دخلت الطبقة السياسية رسمياً ونيابياً وحزبياً في سباق جدي مع المهل الانتخابية.
وإذا كان بموجب القانون النافذ، وهو قانون الستين، يتعين دعوة الهيئات الناخبة قبل 18 شباط المقبل، أي بعد 24 يوماً بالضبط، فإن مسألة المهل باتت ضاغطة بقوة، ليس على إجراء الانتخابات، أو عدم إجرائها، أو على إقرار قانون جديد للانتخابات والبقاء على قانون الستين أو التمديد للمجلس النيابي، بل يمكن ان تتسبب بأزمة سياسية يحرص العهد ورئيسا المجلس والحكومة على الحؤول دون الوقوع فيها.
وانطلاقاً من الخطر الداهم، والخشية من أزمة حكم يشرعها العجز عن إقرار قانون جديد للانتخاب، استنفرت الحكومة ومعها المكونات المشكلة لمجلس الوزراء لتنشيط الجهود واحتواء الوضع في غضون أسبوع، بحيث تنجز صيغة مشروع قانون لتطرح على الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء.
وتمثل هذا الاستنفار، على الرغم من انهماك لبنان باستقبال شخصيات وزائرين عرب وأجانب، في إطار دعم مسيرة الاستقرار السياسي والأمني في هذا البلد، والانفتاح على إعطاء جرعات دفع لعلاقات لبنان مع الدول الشقيقة والصديقة:
1 – زيارة الرئيس سعد الحريري، يرافقه مدير مكتبه نادر الحريري إلى عين التينة، واجتماعه المطوّل مع الرئيس نبيه برّي في حضور مساعده وزير المال علي حسن خليل، والتي استكملت إلى مائدة عشاء، حيث حضر قانون الانتخاب بقوة، فضلاً عن بعض القضايا المتعلقة بجلسة مجلس الوزراء اليوم، والخطة الأمنية المزمع اقرارها للبقاع الشمالي والهادفة للقضاء على آفة الخطف والفدية.
وفيما امتنع الرئيس الحريري بعد اللقاء عن الإدلاء بأي معلومات أو موقف، مع الإشارة إلى تجاهل كتلة «المستقبل» في اجتماعها الأسبوعي أمس لقانون الانتخاب، نقل زوّار رئيس المجلس عنه تأكيده ان لا جديد بالنسبة لقانون الانتخاب، وأن الاتصالات الجارية حتى اليوم تدخل في «الضجيج بلا حجيج».
2 – زيارة وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق إلى قصر بعبدا، والاجتماع مع الرئيس ميشال عون، حيث كان موضوع الانتخابات النقطة رقم 3 بعد شكر رئيس الجمهورية على تثبيت متطوعي الدفاع المدني، والتداول في تفاصيل ما جرى في مقهى «الكوستا» في الحمراء واحباط محاولة التفجير الآثمة بالتعاون بين مخابرات الجيش وشعبة المعلومات، إلى الخطة الأمنية في البقاع.
والمهم في هذه النقطة، ما قاله الوزير المشنوق بعد اللقاء من أن الرئيس عون «حملني مسؤولية الالتزام بالدستور والقوانين والقيام بكل العمل التحضيري الذي يجب ان يتم لإجراء الانتخابات»، في فصل واضح بين الإجراءات والتوافق السياسي على قانون جديد للانتخاب.
واعرب المشنوق عن اعتقاده أن رئيس الجمهورية «سيبذل جهداً استثنائياً» في الأيام المقبلة للتوصل الى صيغة تعبّر عن تطلعات اللبنانيين»، ناقلاً عنه انه «من الصعب القول للبنانيين اننا عاجزون عن إنتاج قانون انتخابي جديد».
وفي ما خص تعيين هيئة الاشراف على الانتخابات، أشار المشنوق إلى أن هذه المسألة أصبحت في عهدة الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ويعود للرئيس عون قرار طرحها على مجلس الوزراء اليوم أم لا.
ونقل عن الرئيس برّي أن الوزير المشنوق سمع من الرئيس عون ما سمعه منه عندما زاره في عين التينة قبل يومين، وفحواه «اشتغل شغلك»، مشيراً (أي الرئيس بري) انه متفق مع رئيس الجمهورية حول هذا الموضوع.
وفي الإطار نفسه، أكدت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» انه من الثابت لدى رئيس الجمهورية هو اجراء الانتخابات وفق قانون يحمل صفة التوافق.
وقالت أن المشنوق ناقش مع الرئيس عون استعدادات وزارته للعملية الانتخابية في ما خص المحطات وتشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات وفقاً للقانون المعمول به حالياً، واستبعدت بحث الموضوع في مجلس الوزراء اليوم، لكنها قالت ان وضعه من خارج جدول الأعمال يبقى وارداً إذا ما ارتأى الرئيسان عون والحريري في خلوتهما قبيل الجلسة وضعه ضمن الجدول.
3 – وهذا الملف بكل خلفياته وتدخلاته، بما في ذلك المهل، حضر بين الرئيس عون ورئيس الكتائب النائب سامي الجميل الذي نقل إليه دعم الكتائب لموقفه من قانون الانتخاب الذي يجب أن يصحح التمثيل، مشيراً (أي الجميل) إلى نقطة لافتة وهي «اذا لم نتمكن في هذا الظرف من انجاز موضوع قانون الانتخاب فانه سيكون من الصعب علينا تحقيقه بعد 4 سنوات»، معرباً عن استعداده للتنسيق للوصول الى رؤية مشتركة مع الأطراف واقرار قانون انتخاب جديد قبل دعوة الهيئات الناخبة في 18 شباط المقبل.
ولاحظت مصادر سياسية، انه بعد موقف رئيس حزب «القوات اللبنانية» وبيان تكتل «الاصلاح والتغيير» أمس الذي رفع شعار: «لا للتمديد ولا لقانون الستين» مطالباً بقانون اعدل تمثيلاً يسمح بمنع «السطو على الحقوق 4 سنوات اضافية»، فإن الأحزاب المسيحية الثلاثة (الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» و«الكتائب») باتت أقرب إلى التنسيق للحؤول دون اجراء الانتخابات على أساس قانون الستين.
4- في هذا الوقت، وبعد ان التقى الرئيس الحريري وفد «اللقاء الديمقراطي» في إطار المهمة المرسومة له والمتمثلة بنقل وجهة نظر الحزب الاشتراكي من القانون الذي يتعين ان تجري الانتخابات على أساسه، اجترح النائب وليد جنبلاط خارطة عبر فيها عن «متاهة البحث عن قانون جديد للانتخابات»، وشرحها بتغريدة ضمنها الكلمات الآتية: «قانون الانتخاب عملية جراحية دقيقة ونجاحها يتطلب الدقة والصبر والتشاور والحوار».
وبانتظار الصبر والحوار، يواصل وفد «اللقاء الديمقراطي» لقاءاته مع الأحزاب والكتل، فيزور وفد منه اليوم «حزب الله»، على ان يزور لاحقاً معراب للقاء كتلة «القوات» وربما الدكتور سمير جعجع.
5- وفي ضوء هذه المعطيات المتصادمة، مع الحرص الرسمي الأكيد على ضمان الاستقرار السياسي والأمني، وهو الشرط الضروري لإعادة إطلاق الدورة الاقتصادية، كشف الرئيس الحريري امام وفد سفراء الاتحاد الأوروبي الذي زاره في السراي الكبير بعد ظهر أمس، قبيل وصول منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيريديكا موغريني مساء اليوم، ان حكومته «ستسعى لإنجاز قانون عادل للانتخابات واجراء هذه الانتخابات في موعدها، وإذا تمكنا من التوصّل إلى قانون جديد سيكون هناك تأجيل تقني، وإذا لم نفعل فستحصل الانتخابات في موعدها».
وعلى هذا الأساس، يعقد وزراء من «التيار الوطني الحر» (جبران باسيل) وحركة أمل (علي حسن خليل) وحزب الله (حسين الحاج حسن) و«المستقبل» (نهاد المشنوق) والحزب التقدمي الاشتراكي (مروان حمادة) و«القوات اللبنانية (غسّان حاصباني أو ملحم رياشي) اجتماعاً بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء في بعبدا اليوم للتداول في صيغ أربع يجري البحث فيها في ما خص قانون الانتخاب.
وكشف مصدر في «التيار الحر» لـ«اللواء» ان الرئيس عون سيتابع وقائع المناقشات، انطلاقاً من حرص على التوصّل إلى تفاهم، انطلاقاً من الأجواء الإيجابية التي نجمعت عن انتخاب الرئيس وتشكيل الحكومة وإعادة عجلة التشريع.
وأكّد هذا المصدر ان المهلة المحددة لا يجب ان تتعدّى العشرة أيام لإنجاز مثل هذا التفاهم.
الاهتمام الدولي بلبنان
وفي الرياض، حضر موضوع المساعدات للبنان في اجتماع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مع وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرولت (الخبر في مكان آخر)، وتناول البحث، وفقاً للوزير الفرنسي، حاجة لبنان للمساعدة، لا سيما مساعدة جيشه الذي يُشكّل عامل وحدة واستقرار في لبنان، معتبراً ان «لبنان بلد يجب مساعدته، والجيش الوطني اللبناني هو عامل للوحدة والجمع في هذا البلد».
ولاحظ مصدر مطلع في بيروت ان هذه إشارة لتحريك الهبة السعودية، في ما خص شراء الأسلحة الفرنسية للجيش اللبناني، وهي أوّل إشارة بعد زيارة الرئيس عون للمملكة أوائل الشهر الحالي.
وتلقى عون، أمس، دعوة رسمية لزيارة الكويت، نقلها إليه ممثّل أمير الكويت وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الكويتي الشيخ محمّد عبد الله المبارك الصباح، الذي زاره صباحاً في بعبدا، مشيراً إلى ان الكويت اميراً وشعباً تقف إلى جانب لبنان وتتمنى له كل الخير، لافتاً إلى ان انتخاب الرئيس عون مصدر تفاؤل وأمل للجميع نظراً للاسهامات الكبيرة التي يقدمها في مختلف المجالات.
وهنأ الوزير الصباح الدولة اللبنانية على الجهود التي تبذلها للمحافظة على الاستقرار في لبنان، والتي كان آخرها إحباط محاولة إرهابي تفجير نفسه في شارع الحمراء.
وزار الموفد الكويتي قبيل مغادرته بيروت مساءً كلاً من الرئيس برّي والرئيس الحريري الذي اولم على شرفه.
مجلس الوزراء
ويعقد مجلس الوزراء جلسته العادية قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا برئاسة الرئيس عون، للبحث في جدول أعمال من 62 بندا أبرزها عرض وزارة الطاقة والمياه لتوصية إدارة قطاع البترول المتعلقة بإجراءات استكمال دورة التراخيص الأولى في المياه البحرية التي أطلقها مجلس الوزراء إضافة الى شؤون مالية ووظيفية وفنية وترخيص وتجديد التراخيص لمؤسسات إعلامية وبالتفرغ عن الأسهم وهبات وسفر.
وتوقعت مصادر وزارية «للواء» ان يشكل الملف الأمني أولوية في جلسة اليوم حيث سيطلع الوزراء على الوضع الأمني بتفاصيله لا سيما من قبل وزيري الداخلية والدفاع وآخر المعطيات الامنية التي توفرت في ضوء المستجدات التي طرأت خلال الأسبوع الماضي لا سيما بالنسبة الى القاء القبض على الانتحاري عمر عاصي وعملية خطف الموطن سعد ريشا.
وفي هذا السياق، تحدث المشنوق في مقابلة مباشرة مع قناة «الحدث – العربية» ومما قاله حول موضوع القاء القبض على الانتحاري في شارع الحمراء ان «هناك تكتم جدي في التحقيقات حول العملية المشتركة التي قامت بها شعبة المعلومات ومخابرات الجيش ووضعها في اطار ما وصفه بعمليات «الذئاب المنفردة».
واشار الى ان «ما قام به المشرفون على العملية الامنية ناتج عن تقدير امني، داعيا الى عدم الاهتمام بالشكل بل بالنتيجة وعدم اخذ احد مكان الامنيين الذين يخاطرون بحياتهم، فتساؤلات البعض مسموحة لكن الاساءة غير مقبولة».
واكد ان «مقهى الكوستا كانت وجهة الانتحاري». واشار الى ان «لبنان معرض مثل غيره من العواصم العالمية التي تضج بالحياة لكن الفرق الجدي هو قدرة الاجهزة الامنية على القيام بالعمليات الاستباقية».
ولم يستبعد المصدر إمكانية ان يبحث مجلس الوزراء اليوم في موضوع النفايات وضرورة إيجاد حل جذري لهذه القضية بعد وضع القضاء يده على الملف، لكنه لفت إلى ان القرارات التي تصدر عن قضاء العجلة لا تعتبر احكاماً نهائية.
وكان قاضي الأمور المستعجلة حسن حمدان أصدر قراراً يقضي باستمرار مطمر الكوستا برافا مفتوحاً إلى حين صدور القرار النهائي في القضية في 31 الجاري. وفور صدور القرار، نفذ عدد من الناشطين في المجتمع المدني وقفة احتجاجية امام قصر العدل احتجاجاً على إعادة فتح المكب واستمرار الإخفاق في إيجاد الحلول البيئية لدرء خطر الطيور عن الطيران.
اللواء : قانون الإنتخاب يسابق المُهل ويهدِّد بـ«أزمة»
اللواء : قانون الإنتخاب يسابق المُهل ويهدِّد...لبنان الجديد
NewLebanon
|
عدد القراء:
325
مقالات ذات صلة
الجمهورية : السلطة تحاول التقاط أنفاسها... والموازنة تفقدها...
الاخبار : السفير الروسي: الأميركيّون يهيّئون لفوضى في...
اللواء : باسيل يتوعَّد السياسيِّين.. ورعد...
الجمهورية : مجلس الوزراء للموازنة اليوم وللتعيينات غداً.....
الاخبار : الحريري بدأ جولة...
اللواء : هل يستجيب عون لطلب تأجيل جلسة المادة...
ارسل تعليقك على هذا المقال
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
© 2018 All Rights Reserved |
Powered & Designed By Asmar Pro