بعيداً عن التطوّرات الأمنية وحالة الاستنفار الرسمي والشعبي التي ولّدها إحباط الأجهزة الأمنية عملية إرهابية في قلب بيروت، ألقى تلويح رئيس الجمهورية ميشال عون بعدم إجراء الانتخابات النيابية، إذا ما كان قانون «السّتين» خياراً وحيداً أمام العهد الجديد، بظلاله على الحركة السياسية والنقاش حول قانون الانتخاب.
وفيما تؤكّد آخر المعلومات المجمّعة من أكثر من طرف سياسي، حول التطوّرات في بحث قانون الانتخاب، أن كل الصيغ المطروحة حتى الآن والنقاشات بين مختلف الأطراف لم تنتج حتى اللحظة أي تفاهمٍ واضح حول القانون الانتخابي المرتقب، وأنه لا بوادر على اتفاق قريب، في ظلّ تمسّك الأطراف بمواقفها واقتراب المهل الدستورية خلال الأسابيع المقبلة.
غير أن تلويح الرئيس بعدم إجراء الانتخابات، وهو الذي يرفض الوقوع بين خيارَي «الستين» أو التمديد بأي شكلٍ من الأشكال، دفع بمصادر بارزة في تيار المستقبل إلى التعليق لـ«الأخبار» على احتمالات هذه الخطوة وانعكاساتها.
وفيما اعتبرت المصادر كلام رئيس الجمهورية «تهويلياً»، أكّدت أن «الرئيس لا يحتمل في بداية عهده انتكاسة من هذا النوع وعدم إجراء الانتخابات ومخالفة الدستور، وخصوصاً أنه يريد للعهد أن ينطلق وينعكس استقراراً على لبنان كما انعكس في مرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية، والانتخابات النيابية هي أول شروط الاستقرار».
كذلك أشارت المصادر إلى أن «رئيس الجمهورية ليس في وارد أن يخلّ بعلاقاته مع القوى الداخلية الأخرى، ولا في علاقاته الدولية، في ظلّ تركيز المبعوثين الدوليين والسفراء على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها». وفي السياق، يتردّد في الصالونات السياسية أن سفراء أكثر من دولة غربية باتوا لا يخفون تدخلاتهم في الشأن اللبناني في الآونة الأخيرة، وخصوصاً في ما خصّ قانون الانتخاب، عبر الاتصال بأطراف سياسية وإبداء الرأي أمامها، حول رؤيتهم للقوانين الانتخابية وتزكيتهم لقوانين واعتراضهم على أخرى، في وقت يجري فيه الحديث عن أن الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية فيديريكا موغريني، التي تزور بيروت مساء الأربعاء المقبل، ستضع المسؤولين اللبنانيين في صورة تأييدها لإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، ولو وفق قانون «الستّين»، إن لزم الأمر.
من جهته، أكد الرئيس نبيه برّي لـ«الأخبار» أنه «لم نحقق أي تقدّم حول قانون الانتخابات حتى الآن»، لافتاً إلى أننا «لسنا معنيين بالاتفاقات الجانبية التي يعقدها البعض»، في إشارة إلى التفاهمات الجانبية بين الأطراف، ولا سيّما بين القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ. في المقابل، قالت مصادر في التيار الوطني الحرّ معنيّة بالتواصل مع القوات حول قانون الانتخاب، إن «النقاش بين التيار والقوات يستند إلى النقاط المشتركة مع الرئيس بري، وهو في أجواء النقاشات». وقال برّي إننا «مصرون على إنتاج قانون جديد رغم ضيق الوقت»، لافتاً إلى أنه «حتى لو توصلنا إليه قبل يوم واحد من موعد الانتخابات، لا يهم، فإن باستطاعتنا إضافة مادة ضمن القانون حين يقرّ، يحدد فيها تاريخ إجرائها». وفي ردٍّ على سؤال حول ما إذا كان هناك قوى سياسية في البلد ستستغلّ الوضع الأمني للدّفع باتجاه التمديد، ردّ برّي بالقول إن «هذا الأمر غير وارد، وليس هناك أسوأ من الستين إلّا التمديد».
وكشف برّي لـ«الأخبار»، عن اجتماع مفترض بين الوزير علي حسن خليل والوزير جبران باسيل للنقاش في ملف قانون الانتخابات، غير أنّه تأجل بسبب سفر وزير الخارجية، و«حين عودة باسيل سيجتمعان».
وعاد برّي وأكد أن موضوع الخطف في البقاع لم ينتهِ بإلافراج عن المواطن سعد ريشا، مشيراً إلى أنه طلب من وزير الداخلية نهاد المشنوق المباشرة بتنفيذ الخطة الأمنية التي كانت قد وضعت سابقاً. وأكّد رئيس المجلس أنه ناقش مع المشنوق زيارته لعون، للاتفاق على الخطّة الأمنية، ووضع تصور عام بشأنها، على أن تكون الخطة السابقة جزءاً من خطّة أوسع وأشمل تضمّ موضوع الإنماء في المنطقة، وقرارات العفو عن بعض المطلوبين، «حيث هناك آلاف المذكرات بحق مواطنين مطلوبين، ولا يجوز المساواة بين أفراد ينتمون إلى عصابات خاطفة، وآخرين ارتكبوا مخالفات بسيطة».