بعيداً من مقهى "كوستا" الذي نال نصيبه من الدعاية مع انه شكل محطة للإرهابي وليس هدفاً كما رجحت معلومات أمنية لـ"النهار" في انتظار الايعاز اليه بالانطلاق الى مركز آخر أشد كثافة ليل السبت، وهو ما يفسر عدم اقدامه على تفجير نفسه بعيد وصوله وخروجه للتحدث عبر الهاتف، فان مصدراً أمنياً تحدث الى "النهار" معرباً عن تخوفه من أعمال أخرى مشابهة، ومحذراً من امكان أن يكون التنظيم الارهابي اتخذ قراره العملي بتحويل لبنان ساحة للجهاد في ظل التضييق الذي يعانيه في سوريا. واعتبر ان القبض على انتحاري لا يعني الكثير على رغم انه دليل على نجاح القوى الامنية في مهماتها، ذلك ان ثمة كثيرين تم الايقاع بهم للقيام بعمليات مماثلة. وأضاف ان حصول التفجير لو حصل، لا سمح الله، لا يعني أيضاً فشلاً أمنياً لأن الخروق يمكن ان تحصل في أي بلد في العالم.
وكان التوجه الى التفجير في بيروت تم بقرار تنظيمي من الارهابيين بعد فشل محاولات عدة لاختراق الضاحية الجنوبية لبيروت نتيجة الاجراءات التي يتخذها "حزب الله" متعاوناً مع القوى الامنية. وفي اعتقاد المصدر الامني ان حرف الانظار الى بيروت لا يعني تحييد الضاحية وأماكن أخرى. وكانت معلومات تحدثت عن وجود ثلاثة انتحاريين، وهو ما حدا القوى الامنية الى متابعة الاول من صيدا الى بيروت، الى "كوستا" مقصده الاول في شارع الحمراء، وإخضاعه للمراقبة ومتابعة حركة اتصالاته بهدف الوصول الى آخرين شركاء أو منظمين.
ولم يبدّد النجاح الامني الغموض في بعض النقاط التي ظلت مثار نقاش وتشكيك في صحة الرواية الرسمية اذ تضاربت المعلومات عن دخوله المقهى وتمضيته بعض الوقت أو محاولته الدخول عنوة ونشوب عراك أدى الى اصابته في كتفه منعاً لقيامه بأي حركة عاجلة تسمح له بتفجير نفسه، فيما ظهرت دماء على الارض في الداخل، الى نقاط أخرى عن موعد مغادرته المنزل، أو اقفال خطه الخليوي. في المقابل، أفاد البعض من الحادثة للاستغلال السياسي فوزعت عبر الهواتف صور للنائبة بهية الحريري وهي تعوده في المستشفى، ما حمل مكتب الاخيرة على توضيح الأمر.
وفي المعلومات الرسمية، صدر عن قيادة الجيش- مديرية التوجيه البيان الآتي: "في عملية نوعية ومشتركة بالتنسيق مع فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، أحبطت قوة من مديرية المخابرات قرابة الساعة 10.30 من مساء أول من أمس (السبت)، عملية انتحارية في مقهى "كوستا" في منطقة الحمرا، أسفرت عن توقيف الانتحاري المدعو عمر حسن العاصي الذي يحمل بطاقة هويته، حيث ضبطت الحزام الناسف المنوي استخدامه ومنعته من تفجيره. وقد حاول الموقوف الدخول عنوة إلى المقهى مما أدى إلى وقوع عراك بالأيدي مع القوة العسكرية، ونقل على الأثر إلى المستشفى للمعالجة".
وقد نقل المتهم لاحقاً من مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت الى المستشفى العسكري حيث يخضع لحراسة مشددة، وعلمت "النهار" انه لم يتحدث بعد الى المحققين.
وقد استعاد شارع الحمراء حيويته صباح أمس، وقصد المقهى عدد من المسؤولين تقدمهم الرئيس سعد الحريري ووزير الداخلية نهاد المشنوق ووزير الدفاع يعقوب الصراف ورئيس المجلس البلدي لبيروت وعدد من الاعضاء الى جمع كبير من الناس حضروا في ردة فعل عفوية لتناول القهوة فيه. وأشارت العملية ارتياحا كبيرا لدى اللبنانيين.
اطلاق في البقاع
وحجبت عملية القبض على الانتحاري الاضواء عن عملية اطلاق المخطوف سعد ريشا في البقاع بعد خطفه الى بريتال بثلاثة أيام، وقد اطلق بوساطة اتمها المسؤول التنظيمي في حركة "أمل" بسام طليس بتكليف من الرئيس نبيه بري من دون دفع فدية، ولكن أيضاً من دون القبض على الخاطفين.
وقد اتصل الرئيس الحريري بعائلته مهنئا بسلامته ومطمئناً إلى صحته، وأكد "متابعته سير التحقيقات الجارية حتى النهاية، تمهيداً لملاحقة الخاطفين وإحالتهم على الجهات القضائية المختصة". وتوعد وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الخاطفين بـ"اقتراب لحظة القبض عليهم، وإنهاء ظاهرة الخطف واجتثاثها من البقاع ومن كل لبنان". وعلمت "النهار" ان الرئيس ميشال عون أوعز الى الاجهزة الامنية بضرورة القبض على الفاعلين اياً يكن الثمن وفي أقرب وقت، وأكد انه من غير المسموح ان تتكرر هذه العمليات، وان لا غطاء فوق أحد في عمليات الخطف المماثلة. وأكدت مصادر متابعة ان الخاطفين لن يفلتوا من العدالة.