمديد لالنتخاب وعلينا العمل على ذلك، واذا خي لمجلس النواب او الفراغ، فموقفي واضح في هذا الموضوع سأختار الفراغ«. وأعقب الموقف برفض تعيين هيئة االشراف على االنتخابات التي كانت مطروحة من خارج جدول اعمال مجلس الوزراء، الن االولوية هي لقانون انتخاب جديد كما اعلنت وزيرة التنمية االدارية عناية عز الدين اثر الجلسة. وكان الرئيس بري جدد في خالل إستقباله مجلس نقابة الصحافة برئاسة النقيب عوني الكعكي تأكيد رفضه التمديد لمجلس النواب بالمطلق وقال: »ال اسوأ من السوء إال التمديد«. ً مرة وأضاف »أن قانون النسبية هو خالص لبنان«، منتقدا اخرى قانون الستين »الذي يبقي الوضع على ما هو عليه في المجلس النيابي ويقضى على األصوات المستقلة، وال يضمن ً ا جاء فيه »كما قلت في صحة التمثيل«. واضاف بري استدراك السابق، فإن اي قانون يجب ان يحظى بتوافق جميع األطراف، وانا لن أسير بأي قانون ال ترضى اي طائفة من الطوائف عليه، ً في البالد«. وإن عدم اإلتفاق على القانون يحدث شرخا بيد ان حدة الكباش االنتخابي، لم تحل دون استكمال البحث في سبل الوصول الى اتفاق حول قانون يرضي معظم ُ قد في قصر بعبدا اجتماع رباعي ضم القوى السياسية، فع وزير المال علي حسن خليل، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، عضو كتلة »الوفاء للمقاومة« النائب علي فياض، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري، حيث تم البحث في آخر ما توصلت اليه النقاشات حول الصيغ االنتخابية المطروحة. من جهته، غرد رئيس »اللقاء الديمقراطي« النائب وليد جنبالط عبر حسابه على »تويتر« بلغة طبية بالقول: »ان قانون االنتخاب عملية جراحية دقيقة، ونجاحها يتطلب الدقة والصبر والتشاور والحوار، وفي المناسبة ال يمكن أن تكون العملية ناجحة اذا استبعد أحد الجراحين، واستغرب »رياحة« وفد اللقاء الديمقراطي، لذا نصر على التشاور والحوار االيجابي بعيدا من اجواء التخدير السائدة في غرفة العمليات«. محطة االشتراكي: وكان وفد اللقاء الديمقراطي وفي اطار جولته على المسؤولين والقادة السياسيين زار صباحا » كتلة »الوفاء للمقاومة« واعلن النائب اكرم شهيب، ان الزيارة للتأكيد على ان قانون االنتخاب لن يكون اال بتوافق جميع اللبنانيين«، مشددا على »قانون يحفظ حق الجميع«، وقال: »مستعدون للتواصل مع الجميع للوصول الى قانون ال يلغي احدا«، ومؤكدا ضرورة »اجراء االنتخابات في موعدها.