لم يصل الإعلام اللبناني منذ سنوات الى المستوى الذي وصل إليه اليوم وخصوصًا على شاشات التلفزة، إذ بات السبق على هذه الشاشات هو في البرامج المبتذلة التي غالبا ما تكون أقرب إلى برامج الدعارة ويتم تقديمها عن سابق إصرار وتصميم، والمستغرب هو تنافس الشاشات اللبنانية على هذه البرامج في ظل صمت وتعامي من قبل وزراة الإعلام والمجلس الوطني للإعلام، وهي المؤسسات الرسمية المعنية بوضع حد لمثل هذه البرامج اللاأخلاقية.
نقلت صحيفة الديار عن وزير الإعلام ملحم رياشي أنّه تلقى اتصالات مكثفة من المواطنين، ابلغوه احتجاجهم على ظهور رجل عار، إلا من ثيابه ىالداخلية، في برنامج تلفزيوني يعرض على احدى الشاشات اللبنانية، موضحا انه سيبحث في هذا الامر النافر مع رئيس المجلس الوطني للاعلام عبد الهادي محفوظ.
قد لا تكفي خطوات من هذا النوع إذ بات الإعلام اللبناني والشاشات اللبنانية تحديدا مساحة لنشر الدعارة والرذيلة وهذا ما يستدعي موقفا واضحا من وزير الإعلام ملحم رياشي ومن المجلس الوطني للإعلام بشخص رئيسه عبد الهادي محفوظ، موقف من شأنه أن يضع حدا لتدهور الإعلام اللبناني ووصوله الى هذا الحد من الإسفاف والإبتذال.
بين البوكسر والسترينغ انحرفت الشاشات اللبنانية عن أهدافها وتقاليدها وأخلاقياتها وتاريخها تحت عنوان الحرية الصحفية والإعلامية في حين أن لا حريات بدون قيود ولا حريات بدون أخلاق ومهنية، المهنية التي تحمل المسؤولية الأخلاقية والتربوية تجاه الأمة والمجتمع والشعب.
إقرأ أيضًا: مؤتمر الأستانة فرصة جدية للحل السياسي؟
ولم يكن التقدم والإنفتاح في يوم من الأيام وسيلة لهذا الإنحطاط الإعلامي غير المسبوق، ولم يكن التطور بالإعتداء على الاخلاقيات والمشاعر.
لقد وقع الشعب فريسة هذه الشاشات التي تفقد يوما بعد يوما أخلاقها ومهنيتها، وهي أيضا وقعت في فخ المنافسة والجذب لتلحق العار بالإعلام اللبناني الذي حافظ على مدى عقود على مهنيته ومناقبيته واحترامه .
ومرة أخرى بل ومرات عديدة يقع هذا الإعلام ضحية الأفكار الغربية التي تُصدر إلى بلادنا دون حسيب أو رقيب ودون قيود أو وعي ودون الإلتفات لاختلاف الحضارات، وقد ساهمت هذه الأفكار وتسهم في إخلال التوازن المجتمعي، ولعل البرامج المستوردة من الخارج كـ"ستار اكاديمي" الى "الرقص مع المشاهير" و"هيدا حكي" و"اراب ايدول" و"آراب كاستينغ" و"نقشت" وغيرها ما هي الا دليلاً اضافياً على التشتت أكثر فأكثر وكل ذلك دون حسيب أو رقيب.
إقرأ أيضًا: قانون الستين والإزدواجية المسرحية
أمام هذا الواقع الإعلامي المقرف والمزري على وزارة الإعلام والمجلس الوطني للإعلام أن يبادرا فورا إلى اتخاذ الإجراءات القانونية الضرورية التي تحد من هذا التسيب الفاضح والمريع الذي وصل إليه الإعلام اللبناني.