شيء غريب يحصل في هذا الزمن . كل الأشياء لم تعد طبيعية . شباب في مقتبل العمر يبحثون عن السعادة في الموت، لكنه ليس موت الشهادة في سبيل الحق، بل موت الإنتحار وقتل أكبر عدد من الأبرياء ليدخل بقتلهم إلى جنات النعيم !!
ما الذي يدفع شبابا في عمر الورود إلى هذا الفعل الكاشف عن بغضهم للحياة والناس معاً ؟!!
البعض يتهم الفكر التكفيري، متوهما أنه بذلك يحل القضية ويعفي نفسه من المسؤولية !!
أبداً، الأمر ليس كذلك، بل هناك حالة يأس عارمة عند شباب المسلمين من الحياة، بعدما باتوا يرون كل شيء في حياتهم غير طبيعي . فلا هم قادرون على الزواج بعدما بات الزواج يحتاج إلى مال قارون، ولا هم قادر على الصبر، ﻷن الصبر في هذا الزمن الرديء يحتاج إلى صبر أيوب، ولا هم قادر على إنهاء حياتهم بقتل أنفسهم لوحدها، لأنهم يعتقدون بحرمة ذلك، فوجد هؤلاء الشباب من يستقطبهم إلى فكره المريض الدموي اللاإنساني واللاديني، لينفذ بهم مشاريعه السلطوية الأممية التي تديرها مصالح الدول الكبرى، فيوهمهم بأن سعادتهم هي في قتل أتباع بيئة يصورها لهم أنها تستحق القتل وأنهم تفجيرهم لأنفسهم فيها يستحقون جنان الخلد !!
كيف لا يكفر هذا الشباب بهذه الحياة وكل ما فيها، وهم يرون زعمائهم وقادة أنظمة حكمهم ومنظماتهم قد حكمت عليهم بالموت البطيء الطويل من خلال سياساتها الإقتصادية والإجتماعية والثقافية التي تميت القلب وتحرق الروح وهي حيَّة في الأبدان ؟!!
كيف لا ييأس هذا الشباب من الحياة، وزعماؤهم الدينيون عبارة عن لاهثين خلف الزعامة وجمع الثروات لهم ولأبنائهم، ويكتفون بخطاباتدينية تخديرية يتحطم مفعولها بعد دقائق تحت ضربات حاجاتهم الدنيوية الملحة . خطابات لا تدفع عنهم ظلما ولا تشبع لهم بطنا ولا تكسو لهم لحما ولا تطفئ لهم شهوة خلقها الله فيهم وسمح لها بطريق أوحدي هو طريق الزواج الشرعي كما يؤمن هؤلاء الشباب ؟!!
إقرأ أيضًا: ماذا لو حكم الشيعة في البحرين ؟!! ... لا سمح الله !!
إنتحاري "الحمرا" هو سني، خرج من صيدا، لا إلى تجمعات شيعية في الجنوب، بل قصد مخيم برج البراجنة في الضاحية الجنوبية الشيعية، ثم قصد منطقة الحمرا "السنية" البعيدة، ولم يقصد أي تجمع شيعي في برج البراجنة التي يقع فيها المخيم الفلسطيني !!
لماذا لم يقصد تجمعا بشريا شيعياً في الجنوب او الضاحية، بل قصد تجمعا في مطعم في الحمرا السنية، مع أنه لو كان دافعه مذهبياً لوجب عليه تفجير نفسه في الجنوب الشيعي الأقرب لصيدا من الحمرا السنية، أو في الضاحية الشيعية أيضا، والتي انطلق منها مجددا إلى الحمرا ؟!
المنطق يقول أن دافعه ليس مذهبيا، بل هو ونتيجة يأسه من الحياة، كالكثير الكثير من شباب بلاد المنطقة، بسبب ما يقترفه حكام هذه البلاد بحق هذا الشعب من جرائم على كل مستوى، فإنه اختار متوهما أن ينتقل إلى الجنة عبر قتل من يراهم فاسدين أخلاقياً عبر ارتيادهم لمطاعم يراها أنها فاسدة وتقع في منطقة صُوِّرَت له من قبل مشغليه أنها منطقة فيها من الفجور والفجرة ما يجعلهم يستحقون الموت !!
شبابنا ليسوا تكفيريين، شبابنا كفروا بالحياة بسبب حكام كفروا بشعبهم ومعاناته وحقوق، فجعلوا شعبهم يكفر بالحياة، ثم جاء من يستغل براءة الشباب وينفذ بهم وبدمائهم ودماء الأبرياء من أبناء مجتمعهم مشاريع دول وشعوب مستكبرة ومجرمة، يمكن أن تفعل أي شيء من أجل بقائها في الريادة وحياة الرفاهية المطلقة .
التكفيري ليس هو ذلك الشاب المُضَلَّل الذي يفجر نفسه متوهماً أنه بذلك يدخل الجنة، التكفيري هو كل حاكم بإسم القانون أو الدين، قد جعل شباب شعبه يكفر بالحياة !!