قال مصدر خاص من العاصمة دمشق، إن النظام السوري يمارس عبر أجهزته الأمنية صغوطا على الليبيين والتونسيين المعتقلين في سجونه؛ من أجل تصوير اعترافات مزيفة يؤكدون فيها أن حركة النهضة وزعيمها راشد الغنوشي، والرئيس السابق المنصف المرزوقي؛ كانوا وراء تسهيل عملية سفرهم من تونس إلى سوريا.
وأكد المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن عددا من المساجين التونسيين والليبيين المعتقلين في "فرع المداهمات 215 كفر سوسة" كانوا قد أُبلغوا بأن الحكومة التونسية قامت بتحريك ملفهم لدى السلطات السورية، وعبّرت عن نيتها تسوية وضعية التونسيين المعتقلين في سوريا بتهم الإرهاب؛ بهدف استرجاعهم.
وأضاف لـ"عربي21" أن الأجهزة الأمنية السورية طلبت بصريح العبارة من التونسيين والليبيين تسجيل مقاطع فيديو يقولون فيها إنهم كانوا على ارتباط مع حركة النهضة والمنصف المرزوقي، وإنهما كانا وراء تشجيعهم على الالتحاق بجبهات القتال في سوريا.
ووفق المصدر؛ قام ضابط برتبة رائد برفقة ضابط تحقيق مؤخرا، بالتحقيق مع التونسيين البالغ عددهم 43، والليبيين البالغ عددهم اثنين، ومن المنتظر أن يلتقوا بوزير العدل السوري لتلقينهم ما سيقولونه في التسجيلات في حال وافقوا على ذلك، مشيرا إلى أن الضابط هددهم قائلا: "لو ما بدكم تصوروا حتصوروا وعلى كيفنا".
وبحسب مراقبين؛ فإنه يُعد فرع المداهمات 215 من أكثر الفروع وحشية في التعامل مع السجناء، وتعرض فيه المعتقلون لأبشع أنواع التعذيب الجسدي من قبل الأجهزة الأمنية.
ووفق آخر الأخبار؛ فقد تم نقل المعتقلين التونسيين والليبيين، بالإضافة لمصريين اثنين، الأحد الماضي، إلى "فرع فلسطين"، بعد خمس سنوات أمضوها في كفر سوسة، رغم تمتعهم بعفو تشريعي يعود لسنة 2013.
نظام الأسد لم يغفر للمرزوقي طرده لسفيره
وقال عماد الدائمي، عضو مجلس نواب الشعب، والقيادي بحزب "حراك تونس الإرادة" الذي يتزعمه المنصف المرزوقي، إن من الواضح أن النظام السوري لم يغفر للمرزوقي "موقفه المشرف" عندما كان رئيسا للجمهورية، حيث "انحاز للشعب السوري الذي تعرض للقتل وأبشع الانتهاكات، وكان أول رئيس عربي يبادر بقطع العلاقات مع نظام بشار الأسد، وطرد السفير السوري من تونس".
وأضاف لـ"عربي21" أن "فبركة الفيديوهات ليست غريبة على النظام السوري وأجهزته، وأسلوب التضليل الإعلامي الذي قاد به حربه على شعبه وفُضح في أكثر من مناسبة؛ لن ينطلي على الشعوب العربية عامة، والشعب التونسي خاصة".
وأكد الدائمي أن النظام السوري يتقاطع مع أنصاره في تونس الذين لم يكلّوا من اتهام الترويكا (الثلاثي الحاكم بين عامي 2011 و2013) بأنها أشرفت على شبكات تسفير الشباب التونسي لبؤر التوتر، وهو الأمر الذي لا يصدقه عاقل، وفق تعبيره.
النظام السوري يقدم خدمة لأنصاره في تونس
من جهته؛ قال رئيس مكتب الإعلام والاتصال في حركة النهضة، جمال العوي، إنه ما كان ليستغرب نشر فيديو مركب بهدف توريط حزبه وربطه زورا بشبكات التسفير، مشيرا إلى أن هذا الخطاب أصبح ممجوجا وهو "الطبق الرئيس" لأنصار الأسد في تونس منذ سنوات، "وهو بهذا يقدم خدمة لهم ويجازيهم على استماتتهم في الدفاع عنه" وفق تعبيره.
وأكد العوي لـ"عربي21" أن حركة النهضة "لا تؤمن بتبني العمل المسلح، ولم يكن ذلك يوما من أدبياتها، وبالتالي فإن الحديث على تسهيل عملية خروج الشباب التونسي نحو سوريا؛ ما هو إلا "مجرد محاولة يائسة لتشويه النهضة".
وتابع: "الشعب التونسي ليس ساذجا حتى يتم التلاعب به بمثل هكذا فيديوهات مركبة، فالثورة ارتفعت بالوعي العام للتونسيين، وهم يميزون بين الحقيقة وبين التلاعب بالحقيقة، وبين من يخدمهم، وبين من يخدم بهم (يوظفهم)".
يذكر أن الجبهة الشعبية، وهي تكتل حزبي يضم أحزابا يسارية وقومية، كانت قد أعلنت بأنها تعدّ وفدا للسفر إلى سوريا للقاء قيادات سورية على رأسها بشار الأسد.
وقالت عضو مجلس نواب الشعب عن الجبهة الشعبية، مباركة البراهمي، في تصريح لإذاعة الديوان، الإثنين، إن الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي سيكون على رأس الوفد.
هيثم سليماني