هل أصبح الفراغ هو الخيار بين قانون الستين أو التمديد للمجلس النيابي الذي يكون قد مضى على انتخابه ثماني سنوات حتى 21 أيار المقبل؟
ليس مرد هذا التساؤل موقف الرئيس ميشال عون في جلسة مجلس الوزراء الذي فاجأ المجتمعين، وشكل أو اهتزاز، ستتبعه مخاوف مما ستؤول إليه الأوضاع، لو تبين بالتجربة أن الطبقة السياسية عاجزة عن إنتاج قانون انتخابي جديد.
ومن معالم الأزمة التي حذّرت منها «اللواء» في عددها أمس، أن عدداً من الوزراء الذين حاولت «اللواء» تسجيل آرائهم إزاء ما حدث في مجلس الوزراء، أمس، امتنعوا عن الكلام، وآثروا الترقب والانتظار، لكنهم لاحظوا انه لم يكن هناك اي تشنج.
على أن الطبقة السياسية سرعان ما استدركت مخاطر «الدعسات الناقصة»، ولجأت إلى عقد لقاء على مستوى ممثلين للكتل والأطراف، بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء، حضره الوزيران علي حسن خليل وجبران باسيل والنائب علي فياض ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري.
واستمر الاجتماع قرابة الساعتين، وتركز على:
1 – ضرورة الإسراع في إنجاز قانون الانتخاب الجديد، انطلاقاً من الكلام الذي جرى في مجلس الوزراء، واشتراط الرئيس عون وضع قانون جديد للانتخاب قبل تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات.
2 – تداول المجتمعون بالصيغ المطروحة، انطلاقاً من رغبة ممثلي الأطراف الأربعة: حركة «امل» و«التيار الوطني الحر» و«حزب الله» و«المستقبل»، بالتوصل إلى قانون جديد، في ضوء خطاب القسم وبيان حكومة «استعادة الثقة» التي يرأسها الرئيس الحريري.
ومن بين الصيغ التي طرحت في الاجتماع القانون الارثوذكسي والقانون المختلط واقتراح الرئيس نبيه برّي، والصيغة المتداولة لتطوير قانون الستين، بعد إدخال تعديلات تتعلق بعدد مجلس النواب بين 108 و128، وإعادة دمج أقضية ومحافظات، ونقل نواب من منطقة إلى منطقة، على ان تؤسس التقسيمات الانتخابية الجديدة إلى اللامركزية الإدارية وإنشاء مجلس الشيوخ.
وفي المعلومات التي تقاطعت مع معلومات «اللواء» أن ممثلي الأطراف الأربعة اتفقوا بصفتهم ممثلي كتلهم على اجراء الانتخابات في ضوء قانون جديد، وهذا هو صلب الموضوع.
ولم يتم التوصّل إلى أية صيغة، لكن اجتماعاً عقد ليل امس بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» في إطار انضاج ورقة موحدة، على أن يُشارك ممثلون عن «القوات» والحزب التقدمي الاشتراكي في الاجتماعات المقبلة.
واتفق على العودة إلى متابعة الأفكار الانتخابية في اجتماع ثان يوم غد الجمعة.
وتحدثت معلومات قريبة من الثنائي المسيحي أن الطرفين يتجهان إلى إبلاغ رئاسة مجلس النواب أن الجلسات التشريعية يجب أن تكون آخرها جلسة اليوم، بحيث يعكف المجلس على العودة إلى مناقشة وإقرار قانون جديد للانتخاب.
الا أن مصادر نيابية اعتبرت أن موقف الرئيس بري الذي أعلنه امام نقابة الصحافة، من انه لن يسير بأي صيغة انتخابية لا ترضي أي طائفة من الطوائف، يؤشر إذا ما وضع بموازاة موقف الرئيس عون والنائب وليد جنبلاط، إلى ان البحث عن صيغ انتخابية دخل في دائرة الصعوبات.
والتقى المشاركون الأربعة في الاجتماع بعد الانتهاء منه عند نقطتين: الأولى تتعلق بأن البحث ليس اختصار المجلس النيابي، ولا هو اقصاء لأي طرف، والنقطة الثانية تتعلق باستبعاد أي صيغة تشعر من خلالها أية طائفة انها مغبونة في حقوقها التمثيلية.
مجلس الوزراء
وبالعودة إلى جلسة مجلس الوزرا؛ء، فقد وصف وزير الاقتصاد رائد خوري الجلسة بأنها كانت إيجابية. وقال لـ«اللواء»: «الانتخابات ستحصل، لكن الأكيد ليس على قانون الستين»، مشيراً إلى انه إذا كانت هناك إرادة وطنية مشتركة فانه يمكن الوصول إلى قانون جديد خلال الفترة المتبقية قبل موعد دعوة الهيئات الناخبة.
وحول ما دار في الجلسة، كشفت المصادر أن الرئيس عون رفض ادراج بند تعيين عشرة أسماء في هيئة الاشراف على الانتخابات، طرحها وزير الداخلية نهاد المشنوق في إطار واجبه الدستوري، وقال موجهاً
حديثه إلى المشنوق: «حكيت معك، لكني لست موافقاً على طرح هذا الموضوع، لأن واجباتنا تقضي بإنجاز قانون قبل البحث في الهيئة، وإذا ما خُيّرت بين التمديد للمجلس والفراغ، فسأختار الفراغ».
وتابع: «أنا اقسمت على الدستور وأديت اليمين، واتفق كل الفرقاء السياسيين على اعداد قانون انتخابات، فإذا لم نتمكن من إنجازه بعد ثماني سنوات، فأين هي فعاليتنا وصدقيتنا؟».
وبعد ذلك توقف النقاش حول الموضوع، واستكمل جدول الأعمال، ووافق المجلس على إعادة إطلاق الدورة الأولى لتراخيص التنقيب عن النفط والإعلان عن الانضمام إلى مبادرة الشفافية في مجالات الصناعات الاستخراجية.
وكانت هناك نقطة أثارت اهتمام الوزراء تتعلق بما سمعوه من الرئيس عون في ما خص المحكمة والاتفاقات الدولية، من زاوية ان المعاهدات هي من صلاحية رئيس الجمهورية ولا شأن للوزراء بهذه المهمة الا بتفويض منه، مشدداً على وجوب ان تصدر المحكمة الدولية احكامها لأن العدالة المتأخرة ليست بعدالة.
وفيما خص النظام المالي لقطاع النفط، فلم يطرح في الجلسة بانتظار إنجاز صياغته من خلال وزارتي المالية والطاقة، فيما حضر الوضع الأمني في استهلالية الرئيس عون والرئيس الحريري وفي التنويه باحباط الاعتداء على مقهى «كوستا» في الحمراء، والتأكيد على التنسيق بين كافة الأجهزة وتنفيذ إجراءات أمنية سريعة لمنع تكرار عمليات الخطف، من دون حاجة إلى خطة أمنية.
ووصفت مصادر معنية كلام الرئيس عون في مجلس الوزراء بأنه جاء للحث على الإسراع في إنجاز قانون الانتخاب.
وكشفت ان النقاشات الدائرة في «لجنة الأربعة»، اتسمت «بالجدية وبالنقاش المفتوح من أجل إنتاج صيغة تسمح بصياغة مشروع قانون انتخابي جديد».
وإذ اشارت إلى اجتماعات أخرى ستعقد، وصفت المداولات بأنها ليس مغلقة، ومن الممكن ان تسفر عن تقدّم.
موغريني في بيروت
وتتزامن الجلسة التشريعية للمجلس، والتي يفترض ان تستكمل جدول الأعمال، أو ما تبقى منه، مع بدء جولة الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فريدريكا موغريني على المسؤولين اللبنانيين، حيث من المقرّر ان تعقد لقاءات مع كل من الرئيس عون والرئيس برّي ووزير الخارجية جبران باسيل.
وكانت موغريني وصلت إلى بيروت قرابة التاسعة من ليل أمس آتية من بروكسيل، وانتقلت مباشرة من المطار للقاء الرئيس الحريري الذي أقام على شرفها مأدبة عشاء، في حضور الوزير جان اوغاسبيان ورئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن ونادر الحريري، ومستشار الرئيس الحريري للشؤون الاقتصادية مازن حنا والوفد المرافق لموغريني.
وحرصت المسؤولة الأوروبية، بعد انتهاء العشاء قرابة الحادية عشرة ليلاً، على التأكيد بأنه بإمكان الرئيس الحريري ان يعتمد ليس فقط على دعمي الشخصي الكامل، لكنه أيضاً على الدعم الكامل من الاتحاد الأوروبي في هذه الظروف الصعبة، ولكن أيضاً المثيرة.
وقالت انها ناقشت مع الرئيس الحريري دعم الاتحاد الأوروبي للبنان ولكل الشعب اللبناني وكل مؤسسات الدولة، مشيرة إلى ان المناخ السياسي والمؤسساتي الجديد في لبنان يحظى بكل الدعم الذي يستحقه ويحتاجه.
ولفت إلى ان الدعم الأوروبي للبنان سيكون في مجالين: استضافة الكثير من النازحين السوريين والاستثمار، في إعادة إطلاق عجلة الاقتصاد، ومضاعفة العمل من أجل احلال الأمن ومحاربة الإرهاب