لم تنتهِ فصول توقيف الانتحاري عمر العاصي في مقهى «كوستا» في شارع الحمرا ببيروت. يوم أمس، نُقِل العاصي من المستشفى إلى وزارة الدفاع، حيث بوشر التحقيق معه. وبحسب مصادر أمنية، فإن الموقوف لا يزال متماسكاً، ويتحدّث «بفخر عمّا كان ينوي القيام به». وقد أكّد الموقوف أنه كان يهدف إلى «قتل الروافض والنصارى»، وأن سببين دفعاه إلى تأخير تفجير نفسه: الأول، هو عدم اكتظاظ المقهى بالصورة التي كان يتوقعها.

والثاني، هو سماعه لثلاثة أشخاص يتحدّثون بلهجة سورية، فقرر الانتظار قليلاً ريثما يكتظ المقهى بالرواد، وعلى أمل أن يرحل السوريون الثلاثة. وأقرّ الموقوف بأنه كان مبايعاً لتنظيم «داعش»، علماً بأن المعلومات الأمنية عنه تؤكد أنه كان على علاقة وثيقة بالقيادي في «جبهة النصرة» شادي المولوي. وقالت مصادر أمنية لـ»الأخبار» إن الحزام الناسف الذي كان يحمله العاصي كان يزن 6.7 كلغ، بينها نحو 4.5 كلغ من مواد متفجرة شبيهة بمادة الـ»تي أن تي»، إضافة إلى نحو 1.5 كلغ من الكرات الحديدية الصغيرة التي تهدف إلى إيقاع أكبر عدد ممكن من الإصابات.

 


وأظهرت مراجعة الجيش للعملية الأمنية في مقهى كوستا وقائع الدقائق التي سبقت توقيف الانتحاري، فتبيّن أن العاصي وصل إلى أمام مقهى كوستا، ثم تقدّم متّجهاً نحو تقاطع الحمرا ــ البيكاديللي، لكنه لم يكمل سيره، بل عاد إلى مقهى كوستا ودخله. وتوجه إلى الصندوق، حيث طلب من العاملة فنجان قهوة، والتقط لوح شوكولا، وأخذ يتحدّث مع عاملة المقهى عن العمل وعن ساعة الذروة. وفيما كانت تنتظره مجموعة من الاستخبارات داخل المقهى وخارجه، لم يجرِ التثبت من هويته بصورة قاطعة إلا بعد جلوسه على مقعد. وفيما كان يتناول لوح الشوكولا، أطبق عليه عنصرا أمن وأمسكا بيديه، ثم تدخل رجال أمن آخرون، لضربه على رأسه ونزع جهازَي تفجير من الحزام الناسف. وأكّدت المصادر الأمنية أن التوقيف حصل قبل أن يُقدّم العاملون في المقهى فنجان القهوة للعاصي. ويُقر مسؤول أمني بأن العملية رافقها قدر كبير من المخاطرة، «لكن القوة الأمنية لم تكن لتغامر بتوقيفه قبل التثبت مئة في المئة من كونه الانتحاري المنتظر، لأن أي عملية توقيف لشخص غير العاصي كانت ستؤدي إلى فرار الأخير أو إلى تفجيره لنفسه فيما لو شكّ بوجود دورية أمنية تريد توقيفه». وترفض المصادر الإفصاح عن كيفية التعرّف إليه، ولا عن تفاصيل ملاحقته، مشدّدة على أن كشف المزيد من المعطيات سينبّه المجموعات الإرهابية إلى أساليب عمل الأجهزة الأمنية، وخاصة من الناحية التقنية، وتالياً ستغيّر أسلوب عملها.
وأكّد مرجع أمني أن استخبارات الجيش تريد إنهاء التحقيق مع الموقوف سريعاً جداً، وإحالته على القضاء يوم الخميس المقبل كحد أقصى. وتريد قيادة الجيش من وراء ذلك وضع حد للتشكيك الذي طاول الإنجاز الأمني الذي تحقّق في الحمرا ليل السبت الفائت، وأنقذ لبنان من مجزرة كانت ستودي بحياة العشرات. وقد أوقفت الاستخبارات أربعة أشخاص من صيدا، للاستماع إلى إفاداتهم، على خلفية توقيف العاصي.
ولفتت مراجع أمنية لـ»الأخبار» إلى أن حالة التأهب الأمني ستبقى في حدودها القصوى في الأسابيع المقبلة، بعدما بيّنت التحقيقات مع الموقوفين وجود قرار جدي من التنظيمات الإرهابية باستهداف لبنان، بشتى السبل الممكنة. ورغم العمليات الاستباقية التي نفذتها الأجهزة الأمنية، فإن احتمال الخرق يبقى موجوداً، ما يحتّم التزام أعلى درجات الحيطة لسدّ أي ثغرة يمكن أن يستغلها الإرهابيون.

جعجع يريد «المختلط»

سياسياً، وجّه رئيس حزب القوات اللبنانية ضربة إلى الشعارات التي أطلقها رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل عن رفض العودة إلى قانون الستين وتصحيح التمثيل باعتماد قانون انتخاب عصري يعتمد النظام النسبي، عبر إعلانه «انتهاء قانون الانتخابات النيابية باعتماد المختلط»، لأنه «حلّ يرضي أغلبية الأطراف». ويسحب كلام جعجع قوة دفع من وعد عون للبنانيين بتحقيق تمثيل عادل عبر تخلّي القوات اللبنانية عن هذا المطلب لمصلحة القوى السياسية.
في المقابل، أكّدت مصادر في تيار المستقبل لـ «الأخبار» أن باسيل أبلغ نادر الحريري، مدير مكتب رئيس الحكومة سعد الحريري، بأن التيار الوطني الحر يرفض مطلقاً مشاريع القوانين المبنية على النظام المختلط بين الأكثري والنسبي، حاصراً ما يقبل به التيار في ثلاثة مشاريع: التأهيلي والصوت الواحد والنسبية الكاملة.
في غضون ذلك، حذّر حزب الكتائب اللبنانية عقب اجتماع مكتبه السياسي برئاسة النائب سامي الجميّل من «المماطلة في إقرار قانون جديد للانتخابات، فيما بدأ العد العكسي لانتهاء مهلة دعوة الهيئات الناخبة لإقرار هذا القانون». وأشار في بيان إلى «تكثيف جهوده مع جميع المعنيين، بدءاً برئيس الجمهورية، وصولاً إلى إقرار قانون انتخابات عصري يضمن صحة التمثيل ويحفظ تنوع المجتمع وتعدديته السياسية». وسيكون هذا الأمر موضوع نقاش بين الجميّل ورئيس الجمهورية في لقاء يجمعهما اليوم في قصر بعبدا.
على صعيد آخر، أجرى وفد إيراني برئاسة حسين أمير عبد اللهيان، المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني والأمين العام لمؤتمر دعم القضية الفلسطينية الذي سيعقد في طهران، جولة على ممثلي القوى السياسية، من بينهم رئيس مجلس النواب نبيه بري. فيما وصل مساء أمس إلى بيروت ممثل أمير دولة الكويت، وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الشيخ محمد عبد الله المبارك الصباح، في زيارة خاصة لنقل تهنئة أمير الكويت إلى الرئيس عون ودعوته إلى زيارة الكويت. كذلك تزور الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن الاستراتيجي في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني بيروت في الأيام القليلة المقبلة لتهنئة عون بالرئاسة وبتأليف الحكومة.