استمرارا لندواته الأسبوعية، استضاف منتدى الثلاثاء الثقافي في ندوته الرابعة عشر لموسمه الثقافي السابع عشر كل من المهندس عبد المحسن الفرج رئيس مجلس أعمال القطيف والاستاذ سعيد الخباز رئيس اللجنة المنظمة لمنتدى الفرص الاستثمارية بمحافظة القطيف في ندوة أقيمت بالشراكة مع فرع غرفة المنطقة الشرقية بالقطيف كانت تحت عنوان" الاستثمار في ظل الحالة الاقتصادية الراهنة: منتدى الفرص الاستثمارية بالقطيف نموذجا" وذلك مساء الثلاثاء بتاريخ 19 ربيع الثاني 1438هـ الموافق 17 يناير 2017م.
وقبل بدء الندوة، وضمن فقرة الفعاليات المصاحبة التي يقيمها المنتدى استعرض الأستاذ حسين المحروس أعمال وأنشطة وأهداف "مجموعة أرض القطيف للعمل التطوعي" التي يقوم أعضاؤها الشباب بالعديد من الأنشطة التطوعية التي تخدم عموم المجتمع. كما تحدث الفنان سلمان الأمير عن تجربته الفنية وعن رؤيته للفن وتوجهه المتخصص في فن "البورتريه" واختياره لرسم شخصيات عالمية خدمت الإنسانية في مختلف المجالات، حيث أنه أقام معرضا عن أعماله في المنتدى. وأدار الندوة عضو المجلس البلدي المهندس محمد الخباز، الذي تحدث مختصرا عن التحديات التي تواجه الاقتصاد المحلي وأهمية البحث المتواصل عما يلبي حاجات المستثمرين ويساهم في تصحيح الرؤية لعموم المواطنين، وعرف بضيفي الندوة ومسئولية كل منهما في هذا المجال.
بدأ المحاضرة المهندس عبد المحسن الفرج الذي ركز على ملامح الاستثمار في محافظة القطيف، التي تتميز بمكونات جغرافية ثلاث هي ساحلية وزراعية وبرية، وكونها تقع على ممر طرق شريانية رئيسية في المنطقة الشرقية. وبين أن القطيف تحتل المركز الرابع بالمنطقة الشرقية من حيث نصيبها من إجمالي عدد السكان بالمنطقة، حيث تستحوذ على حوالي 13% من إجمالي تعداد السكان بالمنطقة الشرقية، وجاءت القطيف بالمركز الثالث من حيث نصيبها من السكان السعوديين بالمنطقة الشرقية، حيث يمثل السعوديون بها نحو 16% من إجمالي السكان السعوديين بالمنطقة، وتتميز بارتفاع نسبة السكان السعوديون إلى غير السعوديين بها، إذ يمثل السعوديون بها نحو 7 أضعاف عدد غير السعوديين.
وحول النشاط الاقتصادي في محافظة القطيف، أوضح المهندس الفرج أن مياه سواحل القطيف تزخر بثروة سمكية هائلة، وأن الاستثمار في مجال صيد وبيع الأسماك لا يزال بدائيا على الرغم من ضخامة التجارة في هذا المجال والتي تقدر بمليار ريال سعودي سنويا. وأوضح أن هناك العديد من السلبيات التي تواجه العمل بالسوق القديم للأسماك بالقطيف منها أنه سوق مفتوح بلا أسقف، مما يعرض العاملين به للتقلبات الجوية ولمشاكل صحية، وصغر حجم السوق مقارنة بحجم الأعمال فيه، ووجوده بوسط المدينة مما يسبب الازدحام والتكدس، إضافة إلى الأضرار البيئية لسكان المنطقة. وانطلق من ذلك للحديث عن مشروع السوق الجديد للأسماك حيث تم تخصيص موقعه ليكون بعيداً عن الأحياء السكنية وقريباً من ميناء صيد الأسماك لضمان سهولة جلب الأسماك إليه، ويتكون المشروع من سوق السمك، وساحة حراج، وعدد من المواقع الاستثمارية ومصنع للثلج، مطاعم، وثلاجات، وسوبر ماركت، وغيرها. وأضاف أنه توجد العديد من الفرص الاستثمارية الكامنة بالصناعات السمكية بمحافظة القطيف، حيث تشير احصاءات وزارة التجارة والصناعة إلى أنه يوجد مصنع واحد فقط بمدينة القطيف يعمل بنشاط تجميد الأسماك، مع أن انشطة تعليب الأسماك، التمليح والتدخين والتجفيف، وصناعة مسحوق وزيت السمك تمثل فرصا استثمارية جيدة.
وحول الاستثمار الصناعي، تحدث المهندس عبد المحسن الفرج عن أنه يوجد بمحافظة القطيف 51 مصنعا، تمثل 3.2% من إجمالي المصانع المنتجة بالمنطقة الشرقية، وتستحوذ مدينة سيهات على 57% من المصانع العاملة بصناعة المنتجات الغذائية بالمحافظة، كذلك تستحوذ على 75% من المصانع العاملة في مجال صناعة الورق، كما يوجد في القطيف مصانع في مجال المنتجات الكيميائية ومنتجات المعادن اللافلزية. وأوضح أن الاستثمار العقاري في المحافظة يتركز معظمه في تداول الأراضي البيضاء دون أن تكون هناك مشاريع تطوير عقاري حقيقية تعود بالنفع على القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وحول التحديات التي تواجه الاستثمار في هذه المرحلة، تناول الفرج مشكلة انخفاض المشاريع الحكومية والانفاق مما يعني قلة السيولة وازدياد المنافسة في المشاريع الغير حكومية وارتفاع تكلفة راس المال للمصانع والمنشآت. وأوضح أن من التحديات أيضا ارتفاع تكلفة اليد العاملة مما ينتج عنه ارتفاع في أسعار السلع وصعوبة المنافسة مع الأسواق المجاورة، وواصل أن من بين التحديات بيروقراطية الأجهزة الحكومية ويؤدي الى ارتفاع تكلفة التأسيس وهدر الطاقة والوقت من قبل رجال الأعمال. وفي مقابل ذلك، فإن الأوضاع الاقتصادية الحالية توفر بعض الفرص للمستثمرين منها وجود قنوات متعددة للتمويل، وانخفاض العقار، وتوفر وسائل المعرفة والتعلم عن بعد، ووجود سوق متنوع وواسع.
وأنهى المهندس الفرج ورقته بالحديث حول مجموعة من التوصيات المقترحة لتنمية الاستثمار في قطاعات الزراعة والصناعة والعقار والسياحة، وذكر من بينها انشاء معاهد تدريب فنية لصيد الأسماك ومراجعة نسب التوطين في مجال صيد الأسماك، وزيادة الدعم المقدم للمزارعين، تجهيز البنية التحتية وتطوير شبكات الري، وتنمية البنية التحتية للمناطق السياحية، ودعم القطاع الصناعي عبر انشاء مدينة صناعية متكاملة بمحافظة القطيف، وفك محجوزات شركة أرامكو عن بعض المخططات.
بعد ذلك تحدث الأستاذ سعيد الخباز حول العوائد الاجتماعية للاستثمار الرأسمالي معرفا إياه بأنه قياس الأثر الاجتماعي من خلال المقارنة النسبية بين قيمة التكاليف المادية والمعنوية الداخلة في بناء وتشغيل المشروع مقابل القيمة الفعلية لنتائجه، موضحا أن الدراسات المعنية بهذا المجال محدودة للغاية وخاصة في مناطقنا العربية. وبين أن المستفيدين من المشاريع الاستثمارية العاطلين عن العمل، والأسر المنتجة، والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وأصحاب المصالح الأخرى. وأوضح أن مدخلات قياس العوائد الاجتماعية للاستثمار الرأسمالي هي التكاليف التقديرية للمشروع سواء كانت مالية مباشرة، أو غير مباشرة، أما مخرجات المقياس فهي القيمة المالية التقديرية لأبرز الآثار الاجتماعية التي أحدثها المشروع في المجتمع المستهدف، سواء كانت هذه الآثار سلبية أو ايجابية؛ مباشرة أو غير مباشرة.
واستعرض الأستاذ الخباز أحد المشاريع الاستثمارية المقترحة في المحافظة، وهو تصميم منتجع سياحي ترفيهي في قلعة تاروت حيث شرح أهداف المشروع ورؤيته الاستثمارية وانعكاساته على المجتمع من ناحية الفرص الوظيفية التي سيوفرها وتقدر بحوالي 350 فرصة، ومجالات الاستثمار الجديدة التي سيخلقها هذا المشروع، كما شرح مكونات المشروع والتنظيمات التي يحتاجها في إعادة تشكيل هيكلية المنطقة.
وانتقل بعد ذلك للحديث عن منتدى الفرص الاستثمارية بالقطيف الذي سيقام في يومي 25-26 فبراير 2017م برعاية ممن سمو أمير المنطقة الشرقية، ويستضيف شخصيات وطنية وعربية من تخصصات مختلفة، ويحتوي على ورش عمل متعددة وعرض لمجموعة من الفرص الاستثمارية المطروحة في المحافظة والتي تصل إلى 19 فرصة استثمارية تبلغ قيمتها حوالي ملياري ريال ومن شأنها أن تخلق حوالي أربعة آلاف فرصة عمل. وبين أن من بين المواضيع التي سيناقشها المنتدى المسئولية الاجتماعية للشركات، والاستثمار في تقنية المعلومات، والاستثمار في السياحة، والاستثمار التكافلي، والطاقة المتجددة. وأنهى الأستاذ الخباز حديثه بالتأكيد على أن الهدف من إقامة هذا المنتدى ليكون نواة ل"منتدى القطيف الاقتصادي"، والذي يعقد سنوياً في نفس الموعد، ليعالج تنمية الاقتصاد المحلي، والاستثمار الذي من شأنه أن يخلق فرص عمل في بيئة اقتصادية متحدية.
بدأ المداخلات اللواء متقاعد عبد الله البوشي الذي طالب بأن تكون مشاريع أسواق الأسماك في متناول صغار المستثمرين حتى يستفيد منها الجميع، واعتبر أن قلعة تاروت أصابها الإهمال وهي بحاجة لمشروع تطوير كبير، موضحا بأن محافظة القطيف بحاجة لمشاريع خدمية كثيرة. وتطرق سعادة الدكتور محمد الخنيزي عضو مجلس الشورى إلى أبعاد العوائد الاجتماعية للاستثمار، موضحا أن مجلس الشورى لا يزال يدرس السماح لموظفي الدولة للعمل في التجارة حيث أن ذلك بحاجة إلى احصائيات وأرقام توضح مدى انعكاس ذلك على إنتاجية الموظف.
وتناول الأستاذ يعقوب سليس تجربة شركة الخليج القابضة التي تهدف إلى خلق شراكات استثمارية اجتماعية حددت في المرحلة الأولى في أعضاء الجمعية العمومية لجمعية سيهات الخيرية ونادي الخليج بسيهات. وتساءلت الأستاذة فضيلة الفضل عن وضع المرأة في مجال الاستثمار والفرص المتاحة لها حيث أن ظروفها تختلف عمليا عن ظروف نظيرها الرجل، وطرحت الأستاذة خلود المسيري تساؤلا حول نقص بعض الخدمات كالفنادق في المحافظة إضافة إلى المعوقات الناتجة من قبل ديوان الخدمة والتي تؤثر على مجالات الاستثمار.
وطرح الأستاذ حسين الحمود مشكلة الجمود والرغبة في عدم التحرك والبحث عن الفرص وبقاء الكثيرين في العمل الوظيفي لأنه لا يتطلب أي مجازفة. وطرح الإعلامي منير النمر سؤالا يتعلق بالهواجس الموجودة لدى صغار المستثمرين حول مدى الاطمئنان لوضع السوق في هذه المرحلة. وأكد على ذلك رجل الأعال عضو الغرفة التجارية والصناعية بالأحساء الأستاذ نعيم المطوع مشيرا إلى مشكلة انعدام الثقة لدى المستثمرين بسبب التغير المتسارع في أنماط السوق، موضحا إلى أن المتحدثين تجاهلوا موضوع الاستثمار في الموارد البشرية مع أنه من أهم ميزات المحافظة، مشيرا إلى أن كل المنتديات تنتهي بتوصيات قل تنفيذها.
وتساءل الأستاذ علي الرضي عن مواقع المشاريع الاستثمارية وتوزيعها جغرافيا، وعن أساليب الحد من التستر التجاري، أما الأستاذ عبد الله شهاب فتحدث عن مشاريع نزع الملكيات بالمحافظة والتي قد تبلغ 4 مليارات ريال وضرورة بحث إيجاد البدائل السكنية المناسبة والفرص الاستثمارية المتاحة لتوظيف هذه السيولة. واقترح الأستاذ جاسم لباد عقد ورش عمل تنتهي بنتائج إيجابية في مجال الاستثمار.