في ختام يومين من المحادثات بين وفدي النظام السوري والفصائل المعارضة في أستانا عاصمة جمهورية قازاقستان السوفياتية السابقة، اتفقت روسيا وتركيا وايران، الدول الراعية لهذه المحادثات، على انشاء آلية لتطبيق ومراقبة وقف النار في سوريا.
وقال وزير الخارجية القازاقي خيرت عبد الرحمنوف لدى تلاوته البيان الختامي للقاء أستانا انه تقرر "تأسيس آلية ثلاثية لمراقبة وضمان الامتثال الكامل لوقف النار ومنع أي استفزازات وتحديد كل نماذج وقف النار".
وكان المبعوث الخاص للامم المتحدة الى سوريا ستافان دو ميستورا يأمل في انشاء هذه الالية وقد دعمتها أيضاً المعارضة التي تأمل في "تجميد العمليات العسكرية" وخصوصاً في وادي بردى وهي منطقة رئيسية لتزويد دمشق المياه دارت فيها معارك ليل الأحد - الاثنين.
وأعلن الموفد الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى سوريا الكسندر لافرنتييف ان "مجموعة عملانية" ستبدأ عملها في شباط في أستانا وهدفها "مراقبة وقف النار". ورأى أن المحادثات التي جرت في حضور "خبراء عسكريين" روس كانت نتيجتها "ايجابية عموماً".
كما تولت روسيا صوغ مسودة دستور لسوريا وسلمت نسخة منها الى المعارضة التي رفضتها.
وقال مصدر في المعارضة إن "الروس وضعوا المسودة على الطاولة، لكننا لم نأخذها حتى. قلنا لهم إننا نرفض مناقشة هذا".
وأعربت واشنطن عن "ترحيبها بهذه الاجراءات للحد من العنف والمعاناة في سوريا"، داعية الى ايجاد "بيئة أكثر ملاءمة لنقاشات سياسية بين السوريين".
وأعربت الدول الثلاث أيضاً أنها تدعم مشاركة المعارضة السورية في محادثات السلام المقبلة التي ستعقد في جنيف في 8 شباط برعاية الأمم المتحدة.
وشدد البيان على أنه "لا حل عسكرياً للنزاع، وانه من الممكن فقط حله عبر عملية سياسية تعتمد على تطبيق قرار مجلس الامن الرقم 2254 كاملاً".
وقالت روسيا وايران حليفتا دمشق، وتركيا الحليف الرئيسي لفصائل المعارضة إنها ستسعى "عبر خطوات ملموسة وباستخدام نفوذها لدى الاطراف، الى تعزيز نظام وقف النار" الذي دخل حيز التنفيذ في 30 كانون الأول وأدى الى خفض العنف على رغم خروقات متكررة.
وتضمن البيان أيضاً أحد المطالب الرئيسية لوفد النظام وهو الفصل بين المعارضين "المعتدلين" وجهاديي تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) و"جبهة فتح الشام" ("جبهة النصرة" سابقاً).
واكد البيان ان ممثلي البلدان الثلاثة "يعيدون تأكيد تصميمهم على محاربة داعش والنصرة بشكل مشترك" كما انهم "يعبرون عن قناعتهم بأن هناك حاجة ملحة لتصعيد جهود اطلاق عملية مفاوضات وفقا لقرار مجلس الامن الرقم 2254".
كما اكدت الدول الثلاث ان اجتماع أستانا "منصة فعالة للحوار المباشر "بين دمشق والمعارضة وفقاً لما "هو مطلوب بموجب قرار مجلس الامن 2245".
ولم يوقع أي من الطرفين السوريين البيان الختامي ولم تعقد أي جلسة محادثات مباشرة بينهما، وكانا ممثلين بالدول الراعية للقاء أستانا.

 

الجعفري
وصرح رئيس وفد الحكومة السورية السفير بشار الجعفري خلال مؤتمر صحافي: "نعتقد أن اجتماع أستانا نجح فى تحقيق هدف تثبيت وقف الاعمال القتالية لفترة محددة الامر الذي يمهد للحوار بين السوريين".
وقال رداً على سؤال إن "في وادي بردى ثماني او تسع قرى تم تحريرها بالكامل، وبقيت واحدة هي عين الفيجة، لذلك لم تعد هناك مشكلة اسمها وادي بردى". وأوضح ان "المجموعة الارهابية الموجودة في عين الفيجة والتي تستخدم المياه كسلاح للضغط على الناس والحكومة هي جبهة النصرة، لذلك فان العمليات العسكرية مستمرة ضدها هناك". وأضاف ان "تحديد المناطق شأن سيتولاه الخبراء العسكريون... سيتم وضع خرائط عسكرية وتبادل معلومات بين الضامنين والجيش السوري لتحديد أماكن داعش والنصرة والمتحالفين معها".

 
 

وفد المعارضة
في المقابل، اعتبر رئيس وفد فصائل المعارضة محمد علوش ان دمشق وطهران تتحملان مسؤولية عدم احراز "تقدم يذكر" في هذه المحادثات. وقال: "الى الآن لا يوجد تقدم يذكر في المفاوضات بسبب تعنت إيران والنظام".
وأبدى تحفظات عن النص الذي قال إنه أضفى الشرعية على ما قامت به إيران من "إراقة للدماء" في سوريا ولم يتناول دور الفصائل الشيعية المسلحة التي تقاتل قوات المعارضة.
ولاحظ أن الروس انتقلوا من مرحلة كونهم طرفاً في القتال ويمارسون الآن جهوداً كي يصيروا أحد الضامنين وهم يجدون عقبات كثيرة من "حزب الله" وإيران والحكومة السورية.
وتوقع أن ترد روسيا في غضون أسبوع على اقتراح المعارضة لوقف النار. وأكد أن المعارضة المسلحة لن تسمح مطلقا بأن يكون لإيران التي تدعم قوات الحكومة السورية رأي في مستقبل سوريا.

الميدان
ومنذ إعلان وقف النار، تشن قوات تدعمها الحكومة هجوماً شمال غرب دمشق في منطقة وادي بردى حيث اشتد القتال أمس.
وتحاول الحكومة وحلفاؤها بما فيهم "حزب الله" التقدم في عين الفيجة حيث ينابيع ومحطة للضخ تمد معظم دمشق بالمياه.
وفي شمال شرق سوريا، نشب قتال عنيف بين "جبهة فتح الشام" وجماعات تنضوي تحت لواء "الجيش السوري الحر" وشاركت في محادثات السلام في قازاقستان.
وقال مسؤولون في "الجيش السوري الحر" إن الهجوم استهدف إحدى الجماعات التابعة لتحالف جماعات المعارضة المعتدلة في مناطق غرب حلب ومحافظة إدلب المجاورة التي تسيطر عليها مجموعة من فصائل المعارضة بينها "جبهة فتح الشام". وصرح قائد في "الجيش السوري الحر" إنه ردا على ذلك تدور "حرب شاملة" الآن ضد "فتح الشام".
في غضون ذلك، نقلت وكالات روسية للأنباء عن وزارة الدفاع أن ست طائرات حربية روسية شنت غارة منسقة على أهداف لـ"داعش" في محافظة دير الزور السورية. وقالت إن طائرات "توبوليف 22" انطلقت من قاعدة جوية في روسيا وحلقت فوق العراق وإيران قبل أن تنفذ الغارة.