مع إعلان وزير الداخلية نهاد المشنوق نيّته طرح بند «هيئة الإشراف على الانتخابات» في جلسة مجلس الوزراء اليوم، يبدو تيار المستقبل كمن يختبر نيات رئيس الجمهورية ميشال عون، ومدى جديّة ما يحكى عن احتمال تعطيله للانتخابات طالما أن «الستّين» هو قانون الأمر الواقع

 
 

يتواصل الكباش حول قانون الانتخاب من دون أن تلوح بوادر اتفاق حتى الآن، بينما يزداد التعقيد مع تمسّك الأطراف بمواقفهم وارتفاع ضغط المهل الدستورية. وفيما يتوقع أن يلتقي اليوم الوزيران جبران باسيل وعلي حسن خليل ومستشار رئيس الحكومة نادر الحريري لمواصلة البحث في تقريب وجهات النظر، أعلن الوزير نهاد المشنوق الذي زار رئيس الجمهورية ميشال عون أمس أنه سيطلب في جلسة الحكومة اليوم، من خارج جدول الأعمال، تشكيل لجنة الإشراف على الانتخابات، وطلب الاعتمادات المالية لإجرائها، وأنه سيعلن لوائح الشطب قبل 21 شباط المقبل.

وكانت لافتة إشارة المشنوق الى «قرار دولي كبير بحماية لبنان أدى الى انتخابات الرئاسة»، وإلى أن «هناك اندفاعاً دولياً لتشجيع لبنان على إجراء الانتخابات النيابية».
مصادر مستقبلية قالت لـ»الأخبار» إن هناك «ضرورة للفصل بين مسار الدعوة الى الانتخاب، وهو أمر ملزم، والبحث في القانون». وأكدت أن «المشنوق سيطرح الامر من منطلق واجبه كوزير لداخلية كل لبنان، والرئيس عون سيلتزم بواجباته الدستورية ولن يضع نفسه موضع انقسام، وهو ما يحتمه عليه موقعه كرئيس للجمهورية». إلّا أنه يمكن الاستنتاج أن تيار المستقبل يهدف من طرح المشنوق الى اختبار جدية التهديدات التي نُقلت عن أجواء بعبدا باللجوء الى تعطيل الانتخابات إذا ما وُضع عون بين خياري التمديد أو إجرائها وفق «الستين».

 


ومعلوم أن عدم تشكيل الهيئة يفتح باب الطعن في نتائج الانتخابات، فيما يعتبر إقرار التمويل شرطاً لإجرائها.
مصادر وزارية بارزة في التيار الوطني الحر أكدت لـ»الأخبار»، تعليقاً على إعلان وزير الداخلية، أن «كل المحاولات للتعامل مع العملية الانتخابية على أنها أمر عادي وطبيعي وروتيني لن تنجح». وشدّدت على أنه «لا يمكن أن نتخيّل انتخابات بلا قانون جديد، ولدينا خيارات كثيرة».
من جهتها، باتت القوات اللبنانية أكثر قرباً من موقف التيار الوطني الحر الرافض للتمديد ولانتخابات وفق الستين. وقالت مصادر قواتية إن «الكرة اليوم في ملعب رئيس الجمهورية الذي يجب عليه أن يواجه دستورياً محاولة البعض العودة إلى الستين، بعدم موافقته على توقيع مرسوم تأليف هيئة الإشراف على الانتخابات». وأكدت «أننا لن نذهب إلى قانون الستين بأي شكل... ولا تجربونا». وواصلت المصادر التسويق لفكرة أن «القانون الجديد سيبصر النور خلال أسبوعين»، وأنها «توصّلت مع التيار الوطني الحر إلى صيغة مختلط معدلّة». وأشارت إلى أن «وزير الإعلام ملحم رياشي والنائب إبراهيم كنعان يتواصلان مع جميع القوى، للتوصل إلى اتفاق على القانون المختلط، مع تعديل الدوائر، بما يتلاءم مع مصلحة النائب وليد جنبلاط والرئيس سعد الحريري». ولفتت الى أن «الرئيس نبيه بري أصبح مُطّلعاً على القانون». إلا أن مصادر عين التينة كررت أنها «غير معنية بأي اتفاقات ثنائية».
وعلمت «الأخبار» أن الوزير باسيل ونادر الحريري التقيا نهاية الأسبوع الماضي، وأعادا إحياء البحث في القانون المختلط، «لكنهما لم يصلا إلى نتيجة، في ظلّ إصرار العونيين على أن يكون المختلط على قاعدة 66 نسبي، والباقي أكثري». ورأت المصادر أنه «ليس لدى أي طرف القدرة على فرض قانون، إلا بالتوافق»، مشيرة إلى أن «طرح أي قانون جديد على النقاش في مجلس الوزراء، أو التصويت في مجلس النواب، لن يمر من دون موافقتنا، أو حصوله على تأييد من النائب وليد جنبلاط». ورفضت مصادر المستقبل اتهام التيار بمحاولة تأجيل الانتخابات، نظراً إلى عدم جاهزية الرئيس الحريري السياسية والمالية، معلّقة بالقول «لسنا وحدنا غير جاهزين، الجميع منشغل، ربما باستثناء القوات والتيار الوطني الحر اللذين يستعجلان الانتخابات، لأن تحالفهما يؤمن لهما حصة برلمانية كبيرة».
بري
ونقل زوار بري عنه أن «هناك ضجيجاً بلا حجيج. ما أكثر الضجيج وما أقل الحجيج». وأضاف: «أنا ورئيس الجمهورية متفقان على قانون الانتخاب، كذلك فإن جواب الرئيس لوزير الداخلية حول الانتخابات هو نفسه ما قلته للوزير بضرورة الإعداد لإجراء الانتخابات في موعدها».
ولاحظ بري أن هناك «إجماعاً مشكوراً من رئيس الجمهورية الى آخر سياسي في البلد على عدم التمديد للمجلس مهما كلف الامر». وكرر أنه «من دون توافق لا يتم شيء في البلد، فكيف بالحري بقانون الانتخاب الذي هو الاساس؟ لا داعي لذكر أنني كنت قد طالبت بالتفاهم المسبق على السلة التي فيها قانون الانتخاب، لكن الخير في ما حصل. صار لدينا رئيس للجمهورية وحكومة».
من جهته، شدد تكتل «التغيير والإصلاح» على أنه «لا تمديد للمجلس النيابي ولا قانون ستين، ولا يعتقد أحد أو يراهن على أن جرّنا بالوقت سيجعلنا نرضى بالأمر الواقع». وفي بيان له بعد اجتماعه الأسبوعي، لفت إلى أننا «سنعطي فرصة وسنساهم بشكل إيجابي وبنّاء للوصول الى حل، ولكن هذا الحل يجب أن يحترم المناصفة والشفافية»، بينما شدّد رئيس حزب الكتائب سامي الجميل، بعد لقائه عون، على «قانون انتخابي يؤمن صحة التمثيل والتعددية»، معتبراً أنه «إذا لم نستطع في هذا الظرف وضع قانون انتخابي جديد فسيصعب علينا ذلك لاحقاً». وأضاف «لم نطّلع بعد على القانون الذي يتم التباحث به، ونحن مستعدون للنقاش بأي قانون يؤمن صحة التمثيل. هناك عدة قوانين، وكل قانون يختلف عن الآخر، وعلينا أن نرى أيّ قانون لديه الحظوظ الأكبر لتأمين صحة التمثيل».